أكد د. محمد سليم العوا الأمين العام للاتحاد العالمى لعلماء المسلمين أن الهجمة العالمية التى يشنها الغرب ضد إيران لن تكون أبدا فى مصلحة العرب، لأن قوة إيران هى قوة للعرب والمسلمين، موضحا أن كل ما يروج الآن حول المد الشيعى فى المنطقة العربية، ما هى إلا رسائل استعمارية تروج لها القوة الغربية المناهضة للإسلام، ودليل ذلك أن هذه الدعاوى لم تظهر إلى السطح إلا مؤخرا بعد أن أيقنت البلدان المناهضة لقيام أنظمة إسلامية فى منطقة الشرق الأوسط أن الإجهاز على هذه القوة الإسلامية الصاعدة لن يكون إلا بإتباع مثل هذه الأدوات الخبيثة. وقال العوا: بدأت قضية الصراع السنى - الشيعى تثار عقب انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية، التى وقفت فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية وما يناصرها من بلدان المنطقة إلى جانب العراق للقضاء على النظام الإسلامي، الذى قام فى إيران على أثر قيام الثورة الإيرانية، إلا أنه بعد أن انتهت الحرب بدون تحقيق الأهداف المرسومة لها اضطرت الولاياتالمتحدة إلى البحث عن طرق أخرى لمناهضة هذا النظام الإسلامى الوحيد فى المنطقة، فكان الالتجاء إلى فتنة "السنة والشيعي"، لأنهم على قناعة بأن سقوط النظام الإسلامى لن يتحقق إلا بانصراف المسلمين السنة عن هذه الدولة. وأضاف: التحركات الأمريكية للإجهاز على هذا النظام أمر منطقى للغاية، لما يمكن أن يترتب عليه السكوت من نتائج مدمرة وخلل كبير فى موازين القوى فى المنطقة، فالثورة الإيرانية أفرزت حزب الله، الذى نجح فى كسر شوكة إسرائيل فى أكثر من موقعة، ثم خروج حركة حماس إلى النور بما تمثله من قلق وتعكير لأمن الكيان الصهيوني، الذى تتعهده الولاياتالمتحدةالأمريكية دائما، مشيرا إلى أن النظام الإيرانى الإسلامى يسير كالقطار فى قضبان لا يخرج عنها، ومن ثم تغيير منطلقاته وتوجهاته أمر صعب للغاية. ونبه الأمين العام للاتحاد العالمى لعلماء المسلمين إلى أن اتخاذ موقف سلبى فى المنطقة العربية من الثورة الإيرانية بسبب حربها مع العراق أمر ينطوى على ظلم كبير لهذا البلد الإسلامي، الذى اضطر إلى خوض هذه الحرب فقط للدفاع على أرضه فى مواجهة الهجوم العراقى المدعوم من جهات رافضة لبقاء النظام الإيراني، مشيرا إلى أنه قبل الحرب العراقية – الإيرانية لم يكن أحد من العرب يسمعون عن فكرة الصراع السنى – الشيعي، وكان كل ما يعرفه العامة أن الشيعة والسنة مسلمون يختلفون فى المذهب، ولا غبار على ذلك، وهذا هو الحق، وأنه لا يوجد ما يستوجب القلق أبدا، وأن ما تروجه بعض وسائل الإعلام حول التشدد الشيعى وموقفهم المناهض للفكر السنى أمور ليس لها أساس من الصحة. وأوضح أن هذه الأفكار المتشددة موجودة فى بعض كتابات الشيعة فعلا، إلا أنها لا تعبر عن عامة الشيعة، بل أكثر طوائفها تشددا كتلك الجماعات السنية المتشددة، التى تظهر وتختفى بأفكار بعيدة كل البعد عن جوهر الفكر السنى المعتدل الوسطي، لافتا إلى أن الغرب لا يريد قيام أية نظم سياسية إسلامية فى المنطقة لأن هذا يعنى موقف صارم من الكيان الصهيوني، بما يصدر عنه من ممارسات لا يقبلها أبدا مسلم، لذلك تجده واقفا بالمرصاد لأية تجربة ثورية تقوم على أساس ديني. ووصف العوا الثورة الإسلامية فى السودان بأنها ثورة عسكرية قامت بحجة تطبيق الشريعة الإسلامية، فالرئيس نميرى عمل مع الشيوعيين لتحقيق أهدافه ففشل، مؤكدا أنه رغم فشل هذه التجربة وعدم قدرتها على القيام بما قامت من أجله، إلا أن الغرب يمارس عليها أقسى أنواع الضغوط بدءا من الضربات العسكرية إلى التدخلات السياسية لإفساد الأمور وزرع الفتنة بين أبناء هذه الأمة فى الجنوب وإقليم دارفور "دار القرآن" فى أفريقيا. وقال: التهديدات التى يمارسها الغرب والكيان الصهيونى على السودان سواء فيما يتعلق بملف انفصال الجنوب أو ما يحدث فى دارفور أو حتى ما صدر عن المحكمة الجنائية الدولية من قرار توقيف للرئيس البشير أمور تشعر المسلمين بالإحباط الشديد. وأضاف أن الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين يرفضون هذه التدخلات الخارجية، التى تستهدف زعزعة الاستقرار فى المنطقة كلها، لذا كان الرفض القاطع لقرار المحكمة لما تمثله من تدخل سافر فى الشئون الداخلية للسودان من جهة، ولانتفاء الصفة القانونية عنها حيث أن السودان ليست عضوا فى المحكمة وفى ذات الوقت أن قرار مجلس الأمن يقتصر فقط على التحقيقات فقط بدون إصدار قرارات، علاوة على أن هذا القرار مجرد بداية، فإنه عندما وقع صدام انبطح غيره من الحكام العرب والمسلمين على المذبح الأمريكى والبريطانى والفرنسى والإيطالي. ولفت إلى أن الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين أصدر بيانا فى شأن هذا القرار الدولى غير الشرعى وقالت فيه: "هناك دماء أهدرت فى السودان كان لا يجوز أن تهدر، ولذلك الحكومة مطالبة بالسير الفورى فى إجراءات دفع الدية لأصحاب هذا الدم، وأن القوات التى كانت تحارب الحكومة فى جنوب السودان أو حتى فى دارفور هى قوات تمول استعماريا غير شرعية، تحركها نوازع غير شريفة، وأن عمليات التنمية فى السودان لابد أن تسير بخطى متسارعة بدون تهميش أو ظلم لمنطقة على حساب أخرى أو جنس لصالح آخر أو لأصحاب دين على حساب أصحاب دين آخر". وطالب العوا النظام المصرى بضرورة بذل كل غال ونفيس لتحقيق الحماية الكاملة للوحدة السودانية، لما تمثله هذه الوحدة من أمان مائى واستراتيجي؛ لأن السودان –وخصوصا- دارفور، التى يسعى الاستعمار العالمى للسيطرة عليها، لما تمتلكه من ثروات طبيعية فريدة، كالبترول واليورانيوم والنحاس وغير ذلك.