فى عالم الأخشاب ثمة أنماط منا لمتعاملين مع هذه المادة الطبيعية الجميلة، هناك نجار يصنع سقالات البناء، وآخر يصنع الطبالى والكراسى وألواح السرير، ويتدرج بنا الحال حتى نصل إلى الأركيت الذى يفرغ الخشب باتزان إيقاعى دقيق بين الكتلة والفراغ، كذلك فى عالم الطمى، ثمة رجل يجلس أمام طبلية تدور على محورها يصنع زيرا أو زلعة مش وثمة نحات فنان يصنع، بأصابعه مثل جراح مخ وأعصاب قطعة من الفن الراقى. وفى اصطباحته (!) بتاريخ 14/9 رمانى كاتب (يخطئ فى الإملاء) بمحدودية مهاراتى ككاتبة، كتب "الغير مريح" (وصحيحها: غير المريح)، و"مما كتبتيه" (وصحيحها: كتبته) وغير هذا الكثير.. هذا على مستوى النحو والصرف والإملاء الذى هو فى عالم النجارة أولّيات الإمساك بالشاكوش والمسمار، وفى عالم الطمى مجرد ضبط نسب خلط الماء بالتراب للحصول على عجينة صالحة للتشكيل. والحق أن سقوط السيد (بلال فضل) المخجل فى أخطاء اللغة لم يدهشنى فنحن لا نبتئس أن وجدنا مسمارا ناتئا فى كرسى مطبخ، أو شظية خشب نافرة من طبلية طعام، هذه طبائع الأمور لكننا نبستم بإشفاق حين نجد صانع الطبلية يرمى النحات بمحدودية المهارة، لن نغضب لكن سنتمتم ياسمين LOOK WHO IS TALKING جاء علينا زمن يسخر فيه ضحال اللغة من المحافظين عليها. يتكلم عن محدوديتى ككاتبة، ثم يصف تسريحه شعرى ونظرة عينى! بينما لم أتطرق أنا إلى شاربه، أو ابتسامته الواسعة (!) بل انتقدت كلماته السوقية ثقيلة الظل التى لا تليق بالقارئ.. كأن يقول فى حواره البائس: الصباع للى بتنضف بيه مناخيرك وودانك.. أفلم يتعلم السيد (فى كلية الإعلام) أن أولى (مهارات الكتابة) مهنيا هى عدم التطرق إلى الشخص.. بل إلى ما كتب الشخص.. وأن ثمة ما لا يليق أن يكتب بالصحف؟.. ألا يشعر بمسئولية كتابة عمود بجريدة رصينة مثل (المصرى اليوم) وبالهيبة إذ يتذكر أن تلك المكانة كانت يوما لعمالقة مثل طه حسين والعقاد وهيكل، حينما كان الزمن راقيا؟.. ثم يرمينى بالكذب على القارئ.. والحق أننى أعدت قراءة (اصطباحته) المرتبكة المنفعلة أكثر من مرة لأقف على مكمن (كذبى) فلم أقف على شىء الكاذب هو من يضع كلاما زورا على لسان أخيه وهذا ما فعله السيد حرفيا فأنا لم أقل إن رجال الأعمال من ثوابت الوطن.. بل قلت فى مقالى (مينا ساويرس موحد القطرين) بتاريخ 7/9 إن ثوابت الوطن هى السد العالى، والعدوان الثلاثى على مصر والنكسة وهى ما حاول برنامج (الكابوس) تشويهها، أما السيد بلال فقد شوه ثوابت تاريخية مثل : برج بيزا وسور الصين وموحد القطرين وشجرة الدر وغيرها، مثلما شوه معجم شباب مصر بأفلامه: حاحا وتفاحة وصايع بحر وخالتى فرنسا ثم يحاول أن يوقع بينى وبين قراء (اليوم السابع) راميا إياهم بالبلاهة، على لسانى! بينما كان كلامى على القراء من النشء الصغير من عمر ابنى (مازن) وابنته (عشق) اللذين كان حريا به أن يخاف عليهما فينأى عن تخريب معلوماتهما تلك التى لم تزل فى طور التكوين. يزعم السيد أنه غاضب من مقالى (واكره اللى يقول آمين) بتاريخ 25/5 لأننى على حد زعمه تزلقت للرئيس.. والمقال موجود يشهد بعكس ذلك مقالى إعلاء من شأن المواطن المصرى الراقى الذى يفرق بين معارضة الحاكم وبين الشماتة فى النوازل ثم إن مقالاتى جميعها تشهد على معارضتى النظام الحاكم ثم أعلن أن حبى لمصر أغاظه فهل أنا مسئولة عن عدم حبه مصر؟ الحق أنه حانق علىّ بسبب سلسلة مقالاتى حول انحدار لغة الحوار على ألسن شبابنا الراهن، وبمنطق (اللى على راسه بطحة) ظن السيد أننى أهاجمه كونه أحد مخربى اللغة الراقية بأفلامه.. لكننى للحق كنت أتكلم بوجه عام ولا أقصده لأننى ببساطة لم أسمع به قبل هجومه على ببساطة أيضا لأننى بخيلة فى إهدار وقتى ونخبوبة جدا فيما يخص السينما ومن ثم لم أشاهد أيا من أفلامه؟ أعلم أننى لن أبارى السيد فى شتائمه وافتراءاته لأنه للحق بارع فى السباب والتريقة والتلفيق هى مهارته الوحيدة وشغله الشاغل فإن لم يجد من يسبه خلقه خلقا وهى ملكات لا أجيدها، لذلك أطمئنه أن مقالى هذا هو الأخير بينى وبينه مهما تطاول، وليس حسب لأننى لن أجاريه فى النطح والتناطح، بل لأن ثمة العديد من القضايا أكثر أهمية من مساجلته، وفى الأخير أرجو ألا "يفبرك" السيد عبر مقالى هذا أننى أهاجم الخزافين ونجارى الكراسى، فليس أكثر منى احتراما للكادحين أنا فقط أضع الأشياء فى حجمها، صانع (زلعة المش) ضرورى جدا ومحترم مثلما (النحات) لكن ثمة فارقا ضخما بينهما.