د. سهير المصادفة أدارت الندوة بنجاح "الشارع الثقافى بكل طوائفه فى حالة قلق على حرية الإبداع التى باتت مستهدفة من كل الفئات المتطرفة سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية". بهذه الكلمات بدأت د. سهير المصادفة مناقشات المائدة المستديرة التى حمل موضوعها عنوان «حرية الإبداع والتعبير فى ظل المتغيرات السياسية» وشارك فيها: د. تامر يوسف ومدحت صفوت والروائى د. فتحى سالم. وقالت سهير: لقد رأينا كيف نكلوا ب"طة حسين" فى النصف الأول من القرن وكيف كانوا طوال الوقت ضد حرية الإبداع، كيف كبلوا الإبداع وكبحوا الحريات.. هم لا يملون وكل يوم يخترعون ما يكمم أفواهنا. وأضافت د. سهير المصادفة: التابوهات الثلاثة التى منعونا من الاقتراب منها "الجنس والسياسة والدين" ظلت هذه التابوهات بدون اختراق طوال عقود مضت وعندما سمحوا للتابو الأول ببعض من اختراق لم يسمحوا أبداً للثانى أو للثالث.. والسؤال الآن هو كيف لنا كمبدعين أن ننافس العمل العالمى ومحرم علينا الاقتراب من هذه التابوهات.. هذه الأنظمة التى ظلت نصف قرن معطلة للإبداع وعملت على غلق باب الاجتهاد كاملاً ليس على مستوى الإبداع فقط إنما على كل المستويات. وقبل أن تترك الكلمة لضيوف المائدة قالت: هذا التخوف الذى طالما يطاردنا زادت حدته بعدما أسفرت نتائج انتخابات البرلمان عن سيطرة الجماعات الإسلامية والسلفية، وخرج بعض هؤلاء يشهرون فى وجه المبدعين سلاح التهديد والوعيد.. هؤلاء الذين هاجموا أعمالا إبداعية مثل ألف ليلة وليلة وفرقوا بين الدكتور نصر حامد أبوزيد وزوجته، شنوا هجوما أخيرا على نجيب محفوظ. من جانبه قال الدكتور تامر يوسف رسام الكاريكاتير لا نريد ان نستبدل سلطة قمعية مقيدة للحريات بسلطة أخرى أشرس.. أنا كرسام كاريكاتير كنت أعانى النشر خاصة أننى كنت أعمل فى جريدة قومية – الأهرام - طوال الوقت هناك محاذير ..طوال الوقت الجهاز الأمنى يلاحقنا. وأضاف: كنت أحب تغطية الاعتصامات لذلك تعرضت كثيرا للاعتقال حتى وجدت نفسى نفسى مطروداً من عملى ومنفيا داخل وطنى فلجأت إلى الوسيط الإلكترونى وقمت بعمل مجلة إلكترونية يزورها الآن ما يقرب من مائة ألف زائر.. لقد كان نحاول دائما التغلب على التقييد وكان الوسيط الالكترونى مخير معين فى ذلك. لقد تعرض رسامو الكاريكاتير للكثير من القهر ولا يمكن أن ننسى الرسام عصام حنفى الذى تعرض للسجن لأنه رسم يوسف والى وهو يمسك سكينا ويطعن قلب مصر وأشار د. تامر يوسف انه لم يعد بمقدور أحد أن يقيد حرية الإبداع فما قبل 25 يناير ليس كبعدها.. لذلك استطيع أن أقول لكم أنا لست خائفاً على الإبداع لأننا كلما تم الضغط علينا كمبدعين كلما أبدعنا أكثر فالضغط يولد الإبداع، ومصير مبارك ينتظر كل من يقف فى وجه شعبه. وهنا أبدت سهير المصادفة دهشتها من تفاؤل د. تامر وهو ما أيدها فيه مدحت صفوت قائلا: كيف لنا أن نشعر بالتفاؤل كل من كانوا يمارسون القمع من السياسيين كانوا يستخدمون الشكل الدينى فما بالنا وقد تجسد الاثنين فى واحد.. والتاريخ مليئ بالمغالطات التى لم يسلم منها حتى الرسول والصحابة. وأضاف: نحن فى مصر عنينا كثيرا.. فى الستينيات كانت القضية الشهيرة أولاد حارتنا لنجيب محفوظ تلك الرواية السياسية التى أخذت إلى أرض الدين ونشرت بشكل يومى فى الأهرام حتى قالوا أن الأزهر قلق بشأن الرواية لكن «هيكل» رئيس مجلس إدارة الأهرام وقتها قام بنشر الرواية كاملة ثم قامت الزوبعة بعدها. وفى السبعينات تنامت الجماعات الإسلامية حتى وصل الأمر فى عصر مبارك إلى التحكم الاجتماعى الذى أحالنا إلى التحكم السياسى، وكذلك الإبداعي وخير مثال: مصادرة «وليمة لأعشاب البحر» لحيدر حيدر ولم يختلف الحقل السينمائى كثيرا كذلك الإبداع التشكيلى وهذا ما يجعلنا نتخوف الآن من تصاعد مثل هذه التيارات. أما الروائى فتحى سليمان فقال أنا متفائل.. وكنا قبل الثورة متفائلين فالتفاؤل هو سر الشخصية المصرية، الحملة الفرنسية عندما جاءت كانت تعلم أن مصر جوهرة غطاها التراب المملوكى.. والمصرى ذكى بطبيعته وقادر على تجاوز ما يقابله من عقبات.. المصرى يعرف كيف يتعلم وكيف يحب وكيف يقرأ فالرهان الآن على المصريين الذين يعلمون أن مصر لن تكون "وهابية" مصر فقط تملك الدين منذ قيامها دينياً وسطياً. والنهاية اختتمت الدكتورة سهير المصادفة المائدة بقولها علينا أن نعرف أن مصر تستحق مكانة أفضل مما هى فيه مصر تستحق الأفضل وعلى هذا علينا أن نكون أكثر جلداً لذواتنا مثل النحت أو الرسم أتوقع أن المرحلة القادمة تكون مرحلة تزاوج بين السلطة والدين وسوف تكون الفاتورة باهظة وعلينا أن نعد أنفسنا لهذه المرحلة، ووضع الدستور الثقافى هو البداية وليس النهاية ولابد أن يتحول المثقف إلى المثقف العضوى الفاعل فى جماعته وأن الذى يحاربك فى خبزك هو أيضاً يحاربك فى إبداعك.