من السوبر إلى السوبر.. ديمبيلي كلمة السر في خماسية باريس سان جيرمان    أروى جودة تطلب الدعاء لابن شقيقتها بعد تعرضه لحادث سير خطير    سعر الذهب اليوم الخميس 14-8-2025 بعد الارتفاع العالمي الجديد وعيار 21 بالمصنعية    أسعار الفراخ اليوم الخميس 14-8-2025 بعد الهبوط الجديد وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    رئيس الوزراء: قرارات مصر السياسية لا تتأثر بتمديد «اتفاق الغاز»    سفير مصر السابق بفلسطين أشرف عقل ل« المصري اليوم»: أسامة الباز قال لي لا تقل القضية الفلسطينية بل المصرية.. هذه قضيتنا (الحلقة 36)    ترامب: الجيش الأمريكي "سيحرر" واشنطن    اشتعال مئات المركبات بسبب انتشار أكثر من 100 حريق في غابات اليونان (صور وفيديو)    الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    موعد مباراة مصر والسنغال والقنوات الناقلة مباشر في بطولة أفريقيا لكرة السلة    «زيزو اللي بدأ.. وجمهور الزمالك مخرجش عن النص».. تعليق ناري من جمال عبد الحميد على الهتافات ضد نجم الأهلي    موعد مباراة بيراميدز والإسماعيلي اليوم والقنوات الناقلة في الدوري المصري    درجة الحرارة تصل ل49.. حالة الطقس اليوم وغدًا وموعد انتهاء الموجة الحارة    أزمة نفسية تدفع فتاة لإنهاء حياتها بحبة الغلة في العياط    الاَن.. رابط تقليل الاغتراب 2025 لطلاب تنسيق المرحلة الأولى والثانية (الشروط وطرق التحويل بين الكليات)    بعد إحالة بدرية طلبة للتحقيق.. ماجدة موريس تطالب بلجنة قانونية داخل «المهن التمثيلية» لضبط الفن المصري    ناهد السباعي عن انتهاء تصوير «السادة الأفاضل»: زعلانة    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    العدوى قد تبدأ بحُمى وصداع.. أسباب وأعراض «الليستيريا» بعد وفاة شخصين وإصابة 21 في فرنسا    توب وشنطة يد ب"نص مليون جنيه"، سعر إطلالة إليسا الخيالية بمطار القاهرة قبل حفل الساحل (صور)    "وفا": إسرائيل تطرح 6 عطاءات لبناء 4 آلاف وحدة استيطانية في سلفيت والقدس    أصيب بغيبوبة سكر.. وفاة شخص أثناء رقصه داخل حفل زفاف عروسين في قنا    شقيقة زعيم كوريا الشمالية ترفض مبادرات السلام مع كوريا الجنوبية.. ما السبب؟    بأكياس الدقيق، إسرائيليون يقتحمون مطار بن جوريون لوقف حرب غزة (فيديو)    وزير خارجية فرنسا: ترامب وعد بالمساهمة في الضمانات الأمنية ل أوكرانيا    "سيدير مباراة فاركو".. أرقام الأهلي في حضور الصافرة التحكيمية لمحمد معروف    لحق بوالده، وفاة نجل مدير مكتب الأمن الصناعي بالعدوة في حادث صحراوي المنيا    بالقليوبية| سقوط المعلمة «صباح» في فخ «الآيس»    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    انطلاق بطولتي العالم للشباب والعربية الأولى للخماسي الحديث من الإسكندرية    تفاصيل استقبال وكيل صحة الدقهلية لأعضاء وحدة الحد من القيصريات    وداعًا لرسوم ال 1%.. «فودافون كاش» تخفض وتثبت رسوم السحب النقدي    محافظ قنا ووزير البترول يبحثان فرص الاستثمار التعديني بالمحافظة    سعد لمجرد يحيي حفلًا ضخمًا في عمان بعد غياب 10 سنوات    تحذير بسبب إهمال صحتك.. حظ برج الدلو اليوم 14 أغسطس    محافظ الغربية يعلن حصول مركز طب أسرة شوبر على شهادة «جهار»    طريقة عمل كفتة داود باشا أكلة لذيذة وسريعة التحضير    الاختبار الأخير قبل مونديال الشباب.. موعد المواجهة الثانية بين مصر والمغرب    البحيرة: ضبط المتهمين بقتل شخصين أخذا بالثأر في الدلنجات    تحديد هوية المتهمين بمضايقة فتاة على طريق الواحات.. ومأمورية خاصة لضبطهم (تفاصيل)    القمر الدموي.. موعد الخسوف الكلي للقمر 2025 (التفاصيل وأماكن رؤيته)    رئيس الأركان الإسرائيلي: اغتلنا 240 من عناصر حزب الله منذ وقف إطلاق النار مع لبنان    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    الجامعة البريطانية في مصر تستقبل الملحق الثقافي والأكاديمي بالسفارة الليبية لتعزيز التعاون المشترك    شيخ الأزهر يدعو لوضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشعوب بالقضية الفلسطينية    في ذكراها ال12 .. "الإخوان": أصحاب رابعة العزة، "قدّموا التضحيات رخيصة؛ حسبةً لله وابتغاء مرضاته وحفاظًا على أوطانهم    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    ما قبل مجازر (الفض).. شهادات لأحياء عن "مبادرة" محمد حسان والمصالحة مع "الإخوان"    أحمد صبور: تحديات متعددة تواجه السوق العقارية.. ومصر قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية    د.حماد عبدالله يكتب: دور الدولة المتعدد فى الإقتصاد الحر !!    حنان شومان: "كتالوج تناول نادر لفقد الزوج زوجته.. وأجاد في التعبير عن مشاعر دقيقة"    متحدث الحكومة: لجان حصر مناطق "الإيجار القديم" تُنهي مهامها خلال 3 أشهر    حدث بالفن | أزمة نجمة واحالتها للتحقيق ووفاة أديب وفنانة تطلب الدعاء    زوجي رافض الإنجاب مني لأن لديه أبناء من زوجته الأولى.. فما الحكم؟.. وأمين الفتوى ينصح    ما حكم من يحث غيره على الصلاة ولا يصلي؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إقامة الخلافة طريق الخلاص‎

لقد أثارت هموم الأمة الإسلامية بعامةٍ ومصاب إخواننا في الشام بخاصةٍ حالة من الشجن والهمّ أصابت العديد من أبناء الأمة، كما أصابهم الحزن الشديد على إخوانهم المكْتَوين بنيران الظلم والتقتيل على يد طاغية الشام بشار وأعوانه، عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فمصاب المسلمين واحد وجراحهم واحدة مصداقاً لقول الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام : «الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِنِ اشْتَكَى عَيْنُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ، وَإِنِ اشْتَكَى رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ» أخرجه مسلم.
إن الكثير من أبناء الأمة يتوقون شوقاً لعودة الحكم بالإسلام، ويتوقون شوقاً للجهاد في سبيل الله والدفاع عن أعراض المسلمين في الشام الأبية، ويتوقون شوقاً للجنان العُلى، فأنعم بها من أشواق جليلة عظيمة، ولذا ترى العديد من شباب هذه الأمة المباركة يتحرقون شوقا إلى الذهاب لسوريا للقتال ضد طاغية الشام، ومع كل هذا الخير العميم في أبناء الأمة، والشعور الطيب، إلا أنني وجدت نقاطاً تحتاج لتوضيح وبيان لتُصحح وتُقوَّم، لنزداد وأبناء الأمة خيراً على خير، فنكون من فُعّال الخير: [وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى]، ولذلك أقول مستعيناً بالله:
أولاً: إن قضية المسلمين المصيرية التي يجب اتخاذ إجراء الحياة أو الموت تُجاهها، هي إعادة الحكم بما أنزل الله؛ بإقامة دولة الخلافة الراشدة، فالإسلام يجب أن يسود بلاد المسلمين، وذلك لا يكون إلا ببيعة خليفة يحكمهم بما أنزل الله، ويجاهد بهم في سبيل الله، يقول الله عز وجل : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ] ولا يأمر الله بطاعة من لا وجود له. فدل على أن إيجاد ولي الأمر أي الخليفة واجب. فالله تعالى حين أمر بطاعة ولي الأمر فإنّه يكون قد أمر بإيجاده. فإن وجود ولي الأمر يترتب عليه إقامة الإسلام، وترك إيجاده يترتب عليه تضييع الحكم بالإسلام، فيكون إيجاده واجباً لما يترتب على عدم إيجاده من حُرمة، وهي تضييع الحكم بالإسلام.
وروى مسلم عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله: «إنّما الإمام جُنّة يقاتَل مِن ورائه ويُتّقى به»، فهذا الحديث فيه وصفٌ للخليفة بأنه جُنّة أي وقاية. فوصف الرسول بأن الإمام جُنّة هو إخبار عن فوائد وجود الإمام؛ فهو طلب، لأن الإخبار من الله ومن الرسول إن كان يتضمن الذم فهو طلب ترك أي نهي، وإن كان يتضمن المدح فهو طلب فعل. فإن كان الفعل المطلوب يترتب على فعله إقامة الحكم الشرعي أو يترتب على تركه تضييعه، كان ذلك الطلب جازماً، أي فرض كما هو معمول به في أصول الفقه.
وعليه فإن دولة الخلافة هي أهم أمر فَرَضَهُ رب العالمين، يضمن وحدة الأمة، ويرفع الغُمة، ويصون أعراض نساءِ الأمة، ويوفر الأمن والأمان للرعية في الشام الأبية وفي وفلسطين وأفغانستان والشيشان وكل بلاد المسلمين، ودولة الخلافة الراشدة ليست هي سبيل عز المسلمين ووحدتهم فحسب!، بل هي فرض عظيم، وأيُّ فرض، هي تاج الفروض لا مندوحة عنها، والقعود عنها إثم كبير، ومعصية عظيمة يعذِّب الله عليها أشد العذاب...، إننا أيتها الأمة الكريمة ننصحكم نصيحة مخلصة ملؤها الحب في الله عملاً بحديث النبي عليه الصلاة والسلام: «الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه البخاري، إننا نخاطبكم بهذا الفرض العظيم الذي به تُحل كل قضايا المسلمين لا قضية الشام الأبية فحسب!، بل كل القضايا والمشكلات لأمة صارت كالأيتام على مأدبة اللئام، أيتام ينزفون منذ 1948م في فلسطين الجريحة، ومنسيون في الشيشان الصامدة أمام الدب الروسي منذ 1994م وفي كشمير الإسلامية منذ 1948م، وأيتام في أفغانستان منذ 2001م، وأيتام في بلاد الرافدين المكلومة منذ 2003م، أيتام هنا وهناك...، فهلا هبت الأمة لتضميد جراحها كلها بإقامة أم المسلمين الحنون؛ الخلافة الراشدة؟!، وعلى سبيل المثال لا الحصر فمشكلة الشام الأبية تكمن في أن حكام المسلمين تآمروا على إخواننا بالشام، فلا سلاحاً قدموا ولا جيشاً حركوا، بل وقفوا يتفرجون ويعدون القتلى!، فتحركت دول الغرب وعلى رأسها بريطانيا، فقدمت السلاح للمقاتلين مشروطاً بألا يصل إلا لمن يتبنون ديمقراطية الغرب الكافرة وحرياته الفاجرة، وللأسف فتحت الضغط قَبِل بعضهم بالتخلي عن مطلب إسقاط النظام وإقامة دولة الإسلام الخلافة الراشدة، فوقعوا في فخ الكفار المستعمرين، كما فعل رئيس هيئة الأركان للجيش الحر اللواء (سليم إدريس) في تصريحاته لقناة العربية بتاريخ 07/03/2013م، فكانت جروح أهل الشام الظاهرة منها والباطنة نتيجة طبيعية لتخاذل حكام المسلمين وإغلاقهم للحدود وتطبيقهم لأنظمة الكفر... وأين؟ في بلاد المسلمين! [سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ]، فلا مناص في أن الحل يكمن في خلافةٍ راشدة تحُطم الحدود الوهمية، وتحرك الجيوش الأبية؛ للجهاد في سبيل الله، فحيّهلا حيهلا للعاملين لهذه الخلافة، هذه هي نصيحتنا لكم ولسان حالنا قول نبي الله هود: [وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ].
ثانياً: إننا عندما نقرأ قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا]، فنفهم منه وجوب خروج الناس من بلد الكنانة مصر، وغيرها من بلاد المسلمين؛ أفراداً أو جماعات دون وجود خليفة ودولة تقودنا لندافع عن إخواننا في الشام الأبية، نكون قد فهمنا قوله سبحانه وتعالى فهما ناقصا، والحقُ أن آي الذكر الحكيم وردت في سياق آياتٍ موضوعها اتباع حكم الشرع، وعدم اتخاذ الهوى حكماً ودليلاً ووجوب أخذ الطريقة من الشرع وحده، وطاعة الرسول وعدم التخلف عن الجهاد معه، فنص الآيات هو: [وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا]. والفهم الصحيح لفقه آي الذكر الحكيم هذه، هو أن ينقاد المسلمون لخليفتهم وإمامهم إذا ما أمرهم بالخروج للجهاد في سبيل الله، وذلك يكون في حال وجود دولة وبقيادة إمام، انظروا لقول العلامة المفسر شيخ الإسلام (ابن الجوزي) في تفسيره (زاد المسير في التفسير) قوله: "والأمر في ذلك بحسب ما يراه الإِمام... أي إذا نفر نبي الله صلى الله عليه وسلم، فليس لأحد أن يتخلف عنه، وهو قول ابن عباس..." [زاد المسير].
فاستناداً لفقه آي الذكر الحكيم هذه، فإنه من أحب طاعة الله وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، فعليه أن يعمل بجد واجتهاد لإقامة الخلافة الراشدة وتنصيب إمامٍ يُقاتل من ورائه ويتقى به، ليقود جحافل المؤمنين الصادقين للجهاد في سبيل الله: [فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا]، فبالخلافة وحدها تَنْفِرون لقتال عدوّكم، خليفتُكم أمامَكم في القتال لا أمامكم في الفرار، تتقون به وتقاتلون من ورائه، فيقودكم من نصر إلى نصر، لا من هزيمة إلى هزيمة.
ثالثاً: نعلم أن الأمة تتشوق لعودة الحكم بالإسلام، ولكنّا نرى أن تبني العمل المادي المسلح للوصول لتلكم الغاية، خطأ مخالف لسيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام.
إن العمل بإخلاص ولكن دون وعي وبينة شرعية، ودون اقتداءٍ بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، كالمسافر يملأ جيبه رملاً يثقله ولا ينفعه!، فمن أحب العمل لإقامة الخلافة الراشدة، وعودة الحكم بالإسلام فلا بد له أن يمتثل الطريقة الشرعية في ذلك، ولا ينجذب فينجر وراء شعوره بالحرقة والغضب فيبحث عن المخرج السريع ليشفي غليله ويطفئ حرقته مقنعاً نفسه بأنه برَّأ ذمته، فليس الأمر هكذا، بل إن الإسلام كما حدد الهدف الذي على المسلم أن يسعى إليه بيَّن أيضاً طريقة الوصول إلى هذا الهدف، وألزم المسلم التَقَيُّدَ بها، فإن أحكام الشرع كما وردت فكرتها في الإسلام وردت كذلك طريقة تطبيقها، فالله تعالى حينما قال: ]وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ[، لم يترك الأمر على إطلاقه ليصلي كلٌّ على شاكلته وكما يحلو له، بل بيَّن أيضاً الكيفية التي يريدنا أن نصلي ونتقرب إليه بها، بيَّنها لنا في عمل رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث قال لنا المصطفى عليه الصلاة والسلام: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»، فكيف تُقام الخلافة دون اتباع الطريق التي رسمها لنا رسول الله عليه الصلاة والسلام في إقامتها؟
وطريقة الرسول هذه في إقامة الدولة لم تكن الجهاد، نعم... الجهاد فرض على المسلمين، وهو ماضٍ إلى يوم القيامة، منذ أن بعث الله نبيه إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، ولا جدال في ذلك، ولكن الجهاد هو الطريقة الشرعية لدفع العدو عن احتلال أرض إسلامية، أو لفتح البلدان لنشر الإسلام فيها، وليس هو الطريقة الشرعية التي بينها لنا الرسول لإقامة دولة الإسلام. فقد ورد في سيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام بيان واضحٌ لطريقة إقامتها بإقامة حزب متفهم للإسلام، ثم مخاطبة المجتمع لإيجاد رأي عام فيه منبثق عن وعي عام على العقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من أحكام وأنظمة تفرض علينا إقامة دولة الخلافة التي تطبق الإسلام وتحمله رسالة إلى العالم بالدعوة والجهاد، ثم بطلب نصرة أهل القوة من القبائل ومن الأنصار في المدينة، فقد طلب رسول الله عليه الصلاة والسلام النصرة من القبائل (لأنهم أهل قوة) بضع عشرة مرة، ولم يستجيبوا، بل ردوه ردّاً سيئاً في بعضها، وأدمَوا قدميه في بعضها الآخر، واشترطوا عليه عليه الصلاة والسلام شروطاً لا تصح... ومع ذلك فلم يغير عليه الصلاة والسلام طريقته مع أن المشقة كانت تصاحبه، والمشقة والعذاب كانا يقعان عليه وعلى أصحابه، كبلال في رمضاء مكة وآل ياسر يقتلون، فكان النبي صلى الله عليه وسلم في أمس الحاجة لاستخدام السلاح والقتال لرد الصاع صاعين، وكان قادراً على ذلك بمن معه من الفرسان الأبطال كعمر وحمزة، ولكنه لم يفعل، بل منع المسلمين من القتال ورد عليهم حينما طلبوا منه ذلك: «لم أؤمر بذلك، كفوا أيديكم»، وشبَّه الوحي حالهم بحال بني إسرائيل، وحذّرهم من عصيان أمره في جميع حاله، حال النهي عن القتال وحال فرضه، وحذّرهم من التخاذل كما تخاذلت بنو إسرائيل، قال تعالى: [ألَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً].
واستمر رسول الله عليه الصلاة والسلام على طريقته في طلب النصرة إلى أن شاء الله استجابةَ الأنصار فبايعوه العقبة الثانية، ومن ثَمّ أقيمت الدولة في المدينة المنورة. وكما هو في أصول الفقه، فإن استمرار الرسول عليه الصلاة والسلام على فعلٍ معينٍ مع المشقة فيه هو قرينة جازمة على وجوب اتباع هذا الفعل، وعليه فلا يجوز اتخاذ الأعمال المادية المسلحة طريقةً لإقامة الدولة، بهذا ينطق فعل النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، فلنكن ممن يطيعون الله ورسوله فيحق عليهم قول الحق سبحانه وتعالى: [وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا].
إننا نشدد على أمرين اثنين:
أولهما: قوله عليه الصلاة والسلام: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ» أخرجه مسلم، فلا يمكننا أن نخذل إخواننا المجاهدين في سوريا، فنحن نريد الجنة ولا نريد للمسلمين الجلوس بلا عمل لنصرة أهل الشام، ونصرتهم لأهل الشام تكون بالعمل الجاد لإقامة الخلافة الراشدة الثانية التي تقطع دابر الكافرين وأعوانهم من بلاد المسلمين، وتُفشل خطط الكفار المستعمرين في بلاد المسلمين.
ثانيهما: لحبنا الخير للأمة، فقد أخرج البخاري عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُ لِنَفْسِهِ»، فنحن نحب أن يشاركنا هذا الفضل العظيم كل المخلصين من أبناء الأمة؛ فضل العمل لإقامة الخلافة الراشدة، فالخلافة هي مبعث عز الأمة الإسلامية وقاهرة أعدائها وصائنة أعراضها، ومحررة أرضها، فمن أولى منكم يا أبناء الأمة المخلصين لأداء هذا الفرض العظيم؟!، فإن المؤمن التقي النقي هو أحقُّ بهذا الأمر وأهلُه، وموقعه أن يكون في الصفوف الأولى في كل مواقع الخير، ولذلك فإننا نقول لكل أبناء الأمة المخلصين وبكل ما في النفس من مشاعر أخوة وإخلاص: لا تجلسوا بلا عمل!، بل اعملوا لنصرة المسلمين نصرةً حقيقةً فاعلةً، بانضمامكم لركب الخير الواصل ليله بنهاره لإعادة الخلافة الراشدة، فإننا مطمئنون إلى نصر الله وقرب بزوغ فجر الخلافة بعون الله، وإن هذا لكائن بجبروت الله: [وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.