القدس - خاص ل"مصر الجديدة" - دوّن رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على صفحة "فيسبوك" الشخصية، أمس السبت، متطرقا إلى محادثة "الاعتذار" التي جرت بينه وبين رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، والتي وضعت حدا للأزمة والتوتر بين البلدين جرّاء أحداث سفينة "مافي مرمرة" عام 2010- "بعد ثلاث سنوات من انقطاع العلاقات الإسرائيلية – التركية، قررت أنه حان الوقت لترميمها". وأضاف نتنياهو أن "الواقع المتغيّر من حولنا يلزمنا دائما بمراجعة علاقاتنا في المنطقة. وقد قامت إسرائيل خلال السنوات الثلاث الأخيرة بعدة محاولات لإنهاء الخلاف مع تركيا، والآن أصبحت الأزمة السورية، والتي تتدهور باستمرار، اعتبارا محوريا في نظري". ودعم وزير الدفاع الإسرائيلي المعين في إسرائيل جديدا، موشيه يعلون، موقف نتنياهو، والذي صرح قائلا "لقد اتخذ رئيس الحكومة قرارا مسؤولا. التسوية مع تركيا لا تتضارب مع دفاعه عن مبادئه في السنوات الثلاث الأخيرة". وأوضح يعلون أن "التطورات الإقليمية والتدخل الأمريكي هي التي أمكنت تسوية الأزمة- إنها مصلحة مشتركة لإسرائيل وتركيا". وقال الجنرال يعقوب عميدرور، رئيس مجلس الأمن القومي، إن"الوضع في سوريا كان السبب الرئيس لتجديد العلاقات بين الطرفين. ثمة دولة بيننا وبين تركيا لديها مخازن كيماوية ممكن أن تصل إلى أيد معادية، ولتركيا، مثلما هو الأمر لإسرائيل، توجد مصلحة لمنع هذا الوضع من الحدوث". وأضاف عميدرور أن المكالمة التلفونية بين تركيا وإسرائيل لم تحدث بسبب ضغط أمريكي، موضحا "الفكرة هي فكرتنا. نحن توجهنا للأمريكان وهم ساهموا في بلورة المبادرة مع الجانب التركي". وجاء رد رئيس الحكومة التركي، رجب طيب أردوغان، كذلك على هذا التطور اللافت، معبرا عن تفاؤله وقائلا "إنها فرصة جديدة لتدعيم السلام في الشرق الأوسط". وتحدث محللون في إسرائيل عن إمكانية توطيد العلاقات العسكرية بين البلدين، رغم مخاوف إسرائيل من العلاقات الاستخباراتية التي تربط بين تركيا وإيران. ويتوقع بعضهم أن يشمل هذا التوطيد تجديد المناورات العسكرية متعددة الجوانب، والتي تقودها الولاياتالمتحدة، وكذلك تحسين العلاقة بين إسرائيل وقوات حلف "الناتو"، والتي أعاقت تركيا تقدمها في السنوات الأخيرة. وعلّق عاموس هرئيل، المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، قائلا إن هنالك جانبا إيجابيا من هذه المصالحة على المستوى الاستراتيجي، وهو "أن الخطوة التركية تمت رغم أنف إيران، وهذه المصالحة ستقلص من حجم التهريب الإيراني العسكري إلى حزب الله عن طريق تركيا، وكذلك ستخفف من نشاط المنظمات الإرهابية على الأراضي التركية". وأضاف هرئيل أن "المصالحة ستساهم في التنسيق بين تركيا وإسرائيل بالشأن السوري". أما الباحث الإسرائيلي، البروفسور إيال زيسر، فكتب على صفحات "إسرائيل اليوم"، أن القضيتين المهمتين في هذه المصالحة هما سوريا وإيران، وكتب زيسر عن سوريا "أنها تحولت إلى ورطة من ناحية تركيا" وأن "أردوغان الذي راهن على سقوط الأسد لا يعرف اليوم كيف يُسقطه، ولا يعرف كيف يتعاطى مع السلاح غير التقليدي في سوريا، ولا يعرف كيف يتصرف مع الانتفاضة الكردية في سوريا، ولا يعرف كيف يمنع سوريا من السقوط في أيد جهادية متطرفة بعد سقوط النظام". أما بالنسبة للقضية الثانية المهمة، فأشار زيسر إلى "الهوة السحيقة بين تركيا وبين إيران، خصوصا في ظل التطورات الإقليمية التي هزّت المنطقة، وتصاعد النزاع بينهما على بسط النفوذ في العراق وسوريا، والحلبة الفلسطينية ولبنان". ويقترح زيسر أن أردوغان يبحث عن أصدقاء جدد بعد أن بات مع "صفر أصدقاء"، مشيرا إلى أنه "يعانق الحكم الكردي الذاتي في العراق، ويسعى إلى التصالح مع أكراد بلده، والآن هو مستعد أن يتنازل لكي يصالح نتنياهو". ونبّه زيسر أن "الماضي لن يزول بسهولة، وعلى إسرائيل أن تتذكر أن رئيس الحكومة التركية مزاجي، وقلبه مع الجانب الفلسطيني ومع الحركات الإسلامية في العالم العربي. لكن المصالح تبقى فوق كل شيء، وهذا ما يعلمه اردوغان". أما رد إيران فكان سريعا، وهي الآن تشعر بالضغط من هذا التقارب الإسرائيلي – التريكي، وقد صرّح نائب رئيس القوات المسلحة الإيرانية، مسعود جزائري، بأن المصالحة بين إسرائيل وتركيا "هي لعبة أمريكية". وقال جزائري إن "دول العالم تحاول ان تجد بديلا لإيران"، مطالبا "الدول الإسلامية بأن تبقى يقظة حيال محاولات الولاياتالمتحدة تغيير الرأي العام الدولي". وأضاف المسؤول الإيراني أن "الولاياتالمتحدة وبريطانيا يحاولان أن يبدلا الإسلام الطاهر بالقيم الأمريكية، وقد بدأا بنشر "الفوبيا من الإسلام" في العالم". وفي تطور لافت متصل بتركيا، صرّح رئيس حكومة "حماس" في غزة، اسماعيل هنية، أن "رئيس الحكومة التركية سيصل قريبا إلى قطاع غزة"، وأضاف أنه "يتوقع أن تلتزم إسرائيل بوعودها لتركيا ومنها رفع الحصار البحري عن غزة". وأكّد أردوغان في مقابلة مع محطة "س ن ن" التركية، وصوله إلى غزة خلال شهر أبريل " نيسان"، واحتمال وصوله إلى الضفة الغربية. ويخطط الجانب الأمريكي، والذي يعمل على خلق أجواء إيجابية لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، أن يجند تركيا ودول عربية معتدلة مثل الأردن، والسعودية، ودول أخرى من الخليج، بهدف دعم مساعي تجديد العملية السلمية. وإلى ذلك، سيحاول وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أن يقنع هذه الدول المصادقة من جديد على مبادرة السلام العربية في مؤتمر وزراء الخارجية للجامعة العربية القريب، وكذلك تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن كيري، بقي في المنطقة، بعد مغادرة الرئيس باراك أوباما، وقد التقى مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان، ومن ثم مع نتنياهو وليفني في القدس، وأشارت الصحف إلى أن كيري يقوم بخطوات لبناء الثقة بين الطرفين، على أمل أن يجتمعا في الأردن. وقد أفادت جريدة "الشرق الأوسط" أمس أن الأمريكيين اقترحوا خلال اللقاءات مع الجانب الأردني، عقد لقاء يجمع الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، إلى جانب ممثلين من الأردن والولاياتالمتحدة، وقد وافق الأردنيون على المبادرة ويقوم كيري في الحاضر بالعمل على دفع المبادرة قدما.