سقوط دولة الإخوان .. عودة مجتمع النصف فى المائة .. صعوبة التوريث لمبارك – الإبن .. اشتعال الفتنة الطائفية .. صعود وأفول ظاهرة البرادعى .. الأمن ضد الشعب .. حزب الحكومة يتآكل داخليا مر العام 2010 مليئا بالأحداث التى جذبت انتباه وسائل الإعلام الأجنبية فى مختلف أنحاء العالم، التى مازالت ترى فى مصر دولة ذات ثقل على المستوى الإقليمى والدولى بشكل عام، وكانت الأحداث الجارية على كل المستويات محل تعليق ورصد دقيق من جانب مراسلى وسائل الإعلام الأجنبية بشكل فاق فى كثير من الأحيان تغطية وسائل الإعلام المحلية وهو ما يرجع إلى أسباب عدة تتعلق بسقف الحرية المتاح وقدر الحصانة المتاح للصحفى ومدى الكفاءة وكلها عوامل تصب فى صالح ممثل الصحافة الأجنبية فى دولة مثل مصر، وإلى أهم الأحداث والقضايا التى كانت هدفا مباشرا للصحف العالمية فى مصر وأهمها "نيويورك تايمز"، الجارديان، "التايمز، التايم، هيرالد تريبيون، الفاينانشال تايمز والإيكونوميست، وواشنطن بوست، ولوس آنجلوس تايمز، كما سنرى عبر السطور التالية،،، فتنة طائفية كانت البداية الدموية للعام الذى لم يبق منه سوى سويعات قلائل حاضرة بكل قوة، على خلفية تعرض عديد من الأقباط لاعتداء عنيف بالرصاص لدى خروجهم من كنيسة بمدينة نجع حمادى بمحافطة قنا، حيث أدت جسامة الحادث إلى ردود فعل دولية فاقت فى بعض الأحيان نظيرتها على المستوى المحلى، من خلال أصابع منظمات أقباط المهجر التى حاولت استغلال الحادث لإثارة النزعة الطائفية فى البلاد، بدعوى تعرض أقباط مصر للاضطهاد، وهى النغمة ذاتها التى عزفت عليها عديد من الصحف الأجنبية للأسف، مثل "صحيفة الجارديان" و"نيويورك تايمز"، التى نشرت تقارير خطيرة طالب فيها بعض زعماء هذه المنظمات قادة الكيان الصهيونى بغزو مصر لإنقاذ الأقباط فيها من الاضطهاد الإسلامى، وكما بدأ العام دمويا، فقد انتهى أيضا وأحداث العمرانية الساخنة تسيطر على الأجواء، حيث نجح مروجوا لفكرة اضطهاد الأقباط فى مصر فى خلق شعورا متناميا لديهم بأنهم فعلا مضطهدون، وهو ما أدى لاشتعال أحداث العمرانية الخطيرة، التى تمثلت فى قيام مئات من الأقباط بالاعتداء على رجال الأمن ومحاصرة مبنى المحافظة ومحاولة تدميره واحتجاز العاملين فيه، فى سابقة هى الأولى فى تاريخ مصر الحديث. "سقوط دولة الإخوان" جاءت نتائج الانتخابات البرلمانية ومن قبلها انتخابات مجلس الشورى، لتكتب سطور النهاية فى مغامرة الجماعة المحظورة على الساحة السياسية فى مصر، بعد أن كانت قد نجحت بدهاء شديد فى السنوات الماضية فى استغلال الفراغ السياسى والدينى الذى يعيشه المصريون فى ظل سيطرة حزب واحد – ديكتاتورى النزعة - على مقاليد الحكم فى الدولة لعقود مضت، إلا أن الحزب ذاته تمكن مؤخرا من تحييد الإخوان بعيدا عن الساحة تماما، جنبا إلى جنب مع بقية قوى المعارضة ليبقى فى النهاية وحده الذى ينافس نفسه وهو ما توقع معه كثير من المعلقين الأجانب أن تكون هذه هى بداية النهاية لحزب لا يجد من ينافسه فى السيطرة على السلطة بوسائل غير شرعية أهمها الانتخابات المزورة. ظاهرة البرادعى صاحب ظهور الدكتور محمد البرادعى على الساحة فى مصر قوة دفع كبيرة من جانب وسائل الإعلام الغربية، التى حاولت مساعدته على تقديم نفسه وفكره كبديل لرموز الحزب الحاكم والقابع على أنفاس المصريين منذ سنوات طويلة، إلا أنه هو نفسه لم يستطع أن ساعد نفسه فى تقديم أوراق اعتماده كزعيم سياسى وشعبى للمصريين، لدرجة أن حتى دعوته الأخيرة لمقاطعة الانتخابات البرلمانية ذهبت أدراج الرياح، فى حين فقد تدريجيا الهالة الكبيرة التى أحاطت به لدى عودته إلى مصر بعد سنوات من التألق دوليا، مما دفع وسائل الإعلام ذاتها إلى تشييع ظاهرة "البرادعى" إلى مثواها الأخير. صحة الرئيس بمجرد سفر الرئيس محد حسنى مبارك إلى ألمانيا لإجراء عملية جراحية خطيرة، ثم قضائه فترة نقاهة طويلة بعد عودته، انطلقت التكهنات بشأن الخليفة المنتظر، وما إذا كان من داخل المؤسسة العسكرية كما اعتادت مصر منذ نصف قرن، أم سيكون التوريث هو الحل الأخير، وعلى إثر ذلك انطلق جدل عنيف حول مدى قدرة مبارك – الإبن على تولى مسئولية دولة بحجم مصر، وهو الذى يفتقد قدرة والده على التواصل مع البسطاء من الجماهير، كما أن علاقاته برجال الأعمال الذين يحكمون مصر من وراء ستار جعلت سمعته السياسية مثار تساؤلات جمة. مجتمع ال1/2 % أكدت تقارير متتالية نشرتها كل من صحيفة "فاينانشال تايمز" و"الإيكونوميست" البريطالنيتين والمتخصصتين فى الاقتصاد على أمرين هامين لا ثالث لهما، وهو أن الاقتصاد المصرى قد تخطى العديد من العقبات ونجح فى مواجهة الأزمة العالمية باقتدار، والأمر الثانى تمثل فى أن التحسن الطارئ على الاقتصاد المصرى لا يشعر به المواطن العادى الذى هو أول من يعانى من آثار التضخم المتزايد، وبالتالى ارتفاع الأسعار، وحيث بات الذين يقطفون ثمار النمو الاقتصادى هم المنتمون فقط لطبقة رجال الأعمال، لدرجة أن باتت مصر مهددة بالعودة لما هو أسوأ من مجتمع النصف فى المائة الذى كان سائدا قبل قيام الثورة، ومما يساهم فى تكريس هذا التصور أن كثير من رجال الأعمال من ذوى الاحتكارات الضخمة، قد دخلوا فى علاقة زواج كاثوليكى مع السلطة مما وضع فى ايديهم نفوذا لا يضاهى. الأمن المهدد لم يكن يتصور أحد أن تتحول مصر من زعيمة لقارة أفريقيا إلى دولة لا تملك القدرة على حماية أمنها المائى، من اتفاقات جديدة تم فرضها على مصر فرضا من دول منابع النيل وعلى رأسها أثيوبيا التى باتت تتحدى مصر عنوة، دون رد فعل من جانب مصر، كدليل جديد لا يمكن دحضه على انهيار نفوذ مصر فى المنطقة لصالح قوى أخرى مثل تركيا وإيران والسعودية، وبالطبع "إسرائيل". شهيد "الأمن" أما أمن مصر الجنائى فلم يكن بدوره بعيدا عن متابعة الصحف الأجنبية، فقد نالت جريمة القتل التى تعرض لها شهيد الطوارئ "خالد سعيد" – الشاب السكندرى، حظا وافرا من الاهتمام الإعلامى دوليا، فقد توالت التقارير المنشورة خارجيا عن تضارب التصريحات الصادرة عن وزارة الداخلية بشأن الأسباب الحقيقية لمقتل الشاب السكندرى، فى حين كانت تصريحات شهود العيان الذين شهدوا الحادث مثار تعليقات مكثفة من جانب الصحف الأجنبية، التى استشهدت بالحادث الرهيب على مدى المعاناة التى يعيشها المصريون تحت نير قوانين الطوارئ التى تجعل المواطن يسير فى الشارع وسط حصار أمنى متحفز وكأن البلاد فى حالة حرب..! الفك المفترس وأخيرا فقد كان حادث مقتل السياح الأجانب من ضحايا الفك المفترس فى شرم الشيخ مثار انتقادات عنيفة لمدى قدرة مصر على حماية أمنها السياحى، فى ظل العجز الحكومى عن تقديم مبررات مقنعة للحادث، فيما ساهم آخر حوادث العام بمقتل وإصابة عشرات الأمريكيين فى تصادم حافلتهم بسيارة نقل فى تكريس شعور متنام لدى الغرب أن مصر لم تعد ذلك المكان الآمن الذى يشدون الرحال إليه.