من المقرر أن يلتقي الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين خلال الأيام المقبلة لبحث الحرب في أوكرانيا، وذلك بالتزامن مع انتهاء مهلة ال10 أيام التي منحها ترامب إلى موسكو لإنهاء الحرب الدائرة مع كييف منذ أكثر من ثلاث سنوات. لماذا يرغب الطرفان في الاجتماع الآن؟ يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى استخدام قوته الشخصية للتوصل إلى اتفاق، معتقدًا أن 6 أشهر من إصرار روسيا يمكن التغلب عليها بلقاء رئيس الكرملين وجهًا لوجه. ويبدو أنه لا يزال متمسكًا بفكرة إمكانية إقناع موسكو بوقف الحرب، بحسب شبكة "سي إن إن". بينما يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكسب الوقت، بعدما رفض في مايو اقتراحًا أوروبيًا-أمريكيًا-أوكرانيًا لوقف إطلاق النار غير المشروط، مفضّلًا بدلًا منه فترتين أحاديتين قصيرتي الأمد، في الوقت الذي تواصل فيه قواته التقدم بقوة على جبهات القتال ضمن هجوم قد يقرّبه من تحقيق أهدافه، ما ينذر بأن المفاوضات القادمة ستُجري في ظل واقع ميداني مختلف تمامًا عن السابق، وفقًا للشبكة. إذا التقى الرئيسان الأمريكي والروسي، فمن الواضح أن أحد الأهداف الأمريكية هو عقد قمة ثلاثية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لمناقشة إنهاء الحرب - وهو الشكل الذي رفضته روسيا خلال اجتماع إسطنبول في مايو. في حال عُقِد الاجتماع، كيف يمكن انتهاء الحرب؟ 5 سيناريوهات مُحتملة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية وضعت شبكة "سي إن إن" الأمريكية في تقرير لها 5 سيناريوهات محتملة لإنهاء الحرب بين روسياوأوكرانيا الدائرة منذ فبراير 2022، وهي كالتالي: 1. بوتين يوافق على وقف إطلاق النار غير المشروط ترى الشبكة، أن موافقة الرئيس الروسي على هذا السيناريو "مستبعدة جدًا"، إذ سبق أن طالبت الولاياتالمتحدة وأوروبا وأوكرانيا في مايو الماضي بوقف مماثل لإطلاق النار تحت تهديد العقوبات، لكن موسكو رفضت. حيث يُحوّل الكرملين حاليًا مكاسبه المتزايدة على جبهات القتال إلى مزايا وأوراق ضغط استراتيجية، ولن يرى جدوى من إيقاف هذا التقدم الآن، وهو في ذروته، إذ "سيرغب بوتين في القتال لأنه منتصر". 2. البراجماتية والمزيد من المحادثات قد يتفق الأطراف على استئناف المحادثات، مما يُتيح لروسيا ترسيخ مكاسبها وتجميد خطوط المواجهة عسكريًا. وبحلول أكتوبر، قد تكون القوات الروسية قد سيطرت على مدن بوكروفسك وكوستيانتينيفكا وكوبيانسك الشرقية، ما يمنحه بوتين موقعًا قويًا ويُمكنه من إعادة تنظيم قواته. عندها، يُمكن لموسكو استئناف القتال في عام 2026، أو اللجوء إلى الدبلوماسية لجعل هذه المكاسب دائمة. 3. أوكرانيا تصمد بطريقةٍ ما وفقًا لهذا السيناريو، فإن المساعدات العسكرية الأمريكية والأوروبية لأوكرانيا ستُساعد على الحد من الخسائر على خطوط المواجهة خلال الأشهر المقبلة، وتدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السعي للتفاوض. وعلى الرغم من احتمال سيطرة القوات الروسية على مدينة بوكروفسك، وتهديد معاقل أخرى في شرق أوكرانيا، فإن التقدم الروسي قد يتباطأ، كما حدث سابقًا، ووقتها قد يشعر الكرملين بتأثير العقوبات وتضخم الاقتصاد. وبالفعل، فإن الدول الأوروبية قد وضعت خططًا متقدمة لنشر ما يُسمى ب"قوة طمأنة" في أوكرانيا كجزء من الضمانات الأمنية، وبموجب هذه الخطة، فإن عشرات الآلاف من قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) يمكن أن تتواجد حول العاصمة كييف وباقي المدن الكبرى، مُقدِمةً الدعم اللوجستي والاستخباراتي لأوكرانيا في عملية إعادة الإعمار، وتشكل رادعًا كافيًا يدفع موسكو إلى ترك خطوط المواجهة كما هي. هذا هو أقصى ما يمكن لأوكرانيا أن تأمل فيه، بحسب "سي إن إن". ولكن إذا لم يتوقف الرئيس الروسي وفشلت الدبلوماسية؟، فإن الخيارات التالية ليست بنفس الوضوح: 4. كارثة على أوكرانيا يدرك الرئيس الروسي جيدًا التصدعات في الوحدة الغربية، بعدما شهدت العلاقات الأمريكية الروسية بعض التحسن بعد مجئ دونالد ترامب، فضلًا عن التحول في الدعم الأمريكي لأوكرانيا. ورغم أن أوروبا قد تبذل قصارى جهدها لدعم كييف، فإنها لن تنجح في قلب موازين القوى دون دعم أمريكي. إضافة إلى ذلك، قد يرى بوتين أن المكاسب الصغيرة التي تحققها قواته في شرق أوكرانيا قد تتحول إلى هزيمة بطيئة للقوات الأوكرانية، ومع تزايد الضغوط على الخطوط الدفاعية لكييف، قد تنكشف هشاشتها. وفي ظل أزمة القوى العاملة العسكرية، فإن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد يضطر للمطالبة بتعبئة أوسع لدعم دفاع البلاد؛ وهو ما قد يحوّل الأزمة العسكرية إلى أزمة سياسية تهدد استقرار حكومته. 5. كارثة على بوتين مع استمرار القتال لأكثر من ذلك، فإن روسيا قد ترتكب "خطًأ فادحًا"، فتُزهق أرواح آلاف الجنود مقابل مكاسب ضئيلة نسبيًا، بحسب "سي إن إن". وقد تُقوّض العقوبات المفروضة على روسيا تحالفها مع الصين، وإيراداتها من الهند، فضلًا عن احتمال تأثر الاحتياطيات المالية لصندوق الثروة السيادية الروسي بالسلب، وتنخفض إيراداته. في هذا السيناريو، قد يجد الكرملين أن إصراره على تجاهل التحديات اليومية وضغوط الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الروس، مُضرّة. وهو ما يُذكرنا بمشهد سابق، إذ ساهمت حسابات سياسية مُشابهة في دعم احتلال الاتحاد السوفيتي السابق لأفغانستان في حرب اختيارية. وقد شهدت حرب أوكرانيا بالفعل لحظات ضعف غير متوقعة للكرملين، كان أبرزها تمرد يفجيني بريجوجين، المقرب من بوتين، والذي كاد أن يصل بالعاصمة إلى حافة أزمة كبرى. وتختتم شبكة "سي إن إن" تقريرها بالقول إن أيّ من هذه السيناريوهات لا يُجدي نفعًا لأوكرانيا، إذ إن واحدًا منها فقط يُنذر بهزيمة روسيا كقوة عسكرية تُشكّل تهديدًا للأمن الأوروبي، وفقًا للتقرير. كما لا يُمكن لأيٍّ منها أن ينتج عن لقاء بين الرئيسين الأمريكي ترامب والروسي بوتين وحدهما، دون أن تكون أوكرانيا طرفًا في أي اتفاقٍ لاحق.