"العيش الفينو"، هو الخبز الأكثر شيوعًا على المائدة المصرية، فهو المفضل لدى الأطفال في المدارس، ورفيق السندوتشات اليومي، ومكون أساسي في وجبات الإفطار والعشاء، وراء هذا الخبز الطري، قصة مثيرة بدأت في مدينة الإسكندرية، وتحديدًا في النصف الأول من القرن العشرين. فى هذا الموضوع يأخذكم "مصراوي"، فى رحلة لاستكشاف تاريخ هذا الخبز والسر وراءه وكيف تحول من مجرد منتج في مخبز يوناني قديم إلى جزء لا يتجزأ من الهوية الغذائية المصرية، وكيف ارتبط اسمه ب"الخواجة فينو"؟. قصة "فينو" الخباز بحسب الروايات المنتشرة، يعود اسم "الفينو" إلى خباز يوناني يُدعى "فينو" افتتح مخبزًا شهيرًا في منطقة الإبراهيمية بالإسكندرية، كان "فينو" يشتهر بصناعة أنواع مختلفة من الخبز والمعجنات، لكنه أتقن بشكل خاص صناعة لفائف الخبز الطرية المصنوعة من الدقيق الأبيض والخميرة التجارية. وبحسب الموقع الرسمي للإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، لاقى هذا النوع من الخبز رواجًا كبيرًا بين المصريين والأجانب، وشيئا فشيئا كان اسم "فينو" حاضرا بقوة فى كل المناسبات والأفراح، وأصبح اسمه مرادفًا للخبز الإفرنجي، حتى أن أهل الإسكندرية اعتادوا أن يطلبوا "عيش فينو" بدلًا من "عيش أفرنجي". الأصل الأوروبي للخبز الواقع أن فكرة الخبز المصنوع من عجينة غنية بالدهون والسكر ليست جديدة، ولم يبتكرها الخواجة "فينو"، هذه الطريقة طوّرها خبازون نمساويون في منتصف القرن التاسع عشر، وعُرضت في معرض باريس الدولي عام 1867 تحت اسم "بان فينو" (Pan Viennois) أو "خبز فيينا"، ومن المرجح أن الخباز اليوناني استوحى اسمه وطريقته من هذا الخبز الأوروبي الذي وصل إلى مصر، ليمنحه شهرة محلية واسعة جعلته جزءًا من الثقافة الغذائية المصرية. لماذا أصبح "الفينو" بهذا القوام؟ السر في القوام الطري لخبز الفينو يكمن في طريقة صناعته، فهو يُصنع من عجينة مُدعّمة تُضاف إليها الدهون والسكر، على عكس الخبز البلدي الذي يُصنع من الماء والدقيق فقط، هذه الإضافات هي التي تمنحه نعومته وقوامه الهش، وتجعله مثاليًا لصنع السندوتشات. واستقر خبراء الطهي، بعد تجارب عديدة، على أن أفضل طريقة لصنع عجينة الفينو هي استخدام خليط من الحليب والماء مع السكر والزيت، والحرص على عجن العجينة جيدًا حتى يتماسك الغلوتين، هذه المكونات تضمن الحصول على خبز طري وغني، مع تجنب أي نكهات غير مرغوبة قد تنتج عن مكونات أخرى مثل البيض. وهكذا، تحول اسم "الخواجة فينو" إلى "براند" للخبز الأفرنجي، ليصبح الخبز الأكثر طلبًا في المخابز المصرية، ويحتل مكانة خاصة في قلوب وأذواق المصريين من كل الأجيال.