الذي يجري في مصر ومنذ انتخاب الرئيس ((مرسي)) لا يكاد يصدق؛ أحداث داخلية دامية لا تكاد تعرف لها سببا منطقيا، ودعوات للخروج على الرئيس المنتخب ودعوة العسكر للانقلاب وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه أيام الرئيس المخلوع، وتدخل دولي في شؤون مصر الداخلية، وكأن هؤلاء جميعا يرون في استقرار مصر خطرا على مصالحهم. جبهة الإنقاذ تتزعم حملة شرسة للانقلاب على الشرعية، وزعماؤها يمدون أيديهم لكل من يساعدهم على تحقيق هذا الانقلاب مهما كانت الوسائل!! هذه الجبهة رفضت كل الحلول التي عرضت عليها، وأصرت على وجوب تنفيذ مطالبها - غير المشروعة - وإلا ستمضي في مشروعها الفوضوي!! الانتخابات ليست لها قيمة في رأيهم!! الاحتكام إلى الشعب لا يحقق العدالة كما يقولون!! والأكثرية لا تعني في عرفهم شيئا!! ووجد البعض في هذه الجبهة ورموزها فرصة عظيمة لتحقيق أغراضهم في مصر، فأغدقوا عليهم الأموال لاستثمارها في تحقيق فوضى عارمة في كل مصر لكي تجبر هذه الفوضى الجيش على التدخل ومن ثم إدارة شؤون البلاد. ورأينا في مصر مظاهرات لا تمت للسلمية بصلة؛ قتل وحرق ونهب وإغلاق الطرق وإجبار البعض على إغلاق محلاتهم.. كل ذلك والمعارضة صامتة وداعمة!! وشارك الإعلام المحلي بشكل غير مسبوق في التشجيع على الفوضى وإشاعة الكذب ومهاجمة الدولة ورموزها!! واللافت للنظر أن الإعلام الرسمي شارك في هذه الحملة وإن كان بشكل أقل ولكن هذه المشاركة تطرح علامات استفهام كبيرة على حقيقة ما يجري في مصر!! ولم يكن الإعلام الخارجي بعيدا عن هذه المعركة، فهناك قنوات تخصصت في نشر الإشاعات والأكاذيب، بالإضافة إلى عشرات الصحف العربية التي جعلت من إسقاط الحكم في مصر هدفا رئيسيا لها. والسؤال المشروع هنا، لماذا كل هذه الحرب على الحكومة المصرية وهل ما يقال عن سوء إدارة الإخوان للحكم هو السبب الحقيقي أم أن هناك أسبابا أخرى؟!! ومع أنني أرى أن الرئاسة المصرية ارتكبت أخطاء كثيرة وجوهرية إلا أنني أعرف - أيضاً - أن هذه الأخطاء ليست هي سبب هذه الحملة، فالكل يعرف أن حكومة حسني مبارك كانت سيئة إلى حد كبير وما كان الخارجون على حكومة مرسي يجرأون على التفوه بكلمة فضلا عن القتل والتدمير الذي يقومون به حاليا وإنكارهم لا قيمة له. الفلول وأعوانهم وجبهة الإنقاذ التي تحالفت معهم لهم مصالح متجذرة في مصر وهم يعرفون أن الحكومة الحالية لن تحققها لهم، فضلا عن كونها ستحاسبهم على سرقاتهم السابقة وقد بدأت فعلا في اتخاذ هذه الخطوات، ومن هنا فإن مصلحتهم في إسقاطها وبكل الوسائل وهكذا فعلوا!! والذين يتحدثون عن سوء الإخوان - من خارج مصر - وأنهم سينقلون أفكارهم إلى بلدان أخرى وسيحدثون أزمات طاحنة فيها وانقلابات وإرهابا وإلى غير ذلك من الأقوال يعرفون أنهم غير صادقين؛ وأنا هنا لا أتحدث عن سوء الإخوان أو عدم سوئهم وإنما أتحدث عن قضية تصدير الفكر والانقلابات وما في حكمها، فهذا الفعل ليس من مبادئ الإخوان ولم يفعلوه في بلدهم رغم المعاناة الطويلة التي جرت لهم فكيف نصدق أنهم سيفعلون ذلك في بلاد أخرى؟! والواقع أن هناك من يخشى أن ينتقل ما عرف ب (الربيع العربي) إلى بعض تلك البلاد نظرا لتأثير مصر القوي، فوجد هؤلاء أن الأفضل لهم أن يجهضوا ثورة مصر حفاظا على سلامتهم وهذا تفكير خاطئ - لو عقلوا - فالظروف مغايرة، والعدالة - وحدها - هي التي تحميهم وتحمي شعوبهم. الطرف الأقوى في معادلة أعداء ثورة مصر هي إسرائيل وأمريكا؛ فإسرائيل تدرك أن وجود حكومة مصرية إسلامية خطر عليها، وسيزيد هذا الخطر لو وجدت حكومة سورية إسلامية أو وطنية ليست عميلة للغرب. ومن هنا حاولت - وما زالت - ومع أمريكا على إحباط هذه الثورة في مصر وفي سوريا، وضغطت أمريكا على حلفائها لكي يساعدوا على تحقيق ذلك الهدف خدمة لإسرائيل!! وكان الإسلام والعلاقة مع إيران هما الفزاعة المستخدمة للضغط عليهم.. حكومة مصر أخطأت في بعض القرارات ومن مصلحتها كسب الجميع والتنازل عن أشياء لتحقيق المصلحة المصرية العامة.. وحدة الكلمة هي التي ستجعل كل التدخلات الخارجية تفشل في تحقيق أهدافها. وأخيرا.. أجزم أن مصر وشعبها هم الأقرب لدول الخليج وأنهم مع هذه الدول ومن الحكمة أن يتعاون الجميع حفاظا على مصالحهم المشتركة.