وللحرية البيضاء باب بكل يد على الانترنت تدق بداية لا بد لي من تقديم تحية اعتزاز وإكبار لشباب مصر وتونس الأحرار، الذين سطروا بحروف من الدم ابلغ معاني التحرر والعزة والآباء، فكانوا مشعل نور أضاء ظلمات القهر والفساد والظلم، الذي يعيشه أبناء الأمة العربية في ظل أنظمة تاجرت بالقيم والمبادئ وقضايا الأمة، في سبيل ان ترسخ حكمها لشعوب لطالما عانت ويلات الحروب والصراعات، وتحملت المشاق وبذلت الغالي والنفيس، على امل ان تعيش بكرامة... لم تحصل عليها.... بل كان ثمن هذه الكرامة مزيدا من الفقر والبطالة والقيد والقمع، ...سببته سيناريوهات العمالة للأنظمة العربية الرسمية، ولكن الظلم لا يدوم ولا بد للحق ان ينتصر.....ولن أخوض في جميع تلك السيناريوهات التي لن يتسعها كتاب او حتى مكتبة، ولكنني سوف أتعمق قليلا في آخر هذه السيناريوهات والذي كان من نتائجه ما نعيشه اليوم من واقع مرير، تترجم الى ثورات شعبية سجلت اعلى مستوى من التحضر على عكس ما كان يتوقعه الغرب، او حتى الانظمة العربية....لقد بدأ هذا السيناريو منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، فبعد مضي اربعين عاما على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي نشر عام 1948 وانتهاء الحرب الباردة بين قطبي الشرق والغرب، بدأ استحقاق نشر القيم الغربية في العالم وبدأت المؤسسات الغربية غير الرسمية والمؤسسات الدولية بمطالبة الحكومات الغربية، بترجمة هذه القيم الى واقع في دول العالم الثالث وتحديدا الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط، والتي هي محور عدم الاستقرار في العالم اجمع لما تمثله من اهمية اقتصادية تتمثل في النفط، وأهمية جغرافية تتمثل في موقعها المتربع في وسط العالم واهمية سياسية تتمثل في وجود الكيان الصهيوني، إضافة الى الاهمية التاريخية والدينية، هذه المقومات مجتمعة جعلت هذه المنطقة تحت الأضواء ..وما ان بدأ البرنامج الإصلاحي لنشر القيم الديمقراطية حتى اشتعلت نيران حرب الخليج الثانية على اثر احتلال الكويت، والذي تسبب في تواجد عسكري غربي املته ضرورات المصلحة العليا الغربية فكانت هذه الحرب، وما نتج عنها على ارض الواقع من مكتسبات حافزا لدى الغرب الى نشر هذه القيم واستكمال البرنامج الإصلاحي ...وامتثلت الأنظمة العربية لهذه البرامج ولكن ببطء شديد متذرعة بجهل شعوبها، وعدم قدرتهم على محاكاة الواقع، وان الطريق طويل فدخلت في برامج تنمية سياسية ومسلسلات مجالس ديمقراطية، لم تحسن إخراجها فضاعت الديمقراطية وبهتت معانيها ...حتى وصل الأمر بالأنظمة العربية أنها أصبحت تتذرع بخصوصية المجتمعات العربية، والتي تفرض معنى خاص للديمقراطية يختلف عن معناها الحقيقي؛ بغية المماطلة من مطالبات الغرب والمنظمات الدولية ...كل هذه المماطلة حتى لا تصل الى يوم يطلب منها تدوال السلطة مع شعوبها، فبقيت تضع العصي في الدولاب وهي محرجة وخائفة حتى جاءها الفرج والخلاص من هذا الاستحقاق الخانق، فكانت أحداث 11 سبتمبر والتي استغلها النظام العربي شر استغلال، ليؤكد نظريته التي كان يسوقها للغرب بان الشعوب العربية من عالم آخر لا تفهم سوا التطرف والكراهية، ولا تقبل الآخر ويجب ان تبقى محكومة بنظام بوليسي يدرء شرها عن العالم ..وللأسف فإن الغرب بجميع مؤسساته الرسمية وغير الرسمية قد صدّق أو أحب أن يصدّق هذه النظرية بل وتعززت هذه النظرية فأصبح السلام العالمي، ومكافحة الإرهاب استحقاقا يدعمه الغرب على حساب القيم الديمقراطية والمبادئ الإنسانية، فكانت أحداث 11 سبتمبر انقلابا على الشعوب العربية والإسلامية وعنوانا يعكس فكرهم وثقافتهم، ويعزز في الوقت ذاته قوة الأنظمة العربية الرسمية التي تمثل ملائكة رحمة، وطوق سلام يحمي العالم من نار تطرف وكراهية؛ وقودها الشعوب العربية والإسلامية فأصبحت تلك الأنظمة تصول وتجول في قمع شعوبها، وتقوي مراكزها وسلطتها بذريعة مكافحة الإرهاب والتطرف ..إلا انه وفي ظل هذا الليل الحالك السواد، كانت هنالك أصوات تحاول إنصاف هذه الشعوب وكشف هذه المؤامرة البغيضة والدنيئة، تمثلت هذه الأصوات في منظمات غير رسمية وأشخاص غربيين من أمثال جورج غالوي، وغيره الكثيرين إضافة إلى دور الإعلام الحر، والذي تمثله محطة عربية يتيمة وهي محطة الجزيرة، والتي إذا أردنا الحق والإنصاف، فهي صاحبة الدور الريادي في كشف المؤامرات وإيصال صوت المواطن العربي إلى العالم، على الرغم من حملات التشويه والتشكيك في هذا المنبر الإعلامي النزيه والذي لم يرتكب جرما سوا انه يبحث عن الحقيقة، والتي أدخلته في مواجهة مباشرة مع النظام الرسمي العالمي ممثلا في الولاياتالمتحدةالأمريكية والأنظمة الرسمية العربية ...وبعد مضي عشر سنوات على أحداث سبتمبر والتي دفع ثمنها العرب والمسلمون آلاف الشهداء، لتشفي غل المتطرفين من الغرب وما تخلل هذه الأحداث من دراسات وتقارير، خلصت الدوائر الغربية الرسمية وغير الرسمية إلى نتيجة خطيرة مفادها أن أسباب الإرهاب والتطرف والتي أوجدت فكر القاعدة، جميعها تنطلق من سبب رئيسي ومباشر وهو هذه الأنظمة العربية فالمواطن العربي والذي لا يجد ابسط أسباب العيش والكرامة في وطنه، يحاول انطلاقا من طبيعته البشرية( فهو إنسان منحه الله العقل والتمييز وليس بهيمة) أن يصرخ أو يعبر عن إنكاره لهذا الواقع ويطالب بأبسط حقوقه الأساسية والتي تفرضها الطبيعة ولو لم تكن موجودة او مسموحة في القوانين الوضعية فيقابل بالقمع والحبس والاذلال والقتل أحيانا فتنتهك كرامته وتهان آدميته والنتيجة الطبيعية لهذه المعادلة ان يصبح لديه الأرضية الخصبة لتقبل أي فكر عدواني يمكنه من الانقلاب على هذا الواقع وسحقه فيصبح الانتقام من هذه الأنظمة ومن يساندها هو طموح مشروع يدعمه واقع القتل والاستعلاء الذي يمارسه الكيان الصهيوني على جزء من ابناء هذه الامة ....والمضحك في هذا المشهد (والذي استعرضت جله لا كله) ان الغرب حينما صدّق تلك النظرية او سايرها لانها تتطابق مع مصالحه وبناء على تشخيص الانظمة العربية للحالة المرضية لشعوبها فكان العلاج بمزيد من الانفتاح على العالم وتبادل الثقافات من خلال وسائل الاتصال الحديثة والانترنت وازالت جميع المعوقات امام العولمة والتي كانت مقتل الانظمة العربية ، فتفتحت افاق الشعوب العربية على الجوانب الايجابية للحضارة الغربية واستطاعت ان تتواصل مع الشعوب الغربية والعالم، واصبحت وسائل الاتصال والاعلام الحر سفراء غير رسميين يوصلون صوتها ويكشفون واقعها، سفراء نزيهين ليس لهم اجندات خاصه ، فبدأت الثورات على ساحات المواقع الالكترونية وانتقلت الى ساحات وميادين الشوارع لتحرج الانظمة الرسمية العربية والغربية على السواء، ايها الزعماء انكم تحكمون شعوبا تسكنها روح التحرر والعزة والكرامة مهما طال الزمن ولن تموت.