يتابع المصريون تحقيقات النائب العام في بلاغ وزير الدولة والأسرة والسكان بشأن زواج الفتيات دون بلوغهن السن القانونى للزواج من بعض العرب. و تباشر نيابة جنوبالجيزة الكلية تحقيقات موسعة فور تلقي هذا البلاغ وذلك باستدعاء احدى الفتيات المجني عليها وسؤالها فقررت انها تبلغ من العمر حالياً ستة عشر سنة ونصف ومقيمة بدائرة مركز ابو النمرس وانها منذ حوالي عام ونصف قام والدها لعرضها للزواج من احد الرجال العرب الذى يتقدمها في السن وكان ذلك عن طريق احدي وسيطات الزواج حيث اسطحبتها رفقة مجموعة من الفتيات لعرضهن علي ذلك الخص السعودي الجنسية والذي اختارها من بينهن ثم استدعت تلك الوسيطة محامياً قام بتحرير عقد الزواج العرفي وقام هذا الزوج بدفع مبالغ مالية لكل من والديها والوسيطة والمحامي بلغت اربعة عشر الف جنيها ثم اصطحبها لمسكنه وعاشرها معاشرة الأزواج واساء معاملتها جنسياً منتهكاً طفولتها وحقوقها فضاقت به وطلبت من اهلها العودة لمسكنها بدلاً من انتحارها فحضرت إليها والدتها واصطحبتها لمسكنها وقام ذلك الشخص بتمزيق ورقة الزواج العرفية. وباستجواب والدي الطفلة المجني واستجوابهما اقرا بقيامهما بتزويج ابنتهما لرجل من رعايا احد الدول العربية كبير السن مقابل مبلغ عشرة الاف جنيه دفعها لهما فضلا عن قيامه بدفع مبلغ الفين جنيه لكل من الوسيط والمحامي نظير اتمام الزواج وتسهيله له وانهم جميعا كانوا علي علم بان المجني عليهما لم تكن قد بلغت الخامسة عشر من عمرها بعد. وقد اكدت التحريات المبدئية للشرط صحة ارتكاب هذه الواقعة لتسهيل استغلال الطفلة المجني عليها جنسيا مقابل مبالغ مالية. وقامت النيابة العامة بإخطار لجنة حماية الطفولة والإدارة العامة لنجدة الطفل بوزارة الأسرة والسكان بشأن تعرض المجني عليها للخطر لاتخاذ شئونها. وقد أمر النائب العام بحبس كل من والدي المجني عليها والمحامي الذي قام بتحرير العقد عرفياً احتياطياً على ذمة التحقيقات وضبط وإحضار كل من الوسيطة والمتهم الاجنبي وإدراج اسمه علي قوائم الممنوعين من مغادرة البلاد. كما أمر النائب العام باستمرار التصدي لهذه الظاهرة بكل حزم خاصة وانه قد تم رصد الأماكن التي تنتشر فيها هذه الجرائم والقائمين علي ارتكابها من غير المتهمين الذين يجري التحقيق معهم والتي امرت النيابة بحبسهم وذلك للقضاء على تلك الظاهرة وكشف جميع الحالات المخالفة للقانون وضبطها وسرعة تقديم مرتكبيها للمحاكمة الجنائية لتحقيق المزيد من الرعاية البدنية والنفسية ولاصحية والحماية القانونية للطفولة. من جانبها طرحت مصر الجديدة القضية للنقاش حول ظاهرة الزواج العرفي التي تحولت الي تجارة في الجنس بشكل مباشر، حيث تتزوج الفتاة خلال فترة الصيف أكثر من زيجة بعقود عرفية دون حقوق أو عدة زواج. تقول نهاد ابو القمصان رئيس المركز المصري لحقوق المرأة: ان فكرة الاستغلال والاتجار بالاطفال بدأت في الظهور خلال العشر سنوات الاخيرة وأن فكرة التعامل مع الاطفال كمتاع واتخاذ القرار بدلا منهم جاءت كنتيجة لعوامل عديدة مثل الخلل القيمي في المجتمع والفقر. واضافت أبو القمصان: هذه الحالة لم يعد ممكنا السكوت عليها لأن كلمة الاتجار تنطبق بدقة علي هذه الظاهر الخطيرة خاصة زواج الصغيرات ففي بعض القري المصرية زواج البنت الصغيرة تحول الي سلعة أو استثمار والدراسات التي تناولت هذه الظاهرة جاءت نتائجها مفجعة، حيث اشارت احدي هذه الدراسات إلي أن 73% من المبحوثين قالوا: وما المشكلة في زواج البنت من أجل المال؟! فالأرقام لم يعد ممكنا السكوت عنها، فنحن امام مشكلة حقيقية تحتاج الوقوف أمامها. وقالت: القانون المصري به قصور شديد في هذه الجوانب فقانون الطفل المصري الذي صدر مؤخرًا وقانون الاحوال المدنية يتكلمان عن ان سن الزواج محدد ب18 عامًا ولكن يظل القانون نفسه يفتح ثغرة للزواج المبكر حين يقر أن تقدير السن يمكن ان يتم عن طريق التسنين والقانون المصري يمنع التبني ولكن يتم تزوير أوراق النسب وهو ما يفتح الباب الي سرقة الاعضاء والزواج الصيفي الذي هو "دعارة". واشارت الي ان الزواج العرفي تجارة في الجنس بشكل مباشر ومازال القانون المصري غير قادر علي ضبط مسائل الزواج العرفي ، موضحة ان مصر وضعها صعب جدًا فهي محطة "ترانزيت" للاتجار بالبشر سواء للقادمين من أوربا الشرقية الي إسرائيل أو للقادمين من شرق اسيا . وقالت الدكتورة سهير عبد العزيز أستاذ علم النفس والاجتماع بجامعة الأزهر: إن الدراسات الاجتماعية تشير إلي ان الفقر وخاصة إذا ارتبط بانخفاض المستوى التعليمي الذي يعد من اهم الاسباب التي تدفع الاسر الي تزويج الفتيات الصغيرات . ولفتت د. سهير إلى ان واقع الطفولة في العالم العربي خاصة الفتيات في غاية القسوة فنسبة الأمية تبلغ اكثر من النصف، والطفل والفتاة علي وجه الخصوص من حقهم أن يحظوا بالاهتمام والحب والاحساس بالأمان، وأرجعت أسباب تفاقم المشكلة إلى التهميش الاجتماعي والاقتصادي حيث إن حالة التهميش تتسع في المجتمع وتتنوع أنماط المهمشين وللفتاة مساحة كبيرة في هذا التهميش خاصة في المجتمعات الفقيرة والمتخلفة . وقالت: لابد من التصدي لهذه المشكلة، فالفتاة غير المؤهلة علميًا لاتستطيع ان تقوم برعاية اسرة وأطفالا علاوة على أن تخرج للمجتمع من هم أصحاء نفسيا واجتماعيا . وقالت الدكتورة بثينة غازي أستاذ امراض النساء والتوليد بجامعة الأزهر: نرى في كثير من المجتمعات الاسلامية انتشار واضح لظاهرة الزواج المبكر للإناث وخاصة في المجتمعات الفقيرة والتي تعاني من نقص الموارد وضعف الوعي الصحي فعلي سبيل المثال تشير الاحصاءات إلي ان 28.7 % من النساء المتزوجات في سلطنة عمان قد تزوجن قبل عمر 15 عاما وحوالي 44% في السودان ويعتبر الزواج المبكر جريمة في حق الفتاة كانسان ذلك ان الطبيعة الخاصة لدور المراة الحيوي في حفظ النسل وتربية النشئ يجب ان تمر بمراحل معينة حتي تبلغ لنضج التام والقدرة ويتحتم علي القائمين علي المسئولية الصحية والمؤسسات الدينية ان يعملوا علي توعية الناس باخطار الزواج المبكر لدرء العواقب المترتبة عليه فهناك العديد من المشكلات الصحية التي تنتج نتيجة الزواج المبكر وعدم نضج الفتاة جسمانيا ونفسيا منها امراض سوء التغذية للأم والجنين وارتفاع ضغط الدم وتسمم الحمل. وقال الدكتور محمد الشحات الجندي أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية : إن زواج القاصرات في ميزان الشريعة الاسلامية هو عودة الي ثقافة الجاهلية الاولي وهي "وأد البنات" والصورة الجديدة له هي زواج القاصرات حيث تحيط به نفس الظروف التي تشبهه حيث تساق الفتاة الي مصيرها للزواج من طاعن في السن دون مراعاة لمقاصد الشريعة في الزواج، فزواج القاصرات يفتقر الي المودة والرحمة والسكن، وبالتالي فهو زواج صوري لا تتوافر فيه أركان الزواج الشرعي وهو أيضا يتنافى مع الكرامة الإنسانية. وأضاف: هذا الزواج تربح وإثراء علي حساب الصغيرة وهذا الزواج يفتقر إلى التكافئ، وأعرف فتاة عمرها 19 عامًا تزوجت 20 مرة بعقود عرفية . وقالت الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر ورئيس لجنة قضايا المرأة بالمجلس الأعلي للشئون الاسلامية: نحن نطالب بالولاية المشروطة، فإذا لم يكن الاسلام قد حدد سنًا للزواج فانه حدد التكليف وهو البلوغ، ولكن نقول : إن الاسلام دين مقاصد قبل ان يكون دين نصوص، فمقاصد الزواج هو الاستقرار والسكن والرحمة وعند تزويج صغيرة في السن لا يتحقق من وراء زواجها هذه المقاصد الشرعية، فالشريعة الاسلامية مبناها وأساسها علي الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ورحمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل الي الجور وعن الرحمة الي ضدها وعن المصلحة الي العبث فليست من الشريعة في شيء وان أدخلت عليها بالتأويل. وأضافت لابد للزواج أن تتوافر فيه الارادة الكاملة والرضا التام لكل من الزوجين فلا إكراه لأحد علي زواج من لا يحب ولا سلطة لرئيس الاسرة علي بعض أفرادها بإلزام الزواج، وهذا عدل واجب، وقد ذهب جمهور الفقهاء الي اشتراط وجود الولي لصحة عقد الزواج وقسموا الولاية الي قسمين: ولاية إجبار وهي الولاية الكاملة لأن الولي يستبد فيها بإنشاء الزواج علي المولى عليه ولا يشاركه فيها أحد، وولاية اختيار وهي تثبت علي البالغة العاقلة وتسمي ولاية الشركة، وولاية الإجبار تثبت علي القاصرين مثل فاقد الأهلية وهو المجنون والمعتوه والصبي غير المميز . وقالت : بعض الفقهاء مثل ابن شبرمة وعثمان البتي وابو بكر الاصم قالوا : ان ولاية الإجبار تكون علي المجانين فقط ولا تكون علي الصغار قط ، فليس هناك ولاية زواج قط علي الصغيرة لأن الصغر يتنافى مع مقتضيات عقد الزواج إذ هو لا تظهر آثاره إلا بعد البلوغ، فلا حاجة اليه قبله، وحيث لا حاجة الي زواج بسبب الصغر، فلا ولاية تثبت علي الصغار منه . وقالت : من اهم مقومات الزواج الناجح التوافق الجنسي والتوافق العقلي حيث يري كل طرف ان الطرف الآخر مناسب له في الوقت الحالي، علاوة على وجوب أن يكون الزواج قائمًا علي عدة أسس منها سن الزواج فلا يستحب ان يزيد الفرق عن عشر سنوات والتكافؤ الاجتماعي والتقارب الفكري والثقافي والديني . وقالت الدكتورة فائزة خاطر رئيس قسم العقيدة السابق بجامعة الأزهر: أثبتت الدراسات ان الفتيات الصغيرات لا يكن قد اكتمل نموهن الجسماني وبذلك يؤدي الحمل والرضاعة الي استنزاف غذائي للأمهات مما يؤدي إلى ضعف وهزال للأطفال الناتجة عنه، وقد وضع الاسلام الاسس القوية لاختيار الزوجة الأم لتربية جيل أفضل في إطار ظروف العصر.