ال«سوشيال ميديا» وضعف الوازع الدينى وراء تفكك الروابط داخل العائلة نحتاج إلى مشروع قومى لمكافحة العنف الأسرى التطوع سمة أصيلة فى الشخصية المصرية.. والطلاق السريع ناتج عن فجوة التوقعات أكدت د.هالة رمضان، مديرة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن المركز يواصل أداء دوره الحيوى فى دراسة الظواهر المجتمعية والتفاعل مع القضايا الاجتماعية الملحّة، سواء على المستوى المحلى أو الإقليمى، موضحة أن التعاون العربى يعكس نجاح الدولة فى دعم هذا الكيان البحثى. وأشارت فى حوار مع «الأخبار» إلى أن هشاشة العلاقات الاجتماعية، وضعف الوازع الدينى، والإدمان، والتكنولوجيا، تعد من أبرز أسباب الجرائم الأسرية، كما أوضحت أن ظاهرة الثأر لا تزال بحاجة إلى توازن بين القضاء العرفى والرسمى، مؤكدة أهمية الدور المجتمعى فى الحد منها. ما أبرز نتائج التعاون ومذكرات التفاهم التى عقدها المركز مؤخراً مع مراكز بالدول العربية؟ - التعاون العربى يعكس نجاح الدولة التى حرصت على دعم هذا الكيان البحثى ليؤدى دوره بفاعلية على المستويين العلمى والميدانى، فقد وقع المركز عدة مذكرات تفاهم مع جهات علمية بارزة فى الوطن العربى، منها أكاديمية نايف للعلوم الأمنية فى المملكة العربية السعودية، والتى تتمتع بتاريخ طويل من التعاون المثمر مع المركز، وأكاديمية الشرطة بإمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وأيضًا جهات علمية فى ليبيا. هذه الشراكات تركز على تبادل الخبرات وإجراء بحوث مشتركة تهدف لفهم الظواهر الاجتماعية وعلاج مشكلاتها بصورة علمية دقيقة. فى رأيك.. ما أسباب الجرائم الأسرية؟ - الجرائم الأسرية باتت من الظواهر المقلقة فى المجتمع المصرى، وهى دخيلة على نسيجه الاجتماعى. من أبرز أسبابها «هشاشة العلاقات الاجتماعية»، حيث يتراجع الشعور بالمسئولية والروابط الأسرية، فيرتكب الجانى جريمته دون إحساس بتأنيب الضمير. وتسهم عدة عوامل فى تفشى هذا السلوك، منها التأثير السلبى للتكنولوجيا، وانتشار الإدمان، والضغوط الاقتصادية، إلى جانب ضعف الوازع الدينى، مما يؤدى إلى تفكك الروابط داخل الأسرة والمجتمع. وما المقصود ب»هشاشة العلاقات الاجتماعية»؟ يقصد بها ضعف الترابط العائلى والمجتمعى نتيجة تراجع التواصل الحقيقى بين الأفراد، سواء فى نطاق الأسرة أو الجيرة أو حتى الصداقات. وقد أسهمت التكنولوجيا الحديثة والضغوط الاقتصادية فى خلق علاقات سطحية وروتينية، أفقدت المجتمع الكثير من مظاهر التكافل والدعم النفسى. هذه الهشاشة تُضعف قدرة الأفراد على التماسك، مما ينعكس سلبًا على الاستقرار النفسى والسلوكى. ما أبرز نتائج الحلقة النقاشية حول العنف الأسري؟ - خلصت الحلقة إلى ضرورة إطلاق مشروع قومى لمكافحة العنف الأسرى بالشراكة بين جهات عدة، منها مجلس البحوث الاجتماعية والإنسانية، ومجلس العلوم الاجتماعية والسكان، والأزهر الشريف من خلال مبادرة «لم الشمل»، ووزارة الأوقاف، ووسائل الإعلام، والمؤسسات التعليمية، ومنظمات المجتمع المدنى، وأوصت بإصدار قانون موحد لمكافحة العنف الأسرى، وتعديل قانون الأحوال الشخصية ليتواءم مع المتغيرات الاجتماعية، إلى جانب تفعيل الخطاب الدينى المناهض للعنف، وإنشاء خط ساخن لتلقى شكاوى العنف الأسري، مع دراسة أبعاده النفسية والاقتصادية. هل أُجريت دراسة حديثة لرصد التحولات فى الشخصية المصرية؟ - نعم، نظم المركز مؤتمره السنوى هذا العام بعنوان «الشخصية المصرية فى عالم متغير»، بمشاركة نخبة من الباحثين والمفكرين. تناول المؤتمر التغيرات التى طرأت على سمات الشخصية المصرية، خاصة بعد ثورتى 2011 و2013، فى ظل غياب الدراسات الميدانية الحديثة منذ عام 2010. وتضمن المؤتمر 12 جلسة علمية وناقش 22 محورًا مختلفًا، بهدف فهم هذه التحولات وأثرها على سلوك المجتمع. لماذا خُصصت ندوة لموضوع «التطوع فى المجتمع المصرى»؟ - التطوع يمثل أحد السمات الأصيلة فى الشخصية المصرية، ويتجلى بقوة فى الأزمات. هدفت الندوة إلى تعزيز ثقافة التطوع ودور الإعلام التقليدى والرقمى فى نشرها، إلى جانب التأكيد على دور رجال الدين فى التوعية بأهميته، كما دعت إلى إنشاء قاعدة بيانات للمتطوعين، وإجراء دراسات متعمقة لفهم واقع التطوع واحتياجاته. كيف تناول المركز ظاهرة «الثأر»؟ وهل للقضاء العرفى دور فى مواجهتها؟ - درس المركز ظاهرة الثأر من منظور ثقافى واجتماعي، وبيّن أن القضاء العرفى، عبر جلسات التحكيم، يلعب دورًا مهمًا فى الحد من النزاعات الثأرية، خاصة فى المجتمعات الريفية. ورغم أهمية هذا الدور فى حفظ التماسك المجتمعي، فإن القضاء الرسمى يظل هو المرجعية الأساسية لضمان العدالة وسيادة القانون، وأكدت الدراسة أهمية وجود «القدوة» و»الكبير» كعنصر توازنى فى المجتمعات المعرضة للنزاعات. ما أبرز المشاركات الدولية للمركز مؤخرًا؟ شارك المركز فى مؤتمر «UN» بنسخته الثانية، الذى أقيم بمدينة فيتوريا بإسبانيا. وقد جاء المؤتمر استكمالًا لتوصيات سابقة صادرة عام 2022، وركز على عرض تجارب ضحايا الإرهاب من مختلف أنحاء العالم، ومناقشة سبل استخدام التعليم فى إعادة تأهيلهم ودمجهم فى المجتمع. ما نتائج الزيارات الميدانية للمركز داخل المحافظات؟ - نفذ المركز عددًا من الندوات التوعوية بالتزامن مع المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان». منها ندوة فى محافظة الشرقية حول «العنف المجتمعى ضد المرأة»، تناولت قضايا مثل التوقيعات القسرية التى تُستخدم لاحقًا ضد الزوجة، والطلاق الكيدي، ودور الرائدات الريفيات فى التوعية المجتمعية. كما شملت توعية صحية بمرض الجلطة الدماغية ضمن مبادرة «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا». وفى بنى سويف، تناولت ندوة أخرى «مخاطر شبكات التواصل الاجتماعى على بناء الإنسان»، وسلطت الضوء على الجوانب الإيجابية والسلبية لاستخدام تلك الوسائل، والعلاقة بينها وبين الجرائم الإلكترونية. وما الأسباب الكامنة وراء ارتفاع معدلات الطلاق؟ - ارتفاع معدلات الطلاق يعكس تغيرًا فى منظومة القيم والعلاقات الاجتماعية. من أبرز الأسباب: اتساع الفجوة الثقافية بين الأجيال، اختلاف التوقعات بين الشريكين، الضغوط الاقتصادية، وتأثير الإعلام وشبكات التواصل. كما ظهرت أنماط جديدة من الطلاق، أبرزها «الطلاق السريع»، الذى يتم خلال شهور قليلة من الزواج. إلا أن الرهان يبقى على وعى المجتمع بأهمية الحفاظ على الأسرة واستقرارها.