مصر والسد الإثيوبي.. إستراتيجية مصرية لحماية النيل    صحيفة إلباييس الإسبانية: مدريد تمنع مرور أسلحة أمريكية إلى إسرائيل    بيراميدز يخوض أول تدريباته في كيجالي استعدادًا لمواجهة الجيش الرواندي    مصطفى شلبي يسجل أول أهدافه مع البنك الأهلي    الإسكندرية: رايات خضراء وصفراء على شواطئ المحافظة وسط إقبال المصطافين واستقرار الطقس    فتحي عبدالوهاب: الريادة الفنية ستظل لمصر.. ومن الصعب محو تاريخ أكثر من 130 عاما    عائشة لا تستطيع الطيران يحصد الجائزة الكبرى في مهرجان فيا ديل سيني بكولومبيا    اليوم العالمي للقلب.. رؤية شاملة لحماية نبض الإنسانية    انقطاع جزئي للكهرباء بمستشفى قفط التخصصي بقنا.. وتحقيق عاجل في الواقعة    السفير الألماني: برلين تستهدف استيراد الهيدروجين الأخضر من مصر خلال عامين    ربيع ياسين: الزمالك يُعاني دفاعيا قبل مواجهة الأهلي.. وكوكا ليس الأنسب للظهير الأيسر    الزمالك يُمدد عقد خالد عبد الناصر لاعب السلة لمدة موسمين    الكهرباء تكشف أسباب ارتفاع أسعار الشرائح بالعدادات الكودية الحديثة    بسبب الظروف المادية.. استقالة رئيس مجلس إدارة نادي سرس الليان بالمنوفية    سقوط سيدة في بئر أسانسير بالمحلة الكبرى    رغم إدراج أسهمها في نيويورك.. «أسترازينيكا»: لن نغادر المملكة المتحدة (تفاصيل)    التعليم تواجه الدروس الخصوصية بمجموعات الدعم.. وخبراء يحددون شروط النجاح    التراث المصري فى آيادي أمينة.. الأمين الأعلى للآثار يشيد بأعمال الترميم والتوثيق فى البر الغربي بالأقصر    افتتاح فرع جديد لمكتبة مصر العامة بمنطقة الكرنك بالأقصر لتعزيز الدور الثقافي    المفوضية الأوروبية تدعو لوقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة    "الصحة" تنظم فعالية بمناسبة اليوم العالمي لمرض السعار ضمن استراتيجية القضاء عليه 2030    قهوة الصباح أم شاي المساء.. مشروبات خريفية دافئة تحسن المزاج    الجيش الأمريكي يؤكد نشر مسيرات من طراز «إم كيو-9 ريبر» في كوريا الجنوبية    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للقطاعين العام والخاص في مصر.. هل يتم ترحيلها؟    قبل الزواج من برج العذراء.. احذر هذه الصفات الضارة    تضامنًا مع أهل غزة ضد العدوان.. عايدة الأيوبي تطرح «غصن الزيتون»    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    هل سداد الدين أولى من إخراج الزكاة؟.. عضو مركز الأزهر توضح    بتهمة النصب على المواطنين.. «الداخلية» تضبط صاحب كيان تعليمي وهمي بمدينة نصر    «سبب مفاجئ».. فيريرا يطيح بنجم الزمالك قبل مباراة الأهلي    حصر الأسر الأكثر احتياجًا بقرى قطور في الغربية تمهيدًا لتوصيل الخدمات    حجز إعادة محاكمة المتهم السابع بقضية "فتنة الشيعة" للنطق بالحكم    أكرم القصاص: العلاقات المصرية الإماراتية مثالية وتؤكد وحدة الموقف العربى    نتائج بطولة السهم الفضي للقوس والسهم لموسم 2025-2026    وزارة التعليم تعلن توزيع منهج العربى للثالث الإعدادى وشكل الامتحان    مارجريت صاروفيم: التضامن تسعى لتمكين كل فئات المجتمع بكرامة    إسرائيل هيوم: الحرب المقبلة بين تل أبيب وطهران قد تكون أشد عنفا    الطفلة مي.. وردة فلسطينية أنهك التجويع الإسرائيلي جسدها ودمر طفولتها    عاجل- قوات الاحتلال تقتحم قرية جنوب طولكرم وتداهم المنازل وتعتقل الفلسطينيين    أكاديمية الفنون: عودة مهرجان مسرح العرائس لمواجهة الألعاب الإلكترونية    مانشستر يونايتد يسعى لضم لاعب وسط أتلتيكو مدريد في يناير    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 سبتمبر 2025 في محافظة قنا    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    عاجل- الإفتاء توضح حكم ممارسة كرة القدم ومشاهدتها وتشجيع الفرق    أسعار الحديد فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    معهد بحوث الإلكترونيات أول مؤسسة مصرية تحصل على شهادة إدارة الذكاء الاصطناعي ISO/IEC    خطة متكاملة لتطوير شوارع ديروط فى أسيوط ب160 ألف متر إنترلوك    حالة الطقس في السعودية اليوم الاثنين 29-9-2025 ونشاط الرياح المثيرة للغبار    «مدبولي»: نستهدف الاستعداد الجيد لتقديم أفضل الخدمات للحجاج المصريين خلال موسم الحج المقبل    هيئة الدواء تحتفل بتكريم شركائها بعد نجاح برنامج الامتياز لطلاب كليات الصيدلة 2024- 2025    التشكيل الأهلي السعودي المتوقع أمام الدحيل القطري بدوري أبطال آسيا للنخبة    الإفراط في الجلوس وقلة النوم والتوتر.. كيف يفتك الكوليسترول بالشباب؟    الدنمارك تحظر رحلات الطائرات المدنية المسيرة قبل قمة الاتحاد الأوروبى فى كوبنهاجن    الصحة: 5500 متبرع بالدم خلال 4 أيام لدعم مرضى سرطان الدم ضمن الحملة القومية    الأزهر للفتوى قبل لقاء القمة : التعصب الرياضي والسب حرام شرعا    الحوثيون: قصفنا أهدافا في تل أبيب وملايين الإسرائليين فروا للملاجئ    «الداخلية» تنفي مزاعم إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح: «أكاذيب إخوانية»    الأربعاء.. مجلس النواب يبحث اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لانتحار تمرداً وتطرفاً- الراية القطرية
نشر في مصر الجديدة يوم 23 - 08 - 2009

إفرازات التخلف في عالمنا العربي تكشف عن نفسها كلما واتتها الفرصة، والمشكلة أنها تبدو بلا نهاية رغم الجهود التي تبذل من أجل دفع التنوير والتثقيف والتطور إلي الأمام إذ أننا نواجه خللا بنيويا يتصل بتكوين مجتمعاتنا وثقافتها السائدة والقيم السلبية التي تحكم مجريات حياتنا وأبرزها في تقديري النظام الأبوي البطريركي والفهم المغلوط للإسلام حيث ينعقد لساننا عندما نجد أن هناك عقولا وبعضها تلقي تعليما عاليا غير قادرة علي التقاط وتقبل البديهيات التي تتعلق بالبشر قبل أن نقول إنها تتصل بالإسلام والمسلمين!
لنأخذ نموذجين لهذه الإفرازات واقعة انفجار فقاعة تنظيم جند أنصار الله في قطاع غزة وتجدد تمرد جماعة الحوثيين في محافظة صعدة شمال اليمن، لا توجد مرجعية مشتركة ولا ما يمكن أن نسميه بأيدلوجية مشتركة أو حتي أيدلوجيتين متشابهتين للتنظيم والجماعة بل إن أوجه الاختلاف بينهما كبيرة للغاية، لكن يجمع بينهما أنهما تعبير عن ميل للانتحار الوجودي في حالتي تمرد وتطرف صارختين، وإذا كان كون التنظيم سنيا يعيد إلي الأذهان سيناريوهات متكررة للتطرف وحمل السلاح في مواجهة السلطات في العديد من الدول العربية مثل الجزائر ومصر ولبنان وسوريا بل وحتي في الأراضي الفلسطينية ذاتها فإن المخالف هو كون جماعة الحوثيين تنتمي للشيعة الزيدية وهو مذهب يوصف في أدبيات الفكر الديني العربي بشكل عام بالاعتدال والتماس مع المذهبين السني والشيعي الإثني عشري.
قضية التنظيم لا تخلو من الإثارة حيث أخذت طابعا دراميا، فعمر الجماعة قصير للغاية وطبقا للمعلومات المتوافرة فقد ظهر لأول مرة في عام 2007 في منطقة رفح جنوبي القطاع وأعلنت عن وجودها بعد سقوط ثلاثة من أعضائها قتلي في هجوم فاشل علي موقع إسرائيلي شمال القطاع نفذه عشرة من مقاتليها وهم يمتطون الجياد حيث كانوا يحملون قذائف هاون لكن هذا الهجوم التي أطلق عليه التنظيم اسم غزوة البلاغ أحبط بسبب عدم التخطيط الجيد ولأنه تم في منطقة مكشوفة بالنسبة للجيش الإسرائيلي، وهنا يستوقفنا ما يفصح عنه الهجوم بهذه الطريقة فهو لا يخلو من رمزية ماضوية ، فقد يقول قائل إن الجيش الإسرائيلي يستخدم الخيل في عدوانه المتكرر علي الفلسطينيين، لكن الرد البسيط أن هذا الاستخدام يتم في ظل قواعد لعبة احتلال كامل وسيطرة تامة علي ساحة المواجهات.
وحسب المعلومات فإنه منذ ذلك الحين أي علي مدار ما يقرب من سنتين أخذ تنظيم جند أنصار الله يعبر عن نفسه في سلسلة من الاعتداءات علي مقاهي الانترنت والأفراح في القطاع بدعوي محاربة الرذيلة والسعي لتطبيق شرع الله، إلي أن وقعت الواقعة الكبري عندما أعلن الشيخ عبد اللطيف موسي الملقب بأبي النور المقدسي الإمارة الإسلامية في غزة فما كان من حركة حماس إلا أن تدخلت عسكريا ضد التنظيم الذي قدر أعضاؤه بالمئات مما أسفر عن مقتل 28 شخصا بينهم زعيم التنظيم وإصابة أكثر من مائة وثلاثين آخرين من الجانبين، وانتهي الأمر عمليا بالقضاء علي التنظيم حيث توزع أعضاؤه ما بين القتل والاعتقال والهروب، وإذا كان هناك من يشكك في رواية حماس عن مصرع موسي ومساعده حيث قالت إنهما فجرا نفسيهما، فإن الحديث عن موقف حماس وسلوكها ليس موضوع هذا المقال، وإنما ما يستوقفنا هو سلوك موسي ورفاقه، فالسؤال المدهش هل يمكن إعلان إمارة إسلامية من جانب جماعة تقدر بالمئات ولا تسيطر سوي علي مسجد ومجموعة من المنازل في أحد أحياء رفح،أليس هذا عملا شديد الغباء، وهل كان يتوقع هذا الرجل أن تسمح له حماس بأن يهدد سلطتها ويفرض سلطته حتي علي بضعة أمتار مربعة؟!.
والأكثر إثارة للدهشة هو أن موسي الذي بلغ من العمر 48 عاما تشير المعلومات إلي أن لديه خلفية دينية جيدة وقاريء جيد لتراث الإسلام بل له مؤلفات إسلامية في العقيدة أبرزها كتاب الياقوت والمرجان في عقيدة أهل الإيمان وتم اختياره ضمن قائمة المفتين علي مستوي العالم الإسلامي في كتاب أسئلة وأجوبة شرعية حول القضية الفلسطينية الذي أصدره مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية، فضلا عن كونه طبيبا حيث تخرج في كلية الطب جامعة الإسكندرية في مصر عام 1979 كيف لم يفهم هذا الرجل أن إعلان الإمارة الإسلامية بمثابة الخطوة الأخيرة قبل انتحار تنظيمه؟ هل نقبل التبرير القائل بسيطرة الحماسة والحمية علي الرجل ورفاقه، وأين العقل؟!
نأتي للحوثيين، وتمردهم غريب الشأن فهم يقولون إنهم لجأوا لاستخدام السلاح ضد الحكومة لأنها منعتهم من سب أمريكا وإسرائيل في المساجد، فهل هذا سبب كاف للتمرد، لقد قرأت كثيرا عن الحوثيين فلم أجد أسبابا قوية لهذا التمرد حتي حديثهم عن تعرض الطائفة الزيدية في اليمن لاضطهاد لم أجد ما يشير إلي أنه له صدي بين الزيديين اليمنيين مما يعني أننا أمام تمرد لجماعة صغيرة في النهاية لأن بضعة آلاف من بين ملايين لا يشير إلي وجود قضية أو مظلمة كبري، و المدهش أيضا أن عبد الملك الحوثي القائد الحالي للجماعة هو نجل رجل دين يمني معروف هو بدر الدين الحوثي وهو الذي لا يزال علي قيد الحياة ويمثل الأب الروح للتمرد كان ذلك منذ بدأ هذا التمرد علي يد ابنه حسين الذي قتلته القوات الحكومية اليمنية عام 2004 والثابت أن حسين هذا تلقي تعليما دينيا أيضا وكان يستعد للحصول علي درجة الدكتوراه في العلوم الشرعية من السودان قبل بدء التمرد!
لقد قاد تمر الحوثيين في صعدة إلي حرب عبثية تستنزف اليمن، صحيح أن لنظام الرئيس علي عبد الله صالح أخطاءه وممارساته السلطوية لكن ليس هذا مبررا للتمرد الذي لن يحقق شيئا في النهاية، فليس باستطاعة الحوثيين إلحاق الهزيمة بالدولة مهما طالت المعارك التي يدفع ثمنها المدنيون الذي يعتقد أن العشرات منهم لقوا مصرعهم فضلا عن تشريد ما يقرب من 150 ألفا آخرين، والأرجح هو انتصار الدولة في خاتمة المطاف، ومن المؤسف أن الحوثيين يبدون وكأنهم لا يستوعبون هذه الحقيقة حيث بشكل أو بآخر يقومون بحركة انتحارية، و لا أميل للحديث عن دور خارجي في تمرد صعدة، ولا أصدق ما يقال عن أن دعما إيرانيا للحوثيين وراء استمرارهم في القتال، فهم أصحاب القرار أولا، بالأمس كانت محنة فتح الإسلام في لبنان واليوم الحوثيون وجند أنصار الله، ولا أحد يعلم محطة التمرد والانتحار القادمة!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.