أراد السيد عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية كشف الغموض الذي تفرضه إسرائيل منذ سنوات طويلة علي برنامجها النووي فطلب من الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز زيارة مفاعل ديمونة. حدث ذلك عندما كان عمرو موسي وزيرا لخارجية مصر "1991-2001" وكان شيمون بيريز وزيرا لخارجية إسرائيل. الحوار الذي دار بين الرجلين بشأن هذه الزيارة لم يصل إلي وسائل الإعلام حتي جاء علي لسان شيمون بيريز نفسه في حديث لقناة تليفزيون "بي بي سي" البريطانية أدلي به مساء الاثنين 15-2-2010 الساعة التاسعة وعشر دقائق بتوقيت القاهرة لبرنامج اسمه "في الصميم" يقدمه المذيع حسن عوض و هذا هو نص الحوار كما جاء علي لسان شيمون بيريز. - عمرو موسي: اسمع شيمون نحن أصدقاء أليس كذلك؟ - شيمون بيريز: نعم ياعمرو.. نحن أصدقاء بكل تأكيد - عمرو موسي: إذن تعال نذهب معا كأصدقاء إلي مفاعل ديمونة لأري ماذا يجري هناك. - شيمون بيريز: وهل تظنني ساذجا ياعمرو لكي أصطحبك معي إلي هناك فتري أن لاشيء يحدث وبذلك تزول الشكوك لديكم عن امتلاكنا أسلحة ردع من هذا النوع فتستقوون علينا وتصبحون أعداء خطيرين لن اصطحبك معي إلي هناك ياعمرو..!! *** هذا الحوار القصير الذي دار ببساطة شديدة بين اثنين من أكبر الأدمغة السياسية في العالم يعكس بوضوح حالة عدم الثقة المتجذرة بين العرب وإسرائيل والتي حاول عمرو موسي "التغطية" عليها بمظلة من الصداقة الوهمية مع بيريز لعل هذه المظلة تفتح له الطريق لزيارة مفاعل ديمونة لكن بيريز تنبه لمحاولة موسي ولم يوافق علي طلبه فبقيت الشكوك قائمة والثقة غائبة..! يعكس هذا الحوار أيضاً حرص إسرائيل علي الاستمرار في اتباع سياسة الغموض حول برنامجها النووي.. وهي سياسة ساعدت عليها ودعمتها الدول الغربية بالاستمرار في غض الطرف عن كل الحقائق التي تكشف عن امتلاك إسرائيل واحدة من أكبر الترسانات النووية في العالم وصفتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في يناير 1993 بأنها خامس قوة نووية في العالم وقالت إن إسرائيل لديها صواريخ متعددة المراحل قادرة علي حمل رءوس نووية والوصول إلي معظم العواصم العربية كان ذلك في عام 1993 فما بالنا بالحجم الذي وصلت إليه الترسانة النووية الإسرائيلية الآن..؟! *** مناسبة هذا الحديث هو المؤتمر الذي عقد في واشنطن الأسبوع الماضي- 12و13 ابريل 2010 تحت عنوان "قمة الأمن النووي" الذي اجتمع فيه قادة وممثلو 47 دولة لمناقشة "وهم" اسمه: احتمال حصول التنظيمات الإرهابية علي أسلحة ومواد نووية!.. "وهم" صوره المسئولون الأمريكيون أمام المؤتمر في صورة مرعبة لمصير العالم إذا ما استطاعت من تسميهم ب: "التنظيمات الإرهابية" الحصول علي مواد نووية..! هذا "الوهم" قال عنه الرئيس الأمريكي أوباما: إنه يشكل التهديد الأبرز لأمن الولاياتالمتحدة علي المدي القصير والمتوسط والبعيد وإن أخذ هذا التهديد بعين الاعتبار سوف يغير المنظور الأمني داخل الولاياتالمتحدة وفي العالم بشكل عام لسنوات مقبلة. أقول "وهم" لأن التنظيمات المقصودة تعمل بامكانيات بدائية للغاية نراهم يستقلون الدراجات البخارية في أفغانستان في مواجهة مدرعات وكاسحات ألغام ومصفحات يستقلها جنود حلف الأطلنطي و نراهم يقاتلون ببنادق كلاشينكوف عمرها الافتراضي انتهي منذ وقت طويل في مواجهة مدافع تعمل بأشعة الليزر وقادرة علي الرؤية الليلية ونراهم يضطرون أحيانا إلي نسف أجسادهم بالديناميت من أجل إلحاق بعض الخسائر بالقوات التي ذهبت إلي بلادهم فاحتلتها ودمرتها وقتلت أهاليهم وشردتهم بدعوي كذبة كبيرة هي مسئوليتهم عن هجمات 11 سبتمبر 2001 رغم أن الذين يقتلون الآن في أفغانستان ليس لهم أية علاقة بهذه الأحداث من قريب أو بعيد ولم يسمعوا في حياتهم قط عن برجي التجارة في نيويورك بل لقد ظهرت مؤخراً أدلة تنفي مسئولية طالبان وتنظيم القاعدة عن أحداث 11 سبتمبر هذه الأدلة حققها مجموعة من العلماء والباحثين والعسكريين في الولاياتالمتحدة وأصدروها في كتاب اسمه "الحادي عشر من سبتمبر والامبراطورية الأمريكية- المفكرون يتحدثون" وقد قدمت عرضا لهذا الكتاب علي 5 حلقات في هذا المكان في الفترة من 17-9-2008 إلي 15-10-2008 في هذا الكتاب شهادة مهمة لسيدة اسمها "كارين كوياتكوفسكي" هي ضابط سابق بالبنتاجون وكانت تجلس في مكتبها بالطابق الخامس الممر السابع القسم "ب" وقت حدوث الانفجار تقول إن قطر الفتحة التي حدثت في جدار البنتاجون 20 قدماً أي حوالي 6 أمتار تقريباً بينما يصل عرض جناحي الطائرة التي قيل إنها اصطدمت به- من طراز بوينج 757- إلي 38 متراً. فكيف دخلت طائرة بهذا الحجم من فتحة ضيقة بهذا الشكل!! وإذا كانت الأجنحة قد تكسرت فأين هذه الأجنحة؟ وأين مقاعد الركاب؟ ويشير "ديفيد راي جريفين" الذي قام بجمع شهادات العلماء في هذا الكتاب إلي أن البنتاجون هو أكثر المباني تحصينا علي وجه الأرض فهو لا يبعد سوي أميال قليلة فقط عن قاعدة أندروز الجوية التي يوجد بها علي الأقل 3 أسراب من المقاتلات النفاثة في وضع الاستعداد طوال الوقت فضلا عن أنه محاط بحلقة من البطاريات المضادة للصواريخ مبرمجة علي تدمير أية طائرة تدخل المجال الجوي للبنتاجون فكيف إذن استطاعت طائرة مدنية أن تدخل المجال الجوي للبنتاجون؟ وكيف لم تظهر علي أجهزة الرادارات الأمريكية التي تعد الأفضل من نوعها في العالم؟ المهم أن الكتاب يشير بقوة إلي أن هجمات 11 سبتمبر هي من فعل اليمين المتطرف في الولاياتالمتحدة لكن للأسف الذي يدفع الثمن الآن هم المسلمون في أفغانستان وعندما يقاومون الجيوش المعتدية تعتبرهم الولاياتالمتحدة "جماعات إرهاربية" وتختلق "وهما" عن امكانية حصولهم علي أسلحة ومواد نووية ثم تدعو قادة وممثلي 47 دولة في العالم للاجتماع في واشنطن وبحث سبل التصدي لهذا "الوهم" أما الحقيقة وهي امتلاك إسرائيل لترسانة من الأسلحة النووية المتقدمة فقد غابت عن المؤتمر..! *** الغريب أن ذلك يحدث في وقت مازال العالم فيه لم يتفق حتي الآن علي تعريف محدد للإرهاب لكي يتم علي أساسه تصنيف التنظيمات المقاتلة إلي: تنظيمات إرهابية يجب أن نتحد في مواجهتها أو تنظيمات مقاومة يكفل لها ميثاق الأممالمتحدة والشرائع السماوية في كل الأديان حق المقاومة المسلحة للدفاع عن النفس وتحرير الأرض. وإذا كانت إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية قد استخدمتا المواد النووية والمشعة - كاليورانيوم المنضب والفسفور الأبيض- في قصف المدنيين في غزة والعراق وأفغانستان أليس من حق جماعات المقاومة من أبناء هذه الشعوب الحصول علي نفس المواد واستخدامها ضد الذين اعتدوا علي بلادهم..؟! إن سياسة الكيل بمكيالين قد أثبتت فشلها في التعامل مع قضايا الأمن العالمي وعلي الولاياتالمتحدة والدول الغربية أن تعترف بذلك حتي يتحقق الأمن لهم ولبقية دول العالم. وإذا كان الرئيس أوباما قد وصف "طموحات التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم القاعدة للحصول علي أسلحة ومواد نووية بأنه يشكل التهديد الأبرز لأمن الولاياتالمتحدة علي المدي القصير والمتوسط والبعيد" فإن الحقيقة هي أن امتلاك إسرائيل وليس مجرد طموحها- لترسانة من الأسلحة النووية المتقدمة هو الذي يشكل التهديد الأبرز لأمن منطقة الشرق الأوسط علي المدي القصير والمتوسط والبعيد لاسيما أن هذه الترسانة- كما جاء في كتاب اسمه "كتلة حرجة" لمؤلفيه روبرت سردين ووليام بوش- تحتوي علي قنابل نووية صغيرة يمكن حمل الواحدة منها في حقيبة! وكذلك ألغام نووية تمت زراعتها في أرض الجولان..!