طرابلس (رويترز) - قال النيجيري فستوس برينس انه أخذ أفراد أسرته وفر بعد أن رأى عصبة من الشبان الليببين تطلق النار على شقيقه في الرأس لرفضه تسليم أمواله. قصته مجرد واحدة من قصص عديدة تحدث عنها أفارقة في مخيم قرب طرابلس يصفون الترويع أو العنف الصارخ حين كانت القوات التي تحارب الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي تدخل طرابلس. ونجا برينس وهو أحد أفراد جيش ليبيا من العمال الاجانب من هذه المحنة وكلفه ذلك كل شيء حصل عليه من عمله كمهندس ديكور في ليبيا. وقال برينس البالغ من العمر 28 عاما "حطمت مجموعة من الرجال باب منزلي وطلبوا المال. سلمت المال وبعد عدة ثوان فقدت كل شئ عملت من أجله طوال سبع سنوات." وأضاف برينس "لم يعطهم شقيقي المال. طلبوا مني أن أفسح الطريق وطرحوه أرضا. بعد ذلك أطلقوا عليه الرصاص في رأسه." وفي مخيم خارج العاصمة الليبية كانت الملابس التي يرتديها هي كل ما يملك الان. فر عشرات الالاف من العمال الاجانب من ليبيا منذ بدء الانتفاضة ضد حكم القذافي الذي استمر اكثر من 40 عاما في فبراير شباط وكان الافارقة على وجه التحديد يخشون استهداف المقاتلين لهم لاتهامهم بأنهم كانوا مرتزقة للقذافي. وامتد هذا النفور فيما يبدو لكل الافارقة مما جعلهم عرضة للهجمات والسطو وغيرها من الحوادث التي ارتكبها مقاتلون مسلحون أطاحوا بالقذافي أغلبهم صغار السن. وعثر على بطاقات هوية لمواطنين من تشاد والنيجر ومالي والسودان وغيرها من الدول الافريقية مع جثث مسلحين قال مقاتلون من المعارضة انهم مرتزقة حصلوا على المال مقابل التصدي لقوات المعارضة. ورأى مراسلون 22 جثة لافارقة فيما يبدو على شاطئ في طرابلس يوم السبت قال سكان محليون انهم مرتزقة قتلتهم قوات المعارضة. وفي مناطق أخرى من ليبيا أصبح العثور على جثث أفارقة أمرا شائعا منذ بدء الانتفاضة وكذلك اساءة مقاتلين من المعارضة معاملة أفارقة. وتجمع مئات من الافارقة في المخيم المقام في ميناء بحثا عن الامان بعد فرارهم مما وصفوه بحوادث سطو وهجمات من جانب شبان ليبيين قبل دخول المعارضة طرابلس في 21 أغسطس اب وبعدها. وقال سكان المخيم انهم وجدوا مشقة في العثور على الطعام والماء بينما كانوا يختبئون في طرابلس وكانت الامدادات أكثر ندرة في المخيم الذي لجأ اليه كثيرون متخفين وراء السفن في الميناء أو على سطحها أو في مجمع قذر لاحواض السباحة. وكما حدث مع برينس قال البعض ان مهاجميهم لم يكونوا يرتدون زيا عسكريا للمقاتلين المعارضين للقذافي. لكن معاملة المقاتلين المعارضين للقذافي الذين يرتدون الزي الرسمي كانت قاسية في بعض الاحيان. وقال كيث موراي وهو نيجيري انه كان برفقة اثنين من أصدقائه داخل سيارة أجرة أوقفها مقاتلون مناهضون للقذافي. وقال موراي البالغ من العمر 38 عاما "عثروا على سترة عسكرية في صندوق السيارة. أخرجونا من السيارة وبدأوا يصرخون فينا بعنف وقالوا انهم سيقتلوننا. فتشونا وأخذوا منا هواتفنا. دعوت الله أن ينجيني." كان سائق السيارة الاجرة ليبي أسود ونزفت رأسه بعد أن ضربه أحدهم بمؤخرة البندقية وذلك قبل تصويب البنادق على الاربعة واجبارهم على الجلوس على الارض لست ساعات. وما زالت هناك كدمات في يدي موراي من أثر الحبال. وقال موراي ان مقاتلين اخرين معارضين للقذافي احتجوا على طريقة معاملتهم قبل اقتيادهم الى قائد كبير في سيارة أخرى. وأضاف أن من احتجزوهم كانوا يتشاورون حول ما اذا كان يجب قتلهم قبل أن يصلوا الى هناك. وقال موراي "سألهم القائد ما اذا كان لديهم أي دليل. لم يحضروا حتى السترة (العسكرية) لذلك طلب منهم القائد أن يطلقوا سراحنا وأن يعطونا الماء وأن يعيدونا الى حيث أخذونا. اعتذر السائق عن طريقة معاملتنا. ليس جميعهم سيئين." وطلب المجلس الوطني الانتقالي مرارا من مقاتليه احترام حقوق الانسان للمقاتلين والمرتزقة المشتبه بهم الذين حاربوا في صفوف قوات القذافي. وقال بعض الناس في المخيم ان العنصرية وراء سوء معاملتهم ولكن كان هناك العديد من الليبيين السود في صفوف القوات المعارضة للقذافي. وترجع هذه التجاوزات فيما يبدو الى كراهية الاجانب والصلة بين الافارقة والمرتزقة. ويعيش الناس داخل المخيم في وضع خطير وقال أحد عمال الاغاثة ان الامراض تنتشر هناك. ولا يتوفر للمخيم وهو واحد بين عدد منها حول طرابلس الامن وقال عامل الاغاثة انه عالج جراحا تتوافق مع ما تحدث عنه سكان المخيم من هجمات قالوا ان مقاتلين صغارا يقومون بها. أصيب النيجيري أنيزي ديريوس (22 عاما) بجرح غائر ما زال يبدو حديثا وراء ركبته اليسرى بعد أن هاجمه أربعة رجال ليبيين وطلبوا منه ماله يوم الاثنين. وقال ان أحدهم تسلل وراءه وجرحه بسكين. وقالت امرأة ان نساء أخريات تعرضن للاغتصاب. ولم يبد أي من سكان المخيم الذين تحدثت اليهم رويترز رغبة في البقاء في ليبيا او القارة الافريقية متعللين بالظروف الاقتصادية المتدنية في بلدانهم. وجميعهم كان يرغب أن تعيد منظمات دولية توطينهم في دول غربية. وقال برينس "خيب الليبيون ظني فيهم... لا أريد أن أرى ليبيا مرة أخرى. كل شيء عملت من أجله ضاع."