«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الكامل للتقرير الذى يكشف مصادر تمويل الاستيطان الإسرائيلى فى القدس
نشر في مصر الجديدة يوم 17 - 10 - 2009

تنفرد "مصر الجديدة" بنشر النص الكامل لتقرير الجمعيات الأمريكية التى تمول الاستيطان فى القدس، والتى اختصتها بها مصادر داخل جامعة الدول العربية.. وفيما يلى نص التقرير:
قطاع فلسطين بجامعة الدول العربية
تقرير
جمعيات أميركية معفاة من الضرائب تمول الاستيطان والاستيلاء على عقارات المقدسيين فى البلدة القديمة وأحيائها.
تكشفت فى الفترة الأخيرة العديد من الحقائق والمعلومات التى تثبت وجود العديد من المؤسسات والهيئات المدنية فى الولايات المتحدة الأمريكية التى تمول إقامة وحدات استيطانية فى القدس الشرقية المحتلة عام 1967 ومحيطها، والاستيلاء على بيوت وأملاك المقدسيين وطردهم من بيوتهم بالتحايل والتزوير.
وقد أصدرت وحدة البحث والتوثيق فى مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية – مؤسسة حقوق إنسان فلسطينية مركزها مدينة القدس- تقريرًا يحمل عنوان "أميركيون يدعمون ويمولون الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية خلافا للقوانين"، أكدت فيه وجود العديد من المنظمات والجمعيات الأمريكية التى تمول البناء الاستيطانى غير الشرعى وغير القانونى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، كما يستخدم جزء من أموال هذه المنظمات فى الاستيلاء على عقارات المقدسيين وطردهم منها ، كما حدث مؤخرا فى الاستيلاء على عقارى عائلتى الغاوى وحنون ، وأكثر من 70 عقارا فى البلدة القديمة من القدس ، ونحو 40 عقارا آخر فى سلوان، حيث يقف على رأس تلك الجمعيات الأميركية جمعية خاصة يديرها المليونير الأمريكى من أصل يهودى "ايرفينغ موسكوفيتش"، علما أن جميع المبالغ التى تتبرع بها هذه الجمعية الاستيطانية معفاة من الضرائب، عدا الأموال التى يتبرع بها مانحون أميركيون وتصل عبر قنوات عديدة إلى جمعيات التطرف الاستيطانية وأشهرها "عطيرات كهانيم" ، و"ألعاد"، و"شوفوبنيم" ، وصناديق حكومية إسرائيلية عديدة تمول البناء الاستيطانى اليهودى فى قلب القدس العربية المحتلة ، وفى الضفة الغربية.
وتقوم جمعيات ومنظمات يهودية عديدة من أشهرها مؤسسة C&M مملوكة للمليونير الأمريكى اليهودى إيرفينغ موسكوفيتش بتمويل كامل لجميع الأنشطة الاستيطانية اليهودية فى القدس الشرقية المحتلة ، حيث ينقسم عمل الشركة إلى نوعين: الأول: الاستيلاء على عقارات المقدسيين وتمويل شراء أراض وعقارات بطرق التزوير والغش داخل البلدة القديمة وفى الأحياء المحيطة بها ,، وقد نجحت تلك المؤسسة التى تعد من بين أشهر 1000 مؤسسة خاصة فى الولايات المتحدة فى تمويل عمليات استيلاء على 70 عقارا داخل أسوار البلدة القديمة بواسطة جمعية عطيرات كهانيم التى تتخذ من عقبة الخالدية – طريق العكارى فى البلدة القديمة مقرا لها ، حيث تدير نشاطها من هناك وتشرف على عدد من المدارس التلمودية والكنس، ويعتبر متتياهو دان رئيس هذه الجمعية الذراع التنفيذية للمليونير موسكوفيتش ، وقد نجح فى توسيع نشاط جمعيته إلى خارج أسوار البلدة القديمة خاصة فى سلوان ، ورأس العمود والشيخ جراح، وجبل الزيتون.
لكن المشروع الأهم الذى موله موسكوفيتش هو بناء حى استيطانى فى قلب حى رأس العمود قبل عدة أعوام أطلق عليه اسم "معاليه هزيتيم" وهو لا يبعد سوى 150 مترا هوائيا عن المسجد الأقصى ، يشتمل على 132 وحدة استيطانية ، إضافة إلى إعلانه تمويل بناء حى استيطانى آخر فى ذات المكان سوف يحمل اسم "معاليه ديفيد" ويشتمل على بناء 104 وحدات استيطانية ، سترتبط بمعاليه هزيتيم بجسر ، ما سيرفع عدد المستوطنين فى قلب حى رأس العمود إلى نحو 200 عائلة.
كما يقف موسكوفيتش وراء تمويل العشرات من صفقات بيع العقارات المشبوهة فى الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة ، وجميع هذه الصفقات ممولة من صالات القمار التى يملكها موسكوفيتش فى أنحاء متفرقة من الولايات المتحدة ، وهى تأتى على أنها لدعم مؤسسات تربوية وأكاديمية يهودية لكنها تذهب فى الواقع لتعزيز الاستيطان اليهودى فى القدس الشرقية المحتلة.
ووفقا للمعلومات ، فإن موسكوفيتش يملك كازينو للعبة البينغو فى مجمع سكنى لمحدودى الدخل فى جنوب كاليفورنيا وترسل إيرادات هذا الكازينو لبناء المستوطنات اليهودية فى القدس الشرقية والخليل.
وكان موسكوفيتش قد شارك فى تمويل وبناء نفق البراق أسفل المسجد الأقصى فى عام 1996 ، وكان افتتاح النفق هذا سببا فى اندلاع مظاهرات وصدامات عنيفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين أوقعت 70 قتيلا فى صفوف الفلسطينيين و12 قتيلا إسرائيليا.
والواقع أن مساهمة مواطنين أميركيين أمثال موسكوفيتش فى تمويل المستوطنات الإسرائيلية لا تقتصر على المعارضة المباشرة لسياسة الولايات المتحدة الرسمية فحسب، بل أن الكثير من الهبات تحسم من الضرائب وترسل لتمويل البناء الاستيطانى فى مناطق تعتبرها الولايات المتحدة ، والإتحاد الأوروبى خاضعة للاحتلال الإسرائيلى غير الشرعي.
ونشير هنا إلى تقرير أصدره صندوق النقد الدولى فى أواسط الثمانينيات من القرن الماضى والذى ورد فيه أن "الهبات التى تصل إلى إسرائيل من مختلف أنحاء العالم بلغت مليار دولار سنويا ، و70% منها يأتى من الولايات المتحدة ، كما أن الأموال المرسلة إلى إسرائيل غالبا ما تصل إلى مؤسسة الاستيطان من دون علم المانحين".
وغالبا ما تحدد الجمعيات الخيرية ألأميركية أن هباتها تذهب إلى الجمعيات الخيرية فى إسرائيل ، رغم أن المتلقين هم فى الضفة الغربية التى تعتبرها الولايات المتحدة مناطق محتلة . مثلا أعلنت جمعية الأصدقاء الأميركيون لكلية( يهودا والسامرة) أن منحها تهدف إلى تأمين المال لتعزيز المؤسسات التعليمية فى إسرائيل والاستجابة لحاجاتها، رغم أن الكلية تقع فى مستوطنة أرئيل المقامة على أراضى المواطنين الفلسطينيين قرب نابلس.
وتشير تقارير أخرى إلى إرسال هبات إلى "هيلون موري" ، و"غوش عتصيون"، و"فرناى شمرون"، ,"أفرات"و "بات عاين"، وجميعها منظمات وجمعيات تقع فى مستوطنات بالضفة الغربية اشتهر مستوطنوها بالسيطرة على أراضى مواطنين فلسطينيين وتجريدهم منها، بل والاعتداء العنيف على هؤلاء المواطنين.
التدقيق فى سجلات (مصلحة الضرائب) حددت 28 منظمة وجمعية أميركية أخرى قدمت 33,4 مليون دولار كهبات لا تشملها الضرائب للمستوطنات والمنظمات المتعلقة بها بين عامى 2004 و 2007.
وكانت منظمة "عير دافيد" وهى إحدى المنظمات الاستيطانية الرائدة فى تهويد القدس الشرقية المحتلة بحسب سجلات مصلحة الضرائب الأميركية، قد جمعت 8,7 مليون دولار عام 2004 ،و1,2 مليون دولار عام 2005، و2,7 مليون دولار عام 2006.
وبحسب مصلحة الضرائب، فإن الهدف الأساسى لمنظمة عير دافيد فى تفاديها لدفع الضرائب هو:" إنشاء صندوق خيرى لتقديم المساعدة المالية وغيرها من الخدمات لصالح الشعب اليهودى فى مدينة القدس القديمة يشمل: تعليم تاريخ مدينة القدس المذكوة فى الإنجيل وآثارها ، ومساعدة ودعم التعليم ، وإيواء العائلات وإعادة بناء الممتلكات المدمرة".وتعنى عبارة "إعادة بناء الممتلكات المدمرة" العقارات التى تستولى عليها منظمات الاستيطان اليهودى فى القدس الشرقية المحتلة من أصحابها الفلسطينيين بوسائل التزوير والخداع .
وأكد تقرير آخر نشرته خدمة الأبحاث فى الكونغرس الأمريكى عام 2005 أن قوانين الولايات المتحدة تنص على أن المساعدات الأميركية المقدمة لا يمكن استخدامها فى الأراضى المحتلة ، فى حين أن قوانين الضرائب الأميركية لا تستثنى الهبات المقدمة لنشاطات سياسية مثل المستوطنات. ولتجاوز هذه العقبة قامت إسرائيل بفصل المنظمة الصهيونية العالمية عن الوكالة اليهودية شبه الحكومية ، وهو ما سمح للمانحين بضخ الأموال إلى المستوطنات من دون خسارة حق الإعفاء الضريبي‘ فى حين أن المنظمتين لا تزالان تعملان تحت المظلة نفسها ، ومع المسئولين أنفسهم.
ربع مستوطنى الضفة الغربية حاليا ومجموعهم نحو 100 ألف هم أميركيون شماليون كانوا قد انتقلوا للعيش فى الضفة الغربية، جزء مهم منهم يقطن فى مستوطنات اشتهرت بتطرف مستوطنيها مثل البلدة القديمة من الخليل ، وكريات أربع ، وتفوح قرب نابلس.
وقد كتب ستيفن زونس البروفيسور فى جامعة سان فرانسيسكو : " أمضيت بعض الوقت مع هؤلاء المهاجرين الأميركيين الذين يتبجحون بقدراتهم على إبقاء العرب على الخط. أنهم يتجولون فى المدينة / موجهين أسلحتهم إلى المارة ويضحكون حين يبتعد المواطنون خائفين عن طريقهم".
بينما يقدر زونس أن ما بين ثلث ونصف مستوطنى الخليل اليوم هم من الأميركيين، وشارك كثيرون منهم فى احتلال بيوت الفلسطينيين فى القدس والخليل ، وبناء بؤر استيطانية غير شرعية .والواقع أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على تشجيع توطين هؤلاء الأميركيين الشماليين فى المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية ، وتقدم الوكالة اليهودية شبه الحكومية مساعدات مالية للمهاجرين المنتقلين للسكن فى مستوطنات الضفة الغربية مثل مستوطنة أرئيل، كما يظهر على الموقع الالكترونى للوكالة.
ويذكر أن المجرم باروخ غولدشتاين الطبيب الأمريكى من أصل يهودى قتل فى العام 1994 فى مجزرة الحرم الإبراهيمى 29 فلسطينيا بينما كانوا يؤدون صلاة الفجر، وهو واحد من أميركيين كثيرين انتقلوا من الولايات المتحدة للعيش فى المستوطنات اليهودية تاركين خلفهم حياة رغدة ، تحركهم مشاعرهم الدينية ومطالبات يهودية بإسرائيل الكبرى.
إن العلاقة بين الجمعيات الخيرية الأميركية والاحتلال الإسرائيلى علاقة قديمة وممتدة، حيث كانت كثير من الهبات والمساعدات المالية التى تجمعها تلك الجمعيات تذهب إلى بناء المستوطنات اليهودية ، وكانت هذه الجمعيات على الدوام تنتهك القانون الأمريكى الخاص بعمل الجمعيات الخيرية، وبالرغم من ذلك لم تتخذ خطوات رادعة ضد هذه الجمعيات من قبل الأوساط القضائية والرسمية الأميركية.
فقد فشلت دعوى قضائية تقدم بها أميركيون وفلسطينيون وإسرائيليون عام 1984 ضد إعفاء ست جمعيات خيرية أميركية من الضرائب وهي: الصندوق الوطنى اليهودى ، الوكالة اليهودية فى أميركا ، المنظمة الصهيونية العالمية ، النداء اليهودى المتحد، النداء الإسرائيلى المتحد، وأميركيون من أجل إسرائيل آمنة.
وقام معهد أبحاث سياسة الشرق الأوسط وهو منظمة تركز على التداخل بين السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط وتطبيق القانون بتوثيق قضية الجمعيات التى تنتهك السياسة الأمريكية والقانون الدولى ، وقدم المعهد عرائض وفقًا لحرية قانون المعلومات للحصول على معلومات حول نشاطات الجمعيات من مصلحة الضرائب الأميركية ، واستخدمت السجلات إضافة إلى شهادات عيان حول استخدام الهبات لإعلام وزارتى العدل والمالية الأميركيتين، كما قدم الملف إلى المدعى العام فى نيويورك فى دعوى قضائية لم يتم الرد عليها بدعوى أن المعلومات التى قدمت تخضع للدراسة.
وتظهر وثائق مصلحة الضرائب الأميركية ذاتها ، وكذلك تحقيقات تلقاها معهد الأبحاث أنه تم تبييض الأموال لتمويل الاحتلال، على سبيل المثال قيام رجل أعمال وعضو فى اللوبى الإسرائيلى "جاك ابراموف" الذى حكم عليه بالسجن لأربع سنوات فى العام المنصرم بتبييض الأموال إلى المؤسسة المالية للرياضة التى تمول مستوطنة بيتار عيليت غير الشرعية ، كما تبتاع الأسلحة والبنادق للمستوطنين".
ووفقا لتقرير أعده المعهد الأمريكى المذكور، فإن جميع الأموال الآتية من الولايات المتحدة غير آمنة من تبييض الأموال، علما بأن عددا كبيرا من المنظمات تجمع الأموال والهبات علنا لتمويل الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية. ومعظم الجمعيات تقدم هذه النشاطات إلى مصلحة الضرائب الأمريكية على أنها "نشاطات تثقيفية" ،فيما آخرون من أمثال مؤسسة صندوق إسرائيل تقول بصراحة أنها تمول نقل المستوطنات الإسرائيلية وتسليحها.
اللافت للنظر فى نشاط هذه الجمعيات والمنظمات الأميركية اليهودية هو مقدار الحماية والحصانة التى تتمتع بها رغم عدم قانونية كثير من نشاطاتها ، وانتهاكها الفظ للقوانين ألأميركية وحتى مخالفتها للسياسات العامة للإدارة الأميركية الجديدة برئاسة باراك اوباما فيما يتعلق بالصراع الفلسطينى الإسرائيلي، والموقف من الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية، إلى درجة أن نفوذ هذه الجمعيات وتأثيرها امتد إلى وزارة المالية ومصلحة الضرائب الأميركيتين المسئولتين عن مراقبة ومتابعة نشاطات الجمعيات والمنظمات العاملة فى الأراضى الأميركية، حيث رفضتا طلبا تقدم به معهد أبحاث سياسة الشرق الأوسط بموجب قانون حرية الوصول إلى المعلومات لمعرفة قانونية نشاطات تلك الجمعيات ، إلا أن وزارة المالية رفضت الطلب بموجب قانون السرية المصرفية ، فيما تذرعت مصلحة الضرائب بقوانين الخصوصية ورفضت التعليق. وفى هذا يقول غرانت سميث مدير المعهد: "إنهم يتسترون على الحقيقة فى كل المواضيع. إنها مواجهة بين قوى التمويل الاحتلال والسياسات الأميركية الرسمية".
وتؤكد معطيات المعهد الأمريكى بهذا الشأن ما ورد فى تحقيق نشرته صحيفة "هارتس" الإسرائيلية فى عددها الصادر يوم 17 أغسطس 2009 حول سياسة الخداع التى تمارسها الجمعيات اليمينية الإسرائيلية للسلطات الأميركية ، وجمعها ملايين الدولارات لدعم الاستيطان.
ويتطرق التحقيق تحديدا إلى جمعية (عطيرات كهانيم) التى تعمل على إسكان مستوطنين يهود فى القدس الشرقية والاستيلاء على أراض ومنازل فلسطينية من خلال ملايين الدولارات التى تأتيها من متبرعين أميركيين ، وعبر ما يعرف ب "منظمة الأصدقاء الأميركيين من أجل عطيرات كهانيم" المسجلة فى الولايات المتحدة كمؤسسة غير ربحية تعمل لأهداف تعليمية.
ووفقا لقانون الضرائب الأمريكى فإن المؤسسات غير الهادفة للربح من المفروض أن تعمل لأهداف مثل التعليم، الدين، الدعم الاجتماعى ، لكن من المحظور عليها العمل من أجل دعم آراء ومواقف سياسية ، علما بان جمعية "عطيرات كهانيم" تتمتع بامتيازات ضريبية مختلفة، مكنتها من جمع ملايين الدورات واستخدامها فى شراء أراض وعشرات المبانى فى القدس الشرقية المحتلة، وإسكانها بعائلات يهودية بعد طرد أصحابها الفلسطينيين منها.
وتنقل صحيفة هآرتس عن دانيال لوريا رئيس مجلس أمناء والمدير الفعلى لعطرات كوهانيم قوله "إن تسجيل الجمعية فى الولايات المتحدة كعاملة فى مجال التعليم ناجم عن اعتبارات ضريبية". وأضاف:" لدينا جمعية أصدقاء عطيرات كهانيم" العاملة فى الولايات المتحدة فى مكتب صغير وبسيط وأتوجه كل عدة أشهر إلى الولايات المتحدة لجمع الأموال ، وكل شيء يمر عبر مكتبنا الذى لا تعترف به سلطات الضرائب هناك...نحن الجمعية الرئيسية التى تعمل على إنقاذ الأراضى .. الأعمال فى نيويورك تستهدف فقط إنقاذ الأراضي." ويتابع:" 60% من نشاطاتنا تمر عبر الولايات المتحدة.، وقدم التقرير الأخير للمنظمة عام 2008 و 2007، إذ تم التبرع للمنظمة بمبلغ 2,1 مليون دولار ونقل فى ذلك العام لجمعية عطيرت كهانيم مبلغ 1,6 مليون دولار ، أما باقى المبلغ فقد استخدم لإقامة حفلات التبرع ولدفع مصاريف مختلفة وأجور بمبلغ 80 ألف دولار دفعت للمديرة التنفيذية للمنظمة وهى نائبة الرئيس شوشانا هيكيند زوجة دوف العضو فى مجلس النواب الأمريكى عن ولاية نيويورك، والمؤيد المتلهف لليمين فى إسرائيل.وجمعت المنظمة فى السنوات الأخيرة ملايين الدولارات ،وذلك على النحو التالي: 1,3 مليون دولار فى العام 2006، و900 ألف دولار عام 2005، وحوالى مليونى دولار عام 2004. ومن بين المتبرعين الكبار للمنظمة المليونير اليهودى الأمريكى إيرفينغ موسكوفيتش الذى يملك حاليا فندق شبرد فى حى الشيخ جراح فى القدس الشرقية المحتلة بعد الاستيلاء عليه.
والواقع أن ملايين الدورات التى تتدفق على جمعيات الاستيطان اليهودى فى البلدة القديمة من القدس ومحيطها تأتى من الولايات المتحدة، دون أن تخضع لرقابة سلطات الضرائب الأمريكية ، وتجند نواب فى الكونغرس الأمريكى لجمع مزيد من الدعم المالى الأمريكى لبناء الأحياء الاستيطانية اليهودية فى قلب الأحياء الفلسطينية على تخوم البلدة القديمة كما هو الحال عليه فى رأس العمود والشيخ جراح وجبل الزيتون، مما يخلق واقعا سياسيا صعبا يدفع الفلسطينيون المقدسيون ثمنه مزيدا من هدم منازلهم والاستيلاء على عقاراتهم ، بل يمكن وصف ما يجرى بأنه حرب خفية يقودها المستوطنون المتطرفون، عبر دعم مالى أمريكى غير محدود، لا يساهم بالمطلق فى تعزيز ما تقول الإدارة الأمريكية أنه سعى لتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة، فيما يستقوى هؤلاء المستوطنون بالتمويل المالى المتدفق إليهم.
الخلاصة:
إسرائيل تمارس سياسة خطيرة للغاية من خلال إصرارها على إقامة المستوطنات فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وبصفة خاصة فى مدينة القدس ومحيطها، ضاربة عرض الحائط بكافة المواثيق والقرارات الدولية، ما يؤكد عدم اكتراثها بعملية السلام فى الشرق الأوسط.
أن هناك مسئولية تقع على عاتق الإدارة الأمريكية الجديدة التى أعلنت رغبتها فى السعى إلى التوصل لاتفاق سلام فى الشرق الأوسط، كما طالبت بوقف الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، واعتبرته عقبة فى سبيل التوصل لاتفاق سلام مستقبلي.
والجدير بالذكر أن أحكامًا أمريكية صدرت بالسجن على مسئولى مؤسسات خيرية إسلامية تقوم بجميع التبرعات لمساعدة الفلسطينيين داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة بينما تتجاهل الإدارة الأمريكية والأوساط القضائية والرسمية كمصلحة الضرائب ووزارة المالية، قيام العديد من الجمعيات والهيئات غير الحكومية بتوجيه الأموال والهبات والمساعدات لبناء المستوطنات اليهودية على الأرضى الفلسطينية المحتلة، ولم تتخذ خطوات رادعة ضد هذه الجمعيات والهيئات حتى الآن.
الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تدين هذه السياسة، وتطالب بوقفها فورًا، وتدعو الإدارة الأمريكية الجديدة إلى وقف وتجفيف كل الأموال والتبرعات التى تحول إلى المستوطنين والمستوطنات الإسرائيلية لأن هذه الأموال تسهم فى عمل عدواني، غير شرعي، وتمنع التوصل إلى اتفاق سلام فى المستقبل.
كما أن هناك مسئولية تقع على عاتق كافة منظمات حقوق الإنسان للعمل على وقف الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بكافة أشكاله، لكونه يشكل انتهاكًا للقانون الدولى والقرارات الدولية، وتعديًا على الحقوق المشروعة للمواطن الفلسطينى فى أرضه وبلده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.