في المجتمعات الحرة من حق كل فرد أن يحلم بالصعود والترقي, كما أن من حق كل فرد أن يري في نفسه الكفاءة والقدرة والموهبة التي ليست لدي الآخرين, ولكن الذي يحلم لابد أولا أن يعلم أبسط القواعد التي توفر له القبول المجتمعي. بدءا من الشخصية الجذابة ومرورا بالأدلة والبراهين التي تعكس حسن تقديره للأمور والقدرة علي ضبط الأعصاب عند الشدائد, ووصولا إلي الحد الأدني من المعرفة وسعة الإطلاع سواء بالدراسات المتخصصة أو من خلال التجارب المتنوعة. والحقيقة أن الشخصية المؤهلة للقيادة والزعامة علي أي مستوي ينبغي أن تتمتع بذكاء فطري يتم التعبير عنه ببساطة ووضوح وبغير تشنج, لأن المسألة ليست مجرد استعراض للعضلات والقدرة علي ادعاء الحكمة بصك الشعارات وإنما بمدي القدرة علي التعامل مع الواقع وفي ضوء الإمكانيات المتاحة وبالاستثمار الصحيح للعقول والكفاءات المعاونة!. بوضوح شديد أقول: إن أبسط مقومات التطلع لمواقع القيادة والزعامة أن تكون لدي الشخصية المرشحة قدرة تلقائية علي اجتذاب حب وتعاطف الناس بالاحترام.. ومثل هذه القدرة التلقائية تتحقق بالسلوك قبل المعرفة وبالتواضع الذي يلغي أية شبهة للتعالي أو الغرور. وإذا كان من المتعارف عليه علميا وسياسيا أن من بين أهم ما ينبغي توافره في الشخصية المرشحة للقيادة والزعامة أن يحيط نفسه بمعاونين ومستشارين ليسوا محل ثقته وإنما يتمتعون بثقة الرأي العام فيهم, فإن موهبة القيادة والزعامة تتجلي في القدرة علي التضحية أولا بأول بمن تحوم حولهم أي شبهات تؤدي إلي اللغط والبلبلة في صفوف الرأي العام. ولم أكن في سطر واحد مما كتبت بعيدا عن أجواء الحراك السياسي الذي تعيشه مصر هذه الأيام ويغيب فيه عن البعض كثير من الدروس والتجارب التي سبقتنا إليها دول عديدة وأهم هذه الدروس أن الديمقراطية عندما تتحول إلي فوضي يبدأ العد التنازلي لاحتضار الديمقراطية وبدء رحلة الارتداد نحو الديكتاتورية!. وعلي المجتمع وقواه الفاعلة بذل كل جهد لمنع محاولات اغتيال وتشويه إيجابيات الحراك السياسي الراهن تحت أي مسمي خصوصا مع بروز مؤشرات ملفتة تؤكد أننا لا نعيش فقط صراعات مباديء وبرامج أو تزاحم علي شرف الخدمة العامة وإنما لدينا أيضا وللأسف الشديد صراعات مطامع وتصفية حسابات... ويؤسفني أن أقول إن بعض الطامعين لا يستندون إلي أي تاريخ يبرر هذا الصراع الكريه الذي يهز ثقة الرأي العام في الحياة السياسية. خير الكلام : الكريم لا يتغير بتغير مركزه... والوضيع تفضحه قوة السلطة ووفرة المال!