أكد الدكتور أيمن عبد الوهاب ، رئيس وحدة دراسات المجتمع المدني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أنه لا يوجد منظمات مجتمع مدني في مصر بالمعنى المفهومي، ولكن يوجد منظمات وجمعيات أهلية ونقابات وتعاونيات ومجالس شباب. وأوضح خلال ندوته مساء أمس بمكتبة الإسكندرية بعنوان"مستقبل المجتمع المدني في مصر"، أن المجتمع المدني هو عبارة عن منظمات أهلية غير هادفة للربح تشغل الحيز بين الأسرة والدولة، وتسعى لتحقيق مصلحة عامة وترسيخ مجموعة من القيم المدنية والدفاع عن الحريات وزيادة تكيف الأفراد مع المجتمع.
وأشار إلى أن الأدوار التي تقوم بها المنظمات الموجودة في مصر تختلف عن طبيعة الأدوار التي من المفترض أن تقوم بها منظمات المجتمع المدني، مبينًا أن المنظمات المصرية تقوم بالعمل الخيري والرعائي أكثر من العمل الحقوقي، وبالرغم من أنها استطاعت ترسيخ قيم التكامل والتضامن فإنها لم تتمكن من ترسيخ فكرة الحرية أو الكرامة أو المواطنة.
وقال إن مصر يوجد بها 34 ألف جمعية، يقوم 75% منها بالعمل الخيري، وتعمل حوالي 20% في الجزء التنموي. وأضاف أن هناك خلل في توزيع مجالات العمل والتوزيع الجغرافي وبناء الكوادر وتحديد الأدوار بين المنظمات. وأشار إلى أن غالبية المنظمات في مصر تعد منظمات قاعدية؛ وهي تقع في المستوى الأول من التحرك، يليها منظمات المستوى الوسيط التي تتمتع بقدرات وإمكانيات أكبر، بينما لا يزيد عدد منظمات المستوى الثالث المعروفة بمنظمات المظلة عن 3%، وهي منظمات تشمل برعايتهاعدد كبير من المنظمات الأخرى.
وأكد أن الدور الخيري والرعائي للمنظمات المصرية ساعد على استمرار النظام السابق؛ وذلك لأنه قام بسد الاحتياجات التي كان من المفترض أن تسدها الدولة. وأشار إلى أن البيئة المحيطة بالمنظمات في مصر غير محفزة للعمل، فالقوانين والتشريعات ساعدت على أن تكون المنظمات أداة من أدوات النظام، كما أنه يتم بناء المؤسسات في إطار شخصنة، مع غياب المسئولية المجتمعية من جانب المواطنين لتحديد العلاقة بين المنظمات بعضها البعض.وألمح عبد الوهاب إلى وجود خلل في الثقافة التطوعية في المجتمع، حيث إن معظم الأفراد يتطوعون في الجمعيات ذات السمة الدينية؛ سواء كانت إسلامية أو مسيحية، بينما يتردد البعض للتطوع داخل الجمعيات الحقوقية والتنموية.
وأكد أنه على المستوى الدولي، فإن دور المجتمع المدني يتطور بشكل كبير، خاصة في إطار التكيف الاقتصادي ودعم القيم. وأشار إلى أن المجتمع المدني أصبح أيضًا أداة من أدوات السياسة الخارجية للدول وأدوات التدخل في شئون الدول، وذلك في العالم كله، وأن مصر ليست حالة خاصة، موضحًا أنه إذا تم استخدام بعض المنظمات كأداة للضغط من قبل دولة أخرى فإن ذلك لا يعني أنها منظمة عميلة.
وشدد على أن مصر تحتاج منظمات المجتمع المدني لنشر الثقافة الحقوقية وتحديد مكانتها على المستوى الدولي، خاصة في ملف حقوق الإنسان.
وتحدث عبد الوهاب عن تراجع المشاركة في المجتمع المدني بعد ثورة 25 يناير، خاصة بين الشباب، وذلك لزيادة نسبة المشاركة السياسية، مبينًا أن حوالي 300 جمعية فقط في مصر يمكن تصنيفها على أنها جمعية شبابية.
وأكد على أهمية العمل على بعض النقاط لتفعيل دور المجتمع المدني في المستقبل؛ ومنها: إعادة النظر في المكون الثقافي في المجتمع المدني وعدم اختزال دور المنظمات في العمل الخيري، وإعادة صياغة القوانين والتشريعات التي تنظم المجتمع المدني، وتأسيس جمعيات في مجالات جديدة، والربط بين الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني.