سلاح ذو حدين| وراء كل فتنة.. «سوشيال ميديا»    الخريطة الكاملة ل الإجازات الرسمية المتبقية في مصر 2025 بعد إجازة رأس السنة الهجرية    سعر الذهب اليوم السبت 21-6-2025 بعد تراجعه لأدنى مستوياته خلال 30 يومًا    سعر الدولار اليوم السبت 21-6-2025 عالميًا بعد وصوله لأعلى مستوياته خلال 3 أسابيع    جيش الاحتلال يكشف تفاصيل عملية اغتيال قائد الفرقة الثانية للطائرات المسيرة بالحرس الثوري الإيراني    رسميا.. بايرن ميونخ ثاني المتأهلين لدور ال16 من كأس العالم للأندية بعد فوزه على البوكا    كأس العالم الأندية| بايرن ميونخ أول المتأهلين لدور 16 بفوز صعب على بوكا جونيورز    سان جيرمان.. من المجد الأوروبي إلى خيبة الأمل في مونديال الأندية    3 وفيات و16 ناجيًا.. حصيلة انهيار عقارين بحدائق القبة حتى الآن    مرام وتارا وياسمين وبسمة.. قريبا في الدراما المصرية    طريقة عمل البليلة باللبن في خطوات بسيطة    «كان في محله بيشتغل».. شهادة جار عن رحيل «رمزي الترزي» في حادث انهيار عقارات حدائق القبة    جيش الاحتلال يعتدي ضربا على 6 فلسطينيين بينهم سيدة في الضفة    للخلاف على جمع القمامة.. إحالة متهم بإنهاء حياة زميله بالعجوزة للجنايات    مؤمن سليمان يقود الشرطة للتتويج بالدوري العراقي    شديد الحرارة.. بيان هام من الأرصاد يكشف حالة الطقس أول أيام الصيف    النائب محمد الفيومي: مشروع قانون الإيجار القديم هو العدالة والرحمة.. وأطمئن المستأجرين بأنه لن يُطرد أحد    روبي تتألق في إطلالة مبهرة قبل صعود حفل افتتاح موازين    ترامب عبر "تروث": سد النهضة الإثيوبي تم تمويله بغباء من الولايات المتحدة    ترامب عن سد النهضة: بُني بتمويل غبي من الولايات المتحدة    كروفورد عن نزال القرن: "في 13 سبتمبر سأخرج منتصرا"    نائب الرئيس الأمريكى: الوقت بدأ ينفد أمام الحلول الدبلوماسية بشأن إيران    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    خلال ساعات نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة البحيرة 2025.. رابط الاستعلام    رغم فوائدها الصحية.. ما هي أبرز الأسباب التي تمنع الولادة الطبيعية؟    اليوم.. طلاب الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة الكيمياء    انتشال جثمانى طفلين من مياه البحر المتوسط بكفر الشيخ    بوتين: أتفق مع تقييم أوبك بشأن الطلب المرتفع على النفط    سعر البطاطس والبصل والخضار بالأسواق اليوم السبت 21 يونيو 2025    منظمة حقوقية تكشف أحدث حصيلة لضحايا إيران من ضربات إسرائيل    تقدم ملموس في الوضع المادي والاجتماعي.. توقعات برج العقرب اليوم 21 يونيو    هنا الزاهد وتامر حسني وزينة يواسون المخرجة سارة وفيق في عزاء والدتها (فيديو)    «هروح بالعيال فين؟».. أم «مريم» تروي لحظات الانهيار وفقدان المأوى بعد سقوط عقارات حدائق القبة    رسمياً.. مصروفات المدارس الرسمية والرسمية المتميزة للغات العام الدراسي الجديد 2025    الوداد المغربي يعلن ضم عمر السومة رسميًا    تفاصيل جديدة في واقعة العثور على جثة طبيب داخل شقته بطنطا    محافظ الغربية: جهود مكثفة للتعامل مع كسر ماسورة مياه بالمحلة الكبرى    لأول مرة.. بدء أعمال اللجنة العليا لاختيار عمداء المعاهد العليا |150 معهدًا يقدم ترشيحات العمداء وفقًا للضوابط الجديدة    وفاة رئيس لجنة امتحانات الثانوية بسوهاج في حادث.. وتحرك عاجل من نقابة المعلمين    تكليف مهم من نقيب المحاميين للنقابات الفرعية بشأن رسوم التقاضي    شاهد.. قناة السويس تنجح فى التعامل مع عطل سفينة 1 RED ZED.. فيديو وصور    القنوات الناقلة مباشر لمباراة بايرن ضد بوكا جونيورز في كأس العالم للأندية.. والمعلق    عمرو أديب: نتائج الأهلي المخيبة للآمال تكشف ضعف اللاعب المصري    الدفاعات الجوية الإيرانية تعترض صواريخ إسرائيلية فوق مدينة مشهد (فيديو)    ترامب يمهل إيران أسبوعين للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي    بالصور- خطوبة مينا أبو الدهب نجم "ولاد الشمس"    جيش الاحتلال: اعتراض طائرة مسيرة فى شمال إسرائيل تم إطلاقها من إيران    إيران تمهل "عملاء إسرائيل" حتى الأحد المقبل لتسليم أنفسهم والاستفادة من العفو    البيئة: قدم «صون الطبيعة» دعمًا لدول جنوب غرب آسيا ب60 مليون دولار    إنجاز طبي بمستشفى القصاصين.. استئصال ورم بالغدة النكافية بلا مضاعفات    "أعملك إيه حيرتنى".. جمهور استوديو "معكم" يتفاعل مع نجل حسن الأسمر "فيديو"    منها المساعدة في فقدان الوزن.. لماذا يجب اعتماد جوزة الطيب في نظامك الغذائي؟    طلب مناقشة أمام "الشيوخ" بشأن التنمر والعنف المدرسي الأحد    مكافأة تشجيعية للمتميزين وجزاءات للمقصرين في المنشآت الصحية بالدقهلية    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أسامة الغزالى حرب: هل تفشل الثورة المصرية؟
نشر في مصر الجديدة يوم 27 - 07 - 2011


د:أسامة الغزالى حرب
علينا أن نعترف جميعا نحن المصريين‏-‏ بأن بلدنا الآن يمر بحالة من الارتباك الشديد‏,‏ بعد ستة أشهر من الثورة العظيمة ثورة 25‏ يناير‏!‏ ومع أنني شخصيا أدرك يقينا أنها حالة منطقية مفهومة‏,‏ عرفتها كل الثورات الكبري في التاريخ‏,‏ التي شهدت تغييرا سياسيا حادا, مثلما حدث في بلادنا, إلا أنني أدرك أيضا أن تجاوز تلك الحالة المربكة لن يتم تلقائيا, وإنما يمكن أن يتم فقط من خلال وعي وجهد جماعي جاد ومنظم يتجاوز كل الخلافات, ويضع المصلحة العليا للوطن فوق أي عتبار.
ولنبدأ بوضع بعض ملامح الوضع الراهن في مصر: مصر الآن, لأول مرة في تاريخها الطويل العريض وكما أشرت إلي ذلك أكثر من مرة بلا فرعون! بلا ملك, ولا وال, ولا خديو, ولا رئيس! أي أن مصر الآن بلا سلطة مستبدة محلية أو أجنبية. ومقدراتها في يد الشعب المصري نفسه.
إنها فترة تشبه ربما وإلي حد ما الفترة بين 1952 و1954! وقد حدث هذا بعد ثورة غير مسبوقة في تاريخها الطويل, منذ أن وحد الملك مينا شمال مصر وجنوبها, وحتي الآن! وهي ثورة شعبية بالمعني الكامل للكلمة: حيث خرج ملايين المصريين إلي ميادين وشوارع القاهرة والإسكندرية والمحلة والسويس.. وغيرها من مدن مصر في شمالها وجنوبها في وقت واحد, في يوم واحد, واستمروا في تظاهرهم واحتجاجهم, حتي سقط الديكتاتور حسني مبارك. بعد حكم دام ثلاثين عاما, عانت مصر في معظمها ركودا طويلا جعلها تتخلف عن العديد من الدول التي كانت وراءها بكثير!
غير أن هذه الثورة العظيمة حملت, منذ اليوم الأول, أهم مظاهر قوتها وتفردها, وأيضا أهم مظاهر ضعفها, وهي أنها كانت بلا قيادة مركزية واضحة ومجسدة! حقا, لقد خطط شباب مصر البواسل, ومن خلال عمل منسق ومنظم, لمظاهرات ومسيرات واعتصامات25 يناير 2011 وما بعده, حتي تخلي مبارك عن السلطة في 11 فبراير 2011 ولكن عند هذه اللحظة, حدثت مجموعة من التداعيات والأخطاء قادت إلي المشهد الراهن الذي نحياه: فهذه الثورة لم تنجح فقط بفضل إصرار الشعب المصري علي مواصلة ثورته, من خلال المظاهرات الحاشدة المتوالية, وإنما أيضا بفضل الدعم الذي قدمه الجيش لها, ليس بمجرد وقوفه علي الحياد منذ أن قامت مظاهرات 25 يناير, وإنما أيضا بانحيازه للشعب, ثم ضغطه علي مبارك, قبل أن يعلن نائب الرئيس السابق عمر سليمان- بيانه المقتضب الشهير, مساء الجمعة11 فبراير باسم حسني مبارك.. تخليه عن منصب رئيس الجمهورية, وتكليفه المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.
ومع أنه كان ينبغي علي الفور, علي القوي السياسية كافة التي جاهدت لسنوات طويلة قبل الثورة, والتي صعدت جهودها ضد النظام السابق من خلال عديد من الأطر والحركات السياسية, والتي انتظم أغلبها في الجمعية الوطنية للتغيير (التي التأمت في الأساس حول دعوة د. البرادعي للتغيير التي أطلقها منذ أواخر عام 2009), أن تشكل إطارا تنظيميا واضحا ومحددا, يجسد إرادة وقيادة الثورة, ويتولي مسئولية التعامل والتفاوض مع القوات المسلحة, إلا أن هذا لم يحدث!
ولذلك, كان منطقيا ألا يجد قادة المجلس الأعلي للقوات المسلحة إلا قيادات الشباب الذين أشعلوا فتيل الثورة للحوار معهم! ومن المؤكد أنهم (أي رجال المجلس الأعلي) كانوا في غاية التفتح والتفهم لكل مطالب الشباب, بل إنهم في الواقع- استجابوا علي الفور للكثير من مطالبهم, بما في ذلك تسمية رئيس الوزراء المطلوب لمصر, وغيره من المسائل الحيوية!
ثم كان منطقيا ثانيا ألا يجد قادة المجلس الأعلي وسط هذا الفراغ الشعبي إلا أن يكلفوا لجنة بوضع التعديلات الدستورية, لم يظهر فيها من القوي السياسية إلا ذوو الاتجاه الإسلامي (المستشار البشري نفسه, والسيد صبحي صالح عضو الإخوان!), وإن حظيت هذه التعديلات بالشرعية وفقا لاستفتاء 19 مارس. المهم أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة يحكم مصر الآن, وفقا لتكليف الرئيس مبارك! ووجوده منطقي وعملي في ظل فراغ السلطة المستمر في مصر! ولكن المجلس الأعلي للقوات المسلحة يعلن أيضا ويكرر في كل لحظة, بكل وضوح, أنه راغب في استكمال عملية إعادة بناء النظام السياسي (الدستور, والبرلمان, ورئيس الجمهورية) بأقصي سرعة, حتي يمكن له أن يعود إلي ثكناته, ويمارس عمله الأصلي في الدفاع عن تراب الوطن! وأنا أصدقه تماما في نيته تلك!
بعبارة أخري, فإن السلطة في مصر قد تسربت بالتداعي, وبحكم الفراغ السياسي الذي أحدثته الثورة, إلي يد القوات المسلحة, وسوف تستمر القوات المسلحة في القيام بدورها هذا إلي أن توجد مقومات النظام السياسي الجديد.
هنا, فإن الفترة الانتقالية من الوضع الراهن إلي الوضع المنشود سوف تكون محملة بالكثير من المشاكل, والتي كان أبرزها أخيرا تلك الصدامات بين قوات الجيش وجماعات المعارضة الشابة (خاصة حركة 6 أبريل) في ميدان العباسية بالقاهرة!
إن جوهر التناقض في الواقع بين رؤية القوات المسلحة ورؤية القوي الثورية كلها (وليس مجرد الشباب) هو أن الشعب يريد إسقاط النظام وفق الهتاف الأشهر في التحرير, في حين أن القوات المسلحة تسعي بالضرورة إلي إصلاح النظام!
القوي الشعبية الثورية نظرت وتنظر- إلي خلع مبارك باعتباره مجرد مقدمة لإسقاط النظام الذي يتضمن بالضرورة ليس فقط الرئيس ورجاله, وإنما جميع مؤسسات الحكم وسلطات الدولة! أما القوات المسلحة, فقد نظرت إلي خلع مبارك باعتباره إجراء كان لابد منه للحفاظ علي النظام! ولذلك لم يكن غريبا مثلا- أن حركة المحافظين الأخيرة إنما تمت وفق معايير النظام القديم, وليس معايير نظام جديد مختلف يأمله الشعب وثواره! وأن التشكيلات الوزارية التي تمت إنما سارت وفق المنهج القديم نفسه, والذي ساده منطق الوزراء التكنوقراط عقب ثورة شعبية حقيقية جارفة!
والأمر نفسه ينطبق علي كثير من السياسات الداخلية والخارجية, والتي لم تعكس أبدا روح وتوجهات الثورة المصرية, ثورة 25 يناير!
ما العمل إذن؟ كيف يمكن التوفيق بين الإرادة في تغيير النظام واهتمام الجيش بالضرورة بالحفاظ علي الأمن والاستقرار؟ وكيف يمكن تلافي تكرار ما حدث في العباسية من مصادمات بين الشباب وقوات الجيش, وما تلاها من اتهامات (أعتقد أنها متسرعة وخاطئة) من جانب بعض قيادات الجيش لحركتين كانتا ولا تزالان, بصرف النظر عن بعض الأخطاء أو التجاوزات من أنبل وأهم كيانات ورموز الثورة المصرية أي: حركة كفاية وحركة 6 أبريل! أعتقد أنه لا مفر بأي حال من أن تتلاقي وأن تجتمع جميع القوي السياسية الحية, التي بشرت بالثورة المصرية, والتي أسهمت فيها, والتي انتشر قادتها ورموزها منذ صباح 25 يناير وحتي مساء 11 فبراير بلا كلل ولا ملل بين الجماهير: يخطبون فيهم, ويشدون من أزرهم, سواء في ميدان التحرير بالقاهرة أو ميادين التحرير الأخري في الإسكندرية, والمحلة, والسويس, وجميع محافظات مصر.
أقول إنه علي ممثلي وقادة تلك القوي, الذين شاركوا بالفعل والذين اعتقلوا والذين حوربوا من النظام القديم, والذين تواري الكثيرون منهم اليوم, بعد أن ظهر للثورة الآن عشرات بل ربما مئات القيادات واللجان والائتلافات التي تتحدث باسم الثورة, وتعلن مطالبها وأهدافها- بل أطلب من هؤلاء الصناع الحقيقيين للثورة, ومفجريها, ووقودها أن يلتقوا
الآن, لتشكيل كيان يستمد شرعيته فقط من الممارسة الفعلية والعملية والواضحة لكل فرد من أفراده في الثورة. ومن المؤكد هنا أن بعض المحاولات الشعبية سعت إلي تحقيق هذا الهدف, لاشك في أن من أهمها المجلس الوطني الذي تشكل بمبادرة من المهندس ممدوح حمزة, ومعه مجموعة من أفضل الشخصيات والرموز المصرية التي أسهمت في الثورة, خاصة أنه سعي لتمثيل كل القوي الاجتماعية والسياسية, ومن كل أنحاء مصر, والتي تجمعت تحت شعار واضح الشعب يحمي ثورته.
لذلك, وسواء من خلال هذا المجلس أو بالتعاون معه أو حتي بدونه, لا بد أن تسارع كل القوي المعنية لإيجاد هذا الكيان التنظيمي المحدود, والمركز, أيا كانت تسميته للتواصل المستمر والمنظم من ناحية مع جميع القوي والحركات السياسية الناشطة الحالية في مصر, وللاتصال المستمر والمنظم- من ناحية أخري مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة, بشأن جميع تطورات المرحلة الانتقالية الحالية, ولمعالجة المشكلات التي تظهر بين الحين والآخر, مثلما تم في مظاهرات العباسية الأخيرة!
تلك جهود أضحت اليوم واجبة أكثر من أي وقت آخر لتجنيب مصر وثورتها مصائر واحتمالات لا نرغب فيها أبدا, بما فيها فشل الثورة المصرية, وسط أجواء نعلم جميعا أنها مليئة بالمتربصين والمتآمرين المراهنين علي فشل الثورة، وفشل الشعب المصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.