"الزبال" المهنة وليس الصفة المذمومة نفكها فى اللغة العربية الفصحى إلى كلمتين "جامع القمامة" وجمعها "جامعو القمامة"، وهم فئة من البشر تبدو لنا فى مصر أنها مظلومة مع أن التقارير والإحصائيات كلها تشير إلى الأرباح الكبيرة التى "يجمعونها" من وراء "جمعهم" لبقايا استهلاكاتنا. أرباح الزبالين خلقت تغييرات على الصورة النمطية لهؤلاء البشر، وبعد أن دخل المهنة متعلمون وأصحاب شهادات عليا. والسينما المصرية أيضا رصدت هذا التغيير وصعود طبقة "الزبالين" فى المجتمع المصرى مع البدايات الأولى لسنوات الأنفتاح بفيلم شهير حمل عنوان "انتبهوا أيها السادة" وكأنه نداء للإستيقاظ بعد أن أعتلى الزبال الثرى الهرم المجتمعى بينما إنحدر أستاذ الجامعة الفقير درجات كثيرة دونه. هناك أيضا أفلام أخرى وثائقية (تسجيلية) أكثرها غربية تناولت زبالة مصر أو زبالة العاصمة (القاهرة) وأشهر الزبالين وأماكن تجمعهم خارج كردون المدينة إلى آخره. وأحدث هذه الأفلام فيلم أمريكى إستغرق تصويره 4 سنوات ليخرج صانعوه بمادة مدتها 83 دقيقة تغطى فى هذه المساحة الزمنية القصيرة أحلام 3 من المراهقين ضمن 60 ألف نسمة يسكنون عشوائيات المقطم. "أسامة ونبيل وأدهم" أبطال الفيلم تتراوح أعمارهم ما بين 16 إلى 19 عاما مسجونين فى مجتمع الزبالين بالمقطم يعيشون أياما تبدو بلا نهاية حيث لا وظيفة يعرفونها إلا القمامة، جمعها وإعادة تدويرها فى بيئة تفتقد إلى أبسط المتطلبات الصحية للحياة. وعلى الرغم من هذا الواقع البائس كما يصوره الفيلم هناك من يهددهم فى أرزاقهم، ومصدر هذا التهديد شركات الزبالة الأجنبية, وما بين الأحلام المؤوده فى مخلفات البشر والتهديد العولمى جراء تحرير التجارة يمكننا أن نفهم الرسالة التى يحملها الفيلم، الذى لم يأت بمادته من الخيال بل هو بالفعل ينقل واقعا مثل غيره من الأفلام الغربية لكنه فى أحيانا كثيرة واقعا مزيف بحرفية كبيرة. وبالطبع لم يأت فريق عمل الفيلم إلى مصر إلا للبحث عن الزبالة واستغلالها فى عمل يحصد الآن جوائز فى مهرجانات الأفلام التسجيلية ويحظى بعروض كثيرة وإعجاب من المشاهد الغربى. وهكذا يستغل الغرب زبالتنا مرتين للمتاجرة فيها وأعادة تدويرها، مرة على مستوى شركات النظافة ومرة على مستوى الفن التسجيلى.