قال سياسيون عرب ان الدور في المنطقة العربية مرتبكا ومتذبذبا وبحسب التصريحات التي سجلتها ندوة إلكترونية أقامها مركز الدراسات العربي - الأوروبي ومقره باريس، تحت عنوان كيف تقيمَون الدور الذي تلعبه تركيا في المنطقة العربية اليوم . رأى رئيس البرلمان العراقي الاسبق د. حاجم الحسني ان تركيا دولة محورية في المنطقة وهي تعمل لتحقيق مصالحها في المنطقة وهو حق طبيعي لكل دولة في المنطقة. وقال "الموقف التركي في المنطقة على ضوء ربيع الثورات في تصوري كان موقفا مرتبكا ومتذبذبا ، فبالنسبة لمصر كان الموقف أكثر وضوحا وقراءتهم كانت صحيحة بأن النظام في مصر آيل للسقوط فكانت تركيا متقدمة في مواقفها حتى على الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي تأخرت في تحديد موقفها، ولعل انحياز تركيا للقوى المتصدية للتغيير دفعها الى اتخاذ موقف سريع بهذا الاتجاه. ولكن الموقف التركي تجاه أحداث ليبيا شهد مدا وجزرا وارتباكا كثيرا ، حيث ان خارطة التغيير لم تكن واضحة لهم وبكونهم من كبار المستثمرين في ليبيا وخوفا من استثمار بعض الدول الاوربية للتغيير في ليبيا خدمة لمصالحها الاقتصادية ، ولكنها عندما أدركت إن التغيير هو السيناريو الأقرب بدأت تغير في موقفها وفتحت القنوات مع مصادر التغيير".
واضاف الحسنى ان هذا يطرح الضوء الى نقطة مهمة وهي أن تركيا دولة مؤسسات تهتم بمصالحها أكثر من اهتمامها في تصدير أيديولجيتها كما هو الحال لبعض الدول الأخرى. أما الوضع في سوريا فهو أكثر تعقيدا لأن حسابات تركيا في سوريا مرتبطة بتعقيدات مركبة فهناك المصلحة الاقتصادية والمصالح القائمة على محاربة الارهاب المتمثلة ببعض القوى الكردية في تركيا والصفقة التي تمت بتسليم اوجلان لتركيا ، والملف الأكثر تعقيدا هو ارتباط الملف السوري بالملف الايراني والعلاقات الايرانية التركية والصراع الخفي بين ايران وتركيا على المنطقة وخاصة بعد القرار التركي الاستراتيجي في طي ملف انضمام تركيا للاتحاد الاوربي واليأس التركي في هذا الخصوص والتوجه نحو الشرق. هذه العوامل جميعها أدت الى ظهور الموقف التركي المرتبك ، ولكن الموقف التركي بدا بتغير الموقف الامريكي والذي أظهر بطأ ملحوظا في حسم الموقف لأسباب تخص الموقف الأمريكي والمرتبط نوعا ما بالموقف الاسرائيلي الكفة في الصراع الايراني التركي بدأ يميل الى الجانب التركي وقد تغير إيران قواعد اللعبة في تغيير مناطق الشحن في اتجاهات أخرى في العراق والبحرين واليمن كجزء من صراعها مع السعودية ، والمستفيد الأكبر في ذلك هي تركيا لأنها تمتلك مقومات أكبر من جميع دوب المنطقة ، فالوجود التركي بدا بتعاظم حتى في العراق وخاصة في الجنبة الاقتصادية ، وهو محور مهم للغاية ، وحتما إن تركيا تمتلك مقومات اقتصادية أكبر في هذا الشأن حتى من السعودية دعك من إيران ' واضاف الحسنى لكل هذه الأسباب فاني اعتقد أن الدور التركي سيأخذا دورا تصاعديا سريعا في المنطقة وسيتم ذلك من خلال تكامل وتبادل الأدوار مع الولاياتالمتحدة .
وفي السياق نفسه قال المستشار للشؤون الدولية لجمعية اللاعنف العربية الدكتور نصير الحمود ان تركيا تلعب دورا مهما في إيجاد التوازنات في المنطقة ، إذ تعد حجر الرحى في منظومة التوازن السني الشيعي ( التركي السعودي- الإيراني)كما أنها عادت لتستحضر روح الإمبراطورية العثمانية حين الحديث عن ملفات المنطقة وهو ما قامت به إيران في مواقف مشابهة. واضاف الحمود انه بعد تعذر انضمام تركيا للإتحاد الأوروبي، وجد ساستها أنه من الضروري بمكان إيجاد أوراق يمكن من خلالها ممارسة التأثير في الساحة العربية، إذ تدرك أنقرة بأنها لاعب موثوق به من قبل الشارع العربي على الرغم من عدم إقدامها على لعب أي دور عملي تجاه هذا الشارع الذي لا يزال يأمل بعودة تركيا قوية في وجه القوتين الإسرائيلية والإيرانية. زيارة الرئيس عبد الله غل للرياض تؤكد على مقدار التقارب بين قطبي المنطقة السنيين في مواجهة التحديات القادمة من طهران ودمشق والأخيرة تتحالف مع أبرز قوة شيعية رغم استياء الشارع السوري من استتار بلادهم خلف حلفها مع طهران في وجه عدد من البلدان العربية.
ونوه الحمود انه مع مرور الوقت ستضعف القوة الأوروبية تدريجيا من جراء الأزمات الاقتصادية التي نتجت عن الديون المتراكمة على هذه البلدان، وهو ما سيعزز من صعود نجم تركيا في أوروبا والعالم العربي، وهو أيضا ما سيرفع سقف المراهنة على الدور التركي في القضايا المفصلية التي تتقدمها القضية الفلسطينية. وتكمن أهمية الأخيرة، بأن الانتداب البريطاني لفلسطين جاء عقب تداعي الإمبراطورية العثمانية، لذا فإن الإرث التاريخي الثقيل على أنقرة قد يدفعها لاستخدام قوتها السياسية والشعبوية لدعم الملفات العربية الحساسة.
من جانبه قال الوزير البحريني الاسبق الدكتور علي فخرو قبل عامين، رحّب ملايين العرب بإقامة تغييرات جذرية في السياسات والإجراءات والأساليب التي تعتمدها تركيا في العالم العربي. أردنا جميعا طي صفحات الماضي التي يرتابها، سوء الفهم ، والشك المتبادل. فالموقف المشرف الذي اتخذه السيد أردوغان في وجه شمعون بيريز في جنيف، والموقف البطولي للحكومة التركية في غزة وإرسالها لعدد اسطول الحرية، والإعلان عن السياسة الجيدة للحزب الحاكم تجاه الدول المجاورة مثل سوريا والعراق ،والانفتاح الاقتصادي التركي على دول مجلس التعاون الخليجي.. الخ كلّها كانت خطوات مرحبٌ بها من قبل شعوب العالم العربي. ولكن في الآونة الأخيرة، فإن بعض التصريحات التركية الرسمية حول الوضع في سوريا، والتهديدات المباشرة ولهجة الغطرسة التي اعتمدت في التصريحات التركية أشعرت الكثيرين بالانزعاج وعدم الثقة، في حين يجب على تركيا أن تحرص على عدم إثارة المخاوف من عودة العصر العثماني.
وأضاف فخرو : تستطيع تركيا أن تلعب دورا ايجابيا للغاية بإسم الإسلام، والجوار، والعدالة. ونحن نصلي ونأمل أن الحزب الحاكم سوف يعمل بحسب قناعاته الإسلامية ويتجنب لعب دور الأخ الأكبر أو المعلم. بالطبع هذا لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي تجاه حالات الاعتداء من قبل الحكومات العربية تجاه شعوبها، وهو النمط الذي ينبغي أن يوزن بعناية بما في ذلك المشاعر التركية السامية تجاه آلام ومعاناة الشعب السوري.