برلماني يطالب بقانون جديد لمزاولة مهنة الصيدلية    في اليوم العالمي للتمريض.. من هي فلورنس نايتنجيل؟    الاستعداد لتنفيذ قانون الرقم القومي العقاري بعد تصديق الرئيس السيسي    وزيرة البيئة: استكمال تنفيذ البنية التحتية لمنظومة المخلفات الجديدة بكفر الشيخ    كامل الوزير: دراسة أي طلب للحصول على الرخصة الذهبية قبل العرض على مجلس الوزراء    تداول 14 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    فرح حذر في غزة.. صفقة ألكسندر تفتح باب الأمل لوقف إطلاق النار بالقطاع    مستشار أوكراني: روسيا لا ترغب في السلام وتواصل هجماتها    الجامعة العربية: بنود القمة العربية التنموية أولويات المواطن في ظل التحديات    "مبابي و24 آخرين".. الكشف عن خطة ريال مدريد للموسم المقبل    سيناريو وحيد يضمن تتويج الاتحاد بالدوري السعودي اليوم    حسام المندوه يكشف تفاصيل الوعكة الصحية لحسين لبيب    "معلومة مش توقع".. مجدي عبدالغني يفجر مفاجأة بشأن مصير الدوري المصري    ضبط 8 أطنان دقيق مدعم قبل استخدامه في إنتاج «العيش السياحي»    مصرع طالب ثانوي غرقًا في نهر النيل بقنا    ضبط تجار مخدرات وأسلحة نارية في حملات أمنية موسعة بأسوان ودمياط    ننشر مواصفات امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي 2025    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط قضية غسيل أموال ب150 مليون جنيه    «السويس تاريخها العمراني وتراثها المعماري».. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    ورشة لتدريب مثقفي القاهرة والجيزة على التوعية بمرض «الثلاسيميا»    هيئة التأمين الصحي بأسوان تطلق حملة «تأمين شامل .. لجيل آمن»    الصحة: فريق الحوكمة يتفقد عددا من المنشآت الصحية بجنوب سيناء ويتخذ إجراءات فورية    هدية "القصر الطائر" من قطر لترامب تثير جدلًا دستوريًا في أمريكا    وزير العمل يعلن فرص عمل بالمقاولات فى السعودية بمرتبات تصل ل6500 ريال شهريا    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    سهير رمزي: بوسي شلبي جالها عرسان ورفضت بسبب محمود عبدالعزيز    إعلان الجوائز.. ختام مهرجان الفنون المسرحية لطلاب جامعة الإسكندرية- صور    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    جامعة المنيا: الكشف على 570 مواطنًا بالقافلة المتكاملة فى قرية بني خيار    غرق شقيقان أثناء لهوهما في قناية صرف زراعي بوادي النطرون    تغير المناخ يهدد زراعة الموز في العديد من البلدان    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    النواب يحيل 33 تقريرا إلى الحكومة لتنفيذ توصياتها    هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول: إسرائيل ستوفر ممرا آمنا لإطلاق سراح عيدان    عرض ومناقشة فيلم "سماء أكتوبر" في مكتبة المستقبل    مسرح 23 يوليو بالمحلة يشهد ختام العرض المسرحي «الطائر الأزرق»    إنبي: ننتظر نهاية الموسم لحساب نسبة مشاركة حمدي مع الزمالك.. وتواصل غير رسمي من الأهلي    وزير الإسكان: تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع «جنة» للفائزين بمدينة القاهرة الجديدة    لماذا يرتدي الحجاج "إزار ورداء" ولا يلبسون المخيط؟.. د. أحمد الرخ يجيب    محافظ أسيوط: توفير 706 فرصة عمل لشباب الخريجين بمراكز المحافظة    سوريون يضرمون النار بمواد غذائية وزعتها قوات إسرائيلية    وزير الخارجية والهجرة يُجري اتصالين هاتفيين مع نظيريه العماني والإيراني    شون وصوامع المنيا تستقبل 266 ألف طن من القمح ضمن موسم توريد 2025    تعويض 2000 جنيه.. البترول تعلن خلال ساعات آلية تقديم أوراق المتضررين من البنزين.. فيديو    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بدار السلام بسوهاج    عمرو سلامة يعلق على تصنيفه من المخرجين المثيرين للجدل    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    قرار عاجل من الأهلي بشأن عماد النحاس.. مدحت شلبي يكشفه    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    رئيس جامعة حلوان يشهد افتتاح فعاليات المهرجان الأول لتحالف جامعات إقليم القاهرة الكبري    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    ملخص أهداف مباراة الاتحاد والفيحاء في دوري روشن السعودي    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مليون ونصف مليون إنسان فى ذمتك يوم القيامة يا سيادة الرئيس- مستشار محمود الخضيري- صحيفة المصري اليوم
نشر في مصر الجديدة يوم 09 - 01 - 2010

الحديث الشريف الذى ورد على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم «عُذبت امرأة فى هرة حبستها حتى ماتت جوعاً، فلا هى أطعمتها ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض»، بكل تأكيد، قد بلغ سيادة الرئيس، إن لم يكن قد درسه فى المدرسة الابتدائية التى تعلم بها فى قريته التى نشأ فيها، فى حصة الدين درس الرحمة.
وإذا كان هذا مصير إنسانة عقاباً لها على حرمان حيوان ضعيف من الأكل حتى الموت فما بال من يحرم مليوناً ونصف مليون إنسان من الطعام والشراب والدواء وتعريضهم للموت لا لذنب جنوه سوى أنهم يدافعون عن حقهم فى الاستقلال وفى حياة حرة كريمة يختارون فيها من يحكمهم بإرادتهم، دون أن تملى عليهم إرادة الآخرين فى اختيارهم.
يقول المحيطون بالرئيس إن هذا الحصار سببه الضغط على الشعب فى غزة لكى يضغط على حكومته، إما بقبول شروط الصلح التى يعرضها عليهم الرئيس أبومازن أو التنحى عن الحكم، وهذا القول إن صح فهو تدخل شديد فى شؤون الإخوة فى غزة، لا يقبله أى إنسان لديه كرامة وعزة حتى وإن كان من الشقيقة الكبرى مصر، ثم لماذا لا يتم الضغط أيضاً على الأخ أبومازن وجماعته حتى تقترب المسافة بين الطرفين، وهذا هو شأن من يقوم بمحاولة الصلح دائماً، يسعى إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف التى يسعى للصلح بينها.
هل يمكن أن يكون التجويع والحرمان والتعذيب وتلفيق القضايا وسيلة لتقريب وجهات النظر؟ وهل يطمئن الشخص الذى يتم الضغط عليه إلى حُسن نية من يسعى للصلح أم أنه يشعر بأنه إنسان غير محايد يجب أخذ كلامه بكل حذر؟ وهذا ما يفسر تعثر مساعى الصلح التى تقوم بها مصر بين الإخوة فى غزة والضفة، إحساس دائم بأن مصر تضغط على حماس من أجل إرضاء فتح وبالتالى أمريكا وإسرائيل،
وهو ما نلاحظه حتى فى استقبال وفود الطرفين ومدى الحفاوة التى يلقاها وفد فتح والتجاهل الذى يلقاه وفد حماس. وفى اعتقادى لو أن مصر غيرت لهجتها وطريقة تعاملها مع الطرفين وظهرت بمظهر المحايد الذى من المفروض أن يظهر به من يقوم بمساعى الصلح فى أى نزاع لأمكن حل هذا الخلاف الذى بدا مستعصياً على الحل من طول المدة التى مرت عليه.
هل يمكن أن يكون النزاع الفلسطينى أشد حدة من النزاع الذى كان قائماً بين الإخوة فى لبنان، والذى استطاع مؤتمر واحد جمع جميع أطرافه فى قطر الشقيقة الصغرى- كما يحلو للبعض أن يصفها- وأن ينتهى بحل هذا الخلاف الذى كان مستحكماً منذ عشرات السنين رغم تعدد أطرافه وتنوع اتجاهاتهم وتباعد المسافات بينهم. استطاع هذا المؤتمر أن ينهى كل ذلك، عندما حسُنت النيات، وكانت مساعى الصلح محايدة لا تميل إلى فريق دون فريق، ويضمن كل واحد منهم أن الغرض من المؤتمر هو إنهاء هذه الخلافات والنظر فقط إلى مصلحة الشعب اللبنانى الذى كان يتطلع مشوقاً إلى هذا الصلح الذى يخلصه من مشاكله.
ترى لو كانت مصر بثقلها وحجمها وقوتها تقف على الحياد فى مساعى الصلح بين الإخوة فى فلسطين هل كان يستعصى عليها حل هذه المشكلة. وترى لو أن الشعب فى غزة كان يشعر أن مصر الشقيقة الكبرى تسعى فعلاً إلى صلح وتقف على الحياد، وأن حكومة حماس هى التى تقف فى سبيل إتمام هذا الصلح، هل كان يتركها تفعل ما تريد رغم أنه هو المكتوى أكثر من غيره وأكثر من إخوانه فى الضفة بنتائج هذا الخلاف أم أنه- وهو الشعب الواعى- كان سيقف لها ويقول «أنت حكومة تقف فى سبيل إتمام هذا الصلح وهذا الخلاف لحسابك الشخصى فإما أن تتمى الصلح أو ترحلى».
الشعب فى غزة لا يشعر أن حكومته هى السبب فى عدم إتمام الصلح، لأنه يتمسك بالمقاومة كسبيل وحيد لاسترجاع الحقوق المسلوبة، ولو أنه كان لا يؤمن بذلك فقد كانت الفرصة متاحة أمامه للخلاص من حكومة حماس أثناء العدوان الإسرائيلى على غزة، بل على العكس من ذلك، فقد وقف إلى جوارها وأيدها بكل قوته رغم العدوان والحصار.
كيف يطمئن الشعب الفلسطينى فى غزة إلى حيدة الحكومة المصرية وإخلاصها فى إنهاء النزاع الفلسطينى وهو يرى الحصار الذى تفرضه مصر عليه وتمنع عنه ضروريات الحياة؟
كيف يطمئن الإخوة فى غزة لسلامة أهداف مصر من القضية الفلسطينية وهم يرون مصر كل يوم تتفنن فى وسيلة إحكام الحصار عليهم وآخرها جدار العار الذى تحاول بناءه بينها وبين القطاع لمنع شريان الحياة الذى يمد الإخوة بالضرورى من القوت والدواء، بحجة حماية الأمن القومى المصرى الذى تهدده هذه الأنفاق التى لم يتم حفرها إلا بعد سد الطرق الشرعية فى وجه الشعب فى غزة. الأمن القومى المصرى خط أحمر لا يسمح بالمساس به لأى إنسان،
ولكن هل نفعل ذلك فى مواجهة العدو الحقيقى الذى اعتاد المساس به، والذى يهدده حقيقة أشد تهديد، وهو الإسرائيليون. وجود الأنفاق بين حدود الدول أمر غير طبيعى ولكن إغلاق الحدود لتعذيب الإخوة وخنقهم حتى يموتوا جوعاً هو الذى ألجأ إليه،
وإلا لماذا لا توجد أنفاق بين مصر وليبيا أو السودان أو إسرائيل، لأن الحدود مفتوحة بطريقة طبيعية وتحت بصر وسمع الحكومة، لا يدخل فيها أو يخرج من الأفراد والبضائع إلا ما تريد حكومتا البلدين دخوله أو خروجه، ولو أن حكومة أحد هذه البلاد أغلقت الحدود لشرع الناس فى التهريب بكل الطرق غير المشروعة من أنفاق وخلافه.
هناك إحساس عالمى بين شعوب العالم، خاصة فى الفترة الأخيرة، بأن من يحاصر غزة هو مصر، أما إسرائيل فهى العدو، وأن حصارها لغزة أمر متوقع، ولو أن مصر فتحت الحدود بينها وبين قطاع غزة لانتهى هذا الحصار تماماً، ولما احتاج الشعب فى غزة إلى التعامل مع أى بلد آخر، ولا يحسبن أحد أن فتح الحدود بين غزة ومصر هو لمصلحة الشعب فى غزة فقط، بل هو فى مصلحة الشعبين المصرى والفلسطينى، لأن حجم التجارة بين القطاع ومصر كبير يتعدى 2 مليار دولار سنوياً، كما علمت من بعض المسؤولين فى غزة، يضاف إلى ذلك العائد الجمركى الذى يعود على مصر من خروج البضائع والسلع من القطاع إلى العالم الخارجى عن طريق مصر.
مصر إذن تخسر اقتصادياً من غلق معبر رفح فى وجه الإخوة فى غزة، مع العلم أن مصر هى السبيل الوحيد للإخوة فى غزة للعلاج والتعليم، وهذا عائد آخر حُرمت منه مصر نتيجة لغلق المعبر وحفر الأنفاق للتغلب على آثار الغلق. وأخيراً نقوم بفكر مريض تفتق عنه عقل شياطين الإنس فى إسرائيل وأمريكا بعمل جدار عازل بين مصر وغزة، لا يخجل اللوبى الصهيونى فى مصر من الدفاع عنه باعتباره حق مصر الطبيعى فى الدفاع عن حدودها.
قطاع غزة يا سيادة الرئيس إذا كان محرراً فهو الشقيق الذى تحرر بعزمه اختيار حكومته بإرادته الحرة، ومقاطعته وحصاره ومحاولة قهر إرادته أظهرت الحكومة المصرية بمظهر لم تظهر به فى أى وقت فى التاريخ الحديث، مصر التى ضحت بأرواح أبنائها وقوتها ومستقبل شعبها من أجل القضية الفلسطينية لا يمكن أن تكون هى مصر التى تعاون العدو الإسرائيلى فى حربه على فلسطين،
ويكفى عار مده بالغاز الطبيعى الذى سيظل وصمة عار فى جبين مصر إلى الأبد، وأخيراً أضفنا له عار الحصار وإغلاق المعابر وعار الجدار، وكل ذلك من أجل إرضاء أمريكا التى تتخلى عن أقرب أصدقائها فى أول أزمة تقابله بل تحاربه وتقضى عليه إذا احتاج الأمر، ويكفى ما فعلته مع شاه إيران وصدام حسين.
وإن كان القطاع مستعمراً، كما تقول فى خطاباتك لتبرير الحصار، فإن واجبك أن تعمل على تحريره بإمداده بأسباب القوة التى تمكنه من التحرر دون أن تضع فى حساباتك غضب إسرائيل وأمريكا واتفاقية الصلح مع إسرائيل، لأن هناك اتفاقية سابقة عليها تلزمك بذلك، وهى اتفاقية الدفاع المشترك مع البلاد العربية وقانون الرجولة والشهامة والأخلاق وصلة الرحم.
يا سيادة الرئيس، شعب غزة فى عنقك وهم مسؤوليتك لأننا إذا كنا نحن إخوتك وأبناءك فهم أبناء عمومتك، ورَحِمك التى سيسألك الله عنها يوم القيامة إن قطعتها، وهو القائل على لسان رسوله الكريم، صلى الله عليه وسلم، عن الرحم، إنه قد اشتق لها اسماً من أسمائه فمن وصلها وصله ومن قطعها قطعه، ونحن يوم القيامة أشد ما نكون حاجة إلى أن يصلنا الله ويظللنا برحمته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.