«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمعة فرحات :"الدولة الرخوة" مؤامرة مدبرة حتي نفقد الإيمان بالثورة
نشر في الوفد يوم 11 - 01 - 2012

مائة عام كاريكاتير مصرى بهذه المناسبة تحاور «الوفد» جمعة فرحات الذي يصفه زملائه برسام الكاريكاتير السياسي الأول في مصر
.. وأكد في حواره أن مبارك لم يحكمنا برغبتنا ولهذا ترك الكتاب والمثقفين وباقي الشعب يقولون ما يقولونه، وهم يفعلون ما يريدون أن يفعلوا.. علي اعتبار أنها هوهوة(!!) ولكن هذه الهوهوة فجرت ثورة 25 يناير التي كسرت حاجز الخوف من الشرطة والسلطة.. ولكن الانتخابات جاءت بالإخوان المسلمين للحكم فليحذروا إذا ساروا علي درب «مبارك» وأراد الشعب أن يسقطهم وتمسكوا بالسلطة فستكون الكارثة في شكل صدام دموي، ولهذا عبر عن عدم تفاؤله بوصول الإسلام السياسي للسلطة التشريعية لتعرضهم للحريات الشخصية، متهماً إياهم بالبحث عن مصالحهم الشخصية ولهذا قد يقبلون ما يرفضونه أيديولوجياً في سبيل استمرارهم في السلطة.
كيف ستكون الاحتفالية المئوية بالكاريكاتير المصرى؟
- كنا نتمني أن نحتفل بمئوية الكاريكاتير في مصر ولكنه تخطي المائة عام كاريكاتير فقلنا بمناسبة مرور مائة عام علي ميلاد «رخا» ستكون المئوية له ولمائة سنة كاريكاتير مصري.. والكاريكاتير بدأ نهاية القرن التاسع عشر ولكن الرسامين المصريين لم يستمروا.
و«محمد عبدالمنعم رخا» هو أول رسام كاريكاتير مصري يستمر في رسم الكاريكاتير حتي توفي ولهذا نحتفل بذكراه لأنه قيمة شخصية وفنية كبيرة جداً، وسنقيم معرضاً يضم جزءاً كبيراً من أعماله، ونتمني أن تكون احتفالية في الصحافة المصرية، للتذكير ب «رخا» لأنه أحد الرموز الكبيرة في حياتنا الصحفية والمصرية.
كيف ترصد الكاريكاتير المصري خلال احتفالية المائة عام؟
- أول فنان رسم كاريكاتير في مصر كان «خوان سانتيز» ثم عمل مدرس رسم في مدرسة الفنون التي أنشأها الأمير «يوسف كمال» إلي أن ظهر «صاروخان» وكان يعمل في أكثر من جريدة حسب سياستها وهذه كانت حالة الرسامين المصريين مثل «رخا» و«زهدي»، ولهذا أستطيع أن أقول إن رسام الكاريكاتير قبل 1947 كان يرسم فقط ولا يفكر أو يبتكر لأن عددهم كان قليلاً جداً وكانوا يضطرون أن يعملوا كل واحد في 20 أو 25 جريدة ومجلة ثم ظهر «طوغان» و«عبدالسميع» وكانت قضية الصحف هي الاحتلال الإنجليزي، وكانت توجد مدرستان في الصحافة للكاريكاتير، الأولي «روزاليوسف» والثانية «الأخبار» وكان أبناء «روزاليوسف» طوروا من أنفسهم وأصبحوا منفذين لأفكارهم. وفي الأخبار كان يجتمع علي ومصطفي أمين، و«محمد عفيفى» كاتب ساخر عظيم جداً، و«مأمون الشناوي» الذي كان يتميز بخفة دم شديدة و«جليل البنداري» و«رخا» ويقولون أفكارهم ويرسمها «رخا» وأيضاً يشرح الأفكار ل «صاروخان» بالعربي ليرسمها أيضاً، هذا خلال فترة الأربعينيات.
الزخم السياسي
كيف تعامل الكاريكاتير خلال المد الثوري لثورة 1952؟
- بداية الكاريكاتير في مصر كانت سياسية، وقبل يوليو بفترة قليلة كانت فترة تموج بتيارات سياسية ومعارك مختلفة مليئة بالزخم السياسي، وظهرت شخصية غني الحرب، و«سكران طينة باشا» وابتكر «رخا» شخصية بنت البلد ورد بها علي أغنياء الحرب في هذه الفترة لأن كل شىء كانوا يقولون عليه بلدي.. وبعد ثورة يوليو ظل الكاريكاتير سياسياً أيضاً لكنه كان يؤيد أهداف الثورة وخطواتها، وحتي «مصطفي أمين» كان أحد الذين يدعون ويروجون للثورة لأنه كان أحد المبشرين بها قبل قضية التجسس وعبرت الأخبار عن ثورة يوليو وقضاياها السياسية سواء كانت قضايا داخلية، وعربية.
وماذا عن انكسارات يوليو في الرسوم الكاريكاتيرية؟
- أولى هذه الصدمات ولن أقول انكسارات وخلال العدوان الثلاثي علي مصر 1956 لم نعتبرها هزيمة لأننا انتصرنا علي 3 دول، فرنسا وإنجلترا وإسرائيل وخرجن من مصر وانهارت الإمبراطوريتان الإنجليزية والفرنسية.
وفي يونيه 67 كيف تأثرتم بالهزيمة؟
- الهزيمة كانت قاسية، وإحساسها كان أقسى علينا جميعاً، وحتي الآن لا أستطيع أن أصدق ما حدث فرسمنا دون توجيه من أحد وبإحساس أن مصر هزمت في معركة لكن ليست النهاية، ونحن قادرون علي الانتصار لأن جيشنا عظيم ولديه قدرات تاريخية من الانتصارات وشعبنا في النهاية نعتبره من الشعوب القليلة في العالم التي استمر دون تغيير في جغرافيته ولم يتأثر بأي هجرة من الهجرات العديدة التي حلت عليه، فكان لدينا إيمان حقيقي بالانتصار ولهذا عملنا في هذا الاتجاه الذي يغذي الشعور بعودة حقنا في رد الهزيمة وتحويلها إلى انتصار.
قيل إن الصحافة ومنها الكاريكاتير حرث الأرض ليوليو لتضع بذرتها وأهدافها في عقول وقلوب المصريين؟
- نعم وفي 56 بدأت مجلة صباح الخير وكانت نقطة فاصلة بالنسبة للكاريكاتير المصري لأنها ضمت مجموعة من الرسامين الكبار، وغيروا خط الكاريكاتير المصري نهائياً، وأدخلوا أساليب جديدة وتنوعاً في الأساليب والقضايا والتنوع في الشخصيات وكانت كتيبة ضمت «صلاح جاهين» و«جورج بهجورى» وإيهاب، صلاح الليثي، بهجت، رجائى، ناجى، إسماعيل دياب، وأنا، ورءوف عياد، كنا آخر اثنين لحقنا بهذه الكتيبة وفجرنا قضايا كثيرة اجتماعية لم يكن الكاريكاتير يتناولها، والكتيبة بشرت بأهداف 1952 وحرثت أمامها الأرض وزاد من مؤيديها لأن رسامي الكاريكاتير في هذا الوقت كانوا مؤمنين بعبد الناصر وأهداف يوليو، و«صلاح جاهين» علي وجه التحديد فتح آفاقاً كبيرة للكاريكاتير.
الهزيمة أقوى
ولكنه رسام الكاريكاتير الوحيد الذي أصيب بالاكتئاب؟
- هذا صحيح ولكنه لم يتوقف عن الرسم، بل ظل يرسم أقوي مع أنه مكتئب، ومشكلة «جاهين» أنه لم يكن رسام كاريكاتير فقط، بل هو الذي كتب الأغاني والأشعار الجميلة التي تغنت بها الثورة، وحفظها الشعب وتغني بها ولهذا كانت الهزيمة أقوي بالنسبة له عن باقي الرسامين مثل رخا، وصاروخان، وزهدي وطوغان.
وتأميم الصحافة لم يؤثر علي الكاريكاتير كما أثر علي الصحافة؟
- في توقيته لم يؤثر لأننا تقبلنا القرار ببساطة ولم يقلقنا لأننا كنا نتعامل مع أصحاب صحف لهم أفق ولديهم ثقافة وفهم وكانوا أساتذة بمعني الكلمة مثل علي ومصطفي أمين، «إحسان عبدالقدوس»، «هيكل»، «كامل زهيرى»، وهذا لم يعطنا شعوراً بالضيق.. لكن بعد رحيل هذا الجيل العظيم من الأساتذة الكبار وتولي قيادة الصحافة الصف الثاني وظل هذا الصف يتدهور إلي الصفين الثالث والرابع إلي أن وصلنا إلي صحافة ما قبل 25 يناير ووجدنا في قيادة الصحف أفراداً لم يتخيل أحد أن يكونوا رؤساء تحرير لانعدام الكفاءة والموهبة لديهم، ومنافقين لدرجة مرعبة، ويجمعهم جميعاً عدم فهم الكاريكاتير وتقدير قيمته فعانينا منهم بشدة، وكانوا يخافون من رسامي الكاريكاتير ويريدون دفننا بأي طريقة لأن رسوماتنا قوية وأفكارنا وطنية ولم تكن تتفق معهم نهائياً والتعبير عنها كان يصيبهم بالغم والهم، ولهذا لم يسمحوا لنا بالإبداع، وكانوا ألعن من أي رقيب في فترة «عبدالناصر» وكانت دائرة المنع لديهم أوسع من دائرة الرقيب الذي ينفذ الأوامر لأنهم كانوا يحافظون علي كراسيهم.
بيهوهوا
وكيف كنت تمرر رسوماتك وهي تتعرض لسياسة النظام؟
- أنا فضلت أن أعمل في صحف المعارضة مثل جريدتي «الشعب» و«الوفد» ومع ذلك «مبارك» منحنا فرصة عظيمة جداً ولكنها كانت بمنتهي الغباء لأنه تركنا نعبر ونتحدث ونرسم ونكتب واعتبرنا بنهوهو!! وقال: يقولوا اللي عايزين يقولوه، ونعمل اللي عايزين نعمله. ولم يكن فاهماً أن هذا يحدث تراكمات، وهذه الهوهوة ستؤثر نتيجة للتجاوزات والفساد طوال الثلاثين عاماً حتي انفجرت في 25 يناير.. ولهذا عملت في جرائد المعارضة لأني لم أكن أستطيع أن أرسم في «روزاليوسف» ما أريده وكان ممنوعاً أن نرسم الوزراء أو أي مسئول، وكنا نرسم المسئول ونكتب عليه مسئول المواصلات علي اعتبار أنه وزير المواصلات، فعملت في جريدة «الشعب» التابعة لحزب العمل الاشتراكي لأنه قريب من أفكاري السياسية لمدة 4 سنوات وبعد تعيين «عادل حسين» رئيس تحرير وكان رجلاً ماركسياً وفجأة تم التحالف مع الإخوان المسلمين، وأنا لا أتعاطف مع الإخوان ولا أستطيع أن أعمل معهم علي أي حال من الأحوال لأنهم فصيل براجماتي لا يبحث إلا عن مصالحه فرسمت كاريكاتير عن ثورة يوليو 52 قاصداً متعمداً ولم ينشره «عادل حسين» فتركت الجريدة وذهبت إلي الوفد.
وما القضايا التي تناولها الكاريكاتير في عصر مبارك؟
- أتذكر أننا عملنا حملات علي وزير المالية الأسبق «حسن الرزاز» لأن عصر «مبارك» طبق ضريبة الأيلولة وكنا نسخر منه ونهاجمه بسبب سياسته المالية، ولم نكن نعرف أنه سيأتي بعد ذلك أسوأ وزير مالية في مصر د. بطرس غالي.. وأيضاً رغم أننا هاجمنا د. عاطف صدقي ورسمناه في الكاريكاتير إلا أنه من رؤساء الوزارات الذين بدأ الإصلاح الاقتصادي في عهده.. وفي هذه الفترة كنت أعمل في جريدة «الوفد» لأن سقف الحرية بها كان عالياً جداً ولم أترك وزيراً من وزراء «مبارك» إلا ورسمته في الكاريكاتير، ولأن الكاريكاتير يحتاج إلي مناخ من الحرية فكنت أعمل بحرية شديدة جداً.. وإذا جاءت الفكرة قوية وجريئة كنت أنشرها في جريدة «الوفد» وباقي الرسومات أوزعها علي «الأهرام ويكلي» و«الأهرام الاقتصادي» ومجلة «صباح الخير» كل حسب توافق الجريدة ومدي الحرية التي بها وهذا كنت أعرفه من واقع خبرتي الطويلة.
الانفشاخ الاقتصادي
كيف تعامل الكاريكاتير في عصر الرئيس السادات؟
- القضايا الاقتصادية هي التي شغلت الرأي العام في عصر «السادات» بعد حرب أكتوبر وقبل 73 كنا نعمل علي مقولة اللاحرب واللاسلم لأننا كنا مع الحرب.. ولكن سياسة الانفتاح الاقتصادي كان لها النصيب الأكبر من الهجوم وأطلق عليها سياسة السداح مداح، والانفشاخ الاقتصادي ثم عملنا علي اتفاقية «كامب ديفيد» ولكننا لم نستطع أن نعمل عليها معارضة لأنها كانت خطاً أحمر بالنسبة ل «السادات».
كيف أدرت معركتك لطرد «لورى» رسام الكاريكاتير الإسرائيلى من جريدة «الأهرام»؟
- «لورى» هذا رسام كاريكاتير إسرائيلى وأنا كنت معجباً برسوماته وفي عام 1984 عرفنا من الأهرام أن الرسام العالمي «لوري» سيعمل بها، وأرسل «إبراهيم نافع» أعماله إلي «صلاح جاهين» بما أنه مسئول عن الكاريكاتير في جريدة «الأهرام»، وطلبني «جاهين» وقابلته في منزله، وقال: «لوري» الرسام الذي يتعجبك رسوماته سيعمل في الأهرام، فأخبرته أنه إسرائيلي الجنسية فرفض «صلاح» أن يعمل «لوري» في الأهرام، لأن الجماعة الصحفية ترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني وانتهي الموضوع برفض «صلاح».. ولكن بعد عشر سنوات بنشر الأهرام رسومات له دون الإشارة إلي جنسيته.. فتكلمت مع «عادل حمودة» ووافق علي طرح الموضوع في «روزاليوسف» وكتبت مقالة ورسمت كاريكاتير ضد رسومات «لوري» في الأهرام، ولكننا فوجئنا بنشر رد علينا في الأهرام وهذا مخالف للتقاليد المهينة إذ كيف يكون الرد علينا في الجريدة المخالفة لنا؟! فعملت رد علي الرد. فقابلني «محمد عبداللاه» الصحفي بالأهرام وقال: إن سبب نشر خطاب الرد بسرعة أن «إبراهيم نافع» كان في فرنسا وقال لي: تصرف، فنشر خطاب «لوري» مع أنه أديب لم يكن المفترض أن يحدث، لأنهم لم ينتظروا أن ننشر الرد في روزاليوسف، وبالفعل نشر الرد في الأهرام، وخضنا معركة ردوا علينا وردينا عليهم وكانت فضيحة بالمستندات.. وانتهزنا فرصة أن «نافع» كان نقيب الصحفيين وقلنا سنلجأ للجمعية العمومية لنقابة الصحفيين التي أقرت بعدم التطبيع وحينها أوقفت الأهرام نشر رسومات الإسرائيلى بقرار من «نافع».
وكيف تعاملت الصحف العالمية مع هذه الحملة؟
- لم توجد جريدة يهودية في العالم لم تهاجمني أو تتطاول عليَّ طوال 8 سنوات وآخر جريدة هاجمتني كانت جريدة كندية عام 2002 بسبب الحملة التي تمت ضد «لوري» وأطاحت به من الأهرام.
الشرطة أو السلطة
كيف تري الواقع المصرى؟
- الواقع المصري حدث له تغير كيفي رائع ولهذا مصر لن تعود إلي ما قبل 25 يناير، وشباب الثورة جعلنا نكسر حاجز الخوف من كل شيء، خاصة من الشرطة أو السلطة وأيضاً حجم الفساد الذي كان موجودا في عصر «مبارك» لن يتكرر بسبب الفساد السياسي الذي تمثل في مؤسسات الدولة، خاصة مجلس الشعب الذي كان يختار نوعية نواب لا تهش ولا تنش فقط توافق علي أي إشارة أو إيماءة من السلطة التنفيذية.. فأصبحنا قادمين علي عهد ستكشف فيه الأخطاء والتجاوزات أولاً بأول والتصدي لها عن طريق وسائل الإعلام المختلفة من صحف معارضة ومستقلة، وقنوات خاصة.. وهذا سيحدث مع أي فصيل يحكمنا، ولن نصمت أو نهادن في ظل المتغيرات الجديدة التي حدثت في المجتمع مع أني لست سعيدا بوصول التيارات الإسلامية إلي السلطة التشريعية خاصة التيار السلفي.
لماذا؟
- لتعرضهم للحريات الشخصية وهذا واضح جداً من خلال تصريحاتهم وفتواهم لأنهم لم يمارسوا السياسة، وطوال عمرهم كانوا تحت أقدام أمن الدولة(!!) ولو مارسوا عمل سياسة أعتقد أنهم سيتغيرون، وأيضاً الإخوان المسلمين بدون خبرة في الحكم، وخبرة المعارضة ليست كخبرة الحكم ولكنهم كفصيل قديم وبراجماتي لا يبحث إلا عن مصالحه قد يتوافق مع أشياء يرفضها أيديولوجيا حتي يستمر في السلطة.
هل انته عصر الدولة الرخوة؟
- بالطبع لأن أي رئيس قادم لن تكون لديه صلاحيات «مبارك» التي جعلته يتحكم في كل شيء في مصر. وكل مؤسسات الدولة كانت تحت أمره وهواه، ومجلس الشعب لن يصمت علي فساد كما كان في السابق.
ولن يتكرر نموذج «محمد إبراهيم سليمان» الذي هاجمناه 7 سنوات ثم كرمه «مبارك» بعد خروجه من الوزارة ومنحه نيشان من أعلي النياشين في مصر وكافأه بمنصب في شركة براتب يصل إلي مليون ومائة ألف جنيه شهرياً وأيضاً لن نجد وزيراً يستمر 25 سنة مثل «صفوت الشريف» و«فاروق حسني» فالمتغيرات القادمة ستكون أفضل ولن نعيش عصر الدولة الرخوة.
مؤامرة مطلوبة
ولكن كيف تفسر ما يحدث من فتن وقلاقل تظهر بين الفترة والأخري بعد 25 يناير؟
- الفتن الطائفية كانت الأسلحة التي كان يلجأ إليها النظام السابق لإلهاء الشعب عن القضايا والمشاكل الموجودة نتيجة لعجز النظام عن حلها، وفشله في قيادة الوطن.. وما حدث بعد 25 يناير هو نتيجة لتقاعس المجلس العسكري الذي حكمنا بذات الأسلوب والطريقة البطيئة جداً في اتخاذ القرار، ولم يتخذ قرارا له قيمة، ولم يحكمنا حكم ثوري، ومع أننا أسقطنا رأس النظام إلا أن المجلس العسكري حاول الإبقاء علي النظام، لأني لا أتصور أنه لا يعرف ما سمي بالطرف الثالث، وهل المطلوب أن يبحث عنه الشعب أم المجلس العسكري الذي لديه مخابرات وإمكانيات والطرف الثالث وراءه أمن الدولة، وفلول الحزب الوطني وكان من كان له مصالح مع نظام «مبارك».. وأعلن أكثر من مرة عن وجود أفراد حصلوا علي أموال من الخارج وتوجد سيارة أخذتهم من السفارة الإسرائيلية ومع هذا لم نجد أحداً حكم عليه حكم قضائي، فظهرت الفتن والتجاوزات بداية من هدم كنيسة أطفيح وقطع أذن الرجل المسيحي، ومسرح البالون، وماسبيرو، وشارع محمد محمود.. وتم تشكيل لجان ولم تحدد الجاني، وهذه رخاوة وكأنها مؤامرة مطلوبة حتي نفقد إيماننا بالثورة أو حملة شديدة مدبرة لكراهية الثورة.
ولماذا نضع نظرية المؤامرة ولا نقدم عدم الخبرة السياسية؟
- قد يجوز ولكن الذي لا يفهم العمل السياسي لمدة شهرين ثلاثة وليس عاماً كاملاً ولهذا أراها مؤامرة لأنهم لم يتعاملوا مع مستشارين جيدين وأمناء علي الدولة، ولكنهم تعاونوا مع مستشاري «مبارك» وهم أسوأ مستشارين.. وفي لجنة تعديل الدستور استعانوا بالمستشار «طارق البشرى» الذي استعان ب «صبحي صالح» من الإخوان مما جعلنا نقول إن لجنة «مبارك» لتعديل الدستور كانت أفضل لأن كان بها د. يحيي الجمل وفقهاء من القانون الدستوري فهذه هي الغفلة لو لم يكونوا يعرفون توجهات «البشري» و«صالح» وأتفق معك أنهم دون دراية سياسية وأصول الحكم فلماذا أغفلوا الاقتراحات التي طرحت من خلال الصحافة والإعلام بأسماء مستشارين جيدين.
د. الجنزوري من رجال مبارك وفي النهاية حدث توافق عليه فمن أين يأتون بمستشارين بعيدين عن مبارك؟
- هذا صحيح لأن نظام «مبارك» استمر ثلاثين عاماً وجرف الوطن سياسياً واقتصادياً ودمر الحياة الاجتماعية ونحن لا نتهم الشعب المصري بأكمله لأن مبارك لم يكن يحكمنا برغبتنا، ولكننا نتهم كل من مارس سلطات علينا.
التزوير والبلطجة
بعد انتهاء المرحلة الثالثة من الانتخابات البرلمانية.. كيف تري هذه الانتخابات؟
- أنا سعيد بخروج هذا العدد الكبير من الشعب للإدلاء بصوته والاهتمام بمستقبله بعد أن كان عزوفاً عن الاشتراك في الانتخابات السابقة حيث كان يمنع بواسطة البلطجية والتزوير عن إبداء رأيه ولكن كيف سمحت لجنة شئون الأحزاب بأحزاب دينية مثل الحرية والعدالة والأحزاب السلفية؟ إن بلد كمصر لها ثقافة وتاريخ واعتدال ديني وإسلام وسطي لا يصح أن يكون بها أحزاب دينية علي الإطلاق، بما جعل الانتخابات تقوم علي أساس ديني وهذا كان أسوأ انتهاكات، والكنيسة كان لها رد فعل لهذه الأحزاب الدينية لأن الأقليات دائماً ما يكون لها رد فعل سريع وهذا ما رأيناه في الانتخابات.
مبررات التخوف من الإسلام السياسي؟
- الخوف كله من السلفيين لأنهم يعتدون علي الحرية الشخصية للمواطن المصري، وتكلموا كثيراً وجعجعوا وخوفونا أكثر، وقالوا نطبق الشريعة وهذا لا يكون في مجتمع لديه 40٪ منه تحت خط الفقر، والحدود المخيفة رهن أن المجتمع يتطور للأفضل ولو قلنا السعودية تطبق الحدود فليته لدينا دخل السعودية ودخلها المرتفع وسنطبق الحدود والشريعة في مصر بمنتهي السرعة.
ولكنه اختيار شعبي وهذه هي الديمقراطية؟
- في وجود الفقر والأمية تم اختيار الإسلام السياسي ولذلك هم في اختبار حقيقي وهي تركة مثقلة والناس اختارتهم لهذا السبب بعد أن قالوا الفساد منتشر بسبب فساد الضمائر وخراب الذمم فاختاروا المتدينين الذين لن يكون لديهم فساد!! وإذا اكتشفوا بعد ذلك أن الحكم لم يتغير ستكون الكارثة.
صدام دموي
وهذا ما يقلقك؟
- يقلقني أن الأحزاب الدينية تستخدم الديمقراطية تكأة للوصول إلي السلطة ثم يحكموننا مثل «مبارك» ولا يرحلون إذا أراد الشعب هذا، وحينها لن يصمت الشعب علي أحد سواء إخوان أو غير إخوان وسيأتي الصدام الذي سيكون دموياً.. والإخوان ستضغط حتي تشكل الحكومة القادمة بالكامل.. وإلا سيصطدمون بالحكومات التي يتم تشكيلها.
هل من الممكن أن يطلق علي أحد رسامي الكاريكاتير لفظ فلول؟
- بالطبع لا يطلق علي رسام الكاريكاتير فلول، لأنه هيكون فلول إزاي؟! ورسوماته دائماً ساخرة وللنقد.
وكيف تري رسومات مصطفي حسين في الفترة ما بين 25 يناير وحتي 11 فبراير؟
- في الحقيقة لا أستطيع أن أصف «مصطفي» بأنه فلول لأنه تعامل مع «مبارك» من منطلق إنساني بحت، ولا غير ذلك، لأنه مرض مرضاً شديداً جداً وكان في احتياج للسفر والعلاج في الخارج وتم هذا علي نفقة الدولة وإن كان هذا حقه لأنه أولاً مصرى ذو قيمة كبيرة ولكن بعد رجوعه من الخارج كان «مبارك» يطمئن عليه يومياً من خلال التليفزيون.. فأي إنسان مكان «مصطفي» كان سيتعامل مع «مبارك» إنسانياً في أزمته ب 25 يناير ومع هذا لو عدنا إلي رسومات «مصطفي حسين» سنري كم الهجوم الشديد علي الفساد والفاسدين من خلال رسوماته وهو من أكثر الرسامين الذين عبروا بشكل قوي عن الفساد في عصر مبارك وكان مؤثراً سواء الذي رسمه مع «أحمد رجب» أو فيما بعد وأذكر أنه في انتخابات 2010 رسم حلة تغلي علي النار وغطاها يشبه قبة مجلس الشعب قاصداً أن مجلس الشعب يطبخ القوانين.
ولماذا توقف برنامج كل جمعة؟
- بعد الثورة اتخذ اللواء طارق المهدي عضو المجلس العسكري قرارا بمنع التعامل مع الصحفيين من خلال برامج التليفزيون وبالطبع أنا أنتمي إلي الجماعة الصحفية، فألغي البرنامج ولكن بعد تعيين «أسامة هيكل» صحح هذا القرار، واتخذ قرارا بعودته، ولكنهم يقولون لا توجد ميزانية للبرنامج ولهذا أنتظر ميزانية حتي يعود البرنامج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.