الأحداث المخزية التى ارتبطت بمباراتنا مع الجزائر عطلتنى عن الكتابة حول هذا التقرير الذى صدر خلال الإسبوع المنقضى عن منظمة العفو الدولية ، والذى حمل عنوان : (دفنوا أحياء .. محاصرون بالفقر والإهمال فى مستوطنات عشوائية). فمن هم هؤلاء الذين جاء ذكرهم فى تقرير العفو الدولية ؟. هم أفقر فقراء مصر . وقبل أن نخوض فى التقرير وما جاء فيه أسجل أننى لا أثق كثيرا فى نوايا المؤسسات الدولية ، السياسية منها والحقوقية، ولكن لا تمنعنى عدم الثقة هذه من أن أخضع للفحص بعض ما يصدر عنها لأرى عدة أمور منها : كيف نبدو للخارج ؟ ..وكيف تصورنا هذه المؤسسات وأدواتها الإعلامية التى تنقل عنها ؟ .. وماذا يريد منا الغرب ؟. ونعود لتقرير منظمة العفو لنراه يناشد السلطات المصرية أن تتخذ إجراءات فورية وشاملة لتحمى بها أفقر سكان القاهرة الذين يسكنون مناطق غير آمنة ويعيشون تحت خطر الانهيارات الصخرية وأخطار أخرى! ويمضى التقرير يصف حال هؤلاء الذين يحاصرهم الفقر والإهمال اللذان يقودنهما فى نهاية المطاف إلى الموت.. ويحدد التقرير 26 منطقة غير آمنة فى القاهرة الكبرى لا حقوق لسكانها فى الصحة أو السكن الملائم ، متطرقا ببعض التفصيل إلى منطقة واحدة من هذه المناطق ال (26) وهى منطقة الدويقة التى قتل فيها العام الماضى 107 أشخاص - حسب إحصاء الحكومة الرسمى - وأصيب 58 آخرين جراء الانهيار الصخرى ، بينما قال الناجون من الكارثة إن أعداد الضحايا أكبر من هذا العدد بكثير، وأن عديد من أفراد بعض الأسر مازالوا مفقودين وأن التحقيق الرسمى فى هذه الكارثة لم يسفر عن شىء! مالكولم سمارت المسئول عن برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى المنظمة قال لإحدى الصحف التى نشرت التقرير إنه لا صوت من الأصوات التى تتحدث عن الضحايا يؤثر فى الحكومة لأن تلك الأصوات لا تصل إليها فهى أصوات مرفوضة ، لذلك طلبت منظمة العفو الدولية من السلطات المصرية أن تفتح تحقيقا جادا فى الأسباب التى أدت إلى مأساة الدويقة لضمان عدم تكرارها، وأن تضع الحكومة المصرية برنامج عمل شامل للتصدى للمخاطر التى يواجهها أولئك الذين يعيشون فى مناطق غير آمنة وأن تحترم حقوقهم فى الحياة والصحة والسكن الملائم واللائق وأن تسعى لتوفير مسكن مؤقت على وجه السرعة إلى الأشخاص الذين يحتاجون إلى الإجلاء الفورى بسبب المخاطر المباشرة التى تتهمهم فضلا عن مساكن دائمة. ورفض التقرير الإجلاء القسرى لبعض العائلات من المنطقة دون توفير سكن ملائم لهم. هذا بعض ما جاء فى تقرير العفو الدولية، والتقرير صادر من مصر بمعنى أن مصريين هم الذين وضعوه ورفعوه إلى الخارج ، إلى العفو الدولية تحديدا ولم يكن ليفعلوا هذا لو أن الحكومة بادرت فعالجت آثار كارثة الدويقة العلاج اللائق خلال عام من وقوعها ، لكن يبدو أن الحكومة غائبة دائما ، غابت بشكل مؤثر فى الدويقة مثلما غابت فى الجزائر والخرطوم.