أوصى عدد من رؤساء تحرير الصحف و ممثلي الأحزاب السياسية ونشطاء حقوق الإنسان بتشكيل مجلس وطني يضم مختلف الصحفيين والإعلاميين والقوى السياسية والمجتمعية ومؤسسات المجتمع المدني وشخصيات قضائية يتولى مهمة الدفاع عن حرية الصحافة والإعلام في مصر ، ويفصل في القضايا والإشكاليات المختلفة المتعلقة بالصحافة والإعلام ويقرر إغلاق وفتح القنوات الفضائية من عدمه ...الخ، وذلك في ضوء التجاوزات والتضييقيات الأخيرة بحق حرية الرأي والتعبير عامة وحرية الصحافة والإعلام خاصة قبيل الانتخابات البرلمانية القادمة، مطالبين بإطلاق حرية إصدار الصحف دون أي قيود ، وأن يكون إغلاق القنوات الفضائية بموجب حكم من القضاء وليس بقرار إداري ، مشددين على ضرورة التزام الحكومة بتعهداتها الطوعية أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بجينيف فيما يخص حماية حرية الرأي والتعبير والصحافة، وكذلك بموجب تصديقها على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، فضلاً عن نصوص المواد 46 و 47 و 49 من الدستور المصري. جاء ذلك في ختام الحلقة النقاشية التي عقدتها المنظمة المصرية والإعلام لحقوق الإنسان بمقرها اليوم الأربعاء 20/10/2010 تحت عنوان "مصر ...حرية الصحافة إلى أين ؟". ومن جانبه ، أكد أ.حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية أن هناك جملة من الإجراءات التضييقية والتعسفية بحق حرية الرأي والتعبير بصفة عامة وحرية الصحافة والإعلام بصفة خاصة ، بدءاً من إقالة إبراهيم عيسى من رئاسة تحرير الدستور ، وإغلاق بعض القنوات الفضائية ، ووقف برنامج القاهرة اليوم للإعلامي عمرو أديب وخلافه، وقرار مجلس القضاء الأعلى بشأن عدم السماح بنقل أو بث تسجيل أو إذاعة وقائع المحاكمات بواسطة أي وسيلة من وسائل الإعلام أو قيامها بتصويرها هذه الوقائع أو هيئات المحاكم أو الدفاع أو الشهود أو المتهمين أثناء إجراء تلك المحاكمات، وحظر تداول الرسائل الإخبارية من قبل وسائل الإعلام ، وقيام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بتوجيه إنذار للقناة الثانية التلفزيون الفرنسي ، ورفض التجديد لقناة CNBC ، وإعلان المنطقة الإعلامية بعض الضوابط العامة لعمل القنوات الفضائية والمبادئ التي يتعين على جميع القنوات مراعاتها مستقبلاً ، مشدداً على أن الضوابط التي وضعتها المنطقة الإعلامية لا تتسق مع المواثيق الدولية المعنية بحرية الرأي والتعبير ، كما أنها تضمنت العديد من العبارات الفضفاضة والواسعة مثل "المصلحة القومية" و"الأمن القومي" ، هذا بخلاف القرار الأخير لشركة "نايل سات" بوقف 12 قناة وإنذار 20 أخرى . وأكد أبو سعده أن جميع الإجراءات سالفة ذلك الذكر تأتي في إطار حملة منظمة لتكميم الأفواه وإسكات الأصوات الصحفية والمعارضة في مصر ، ولاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة . وطالب رئيس المنظمة بتشكيل مجلس وطني يضم رؤساء تحرير صحف وشخصيات إعلامية و قضائية وممثلي لأحزاب سياسية ونشطاء حقوق الإنسان ، يتولى مهمة توفير البيئة المناسبة لقيام إعلام حر ومستقل وديمقراطي وفعال، وصحافة حرة ومستقلة ، وذلك التزاماً بتعهدات الحكومة أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان وكذا تعهدات الدولية، من خلال الضغط في اتجاه إلغاء كافة العقوبات السالبة للحريات في قضايا النشر، والتأكيد على أهمية شمولا لتعديلات التشريعية المرتبطة بتنفيذ قرار الوعد الرئاسي للمواد التي تعاقب الصحفيين بالحبس في سائر القوانين المتصلة بالتعبير والنشر والطباعة، والموزعة في قوانين عديدة، من بينها قانون المطبوعات وقانون العقوبات وقانون تنظيم الصحافة وقانون وثائق الدولة وقانون العاملين المدنيين في الدولة، وحظر أخبار الجيش والأحكام العسكرية وقانون الأحزاب وقانون المخابرات، وسن قانون يسمح بحرية المعلومات وتداولها يتسق مع المعايير الدولية. وأكد أ. يحي قلاش سكرتير عام مجلس إدارة نقابة الصحفيين السابق أننا نعيش مناخ إعلامي تجاوز مرحلة القلق إلى مرحلة الخط الأحمر، فهناك إغلاق لقنوات ووقف صحف بقرارات إدارية، فاغتيال صحفية الدستور، هي وسيلة من الوسائل الجديدة، بعدما أغلقت جريدة الشعب وفقا لأسباب سياسية، وكذلك الضغط على صحيفة آفاق عربية عبر الضغط على صاحب الرخصة ، مشيراً إلى أن فكرة دخول رجال الأعمال إلى عالم الصحافة يعبر عن مصالحهم بشكل خاص وواضح، فهم يفعلون ما يروه بعيداً عن حق القارئ ، وهذا يعد بمثابة اغتيال لحق القارئ الذي كان يقرأ صحفية كل يوم . وطالب قلاش بضرورة وضع قواعد جديدة في نقابة الصحفيين تتعلق بضمانات لحقوق الصحفيين في ظل وجود رأسمال متوحش ، وإلا سنكون أمام شكل عبثي وكارثي . ومن ناحيته أكد أ. سعد هجرس مدير تحرير صحيفة العالم اليوم أن هناك شواهد كثيرة تبعث على القلق منها ما حدث في جريدة الدستور، وتوقف بعض البرامج الإعلامية المشهورة، وقرار المجلس الأعلى للقضاء بوقف تصوير وبث المحاكمات ، الأمر الذي يعطي انطباعاً بأن هناك حملة شرسة على حرية التعبير قبيل الانتخابات البرلمانية، مما يبعث على الخوف . وأشار هجرس إلى أن هناك ثلاثة قضايا أساسية تجعل حرية الرأي والتعبير في أزمة: أولهما حرية إصدار الصحف ، وثانيهما لا يوجد في مصر قانون يضمن حرية تداول المعلومات . وثالثهما مازالت هناك ترسانة من القوانين تعادي حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والتي تعود إلى احتلال الإنجليزي في مصر، وأخيراً القوانين التي تبيح حبس الصحفيين في قضايا النشر ، مطالباً بضرورة معالجة هذه الأمور الثلاثة ، ففي ظل الاقتصاد الحر لا بد أن تكون الحزمة مرتبطة ، فلا يصح انتقاء جزء وترك جزء أخر ، ولابد من التعويض العادل للصحفيين في ظل تغيير هيئة التحرير ، وأن يكون الحكم في هذه الأزمة هيئة قضائية وليس إدارية. وعبر هجرس عن أمله في تشكيل مجلس وطني عام يضم ضمير المهنة سواء المشتغلين بالصحافة أو الإعلام على غرار المجلس البريطاني، بحيث يعبر عن المجتمع بكافة أطيافه يتولى مهمة الدفاع عن حرية الصحافة والإعلام خاصة وحرية الرأي والتعبير عامة ، وخاصة أن المرحلة القادمة سوف تشهد حالات بيع كثير من الصحف والقنوات الفضائية في ظل سيطرة الرأسمالية . أما أ. سعيد شعيب الكاتب الصحفي فيرى أن القطاع العام والخاص هو الذي يحدد السياسة التحريرية، فهم يعبرون عن خط معين، فقد تم إقالة إبراهيم عيسي من قناةontv ومن جريدة الدستور، وبالتالي فالملاك هم الذين يحددون ذلك ، وهذا فيه خطورة من استثمار رجال الأعمال لذلك، حتى تصبح حرية الرأي والتعبير أمراً مرتهن بسيطرة رأس المال، مطالباً بإطلاق حرية إصدار الصحف دون قيود ، مع التأكيد على حقوق الصحفيين الذين يعملون في مؤسسات خاصة في تلقي أجر عادل . وتطرق شعيب إلى أزمة إغلاق القنوات الفضائية التي اجتاحت الوسط الإعلامي في الفترة الأخيرة، مشدداً على ضرورة أن يكون إغلاق القنوات الفضائية بموجب حكم من القضاء وليس بقرار إداري . وأوضح أ. خالد السرجاني الكاتب الصحفي بجريدة الدستور أن عملية بيع الصحف في كافة دول العالم هي عملية معقدة ، فلا أحد يستطيع أن يذهب إلى البورصة ويشتري أسهم صحفيتي لوس أنجلوس تايمز على سبيل المثال، إنما هناك مجلس أعلى هو الذي يقرر عملية البيع ، ومجلس مستقل يوافق على عملية البيع أولاً، وهناك مجلس يرفض إذا كان هناك إخلال بالتوازن ، وقواعد يجب الالتزام بها ، ولكن هذا لم يحدث في أزمة جريدة الدستور ، مضيفاً أننا لم نشاهد منذ خمسين عاماً تحول السياسة التحريرية لجريدة ما من ليبرالية إلى اشتراكية، فقد فؤجئنا بتغيير السياسة التحريرية للدستور بين ليلة وضحاها . وطالب السرجاني بإلغاء المادة الخاصة بقواعد الشركات التي تمنع إصدار الصحف للأفراد وتأسيس مجلس مستقل للإعلام يضم شخصيات عامة وقضائية ،يفصل في القضايا والإشكاليات المختلفة الخاصة بالصحافة والإعلام، ويقرر إغلاق وفتح القنوات الفضائية التي تخلف القواعد العامة وبث رسائل الSMS أو عدم بثها وغيرها من المشاكل التي أثيرت مؤخراً . وأوضح أ. عصام شيحه المحامي بالنقض وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد أن هناك مجموعة من الإجراءات التعسفية التي اتخذت مؤخراً ضد حرية الرأي والتعبير ، وهذا ما حدث في أزمة صحفي الدستور وإغلاق القنوات الفضائية ، مشدداً على ضرورة كفالة الحق في حرية الرأي والتعبير باعتباره حق أساس لباقي الحقوق . وأشار شيحه إلى أزمة منع وسائل الإعلام من حضور فعاليات المحاكمة، موضحاً أن الإعلام يعتبر مرآة الشعب ومن حق الشعب معرفة سير المحاكمات وعلانيتها كضمانة أساسية من ضمانات الحق في المحاكمة العادلة والمنصفة وناقلاً للأخبار والمعلومات له، وعليه لا ينبغي حجب المعلومات عن وسائل الإعلام أياً كانت، باستثناء ما يتعلق بالأمن القومي أو اعتبارات الآداب العامة أو النظام العام وفقاً لما تراه المحكمة .