سعر الذهب اليوم الأحد 25 مايو بعد الارتفاع القياسي.. «الجرام النهاردة في مصر؟»    مي عبد الحميد: تنفيذ أكثر من 54 ألف وحدة إسكان أخضر.. ونستهدف خفض الطاقة والانبعاثات    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 25-5-2025.. كم بلغ سعر طن حديد عز؟    شهيد ومصابون ومفقودون فى قصف جوى على منزل بمنطقة جباليا    نموذج امتحان الجغرافيا ل الصف الثالث الثانوي الأزهري 2025 بنظام البوكليت.. اطلع عليه الاَن    خبير اللوائح: أزمة القمة ستسمر في المحكمة الرياضية الدولية    القبض على 3 شباب ألقوا صديقهم في بيارة صرف صحي ب15 مايو    الكشف الطبي على 570 مواطنًا خلال اليوم الأول للقافلة الطبية    مستشفى دمياط التخصصي: حالة الطفلة ريتال في تحسن ملحوظ    نجاح أول جراحة «ليزاروف» في مستشفى اليوم الواحد برأس البر    جريمة على كوبري البغدادي.. مقتل شاب على يد صديقه بالأقصر    قانون العمل الجديد من أجل الاستدامة| مؤتمر عمالي يرسم ملامح المستقبل بمصر.. اليوم    نائب إندونيسي يشيد بالتقدم الروسي في محطات الطاقة النووية وتقنيات الطاقة المتجددة    عقب تحليق مسيّرات قرب المبنى الرئاسي.. 7 إصابات جراء انفجار في العاصمة الأوكرانية كييف    بعد فيديو اعتداء طفل المرور على زميله بالمقطم.. قرارات عاجلة للنيابة    هل يتنازل "مستقبل وطن" عن الأغلبية لصالح "الجبهة الوطنية" في البرلمان المقبل؟.. الخولي يجيب    قطع المياه عن هذه المناطق بالقاهرة لمدة 8 ساعات.. تعرف على التفاصيل    استشهاد 5 فلسطينيين فى غارة للاحتلال على دير البلح    «بطلوا تبصولي في القرشين».. عمرو أديب: زميلنا جو روجان بياخد 250 مليون دولار في السنة    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    ياسمين رضا تترك بصمتها في مهرجان كان بإطلالات عالمية.. صور    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    الجيش الإيراني يؤكد التزامه بحماية وحدة أراضي البلاد وأمنها    رئيس الكونغو الديمقراطية السابق يواجه محاكمة    برعاية مصرية.. «النواب العموم العرب» تطلق برنامجها التدريبي من مدينة الغردقة    "إكس" تعود للعمل بعد انقطاعات في الخدمة امتدت لساعات    المخرج الإيراني جعفر بناهي يحصد السعفة الذهبية.. القائمة الكاملة لجوائز مهرجان كان    «هذه فلسفة إطلالاتي».. ياسمين صبري تكشف سر أناقتها في مهرجان كان (فيديو)    قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)    النائب حسام الخولي: تقسيم الدوائر الانتخابية تستهدف التمثيل العادل للسكان    "دفاع الشيوخ": قانون الانتخابات يرسخ مبادئ الجمهورية الجديدة بتمثيل كافة فئات المجتمع    "العربية للسياحة" تكشف تفاصيل اختيار العلمين الجديدة عاصمة المصايف العربية    زيلينسكي: المرحلة الثالثة من تبادل أسرى الحرب ستُنفذ الأحد    "القومي للمرأة" يهنئ وزيرة البيئة لاختيارها أمينة تنفيذية لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    «أضرارها تفوق السجائر العادية».. وزارة الصحة تحذر من استخدام «الأيكوس»    موجة حر شديدة تضرب القاهرة الكبرى.. انفراجة مرتقبة منتصف الأسبوع    الصديق الخائن، أمن الأقصر يكشف تفاصيل مقتل سائق تريلا لسرقة 6000 جنيه    «الداخلية» تكشف تفاصيل حادث انفجار المنيا: أنبوبة بوتاجاز السبب    رحلة "سفاح المعمورة".. 4 سنوات من جرائم قتل موكليه وزوجته حتى المحاكمة    «أحدهما مثل الصحف».. بيسيرو يكشف عن الفارق بين الأهلي والزمالك    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    بيسيرو: رحيلي عن الزمالك لم يكن لأسباب فنية    "بعد إعلان رحيله".. مودريتش يكشف موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية مع ريال مدريد    بعد غياب 8 مواسم.. موعد أول مباراة لمحمود تريزيجيه مع الأهلي    حلم السداسية مستمر.. باريس سان جيرمان بطل كأس فرنسا    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    ميلان يختتم موسمه بفوز ثمين على مونزا بثنائية نظيفة في الدوري الإيطالي    وأنفقوا في سبيل الله.. معانٍ رائعة للآية الكريمة يوضحها أ.د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر    رمضان عبد المعز: التقوى هي سر السعادة.. وبالصبر والتقوى تُلين الحديد    نائب رئيس الوزراء الأسبق: العدالة لا تعني استخدام «مسطرة واحدة» مع كل حالات الإيجار القديم    «أباظة» يكرم رئيس حزب الجبهة الوطنية في ختام مؤتمر الشرقية| فيديو    زلزالان خلال 10 أيام.. هل دخلت مصر حزام الخطر؟ أستاذ جيولوجيا يجيب (فيديو)    ناجي الشهابي: الانتخابات البرلمانية المقبلة عرس انتخابي ديمقراطي    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    اغتنم فضلها العظيم.. أفضل الأدعية والأعمال في عشر ذي الحجة ويوم عرفة 2025    رئيس «برلمانية التجمع»: وافقنا على قانون الانتخابات لضيق الوقت ولكن نتمسك بالنظام النسبي    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل توصل العسكرى لإتفاق مع أمريكا لتسوية قضية التمويل الأجنبى؟
نشر في مصر الجديدة يوم 01 - 03 - 2012

ما بين عشية وضحاها إختلفت مجريات الأمور فى قضية التمويل الأجنبى وبدأنا نستشعر أن العسكرى بدأ يتراجع فى مواقفه الصلبة شيئا فشيئا وبدأنا نرى مبادرات ومحاولات تلوح فى الأفق لتسوية قضية "التمويل الأجنبي للجمعيات"، والتي تضم 43 متهماً، من بينهم 19 أمريكياً، وأجانب من جنسيات أخرى.
وكانت مساحتنا للإختلاف كما عودناكم عليها مكانا فسيحا رحبا لتحليل وفهم خفايا الموضوعات الشائكة لذلك نطرح هذا الملف عليكم ولكم الحكم بعد طرح التحليل والرؤى .
فمن جانبه أكد رئيس محكمة استئناف القاهرة، المستشار عبد المعز إبراهيم، أن إخلاء سبيل المتهمين في القضية، بضمان مالي قدره مليوني جنيه، أي حوالي 330 ألف دولار، لكل منهم، جاء على اعتبار أن الوقائع المتهمين فيها تمثل "جنحة"، وليست "جناية"، وأن العقوبات المحتملة بحقهم لا تتعدى الغرامة المالية.
وقال المسؤول القضائي، إن المتهمين قاموا بتسديد الكفالات المقررة، التزاماً بأحكام القانون، مشيراً إلى أنه سيتم السبت المقبل، تحديد جلسة جديدة لاستئناف نظر القضية، التي أثارت توتراً حاداً في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة.
وأضاف إبراهيم، أن المتهمين قدموا طلبات إلى المحكمة لإخلاء سبيلهم، وتم إحالتها إلى محكمة الجنايات، والتي رأت أن التهم المنسوبة للمتهمين بالانضمام إلى جمعيات تعمل بدون ترخيص، تعتبر "جنحة"، وليست "جناية."
كما كشف رئيس محكمة استئناف القاهرة عن أنه شخصياً من طلب من المستشار محمد شكري، رئيس الدائرة التي كانت تنظر القضية بمحكمة جنايات شمال القاهرة، "التنحي" عن نظر القضية، نظراً لأن أحد أبنائه، يعمل محامياً في مكتب للاستشارات القانونية، له علاقة بالسفارة الأمريكية.
وكانت تقارير رسمية قد ذكرت، في وقت سابق أمس الأربعاء، أن المستشار شكري تقدم بمذكرة إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة، أثبت فيها تنحي هيئة المحكمة بالكامل عن استكمال نظر القضية، بداعي "استشعار الحرج"، دون أن تورد مزيداً من التفاصيل.
وفي تصريحات للتلفزيون الرسمي الخميس، قال المستشار عبد المعز إبراهيم إن القضية تختص بها دائرة جنايات "قصر النيل"، إلا أنه تم إسنادها إلى الدائرة التي تعمل في شهر فبراير/ شباط، وهي "دائرة عين شمس"، برئاسة المستشار محمد شكري.
وتابع رئس محكمة الاستئناف قائلاً: "لكن المستشار شكري لم يفصل في القضية على وجه السرعة، وأجلها إلى 26 أبريل المقبل، مما سيؤدى إلى عدم الفصل في القضية خلال العام الحالي، لأن السنة القضائية تنتهي في 30 يونيو."
ومن جانبه، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية، عمرو رشدي، أن تكون الوزارة قد تدخلت بأي شكل من الأشكال في القضية، قد يكون وراء قرار النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، بإلغاء حظر سفر 16 أمريكياً من المتهمين في القضية، والذي جاء بعد ساعات على تنحي هيئة المحكمة.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن رشدي قوله إن قضية التمويل الأجنبي للمنظمات المدنية في مصر، مثلها مثل أي قضية أخرى مطروحة أمام القضاء المصري، مشيراً إلى أنه "ليس من صلاحية وزارة الخارجية، باعتبارها تنتمي للسلطة التنفيذية، التدخل بأي صورة، ولو بالتعليق، على قضية مطروحة أمام السلطة القضائية."
وحول المقارنة بين دور الخارجية المصرية ونظيرتها الأمريكية في إدارة القضية، قال رشدي إنه "من الطبيعي أن تهتم وزارة الخارجية الأمريكية بالقضية، باعتبارها تخص مواطنين أمريكيين في الخارج.. وهو ما تقوم به وزارة الخارجية المصرية، عندما يكون هناك مواطنون مصريون متهمون في قضية خارج مصر."
وكان وزير الخارجية، محمد كامل عمرو، قد شدد، مع بداية الأزمة مع الولايات المتحدة، على أن موقف الدبلوماسية المصرية من القضية يتلخص في "ضرورة احترام الجميع لاستقلالية القضاء المصري."
كما أكد عمرو، خلال لقائه مع نظيرته الأمريكية هيلاري كلينتون، خلال مؤتمر ميونخ للأمن بألمانيا، على ضرورة إتباع جميع المنظمات العاملة في مصر، أياً كانت جنسيتها، للقانون المصري، فيما يتعلق بإجراءات التسجيل وممارستها لأنشطتها
قال محامي عدد من المتهمين في قضية «التمويل الأجنبي»، الأربعاء، إنه أُبلغ برفع حظر السفر عن بعض المتهمين، بكفالة قدرها 2 مليون جنيه مصري «330 ألف دولار أمريكي»، وأكد أنه «لا يوجد أي من المتهمين قيد الاعتقال».
كانت مصادر قضائية قد أكدت،أمس الأربعاء، رفع السلطات المصرية حظر السفر عن أسماء عدد من النشطاء المتهمين في قضية الحصول على تمويل أجنبي، بمن فيهم أمريكيين.
وقال مصدر قضائي، : «إن مساعد النائب العام أصدر أمراً برفع الحظر، بناء على طلب من قاضيي التحقيق»، وشدد على أنه «لم يتم إسقاط التهم المنسوبة إلى أي من المتهمين».
ولم يتضح على الفور متى سيغادر أي من النشطاء المتهمين في القضية البلاد، والبالغ 43 ناشطا، من بينهم 19 أمريكيا، بعضهم خارج مصر.
كانت مصادر قضائية، قد قالت،«إن مصر قررت رفع حظر سفر نشطاء أمريكيين قيد المحاكمة، في خطوة من المرجح أن تنزع فتيل أزمة في العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر، ولم يتضح متى سيغادر أي من النشطاء المتهمين في القضية البلاد».
وقال مصدر قضائي إنه «لم يتم إسقاط التهم المنسوبة الى أي من المتهمين»، وأكد مصدران قضائيان آخران صدور القرار، ولم يصدر تعليق فوري من السفارة الأمريكية بشأن القضية.
ويحلل الكاتب محمد يوسف عدس خفايا قضية التمويل الأجنى فيقول :"أولا تصريحات القيادات الأمريكية التى ظهرت على الساحة مؤخرًا بخصوص أزمة التمويل الأجنبى واحتجاز 43 متهمًا منهم 19 أمريكيًا رهن التحقيق.. فلعلنا نجد فى مجرد التحليل إجابة عن هذا السؤال!
أول ما يتبادر إلى الذهن هذا السؤال البسيط: لماذا ترفض أمريكا مثول مواطنين لها يعملون فى أرض أجنبية بدون تصريح من السلطات المحلية؟! حيث توجِّه إليهم هذه السلطات اتهامات خطيرة على النحو الآتى:
1- تأسيس وإدارة خمس منظمات أجنبية: أربع منها أمريكية هى المعهد الجمهورى الدولى، المعهد الديمقراطى، منظمة فريدم هاوس(الصهيونية)، والمركز الدولى الأمريكى للصحفيين ..
2- الحصول على مبالغ مالية كبيرة من الخارج بالمخالفة للقانون ..
3- تنفيذ برامج تدريب سياسى لأفراد وأحزاب بعينها.
4- إجراء بحوث واستطلاعات رأى على مواطنين مصريين.
5- دعم حملات انتخابية لأحزاب سياسية معينة.. وحشد ناخبين فى الانتخابات البرلمانية.
6- إعداد تقارير عن هذه الأنشطة كلها وإرسالها لرئيس المنظمة المعنيّة بالولايات المتحدة الأمريكية.
والسؤال هو: إذا كانت المحكمة التى تنظر هذه القضية ليست محكمة عسكرية ولا محكمة ثورة، وإنما هى محكمة عادية تنفذ قوانين الدولة، التى يعمل فيها هؤلاء الأجانب- وكأنها عزبة من أملاك الإمبراطورية الأمريكية- لماذا لا تنتظر أمريكا حتى يصدر حكم المحكمة بالبراءة فتطلق سراحهم.. وأما إن ثبتت التهم عليهم.. أليس من حق الدولة، التى ينتهكون قانونها ويسعون فى فسادها أن توقّع عليهم العقوبة القانونية المستحقة عليهم شأنهم فى ذلك شأن بقية المواطنين المصريين؟! أليس هذا هو ما يفعله الأمريكيون فى بلادهم إزاء مثل هذه الأنشطة إذا مارسها أجانب بلا تصريح وبتمويل أجنبى.. مهما كانت الذرائع لذلك؟؟!
لاحظ أن عريضة الاتهام لا تتطرق إلى تفاصيل العلاقات المتشابكة مع نوعيات من الأفراد وتجنيدهم لإشاعة الاضطراب والفوضى على المستويين الفكرى الإعلامى من ناحية والأنشطة التخريبية الميدانية من ناحية أخرى.. القضية إذن لها أبعاد أخرى كثيرة تستهدف تفريغ الثورة من محتواها وضرب الإنجازات، التى حققتها الجماهير فى مجالات الحرية والاستقلال والديمقراطية..
ولا يمكن أن ننسى أنه فى يوم 13 من فبراير الحالى اتهمت فايزة أبو النجا، وزيرة التعاون الدولى، الولايات المتحدة بأنها عملت على "احتواء" الثورة المصرية و"توجيهها" لخدمة مصالحها ومصالح إسرائيل من خلال تلك الجمعيات.
المؤشرات والدلائل إذن تدعم فكرة أن الأمر ينطوى على مؤامرة أمريكية وأعمال تجسس وتخريب ضد مصر.. يعزز هذا ما كشفته التحقيقات الأولية فى القضية: فالمتهم الأول فى هذه القضية هو نجل وزير النقل الأمريكى فى إدارة أوباما، الذى استطاع مؤخّرا تهريب ما يقرب من 12 ألف مستند تحتوى على معلومات تمس الأمن المصرى، وبيانات بأرصدة وأنشطة المعهد والعاملين به من المدربين والمساعدين ورؤساء الفروع والمديرين الإداريين وحساباتهم.. ووفقًا لاعتراف أحد الموظفين الأمريكيين بالمعهد أثناء التحقيقات، فإن عملية التهريب هذه تمت فى 12 كرتونة بلغ وزنها 170 كيلوجرامًا، عن طريق إحدى الشركات المتخصصة فى البريد الدولى السريع .
وقد اعترف بأن السبب فى تهريب تلك المستندات هو إخفاء أوجه النشاط الذى يمارسه المعهد الجمهورى على الأراضى المصرية، وإخفاء الأرصدة البنكية والحفاظ على سرية الحسابات وأسماء المنتفعين والعملاء..
ولكن بدلا من انتظار قرار المحكمة فى القضية تريد أمريكا وقف المحاكمات والإفراج فورًا عن المتهمين.. وتهدّد بحدوث قطيعة كارثية بين البلدين.. ومفهوم –ضمْنًا- أن الكارثة ستكون من نصيب الطرف الأضعف وهو مصر.. يعنى إما أن تخضع مصر للتهديد وتسلم المتهمين لأمريكا وإلا فستقطع أمريكا مساعداتها المالية عن مصر.. وستضعها على قائمة الدول المتمرّدة وتفرض عليها الحصار، كما فعلت مع دول أخرى.
وفى هذا السياق دعت نائبة من الحزب الجمهورى إلى اتخاذ "خطوات عقابية" ضد مسئولين مصريين بسبب ما أسمته: "الحملة ضد النشطاء المطالبين بالديمقراطية".. وفى هذا السياق أيضًا نرى السيناتور باتريك ليهى رئيس لجنة المساعدات الخارجية بالكونجرس يقول ردا على سؤال حول قضية التمويل الأجنبى:: "كل ما علمته يشير إلى أنهم لم يخطئوا ولم يعملوا شيئًا غير قانونى، بل إنهم كانوا يقومون بدعم الديمقراطية.." وهذا ما يردده الصحفى توماس فريدمان بشأن ضرورة تعليم الشباب المصرى الديمقراطية على يد الأمريكان.. و فى نظر هذا الأفّاق "أن كل جريمة مبارك أنه كان يبحث عن الكرامة والتقدم فى أماكن خطأ بدلا من البحث عنها فى بناء قدرات شباب مصر ورعايتهم.."
وأكد الجنرال مارتن ديمبسى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية على ثلاث نقاط تكشف عن نمط التفكير الأمريكى تجاه مصر الثورة: أولا- أن الربيع العربى يمكنه أن يحقق ديمقراطية، وأن مصر تمثل حجر الأساس لمستقبل المنطقة.. ثانيًا: أنه توصل مع كبار المسئولين فى مصر إلى فهم واضح جدًا لمدى خطورة الاستمرار فى محاكمة المتهمين على العلاقات المشتركة.. ثالثا- شدد على أهمية تعزيز العلاقات العسكرية مع الجيش المصرى..
نورد فى نفس السياق أيضًا ما قام به السناتور جون ماكين، الذى جاء إلى مصر، يرافقه وفد من أعضاء الكونجرس، فى محاولة للتخفيف من حدة التوتر بين القاهرة وواشنطن حيث صرّح بأنه: سيوضح للقادة العسكريين فى مصر مدى خطورة هذه المسألة، وأن هذه المنظمات لا تزرع بذور الاضطرابات حسبما تم اتهامها، بل تساعد مصر على تطوير مؤسسات المجتمع المدنى.. وأضاف أنه جاء ليشرح سياسة الكونجرس فى الوقت الحالى، وحقيقة إمكانية قيام الكونجرس بقطع المعونة الأمريكية عن مصر بسبب هذه الأزمة.. ولكنه يعترف بأن التغييرات التى ستشهدها مصر فى المرحلة القادمة هى التى سترسم مستقبل المنطقة بأكملها.. وأن
نجاح مصر فى عبور المرحلة الانتقالية –حسب قوله هو "أمر جيد ومهم لمصر ولأمريكا".. وأن الولايات المتحدة تبذل قصارى جهدها من أجل مساندة الاقتصاد المصرى .
فماذا نستخلص من كل هذه التصريحات:
أولا: لا أحد فى مصر مخلص لوطنه ولديه بعض الفهم لأساليب السيطرة الأمريكية، وتاريخها فى الإنكار والكذب، يمكن أن يشترى عبارات: مثل أن أمريكا حريصة على خروج مصر من أزمتها الاقتصادية.. أو أنها حريصة على نجاح مصر فى عبور المرحلة الانتقالية الصعبة التى تمر بها.
لا أحد فى مصر يمكن أن يشترى كلام السيناتور باتريك ليهى عن براءة المتهمين وأنهم كانوا يقومون بدعم الديمقراطية.. ولا أن لأمريكا مصلحة أو رغبة فى قيام ديمقراطية حقيقية فى مصر أو فى أى مكان آخر بالعالم، فالواقع والتاريخ يؤكدان أن أمريكا لم تساند إلا نظما دكتاتورية استبدادية بل وعنصرية؛ فى العالم العربى وفى أمريكا اللاتينية وفى آسيا وإفريقيا، فقد كانت تساند مبارك مصر، وسوهارتو أندونيسيا، وماركوس الفلبين، وبينوشيه شيلى، وكانت تدعم النظام العنصرى فى جنوب إفريقيا، ولا تزال تدعم النظام العنصرى الصهيونى فى فلسطين.. أمريكا لديها عقيدة راسخة "أن مصالحها تتحقق بسهولة ويسر مع الدكتاتوريات العميلة ويلحقها الضرر مع الديمقراطيات الحقيقية".
ثانيًا: واضح من كلامهم أنهم لا يريدون الاستمرار فى تحقيق قضية التمويل الأجنبى ويحاولون تسوية الأزمة بأى ثمن حتى لا تتكشف الحقائق الخفية، التى تثبت ضلوع أمريكا فى تخريب الثورة وتدمير منجزاتها، وحتى لا ينكشف عملاؤها المصريون الذين يعملون لحساب مخططاتها فى مصر.. ومن ثم يهدّدون بوقف المعونات والمساعدات وبالكارثة، التى يمكن أن تصيب مصر إذا أصرت على المُضِى قدمًا فى هذه القضية..
ثالثًا: ندرك من كلام الساسة الأمريكيين أنهم على وعْى تام بأن نجاح الثورة المصرية.. وتغلّبها على أزمتها الاقتصادية الطارئة.. واستكمالها لمؤسساتها الديمقراطية.. وتحقيق شىء من الاستقرار المجتمعى، فيه خطر على المخططات الأمريكية ليس فى مصر فحسب، ولكن فى المنطقة العربية بأسرها.. وهذا واضح من كلام "مكين" ودمبسى" وغيرهما حين يعترفون بأن "مصر تمثل حجر الأساس لمستقبل المنطقة.. وأن التغيرات التى ستشهدها مصر فى المرحلة القادمة هى التى سترسم مستقبل المنطقة بأكملها".. بمعنى أنه لن تكون أمريكا ولا الكيان الصهيونى هما الذيْن سيحدِّدان هذا المصير.. وهذا هو سبب الهلع، وهو ما يجعل أمريكا تستميت فى إنهاء الأزمة بأى ثمن وبأسرع وقت ممكن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.