يواصل كمال زاخر فى حواره ل"مصر الجديدة " كشف ملابسات استقالة الدكتور ثروت باسيلى من وكالة المجلس الملى، ويؤكد أن فرص الابنا بيشوى للوصول إلى الكرسى البابوى لا تتعدى الصفر بالمائة، ويكشف حقيقة الشلل التى تريد احكام الحصار حول البابا شنودة * بصراحة هل غضب البابا على الدكتور ثروت باسيلى ؟ لا .. ما هى إلا شكل من أشكال الصراع بين أطراف عديدة على خلافة البابا..وقد بحثوا عن اسم مشهور وذي ثقل معين ليكون كبشاً للفداء به، ولكنه كان أذكى منهم وقدم استقالته للبابا فى خطوة استباقية حتى لا يعطى فرصة للمتصارعين لكى يعبروا على جثته.. والبابا يملك قدرا كبيرا من الحكمة والحنكة السياسية. * لماذا يصر البابا شنودة على أن يحيط نفسه بشخصيات لن أقول عنها أنها مكروهة وإنما هى غير محبوبة على الأقل من النخبة القبطية، مثل هانى عزيز ولوقا بباوى لتنتقل الظاهرة إلى رجال الدين مثل الأبنا بيشوى على سبيل المثال؟ أولا البابا لا يقرب أحداً منه أو يبعد، وإنما هم الذين يعلنون أنهم قريبين منه , وهو أكد فى اعلان مدفوع الأجر بجريدة الأهرام أنه ليس له متحدث رسمى..وأذكر أن هذا الاعلان جاء بعد أن روج أحد الذين ذكرتهم بأنه المتحدث الرسمى للبابا، وهذا دليل أن البابا ليس له "شلة" وبالتالى لا يسأل البابا فيما يشاع حوله ولا هو مكلف بأن يرد على أى شائعة تخرج عنه، فله مهام أثقل وأثمن من ذلك خاصة فى ظل هذا الزخم الاعلامى للدرجة التى يكاد معها أن يصبح لكل مواطن جريدة.. * ولكن ما هى المصلحة التى يجنيها شخص ما نتيجة اعلانه بأنه قريب من البابا؟ ربما لاننا مازلنا نحيا فى مجتمع ريفي تراجعت فيه سمات المدنية، برغم امتلاكنا لاليات المدنية ولكن على مرجعية ريفية وهذا تراجع..فى ظل هذا يصبح المفتاح السحرى هو التقرب من الشخصيات العامة لأنه يتصور بهذا أنه يصنع لنفسه أرضية بالشارع، مثل هؤلاء الذين يتصارعون على التصوير مع لاعبى الكرة والممثلين ليفتخروا بعد ذلك بتلك الصور كوجاهة اجتماعية ليس إلا!! * ولكن رجال الأعمال بالتأكيد يملكون من الخبرة والذكاء لكى يعرفون قيمة الاقتران بدائرة البابا؟ برغم تحفظى شخصياً على وصفك رجال أعمالنا بالذكاء والخبرة، إلا أننى أؤكد لك أن أغلبهم رجال أعمال بالصدفة..صفقة أو اثنين فيدخلون فى مصاف رجال الاعمال بدون أى حنكة أو ذكاء.. * ولكننى أقصد عائلة مالية كبيرة ورجل بحجم نجيب ساويرس؟ لا .. وضع نجيب ساويرس يختلف فهو إنسان يملك من الخلق والتاريخ والذكاء والشخصية القوية ما يؤهله لأن أضرب به المثل . ولكى أدلل لك على أنه يقدم خدماته إلى الكنيسة بدون أن يقترب من الكنيسة، فهو باعتبار ائتمانه العضوى لها يقدم خدماته لها ككيان وليس لشخص بعينه داخلها، وبالتالى لا تجده يجرى لكى يلتقط الصور مع شخص ما ليس استعلاء ، وإنما يعلم جيداً ما هو دوره وماذا يريد وإلى أى حد يقف كما يعلم أن التقرب من الكنيسة بعيداً عن جانبها الروحى هو جريمة بكل المقاييس، ولم يقدم ولو مرة على انتخابات المجلس الملى لأنه يعرف أنه مجرد مجلس وجهاء بعد تفريغه قانوناً من مضمونه..وأعود لكى أؤكد لك أننا أصبحنا نحيا فى مجتمع متدين شكلاً وفاسد مضموناً بعدما شمل الفساد الجميع من قمة السلطة إلى أصغر المسئولين، فى ظل ذلك أصبح التقرب من رجل الدين يطفى شيئًا من الشكل الأمن ذى الثقة باعتبار أنه رجل متدين وتقى يكتسب ثقة عملائه، فالمسألة برمتها تصب فى محفظة الاستثمار! * هل يعلم البابا شنودة ذلك؟ أنا أتصور أنه لو يعلم ذلك لقطع عليهم الطريق. * لماذا يصر البابا على تقريب الأنبا بيشوى برغم أنه غير محبب من الأغلبية؟ الأبنا بيشوى مسألة مختلفة، فوصفه بشخصية غير محببة لانستطيع أن نعممها لأن هناك من يرى خطواته وإن اتسمت بالعنف فهى خطوات مطلوبة، وهناك من يرى أنها مخالفة لطبيعة الكنيسة، فبالتالى حكم مكروه ومحبوب هو حكم عاطفى وليس قيمى. والأبنابيشوى فى الأصل البابا يوكل إليه مهمة محددة وهى مهمة المحاكمات الكنسية، وذلك لأن البابا بحكم تكوينه النفسى والروحى لا يقوى على عقاب أحد، فيلقى بالكرة فى ملعب من يقدر على هذا فوجد هذه المواصفات فى شخص الأبنا بيشوى، خلاف ما كان حادث فى عصر البابا كيرلس الذى طبق مدرسة كانت أقرب إلى الأساليب المسيحية الكنسية الصحيحة، وظهور بيشوى ظهوراً اعلامياً يوحى بطغيانه على المشهد كاملاً، وربما هو يخطط للدخول فى معترك خلافة البابا فاختار أن يقدم نفسه للشارع القبطى بهذه الصورة، ويظهر بأنه أكثر من يدافع عن تعاليم الكنيسة وأكثرهم تعقباً للمخالفين وهكذا، وإن كان ذلك يصطدم مع فكرة أن الكنيسة لا تعرف المحاكمات الكنسية بمسماها الجاف، وإنما الكنيسة تعرف التأديبات الكنسية وليس المحاكمات لأنها أقرب إلى فكرة العائلة، فالمحاكمات شىء والتأديبات شيئ آخر، هذا ملتبس لدى الأنبا بيشوى ويحتاج إلى مراجعة. * بنسبة كم فى المائة تجد فرص الأنبابيشوى للوصول إلى الكرسى البابوى؟ صفر بالمائة..لأن كل من يدير المعركة الآن على أساس أن التوازنات داخل الكنيسة ستظل كما هى بعد رحيل البابا – بعد عمرا طويل – وهو أمر مضحك لأن هناك من التوازنات الكثير المرتبط بوجود البابا، وبعض الذين يدخلون حلبة الصراع يعتمدون على خوف الآخرين من غضب البابا لو وضح رأيهم فى هذا الشخص أو ذاك، وهذا بشكل عام، وما يقال فى الجلسات الخاصة بين كثيرين من الأساقفة يقال تحت غطاء مالا يخرج خارج الجلسات الخاصة، ولكن عندما يرفع ذلك الغطاء وهو احترام قداسة البابا وعدم الخروج عن ما يراه سوف يتغير بالطبع بعد رحيله، لحظتها كل هؤلاء المرشحين سيظهر لهم فراغ ما يفعلون، وان كان غالبية المجمع المقدس يخافهم ولا يحترمهم وهنا سوف تكون النتائج مختلفة تماما. * وأين أقباط المهجر من هذه المعادلة؟ حتى الآن ليس لدينا جسد متجانس ملموس يسمى بأقباط المهجر وإنما أقباط المهجر مثل أقباط الداخل لهم أراء وأهواء مختلفة ومطالب متعددة وأجندات، وبالتالى فهم أحد العناصر ولكنه ليس العنصر الغالب، ولكن المناخ هناك يساعدهم فالكلام بحرية لذا نجدهم الصوت الأعلى ولكن ليس بالضرورة الصوت الأقوى، ولكن فى اطار اللائحة الموجودة دور لأقباط المهجر فى اختيار البابا لأنه لم يكن وقت وضع هذه اللائحة عام 1957 ما يمكن تسميته بأقباط المهجر، وبالتالى اللائحة لا تعرفهم وهذا أحد عناصر الخلل بها خاصة وقد تم انشاء كنائس هناك وابراشيات وتم رسم أساقفة على أقباط المهجر ولم يسأل أحد نفسه: أليس من حق أساقفة المهجر الترشيح للكرسى البابوى؟! .. وإن كان هذا صحيحاً لدينا أساقفة بالمهجر فرنسيين المولد والنشأة والثقافة أباً وجداً، وربما يأتى هؤلاء مطالبين بحقهم فى الترشيح رغم أن اللائحة تنص على أن يكون المرشح من أبوين مصريين، ولكن هذا ما سنواجهه فى الأجيال التالية من أقباط المهجر، فهل نقبل أن يكون البابا بعد القادم – مثلاً – من أبناء أقباط المهجر أمريكى الهوى أو فرنسى أو ألمانى؟ .. سؤال لا أعلم إلى من أوجهه! .. فأنا أتصور أنه يجوز على غرار كنيسة روما التى يتجاوز أتباعها المليار ومائتى مليون، ولكن هنا هل نقرأ الموقف سياسياً أم دينياً؟ فلو قرأناه دينياً قرأناه صح ولكن إن قرأناه سياسياً سوف ندخل فى مشاكل كبيرة. * أخيراً .. كيف ترى ترشيح أول اسم قبطى لانتخابات رئاسة الجمهورية؟ أتصور أن هذا الأمر يحمل عدة أوجه من أهمها تحريك الماء الراكد فى الملف القبطى، لأنه بكل الظروف الحالية نحن نتحدث عن واقع وليس مثاليات، ان قلنا مثاليات فان من حق أى مصرى أن يرشح نفسه ولكن الواقع والاحتقان الطائفى والمد الدينى وغيرها يقول بعكس ذلك..ولكن ربما يلفت النظر إلى أن هناك قطاع من الشعب هم الأقباط لديهم ما يقولونه، وربما يجب أن نعول على هذه الخطوة لا أن يكون رئيس الجمهورية قبطياً وألا نكون خياليين، ولكن لكى نعيد مرة أخرى مبدأ المواطنة، لأن كل الذين هاجموه حتى من الأقباط كشفوا عن أنهم لم يستوعبوا بعد ثقافة المواطنة..لكن حينما نقرأ الأمر فى سياقه التاريخى والمجتمعى نجد أن المجتمع حالياً غير مهيأ لهذه الخطوة ويحتاج لاعداد لكى يأتى رئيس للجمهورية أى اسم دون أن نسأل عن ديانته أو نسال عن رضا تلك المؤسسة عنه ودون أن نحكم عليه بقواعد شرعية فيما يمكننا أن نحكم عليه فى قواعد سياسية، فمثلاً أحد الجوانب التى كشفها هذا الترشيح ذلك الهياج واللغط الذى أحدثه الاخوان المسلمين مدعين بأنه تهديد بثوابت شرعية، وأنا أزعم علمى جيدا بتلك الثوابت، ولا أفهم من أين أتوا بهذا الكلام..فنحن نتكلم فى اطار دولة "مدنية" التى يجب أن تحكم بقواعد مدنية، فلا يجب اطلاقاً أن يغازلوا الشارع الاسلامى مثلاً بمقولة أنهم يؤمنون بدولة مدنية على مرجعية دينية، لأن نصف الجملة الاخير ينفى نصفها الأول! إذن فكانت خطوة كاشفة لكل الجهات داخل المجتمع وأوضحت أن جميعها تحتاج الى مراجعة ضوابط "الدولة المدنية" وتضع اختبار الدولة المدنية على المحك بصرف النظر عن النتائج .