"قعدت الدنيا ولم تقم" عندما قرر الأمير الوليد بن طلال شراء الأفلام السينمائية المصرية أبطالاً وقصة وإخراجًا وتاريخًا رغم صرخات وتحذيرات صناع الفن المصري وقتها؛ لكن الضجة هدأت بعدما كشر أصحاب المصالح عن أنيابهم وطلبوا الصمت من "اللي على رأسه بطحه" فسكت الجميع سكوت أهل القبور وتمت الصفقة واشترى الأمير أفلامنا بسعر زهيد واشترى أحلامنا وأبطالنا ونجومنا بعدها، وكأن على رءوسنا الطير وشربنا ماء مسحورًا. ليأتي وعد الأمير ليثلج صدورنا جميعًا بأنه لن يحرم المصريين من نجومهم المحبوبين عبد الحليم وفريد شوقي وصباح بل على العكس سوف يقدم هذه الأفلام لمدة خمس سنوات مجانًا حبًا واحترامًا للمصريين، وراحت وسائل الإعلام وقتها تهلل حتى إن بعض الصحف وضعت صورته وهو يحيي المصريين وكأنه الفاتح والمحافظ على تاريخنا. وجاء إصراره بأن يضرب لنا أروع الأمثلة على حبه وعشقه للمصريين فقرر شراء 100 ألف فدان في توشكى بثمن بخس، وعاون الرجل مصريون أشداء يحبون البلد مثله، وسهّلوا له مهمة امتلاكه لكل شيء لدرجة دفعته للتحكم في مقدرات بلد له كرامته وشعب له رئيسه. اقترب الرجل من المصريين أكثر، فهو يعلم تماماً مدى حبهم للطرب والغناء فراح يغني عليهم وقام بشراء كبار النجوم من أهل الطرب وعرض ملايينه أمام أعينهم، كم تريد؟ مليون.. 2 مليون.. 3 ملايين.. لا مانع، المهم أنت أيها المصري معي، وأنت مطربي المفضل.. وبعد عدة أشهر أجلسكم جميعاً في بيوتهم بلا عمل. سحقًا لهذه الدولارات التي قضت على الجميع بدءًا من هاني شاكر مروراً بإيهاب توفيق، وانتهاء بأنغام وغيرهم.. كلهم تعاقدوا معه وقبضوا الملايين وندموا وخسروا، واستطاع الوليد أن يرسل رسالته إلى شركات الإنتاج في مصر: لا حياة لكِ إلا من خلال عباءتي. وجاءت الطامة الكبرى حينما أقدم الأمير على مشاركة من يدعم الكيان الصهيوني ليضع لهم على طبق من ذهب تراثنا السينمائي والغنائي الذي اشتراه بدولاراته. فطريق السرقة الذي طالما لجأ إليه "الإسرائيليون" لن يستمروا فيه طويلا بعدما أعطاهم الأمير الفرصة كاملة بأن يكونوا أصحاب حق في تاريخنا وأحلامنا ونجومنا أيضًا. هذه الصفقة المشبوهة التي أبرمها الأمير مع هذا المدعو "مردوخ" دفعته لأن يرحِّل المطربين المصريين من "روتانا" ويستغني عن كل ما هو مصري. أعطاهم الأمير السلاح الذي يذبح به تاريخنا الفني وبيد الوليد السؤال: هل تنقصك الأموال أيها الأمير؟ هل تحتاج إلى ملايين مردوخ، أم حبك لمصر وشعبها الذي تعامل معك على أنك مصري سعودي؟ ما الذي دفعك لذلك؟ أيها الأمير لكل جوادٍ كبوة، أما أنت فلك خمسون كبوة بدءًا من توشكى ونهاية بمردوخ. أيها الأمير نعلم أن هناك عربًا يذهبون إلى إسرائيل سرًا وعلنًا ونعلم أيضا أن هناك مصريين يذهبون إلى إسرائيل سرًا وعلنًا ولكن هؤلاء لم يبيعوا تاريخنا لهم. نعم أخطات حكومتنا بتصدير الغاز إليهم ولكن القضاء سوف يعيد إلينا حقنا المسلوب تصدير الغاز وصمة عار واتفاقية مردوخ وصمة عار. أيها الأمير كن حريصًا على كتابة اسمك في التاريخ بشكل مشرف واستيقظ قبل فوات الأوان. وأخشى أن يأتي اليوم الذي يقول فيه مردوخ عن توشكى لي نصف هذه الأرض ربما أتوقع ذلك في القريب.