"التعليم": شرائح زيادة مصروفات المدارس الخاصة تتم سنويا قبل العام الدراسي    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الإثنين 3 يونيو 2024 (تحديث)    التموين تكشف حقيقة تغيير سعر نقاط الخبز ومصير الدعم    السجيني: نزول الأسعار تراوح من 15 ل 20 % في الأسواق    الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في الكشف المبكر عن قصور القلب    وزير الاتصالات يبحث مع وزير الاقتصاد المجرى فتح آفاق جديدة للتعاون    بعد الخبز.. مقترح حكومي بزيادة السكر التمويني إلى 18 جنيها    المرصد السوري: سلسلة انفجارات متتالية قوية تهز مدينة حلب (فيديو)    مقتل وإصابة 25 في حادث إطلاق نار بولاية أوهايو الأمريكية    مسؤولون إسرائيليون: إذا جاء رد حماس إيجابيا فسيجد نتنياهو طريقة للتهرب والمماطلة    عماد أديب: نتنياهو يعيش حياة مذلة مع زوجته    كريم خان يتسبب في "خيبة أمل جديدة" بين نتنياهو وبايدن    غالانت يقترح "إنشاء حكومة بديلة لحماس" في غزة    أفشة: صلاح أصبح شبهي.. فايلر الأفضل.. ولن يوجد نهائي صعب بعد القاضية    الغندور: اللوائح في اتحاد الكرة سمك لبن تمر هندي.. وأقوم بعملي لخدمة الصالح العام وليس للزمالك    أفشة: 95% من الناس في مصر لا تفهم ما يدور في الملعب.. والقاضية ظلمتني    وكيل كوناتي: إذا قرر اللاعب الانتقال إلى الدوري المصري سيكون من خلال الأهلي    موقف الشناوي من عرض القادسية السعودي    ميدو: ليس هناك وقت ل«القمص» وحسام حسن سيخرج أفضل نسخة من صلاح    الكشف عن تفاصيل عرض موناكو لضم محمد عبد المنعم.. ورد حاسم من الأهلي    خسارة للبايرن ومكسب للريال.. أسطورة البافاري يعلق على انتقال كروس للملكي    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    أصعب 24 ساعة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الإثنين: «درجات الحرارة تصل ل44»    مصرع وإصابة 16 شخصا في حادث تصادم سيارتين بقنا    دفن جثة شخص طعن بسكين خلال مشاجرة في بولاق الدكرور    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    رابط نتيجة الصف الثالث الاعدادي برقم الجلوس 2024 (القاهرة والجيزة)    وصول أول فوج من حجاج السودان    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    هل سيتم زيادة مصروفات المدارس الخاصة.. التعليم توضح    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    «فرصة لا تعوض».. تنسيق مدرسة الذهب والمجوهرات بعد الاعدادية (مكافأة مالية أثناء الدراسة)    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    محمد الباز ل«بين السطور»: «القاهرة الإخبارية» جعلتنا نعرف وزن مصر الإقليمي    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    عماد الدين حسين: مصر ترجمت موقفها بالتصدي لإسرائيل في المحافل الدولية    أسامة القوصي ل"الشاهد": مصر الوحيدة نجت من مخطط "الربيع العبري"    ختام مهرجان روتردام.. أحمد حلمي يهدي تكريمه للفيلم الفلسطيني "اللد".. التونسي "المابين" يفوز بجائزة أفضل فيلم.. "من عبدول إلى ليلى" أفضل وثائقي و"الترويضة" أفضل فيلم قصير.. وتكريم ل هشام ماجد    مدير مكتب سمير صبري يكشف مفاجأة عن إعلام الوراثة وقصة نجله وبيع مقتنياته (فيديو)    النيابة الإدارية تكرم القضاة المحاضرين بدورات مركز الدراسات القضائية بالهيئة    كوريا الشمالية توقف بالونات «القمامة» والجارة الجنوبية تتوعد برد قوي    عماد الدين حسين: مصر ترجمت موقفها بالتصدي لإسرائيل في المحافل الدولية    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    استمتع بنكهة تذوب على لسانك.. كيفية صنع بسكويت بسكريم التركي الشهي    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    «مغشوش».. هيئة الدواء تسحب مضاد حيوي شهير من الصيداليات    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    ما جزاء من يقابل الإحسان بالإساءة؟.. أمين الفتوى يوضح    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لانتحار تمرداً وتطرفاً- الراية القطرية
نشر في مصر الجديدة يوم 23 - 08 - 2009

إفرازات التخلف في عالمنا العربي تكشف عن نفسها كلما واتتها الفرصة، والمشكلة أنها تبدو بلا نهاية رغم الجهود التي تبذل من أجل دفع التنوير والتثقيف والتطور إلي الأمام إذ أننا نواجه خللا بنيويا يتصل بتكوين مجتمعاتنا وثقافتها السائدة والقيم السلبية التي تحكم مجريات حياتنا وأبرزها في تقديري النظام الأبوي البطريركي والفهم المغلوط للإسلام حيث ينعقد لساننا عندما نجد أن هناك عقولا وبعضها تلقي تعليما عاليا غير قادرة علي التقاط وتقبل البديهيات التي تتعلق بالبشر قبل أن نقول إنها تتصل بالإسلام والمسلمين!
لنأخذ نموذجين لهذه الإفرازات واقعة انفجار فقاعة تنظيم جند أنصار الله في قطاع غزة وتجدد تمرد جماعة الحوثيين في محافظة صعدة شمال اليمن، لا توجد مرجعية مشتركة ولا ما يمكن أن نسميه بأيدلوجية مشتركة أو حتي أيدلوجيتين متشابهتين للتنظيم والجماعة بل إن أوجه الاختلاف بينهما كبيرة للغاية، لكن يجمع بينهما أنهما تعبير عن ميل للانتحار الوجودي في حالتي تمرد وتطرف صارختين، وإذا كان كون التنظيم سنيا يعيد إلي الأذهان سيناريوهات متكررة للتطرف وحمل السلاح في مواجهة السلطات في العديد من الدول العربية مثل الجزائر ومصر ولبنان وسوريا بل وحتي في الأراضي الفلسطينية ذاتها فإن المخالف هو كون جماعة الحوثيين تنتمي للشيعة الزيدية وهو مذهب يوصف في أدبيات الفكر الديني العربي بشكل عام بالاعتدال والتماس مع المذهبين السني والشيعي الإثني عشري.
قضية التنظيم لا تخلو من الإثارة حيث أخذت طابعا دراميا، فعمر الجماعة قصير للغاية وطبقا للمعلومات المتوافرة فقد ظهر لأول مرة في عام 2007 في منطقة رفح جنوبي القطاع وأعلنت عن وجودها بعد سقوط ثلاثة من أعضائها قتلي في هجوم فاشل علي موقع إسرائيلي شمال القطاع نفذه عشرة من مقاتليها وهم يمتطون الجياد حيث كانوا يحملون قذائف هاون لكن هذا الهجوم التي أطلق عليه التنظيم اسم غزوة البلاغ أحبط بسبب عدم التخطيط الجيد ولأنه تم في منطقة مكشوفة بالنسبة للجيش الإسرائيلي، وهنا يستوقفنا ما يفصح عنه الهجوم بهذه الطريقة فهو لا يخلو من رمزية ماضوية ، فقد يقول قائل إن الجيش الإسرائيلي يستخدم الخيل في عدوانه المتكرر علي الفلسطينيين، لكن الرد البسيط أن هذا الاستخدام يتم في ظل قواعد لعبة احتلال كامل وسيطرة تامة علي ساحة المواجهات.
وحسب المعلومات فإنه منذ ذلك الحين أي علي مدار ما يقرب من سنتين أخذ تنظيم جند أنصار الله يعبر عن نفسه في سلسلة من الاعتداءات علي مقاهي الانترنت والأفراح في القطاع بدعوي محاربة الرذيلة والسعي لتطبيق شرع الله، إلي أن وقعت الواقعة الكبري عندما أعلن الشيخ عبد اللطيف موسي الملقب بأبي النور المقدسي الإمارة الإسلامية في غزة فما كان من حركة حماس إلا أن تدخلت عسكريا ضد التنظيم الذي قدر أعضاؤه بالمئات مما أسفر عن مقتل 28 شخصا بينهم زعيم التنظيم وإصابة أكثر من مائة وثلاثين آخرين من الجانبين، وانتهي الأمر عمليا بالقضاء علي التنظيم حيث توزع أعضاؤه ما بين القتل والاعتقال والهروب، وإذا كان هناك من يشكك في رواية حماس عن مصرع موسي ومساعده حيث قالت إنهما فجرا نفسيهما، فإن الحديث عن موقف حماس وسلوكها ليس موضوع هذا المقال، وإنما ما يستوقفنا هو سلوك موسي ورفاقه، فالسؤال المدهش هل يمكن إعلان إمارة إسلامية من جانب جماعة تقدر بالمئات ولا تسيطر سوي علي مسجد ومجموعة من المنازل في أحد أحياء رفح،أليس هذا عملا شديد الغباء، وهل كان يتوقع هذا الرجل أن تسمح له حماس بأن يهدد سلطتها ويفرض سلطته حتي علي بضعة أمتار مربعة؟!.
والأكثر إثارة للدهشة هو أن موسي الذي بلغ من العمر 48 عاما تشير المعلومات إلي أن لديه خلفية دينية جيدة وقاريء جيد لتراث الإسلام بل له مؤلفات إسلامية في العقيدة أبرزها كتاب الياقوت والمرجان في عقيدة أهل الإيمان وتم اختياره ضمن قائمة المفتين علي مستوي العالم الإسلامي في كتاب أسئلة وأجوبة شرعية حول القضية الفلسطينية الذي أصدره مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية، فضلا عن كونه طبيبا حيث تخرج في كلية الطب جامعة الإسكندرية في مصر عام 1979 كيف لم يفهم هذا الرجل أن إعلان الإمارة الإسلامية بمثابة الخطوة الأخيرة قبل انتحار تنظيمه؟ هل نقبل التبرير القائل بسيطرة الحماسة والحمية علي الرجل ورفاقه، وأين العقل؟!
نأتي للحوثيين، وتمردهم غريب الشأن فهم يقولون إنهم لجأوا لاستخدام السلاح ضد الحكومة لأنها منعتهم من سب أمريكا وإسرائيل في المساجد، فهل هذا سبب كاف للتمرد، لقد قرأت كثيرا عن الحوثيين فلم أجد أسبابا قوية لهذا التمرد حتي حديثهم عن تعرض الطائفة الزيدية في اليمن لاضطهاد لم أجد ما يشير إلي أنه له صدي بين الزيديين اليمنيين مما يعني أننا أمام تمرد لجماعة صغيرة في النهاية لأن بضعة آلاف من بين ملايين لا يشير إلي وجود قضية أو مظلمة كبري، و المدهش أيضا أن عبد الملك الحوثي القائد الحالي للجماعة هو نجل رجل دين يمني معروف هو بدر الدين الحوثي وهو الذي لا يزال علي قيد الحياة ويمثل الأب الروح للتمرد كان ذلك منذ بدأ هذا التمرد علي يد ابنه حسين الذي قتلته القوات الحكومية اليمنية عام 2004 والثابت أن حسين هذا تلقي تعليما دينيا أيضا وكان يستعد للحصول علي درجة الدكتوراه في العلوم الشرعية من السودان قبل بدء التمرد!
لقد قاد تمر الحوثيين في صعدة إلي حرب عبثية تستنزف اليمن، صحيح أن لنظام الرئيس علي عبد الله صالح أخطاءه وممارساته السلطوية لكن ليس هذا مبررا للتمرد الذي لن يحقق شيئا في النهاية، فليس باستطاعة الحوثيين إلحاق الهزيمة بالدولة مهما طالت المعارك التي يدفع ثمنها المدنيون الذي يعتقد أن العشرات منهم لقوا مصرعهم فضلا عن تشريد ما يقرب من 150 ألفا آخرين، والأرجح هو انتصار الدولة في خاتمة المطاف، ومن المؤسف أن الحوثيين يبدون وكأنهم لا يستوعبون هذه الحقيقة حيث بشكل أو بآخر يقومون بحركة انتحارية، و لا أميل للحديث عن دور خارجي في تمرد صعدة، ولا أصدق ما يقال عن أن دعما إيرانيا للحوثيين وراء استمرارهم في القتال، فهم أصحاب القرار أولا، بالأمس كانت محنة فتح الإسلام في لبنان واليوم الحوثيون وجند أنصار الله، ولا أحد يعلم محطة التمرد والانتحار القادمة!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.