عمرو الشوبكي أقام المركز القومى للترجمة الندوة الثالثة فى سلسلة ندوات دساتير العالم،وذلك بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة، وقد أدار الندوة الأستاذ الدكتور خيرى دومة المشرف على المركز القومي للترجمة وكان المتحدثون هم: أ.د. أحمد كمال أبو المجد، أ.د. حسام عيسى، اللواء سامح سيف اليزل، د. عبدالله المغازى، د. عمرو الشوبكى، المستشار هانى يوسف. ذكرالأستاذ الدكتور خيري دومة أن فكرة ترجمة دساتير العالم ترجع إلى سنة 2006، إذ تم بناء على اقتراح من المترجم الكبير محمد الخولى لمدير المركزالسابق الأستاذ الدكتور جابر عصفوروالمترجمة أمانى فهمى - المترجمة بالأمم المتحدة . و تحدث الأستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد الذى أشاد بجهود المركز القومي للترجمة في إصدار النسخة العربية من دساتير العالم، إذ قال أن ترجمة أعمال كهذه هى خدمة كبيرة ليست فقط للسياسة القانونية، ولكن للسياسة المصرية فى عمومها، حيث أن أهم مشكلات المجتمع هى غياب الوعى والثقافة القانونية على ساحتها الواسعة، حيث لا يجب أن تقتصر على دارسى القانون أو العاملين بها فى الهيئات القضائية،إذ لابد وأن تكون جزء من الثقافة التى تشكل وعى المجتمع كله، فغياب الثقافة القانونية ظاهرة من أعظم واخطر صور غياب الوعى الثقافى، إذ أننا نرفع شعارات عديدة تخلو من المضمون، كالحرية على سبيل المثال، فهى إن مست الشخص طالب بها، وإن مست الأخر لم يعرها إهتمامًا على الإطلاق، وعليه يكون غياب هذا الوعى القانونى لا يجعل الشخص يشعر بمضمون (الحريات) فى مطلقها، فتكون مجرد أكذوبة فى المجتمع، بغض النظر على المضامين الأخلاقية. كما أضاف الأستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد أن القانون هو كائن حي فالصلة التى تربطه بجذورالحياة الثقافية والإجتماعية والتراثية والحداثية هى التى تشكل فيه كل شىء، ومما يدل على ذلك أن الإمام "الشافعى" وقد كان إمامًا فى مصر وفى العراق غير فقهه حينما انتقل من بلد إلى بلد أخر، إذ أدرك أن ما يلائم العراقى لا يلائم المصرى لا يلائم غيرهما فى مجتمع ثالث، فالبيئة الاجتماعية تؤثر فى الشخص وطباعه، وعلى ذلك فإن الدستور لابد أن يلائم بيئته، فنظرة المجتمع لبيئته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية هى التى تفرز وتخلق النظام القانونى كله، ولا تجد أبدًا نظام قانونى يخرج عن سياق بيئته المجتمعية. و أوضح قائلًا ونحن فى موقف فارق فى تاريخ الأمة يهمنا فيه وضع الدستور، وقد وجدت دراسة هامة جدا لأستاذ هندى فى 36 صفحة فيها كيف توضع الدساتير، فأخذتها لبعض الناس ليترجموها إلى اللغة العربية، وبعد ترجمتها لم تجد من يقرأها، لهذا أقول أن جزء كبير من المثقفين يفضل أن يموت حرقًا أو غرقًا عن أن يقرأ و علق قائلًا الدليل على ذلك أننى وجدت مرة شخصان يتناقشان، أحدهما يدافع عن قانون الطوارىء، والأخر يهاجمه، فسألت كليهما عنه فوجد أن أحدًا منهما لم يقرأه، رغم أنه قانون يقرأ فى عشر دقائق فقط، كما هو قانون ظريف فى غرابته وشذوذه! هكذا فكل أبواب الدستور تحتاج إلى وقفه متأنية، أما أمر وضع دستور جديد فهو ليس بالصعب إن خلصت النواياوتقلصت الرغبات الخاصة والفردية، كما أن إحياء الهمة أمر هام جدا فى هذا الصدد، إذ قد يكون ما يراه الأخرون مستحيلاً، تراه أنت ممكنًا، واخيرًا لابد من إتقان العمل ابتداءً من رئاسة الدولة، وانتهاءًا بأصغر عامل بها، والأهم هنا توحيد الصف الوطنى. أما د. عمرو الشوبكى فقد تحدث من زاوية العلوم السياسية، إذ أن الدساتير لابد وأن لا تخرج عن السياق السياسى، وبهذا المعنى فنحن بصدد الكلام عن أزمة كتابة الدستور، حيث أنه يرتبط ببعض الامتيازات السياسية، فدستور 1971 كنموذج جاء مبادرة من السلطة السياسية فى ذلك الوقت، لهذا جاء جيد، كما جاء فى سياقه التاريخى بل ويعتبر متقدم على غيره من الدساتير، غير أن المشكلة لم تكن فى الدستور ولا فى القوانين، ولكن فى عدم تطبيقها. أما أ.د. حسام عيسى فقد عقب على ما سبق بقوله أنه لاحظ أن البعض يرى أن دستور 71 هو دستور جيد لولا ما أُدخل عليه من تعديلات، وعمومًا هو دستور وضع على النسق الفرنسى، والدستور الفرنسى جيد فيما أحدثه من النظام المختلط بين الرئاسى والبرلمانى، غير أن ما حدث فى مصر خلال الثلاثين سنة الماضية جاء نتيجة لما حدث من تعديلات فى الدستور، كما أننا لم نحكم أبدًا بالدستور أو بالقانون، بما فى ذلك قانون الطوارىء. و تحدث عن دستور جنوب أفريقيا الذي قام المركز القومي للترجمة بإصدار النسخة العربية منه "أعظم ما فى فيه ليس أنه أخذ بالمبادىء العالمية التى اتفق عليها بين البشر والدول المتحضرة، ولكن لأن من كتبوا هذا الدستور تشعر وكأن أعينهم على كل ما حدث فى الماضى، وحرصوا فى دستورهم على ما لا ينبغى أن يعود أو يتم تكراره فى المستقبل، فهو دستور جنوب أفريقى بالكامل، فهو ليس مأخوذ عن الدستور الفرنسى أو الأمريكى أو البلجيكى فى أى شىء، وهنا تكمن عظمة هذا الدستور، فهو محلى جدا لذا فهو عالمى جدا، فعظمة أى شىء تبدأ من محليته.