يتوقع بعض سكان إقليم تيجراي في شمال إثيوبيا، إعادة ضم مناطق معينة إلى منطقة أمهرة المجاورة، بعد الهزيمة العسكرية لجبهة تحرير شعب تيجراي، الأمر الذي قد يهدد باندلاع نزاع جديد، وفق ما اعتبر محللون. وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد في 28 موفمبر السيطرة على العاصمة الإقليمية ميكيلي، ونهاية العملية العسكرية التي شنها قبل 24 يومًا لطرد القادة المحليين. وفر القادة الذين كانوا يتحدون الحكومة الاتحادية منذ شهور، وتم نشر إدارة جديدة في المنطقة. في ألاماتا، البلدة الزراعية الواقعة في جنوب تيجراي والتي زارها فريق من وكالة فرانس برس مؤخرًا، تم إطلاق عيارات نارية في الهواء إحتفالاً بالانتصار على جبهة تحرير شعب تيجراي. كما اثار حدث آخر هذا القدر من الحماسة تجلى في إطلاق سراح برهانو بيلاي تيفيرا. كان برهانو (48 عاما)، الذي يدعو نفسه "السجين السياسي"، يقبع في سجن في تيجراي منذ عام 2018، بعدما اتهمته جبهة تحرير شعب تيجراي بالمطالبة بضم مسقط رأسه رايا، وهي منطقة تعتبر ألاماتا أبرز مدينة فيها، إلى منطقة أمهرة المجاورة، نحو الجنوب. اعتبر برهانو أن هذه الأراضي الخصبة تم إلحاقها بشكل غير قانوني بتيغراي من قبل جبهة تحرير شعب تيجراي عندما أطاحت بالنظام العسكري الماركسي لمنغستو هايلي مريم في عام 1991. وقد هيمنت بعد ذلك على بنى السلطة في إثيوبيا لحوالى ثلاثين عامًا، إلى أن أصبح أبيي وهو من الأورومو رئيسًا للوزراء في العام 2018 مستفيدًا من حركة احتجاجية مناهضة للحكومة في منطقتي أورومو وأمهرة. بعد أكثر من عامين من الاعتقال اتسم بالضرب وفترات طويلة من الحبس الإنفرادي في كهف على سفح الجبل، عاد برهانو منتصرًا إلى منزله، عندما أخلت سبيله قوات جبهة تحرير شعب تيجراي لدى انسحابها في نوفمبر، أمام الجيش الفيدرالي. وقال برهانو، الذي التقى زوجته واولاده الأربعة، لوكالة فرانس برس "لا نريد أن نعيش مع شعب تيجراي الذي لا يعرف ثقافتنا أو تقاليدنا"، مؤكدًا أنه سيواصل الدفاع عن قضيته، بعد أيام قليلة من الاحتفالات التي نظمت بمناسبة عودته والذي اعتبره أسعد يوم في حياته بعد يوم زفافه. تهديد بحمام دم ومنطقة رايا ليست الوحيدة في تيجراي التي يفكر سكانها في الارتباط بمنطقة أمهرة، فهناك رؤية مماثلة في غرب تيغراي، حيث تم اتهام جبهة تحرير شعب تيجراي كذلك ضم أراض كانت تابعة لأمهرة. وتقوم القوات الخاصة التابعة لمنطقة أمهرة بضمان الأمن في هذه المناطق، بعد أن دعمت الجيش الاتحادي في طرد قوات جبهة تحرير شعب تيجراي. ويرأس مسؤولون من أقلية الأمهرة الإدارات المؤقتة التي أقيمت في العديد من البلدات. ويمكن الآن قراءة كلمة "أمهرة" على واجهة العديد من المنازل المهجورة أو على واجهات المحلات المغلقة، في دلالة على سند ملكية أبرم على عجل. ويرى المحلل في مجموعة الأزمات الدولية وليم دافيسون أن ما يجري في غرب وجنوب تيجراي يشبه "الضم بحكم الأمر الواقع وغير الدستوري" والذي "يشكل سابقة من شأنها زعزعة الاستقرار" في اثيوبيا. ويقول بعض المسؤولين، الذين قدموا حديثًا، أن لا شأن لهم بما يجري في تيجراي. أوضح رئيس بلدية ألاماتا الجديد، كاسا رضا بيلاي، لوكالة فرانس برس "لقد أُرغمنا على أن ننتمي" إلى تيجراي "والآن، بالقوة، تم تحرير هذه المنطقة"، مضيفًا أنه يأمل في أن "يستجيب أبيي لطلب السكان"، أي اخضاع المنطقة لسلطة أمهرة. وتدارك "وإلا فسيحدث حمام دم وحرب أهلية". وتبدو المشاريع الطويلة الأمد للحكومة الإتحادية لهذه المناطق المتنازع عليها غير واضحة. أكد رئيس منطقة أمهرة أجينجاو تيشاغر أن القوى الإقليمية لم تشارك في النزاع لتلبية المطالب الوطنية. واشار الوزير الأثيوبي زاديج أبرهة، المتحدر من ألاماتا، "لقد طالب الناس بوضوح وبشدة بأن يتم ضمهم" إلى أمهرة "ومن المحتمل أن يتم ذلك وعلينا الانتظار". "لا أشعر بالأمان" في غضون ذلك، يرفض رئيس بلدية ألاماتا الجديد الخضوع لسلطة رئيس الإدارة الإقليمية المؤقت لتيجراي، مولو نيغا، المتحدر من تيغراي وعينته الحكومة الاتحادية. وحذر كاسا رضا بيلاي "إذا جاء مولو نيغا إلى هنا، فستخرج تظاهرات ضده. لا نريده أن يأتي. اعتبارا من الآن، نريد أن نعيش مع الأمهرة". يثير هذا الخطاب المخاوف، كحال هيلاي جبريمدين، المتحدر من تيجراي ويملك متجرا للملابس في الشارع الرئيسي في ألاماتا منذ ست سنوات. في نوفمبر، عندما اندلع القتال في التلال المحيطة بالمدينة، وضع بضاعته في أكياس وأخذها إلى المنزل، حيث حبس نفسه لأسابيع. وأعاد فتح متجره في بداية ديسمبر، بسبب حاجته للمال وشراء الطعام، لكنه غير متأكد مما يخبئه المستقبل للمتحدرين من تيجراي في ألاماتا. وقال "لا أشعر بالأمان، لأنه هناك من يقول لقد هزمناهم وعليهم الآن المغادرة". ويرى بعض النشطاء أن رايا يجب أن تكون منطقة تتمتع بالحكم الذاتي، لا تنتمي إلى تيجراي أو إلى أمهرة، لكنهم لا يجاهرون بذلك. واعتبر دافيسون أنه "من المحتمل أن تحدث مقاومة مستمدة من سكان تيجراي في حال تم اقتطاع أراض من تيجراي، بالطريقة نفسها التي أثار بها نشطاء الأمهرة الاضطرابات لفترة طويلة من أجل عودتهم". يراقب جبريمدين من بعيد التجمعات في الساحة احتفالا بعودة برهانو، "السجين السياسي". وبدت اللافتة التي نصبت فوق العشب بالنسبة لهذا التاجر بمثابة تهديد. وكتب على اللافتة "لقد انتظر الأمهرة بصبر، لكن يجب ألا يتم خداعهم".
