"أنامل الموت" رواية صدرت حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية، للكاتب العراقي الدكتور رائد العزاوي، وتقع في ثلاثين فصلاً متراوحة الطول، حسب منطق الأحداث وهي فصول زمنية، حيث إن الرواية تتبع طريقة السرد المستقيم، تدور في عالم شديد الغرابة والرعب ملئ بالدماء والدسائس في عدة أمكنة من العالم، إذ تلتقط الرواية حياة شقيقين تتحوّل الأكبر منهما من شخص عادي بسيط يحلم بالوظيفة والزواج إلى مواطن عالمي ينخرط في سلك الإرهاب، ويصل به الأمر إلى الانضمام إلى تنظيم القاعدة.. ويروي الكاتب متتبعًا لهذا المواطن تحولاته الفكرية والاجتماعية والحياتية وفي هذا الخط من الرواية تشتبك الأحداث مع أجهزة مخابرات عدة في أحداث فرضتها طبيعة العمل الروائي ورحلة ذلك المواطن العربي، مع أجهزة عدة كلها تراقب هذا التنظيم تستفيد منه وتوجهه لخدمة أهدافها، وتحاربه في أحيان أخرى. وتضع الرواية يدها، حسب الكاتب، وتشير إلى أن الإرهاب الحقيقي تقف وراءه أجهزه مخابرات إسرائيلية، فهي القاسم المشترك الأعظم في أغلب الأحداث التي هزّت العالم حتى أحداث الحادي عشر من سبتمبر في أميركا عبر الوسيط "ناحوم" الإسرائيلي الذي يموّل أغلب عمليات الإرهاب في الشرق الأوسط، ويستخدم في مخططه شبابًا من العرب والمصريين في حرب قذرة تجري تحت أعين الجميع، وينجو في كل مرة بتوازنات سياسية وقودها شهداء هذه العمليات. ويذكر الدكتور رائد العزاوي مؤلف الرواية إلى أن الشقيق الثاني يتمسك بمصريته ويرفض كل دعاوي الإرهاب فيتم اغتياله على يد شقيقه، وتتبع الرواية مصير هذه الأسرة المنكوبة عبر القاهرة وشرم الشيخ والمصير الذي آلت إليه نتيجة الإرهاب الذي لا يفرق بين مسلم أو مسيحي، فالجميع وقود في حرب مجنونة هدفها في النهاية السيطرة على المنطقة العربية . يعتبر الكاتب الأحداث في الرواية متخيلة والشخصيات لها ظلال في الواقع، لكنها مكتوبة بمعرفة وخبرة حياتية عاشها الكاتب الذي عمل مراسلاً لإذاعة البي بي سي، في حرب أفغانستان وغيرها من المناطق الملتهبة في العالم، وعبر تجواله في العديد من هذه المناطق التي تتماس مع الوطن العربي والملتحمة مع قضاياه، كما تذخر الرواية بالعديد من الأحداث والشخصيات مصريين وسعوديين وكويتيين، وتمتد مساحتها مكانيًّا بين مصر والسودان وأفغانستان ولندن وتل أبيب والعراق أحدث المناطق التي صارت مسرحًا لعمليات ناحوم الإسرائيلي والإرهابي الذي يحركه هدف القتل والموت . وتعد رواية أنامل الموت أول رواية تقتحم أسوار تنظيم القاعدة، حيث عمل الكاتب مراسلاً صحفيًا في أفغانستان والعراق وعدد من البلدان التي كانت موطن لذلك التنظيم، حيث التقى الكاتب بالعديد منهم، واستطاع بعذ ذلك أن ينسج من وحي تجاربه وبنات أفكاره عملاً أدبيًا تحت مسمى "أنامل الموت"، محملاً إسرائيل في أكثر من موضع مسؤولية الإرهاب العالمي في أحد نماذجه العربية. والكاتب حاصل على الدكتوراة في العلوم السياسية، وعمل باحث في العديد من المراكز البحثية، بالإضافة إلى عمله كصحفي وكاتب مهتم بالشأن العربي . ولد في بغداد عام 1971 في أسرة عراقية غنية ومن اعرق العائلات البغدادية التي دمرها الاحتلال، وعانى كثيرًا مما يشاهده في العراق، خاصةً وأن الكثيرين من أحبائه وأقاربه قد طالتهم براثن الموت عبر تلك الفترة القاتمة لبلاده، خاصة مع بدء الاحتلال الأميركي سنة 2003.. يقول الكاتب في مقدمة الراوية بشكل غريب ربما للمطلع: "هذه الروية نتاج سنين من الغربة في القاهرة، وعدد من بلدان العالم التي شاءت ظروف عملي كصحفي أن أزورها وهي ربما لن تلقى استحسان قارئها، وبالتأكيد أساتذتي النقاد والمتطلعين وأصحاب الباع الطويل في مجال كتابة الروايات إنما هي محاولة متواضعة مني أقدمها لك إيها القارئ العزيز، ولك الحكم أن تغلق دفتيها عند أول صفحة أو أن تكملها إلى النهاية التي ربما لاتعجبك ولا ترضيك، لكن هي محاولة لفهم بعض مما يدور في عقول من هم المادة الأساس في وسائل الإعلام والذين من خلالهم يشوه الإسلام وما أنا هنا بمدافع عن هذا الدين العظيم ولن أكن ذلك الشخص ما حييت فهو دين محفوظ لا يحتاج إلى منابر أو عمائم أو قنابل" . ولعل تلك الرواية أن يكون لها صدى عالمي على المستوى القريب، إذ وافقت اللجنة المنظمة لجائزة البوكر العربية والتي ترعاها شركة بوكر البريطانية وبدعم من مؤسسة الإمارت على مشاركة رواية أنامل الموت للكاتب العراقي الدكتور رائد العزاوي، وذلك في مسابقتها لعام 2010.