يذكر التاريخ أنه وأثناء عملية "تسليم السلطة – بالعافية" من السابق "محمد نجيب" إلى اللاحق "جمال عبد الناصر"، شهدت القاهرة موجة عارمة من الحرائق فى عديد من مواقع العمل والإنتاج، وكثير من أنحاء العاصمة، شيئ كهذا يتكرر الآن فى عهد الحكم العسكري أيضا، حيث شهدت مصر أخيرا، عددا ونوعا من الحرائق غير مسبوق، ويبدو أن كلمة السر فى نقل السلطة على الطريق العسكرية هى: حرق مصر. وبنظرة سريعة لما حملته الأنباء على مدي الأيام القليلة الماضية، نكتشف أن صناعة البترول فى مصر – تحديدا – قد شهدت سلسلة من العمليات التى لا يترك تكرارها وصفا آخر لها سوى أنها عميات تخريبية، تستهدف إشعال أزمة الوقود فى مصر، ومن ثم إشعال النار فى مصر كلها، وقد وقعت العمليات على هذا الترتيب: يوم الأحد 11 أبريل: شب حريق هائل فى محطة للخدمات البترولية باسوان، ما أسفر عن سقوط ثلاثة من الضحايا. يوم السبت 14 أبريل: شهدت مدينة المنيا حريقا كبيرا شب فى أكبر محطات الوقود بها. ليلة الأحد 15 أبريل: احترقت شركة السويس لتصنيع البترول، وقد أكد تقرير المعمل الجنائي – بشكل مبدأى أن الحادث بفعل فاعل، لاستحالة اشتعال تانكات الوقود ذاتيا، نظرا لاحتياطات الأمان العالية التى تمنع وقوع مثل هذه الحرائق. والمؤكد تماما إذن أن هناك من ينفذ مخططا ممنهجا ومدروسا لإشعال النار فى مصر، وإذا أردت أن تعرف هوية هذا المجرم، فلا عليك سوي باستخدام القاعدة المباحثية الشهيرة: فتش عن المستفيد. ومن المستفيد غير "كلاب" النظام البائد، ممن أطاحت بهم الثورة وها هم يكافحون من أجل استعادة مملكتهم التى حولوا فيها الشعب إلى قبيلة من العبيد؟ من المستفيد سوي الذين يرفضون أن تتحرر مصر من سجن التبعية والعمالة لقوي الظلام الصهيو – أميريكية، التى كان رجال النظام البائد بقيادة المخلوع مبارك وجمال مبارك وسوزان – زوجة المخلوع – واللواء عمر سليمان وأحمد عز وإبراهيم كامل، هم سدنة وحملة مباخر عبادة هذا الكيان الأخطر من الشيطان ذاته؟ من المستفيد إلا الذين يتآمرون لتطبيق سياسة الأرض المحروقة، انتقاما من الشعب الذى ثار ضد جبروتهم، وعقابا لمن يرونهم عبيدا على التمرد على "سادتهم"، وصولا إلى الصعود مجددا إلى سُدة الحكم مجددا، على أسنة رماح العسكر؟ جدير بالذكر أن هذه الحقيقة البسيطة، قد اكتشفها سريعا أبناء السويس – المدينة الباسلة – التى شاء ربها أن تكون الشوكة التى انكسرت عندها هجمات العدو الصهيوني، فى حرب أكتوبر 73، وأن تكون أيضا هى برميل البارود الذي اشتعلت منه ثورة الخامس والعشرين من يناير فى وجه نظام الجواسيس، وحيث أعلن أبناؤها قبل لحظات أن يوم الجمعة المقبل، سيكون يوما للثورة .. من جديد.