أثارت أحداث العنف التي شهدها ميدان التحرير ليل الثلاثاء واستمرت حتى صباح الأربعاء وأدت إلى إصابة العشرات، مخاوف من أن تكون مخططا للدفع بالوضع في مصر إلى مرحلة من العنف والاضطرابات، وتشويه "الثورة البيضاء" التي كسبت احترام المجتمع الدولي، وسط اتهامات لفلول الحزب "الوطني" بالتورط في الوقوف وراء تلك الأحداث بغرض إشاعة أجواء من الفوضى بالبلاد، بعد حكم القضاء بحل المجالس المحلية على مستوى الجمهورية، والتي تمثل آخر معاقل الحزب "الوطني" المنحل، دون أن يستبعد وجود علاقة لذلك بمطالب الأحزاب والقوى الداعية إلى تأجيل الانتخابات بدعوى عدم الاستقرار. ووجه الدكتور محمد سعد الكتاتني، الأمين العام لحزب "الحرية والعدالة"، المنبثق عن جماعة "الإخوان المسلمين"، نداءً لمن أسماهم ب "الثوار الحقيقيين" بعدم الانسياق وراء الشائعات وعدم السماح للبلطجية أن يندسوا بين صفوفهم لإفساد النجاحات الكبيرة التي حققتها ثورة 25 يناير، مصيفًا: "يبدو أن هناك من أراد أن يستغل الأحداث التي وقعت في مسرح البالون أثناء تكريم أسر شهداء الثورة لهز الاستقرار وزعزعة الأمن وتهديد المكتسبات التي حققتها الثورة"، وطالب جميع الأطراف خاصة وزارة الداخلية وقوات الأمن المركزي بضبط النفس وعدم الاستخدام المفرط للقوة بدون داع. وطالب بضرورة التصدي بحزم لفول الحزب الوطني المنحل، دون أن يستبعد وجود دور لكوادر المحليات دور في إشعال الأحداث. فلول وبلطجية واتهم الدكتور كمال حبيب رئيس حزب "السلامة والتنمية" فلول النظام السابق بإشعال الأحداث، بعد أن أثار حكم القضاء بحل المجالس المحلية الذي اعتبره انتصارًا جديدًا للثورة إزعاج هذه الفلول، محذرًا من أن البلد على حافة بركان ومن الممكن أن يندس أحد على عدد من التجمعات ليقوم بتوجيهها، لخلق حالة من الاضطراب الدائم، خاصة وأن الوضع الأمني في مصر لم يستقر حتى الآن. وقال حبيب إن "مصر لا تزال تعيش حالة استثنائية وهي حالة الثورة، وإن من قدموا للمحاكمة من نظام مبارك ليسوا هم جميع المستفيدين من النظام السابق، فقد كان حوله أكثر من 2000 شخص متواجدين في حالة تحالف حقيقي معه، وهو ما كان يسمي "تحالف الثروة والسلطة"، وأن من تجري المحاكمة معه الآن هم "فئة قليلة"، وإن كانت هي قلب النظام ولكن هناك قطاعات واسعة وموجودة يجب أن تشملها التحقيقات، ويجب أن تتابعها الدولة من أجل عدم إثارة تلك المشكلات والإضرابات في البلاد". واعتبر أن الأمن بقيادة اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية غير قادر على بناء المؤسسة الأمنية بشكل يتلائم مع منطق الثورة ومع مفهومها، كما أن الثورة أيضا لا تزال غير قادرة علي تأسيس اقتصاد يشعر المواطن بأن هناك تغييرا وثورة حقيقية وأملا جديدا. واستطرد قائلا: هناك قطاعات كثيرة ومتزايدة تحاول استغلال كل هذا والتظلم من الثورة والحديث علي أن النظام السابق كان أفضل بكثير. وتساءل من يحكم مصر الآن؟، مضيفا: وسط كل هذا المشهد وغيره من المشاهد لم نجد تحركات جدية من المجلس العسكري أو أي مبادرة من حكومة الدكتور شرف علي الأخص. وطالب بإقالة العيسوي، لأن المرحلة الحالية تحتاج إلى رجل قوي ولديه إرادة حقيقية، فالمؤسسة الأمنية لا يزال يختفي في داخلها قوة مناوئة للثورة، ولابد من إعادة بنائها، حتى لا ترجع كما كانت حيث أن هناك من يتعاملون باعتبارهم "باشاوات ولم يستوعبوا بعد أن يكونوا خدامًا للشعب". وشدد على ضرورة أن تتحرك المؤسسة الأمنية ومجلس الوزراء لتأمين الأوضاع بالبلاد واتخاذ إجراءات وقائية وخاصة بعد حكم القضاء بحل المجالس المحلية وما قد يترتب عليه من تهديد للوضع في مصر. ليست صدفة وربط حزب "الجبهة الديمقراطية" بين ما حدث بميدان التحرير وحل المجالس المحلية، وقال "لا نظن أنها مصادفة أن تأتي هذه التصادمات العنيفة عشية صدور حكم المحكمة الإدارية بحل المحليات التي كانت تمثل بقايا الحزب الوطني المنحل و لتي تمثل في مجملها بؤر متقيحة للفساد والبلطجة". وطالب الحزب كلا من الحكومة ووزارة الداخلية والمجلس الأعلى للقوات المسلحة بضرورة اتخاذ حزمة من الإجراءات تضمن محاسبة المتورطين في العنف، والمحاكمة الفورية للمسئولين عن استهداف المدنيين من الشهداء والجرحى، وإصدار التعليمات الصريحة بالامتناع عن استخدام العنف في مواجهة التظاهرات السلمية، ومحاسبة المتورطين في سيناريو نشر الفوضى والتخريب. وطالب قوى الثورة، بضبط النفس، والترتيب الجيد لأي تظاهرات بحيث لا تعطل المصالح أو تؤدي إلى مثل هذه المواجهات أو يتم استغلالها من قبل فلول النظام القديم وقوى الفساد والبلطجة، إعلاء للمصلحة الوطنية فوق أي اعتبارات سياسية أو حزبية ضيقة. وأدان "التجمع الوطني لحماية الثورة" ما جرى في ميدان التحرير من مصادمات وعنف، مؤكدا أن هناك خطة منظمة لنشر الفوضى في البلاد يقودها مجموعات من المارقين والبلطجية من الحزب "الوطني" البائد، وإن كان الأمر "لا يخلو من أصحاب النية الحَسَنة فالطريق إلى النار مفروش بالنيات الحسنة". وأضاف في بيان إن المصادمات جاءت كرد فعل متوقع على قرار محكمة القضاء الإداري بحل المجالس المحلية التي كانت تُعَدّ أقوى سلاح للحزب الوطني البائد. خطر حقيقى وحذر خالد الشريف رئيس "التجمع الوطني" من أن الثورة المصرية تواجه خطرا حقيقيا من عناصر الفساد وأباطرة الحزب "الوطني" والتي لن تغادر المشهد السياسي بسهولة، وهو ما يحتاج نوعًا من الحزم والشدة في التعامل معها، كما يتطلب سرعة الانتهاء من محاكمة الرئيس السابق وزبانيته من أجل ترسيخ سيادة القانون أولاً، واستعادة هيبة دولة. لكنه في ذات الوقت عبر عن رفضه الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن في التعامل مع تلك التظاهرات، حتى وإن كان مدسوسًا فيها بلطجية، فلابد من ضبط النفس وعدم الانجرار للاستفزازات واحترام حقوق الإنسان ومحاولة استعادة الثقة المفقودة بين المواطن ورجل الأمن. وعاب الشريف الأداء البطيء لحكومة عصام شرف في حل وتفكيك المشكلات التي تعاني منها مصر، بالإضافة إلى التقاعس في إنشاء هيئة لتعويض أسر شهداء ومصابي الثورة بلا استثناء، مع ضرورة استثمار جهد وطاقات شباب الثورة حتى لا يتم استغلالهم من قبل بلطجية الحزب البائد. بدوره، طالب "ائتلاف الشباب السلفي" التعامل مع هذه الأزمة بحكمة وأن تلتزم جميع الأطراف ضبط النفس، خاصة في ظل تضارب الروايات والرؤى حول الأحداث وأسبابها لا نستطيع أن ننساق في اتجاه معين ضد أي طرف من أطراف الأزمة، معربًا عن تأييده لأهالي الشهداء في مطالبهم العادلة بمحاكمات جدية تتسم بسرعة غير مخلة بالعدالة، وأهاب الائتلاف بالشرطة والحكومة التعامل بحكمة في ظل حساسية الموقف