تستضيف العاصمة القطرية الدوحة، غدًا الاثنين، القمة العربية الإسلامية الطارئة، بمشاركة وزراء خارجية عدد من الدول العربية، لبحث الردود المحتملة على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مقر قيادة حركة حماس في الدوحة الثلاثاء الماضي. وتأتي القمة وسط تساؤلات حول طبيعة الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الدول المشاركة، وما إذا كانت ستقتصر على بيانات الإدانة والشجب، أم ستشهد خطوات عملية أكثر صرامة، بما يعكس خطورة استهداف إسرائيل لعاصمة عربية تقوم بدور الوساطة في مفاوضات غزة. يقول أستاذ العلوم السياسية والأمن القومى، رامي عاشور، خلال حديثه ل"مصراوي"، إنه من المأمول أن تصدق القمة على قرار "قوة عربية موحدة"_ بمثابة ناتو عربي_ أو على الأقل أن يكون هناك إرادة سياسية تمثل الموقف العربي الموحد. ويشير عاشور، إلى أن سبب انعقاد القمة هو الرسائل التي وجهتها إسرائيل للمنطقة من خلال استهداف الدوحة، والمتمثلة في أن استضافة أحد أفراد حركة حماس ستكون له تكلفة قد تصل إلى تعريض سيادة الدولة للخطر. الرسالة الثانية أن استهداف إسرائيل لدولة حليفة للولايات المتحدة وتستضيف أكبر قاعدة أمريكية في منطقة الشرق الأوسط (العديد)، لم يوفر لها الحماية الكاملة، ما يعني أن هذه القواعد ستكون في "حيادية تامة" أمام أي هجمات إسرائيلية مستقبلية سواء ضد دول عربية أو خليجية. ويضيف وبالتالي، فإن هذا الانتهاك يمثل "استباحة إسرائيلية" لأي أراضٍ عربية تحت مبدأ "حق الدفاع الشرعي عن النفس"، وهو ما يعني أن الدول العربية باتت اليوم في حالة تهديد. ويؤكد عاشور، أنه إذا لم تتمخض القمة عن إجراءات لحماية الأراضي العربية – وهو أمر لن يتحقق إلا عبر تشكيل "قوة عربية موحدة" – واقتصرت القرارات على الإدانة والاستنكار فقط، فإن ذلك سيشكل "ضوءًا أخضر" لإسرائيل لتكرار الهجوم على أراضٍ عربية أخرى، خصوصًا في ظل "منطق القوة" الذي تستغله إسرائيل، وهو ما يستدعي مواجهته بقوة مضادة أو بوسائل ردع فعالة. أما ما يتعلق بقطع العلاقات أو سحب السفراء، يقول الدكتور رامي عاشور، إن هذا السيناريو غير متوقع، لأنه سيفتح الباب أمام التدخل الأمريكي لإعادة هذه العلاقات، كما أن تل أبيب نفسها لا تتوقع أن تتخذ الدول في القمة قرارًا بقطع العلاقات الدبلوماسية أو التجارية معها، نظرًا للمصالح الأمريكية مع الدول الخليجية. والمتوقع أكثر هو تجميد أو تعطيل تنفيذ "اتفاقيات إبراهام". وفيما يخص "القوة العربية الموحدة"، يوضح عاشور، أن البيان الصادر عن القمة هو ما سيؤسس هذه القوة ويحدد مهامها، معتقدًا أنها ستكون مُمثلة في الجيوش العربية، وأن مساهمات الدول الخليجية، وإذا حصل قرار الإنشاء على موافقة جميع الدول، ستحدد دورها سواء بالدفاع عن الدول العربية ضد أي هجوم إسرائيلي محتمل أو بالقيام بهجوم مضاد. ويختتم الدكتور رامي عاشور حديثه، قائلًا إنه رغم أن الحديث عن مهام القوة الموحدة التفصيلية ما زال سابقًا لأوانه، فإنه من المفترض أن تكون هذه القوة بمثابة جيش موحد يدافع عن أي دولة عربية في المنطقة. وفي السياق ذاته، أعرب نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، مختار غباشي، عن أمله في أن تدرك القمة العربية الإسلامية أن الأمة العربية باتت في خطر، وأنه لا أمان مع إسرائيل ولا ثقة في الولاياتالمتحدة، وألا تقتصر على الشجب والإدانة، كبقية القمم العربية الأخرى. ويوضح غباشي خلال حديثه ل"مصراوي"، أنه من الأهمية أن تتخذ القمة مواقف ترتقي إلى خطورة جرأة إسرائيل على عواصم عربية، وخصوصًا الدوحة التي تقوم بدور الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس في مفاوضات غزة. فلم تكن هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل عاصمة عربية، بل كان هناك من قبل استهداف للعاصمة اللبنانية بيروت، والسورية دمشق، واليمنية صنعاء. ويشير إلى أنه لكي يكون هناك رادع للكيان الصهيوني بعدم تكرار هذا الفعل، يجب أن تُتخذ ضده إجراءات قوية، من بينها: تعليق الاتفاقيات الإبراهيمية أو اتخاذ موقف بشأنها. وفيما يتعلق بأن يصل الأمر إلى قطع أو تعليق المعاملات الاقتصادية أو سحب السفراء، يقول غباشي إنها إجراءات يجب أن تُتخذ وهي ليست بعيدة، فالمجازر الإسرائيلية في غزة والعدوان على الأراضي العربية كفيلة باتخاذ هذا الموقف، معتبرًا أن هذا الحد الأدنى الذي يمكن للقمة اتخاذه. الخيارات المتاحة أمام الخليج وفي هذا السياق، قال محللون إقليميون لشبكة CNN، إن دول الخليج باعتبارها طرفًا أساسيًا في المعادلة العربية، تملك عدة خيارات محتملة، تهدف بالأساس إلى إظهار وحدتها الإقليمية وردع أي هجمات إسرائيلية جديدة، مشيرين إلى أن من بين هذه الخيارات احتمال أن تقلص الإمارات مستوى مشاركتها في الاتفاقيات الإبراهيمية. الخيار الثاني قد يكون على الصعيد الاقتصادي، إذ يمكن توجيه تريليونات الدولارات الناتجة سنويًا عن صادرات النفط والغاز في المنطقة لاستثمارات استراتيجية في الأصول العالمية، بما يعزز من القوة الناعمة ويضمن نفوذًا في مراكز صنع القرار الدولية. كما قد تستخدم الدول الخليجية صناديقها السيادية العملاقة في فرض قيود تجارية على إسرائيل. الخيار الثالث يتمثل، بحسب رئيس مركز الخليج للأبحاث في السعودية عبدالعزيز صقر، في أن تلجأ دول الخليج إلى تفعيل وتوسيع نطاق "قوة درع الجزيرة"، وهي اتفاقية عسكرية تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي وتهدف إلى ردع أي هجمات تستهدف دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك في حديثه لشبكة CNN.