نفت إيران، السبت الماضي، تقارير أفادت بأن عملية استخبارات إسرائيلية سرية قتلت مؤخرًا قياديًا بارزًا في القاعدة في العاصمة طهران، كان تحت حماية الحرس الثوري الإيراني. وفقًا لمسؤولي المخابرات الأمريكية، حاورتهم صحيفة "نيويورك تايمز"، اُغتيل عبدالله أحمدعبدالله، القيادي البارز في تنظيم القاعدة المطلوب من قبل الحكومة الأمريكية بتهمة التخطيط لتفجير شاحنتين مُفختتين في عام 1998 لسفارتين أمريكيتيين في افريقيا والتخطيط لهجمات إرهابية أخرى، على يد علماء إسرائيليين في قلب العاصمة الإيرانية بأمر من واشنطن. يُعرف عبدالله كذلك بالاسم الحركي أبومحمد المصري، واطلق عليه رجلان الرصاص من على متن دراجة نارية بالقرب من منزله، ابنته مريم أرملة حمزة نجل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وقُتلت كذلك أثناء ركوبها معه السيارة. انضم عبدالله إلى الجهاديين الذين قاتلوا في أفغانستان في عام 1979، وأصبح لاحقًا أحد مؤسسي تنظيم القاعدة. وبحلول عام 2008، اعتبره المركز الوطني الأمريكي لمكافحة الإرهاب مُخطط للعمليات الأكثر خبرة وخطورة. قبل وفاته، قالت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، إنه كان المسؤول الثاني في القاعدة، وعرضت الولاياتالمتحدة مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يقدم معلومات تساعد على القبض عليه. كان عبدالله أحد المطلوبين الأساسيين على قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) لدوره في التخطيط لتفجيرات 7 أغسطس 1998 بسفارتي الولاياتالمتحدة في كينيا وتنزانيا، وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل 224 شخصًا بينهم 12 أمريكيًا، وإصابة أكثر من 5 آلاف آخرين. واغتيل القيادي في "القاعدة" في الذكرى الثانية والعشرين لهذا الهجوم، والذي كان الأكثر دموية دموية قبل 11 سبتمبر. شارك عبدالله كذلك في تدريب المليشيات الصومالية التي أسقطت طائرتي هليكوبتر أمريكيتين في عام 1993 في معركة مقديشو، باستخدام تكيتكات قاذفات الصواريخ التي تعلمها في أفغانستان. تحالف غير مُقدّس سارعت طهران في نفي إيوائها لعبدالله هربًا من أي عواقب دولية لإيواء ارهابيين، أو دعم الإرهاب، وكذلك تجنبًا لشعورها بالإحراج من تعرضها لضربة إسرائيلية سرية في قلب العاصمة. غير أن طهران لديها روابط سرية بتنظيم القاعدة، حسبما لفتت ناشيونال إنترست، ووفقًا لتقرير لجنة 11 سبتمبر، فإن التحقيق الرسمي في هجمات 11 سبتمبر عام 2001، أفاد بأنه في أواخر عام 1991 أو 1992، أدت المناقشات في السودان بين القاعدة والعملاء الإيرانيين إلى اتفاق غير رسمي في تقديم، حتى لو كان تدريب فقط، للأعمال التي يتم تنفيذها ضد إسرائيل والولاياتالمتحدة. كذلك أفاد التقرير، بأنه وبعد وقت قصير من هذه المناقشات، سافر كبار عملاء القاعدة والمدربين إلى إيران من أجل تلقي تدريبات على المتفجرات، وفي خريف عام 1993، ذهب وفد آخر إلى سهل البقاء في لبنان للحصول على المزيد من التدريبات على المتفجرات وفي مجال الاستختبارات والأمن. وبحسب ما ورد، أظهر بن لادن اهتمامًا خاصًا بتعلم كيفية استخدام الشاحنات المفخخة كتلك التي قتلت 241 من مشاة البحرية الأمريكية في لبنان عام 1983. خطط حزب الله الشيعي اللبناني للهجوم، ودرب منفذيه ومدهم بالدعم المادي والأسلحة، وقام بتوجيههم. وقام الحرس الثوري الإيراني الذي يعمل عن كثب مع حزب الله على تدريب مقاتلي القاعدة في المسعكرات الخاصة بالمليشيا اللبنانية. وأوصت لجنة 11 سبتمبر بإجراء المزيد من التحقيقات من أجل الكشف عن الروابط بين إيران والقاعدة، وكذلك خلصت إلى أن القاعدة ربما تكون قد ساعدت إرهابيي حزب الله المدعوم من إيران الذين نفذوا تفجير يونيو 1996 وأسفر عن مقتل تسعة عشر فردًا من القوات الجوية الأمريكية في مجمع أبراج الخُبر السكني في المملكة العربية السعودية. عمل فيلق القدس، وحدة النخبة في القوات الخاصة داخل الحرس الثوري الإيراني، كحلقة وصل بين الثوار الأجانب والجماعات الإرهابية. ولفتت "ناشيونال إنترست" إلى أن فيلق القدس، الذي دعم الهجمات ضد الأمريكيين في أفغانستان والعراق، شارك كذلك في التخطيط لعملية اغتيال السفير السعودي في واشنطن 2011. تستر إيران على الحقيقة وفي محاولة للتستر على عجزها عن حماية القيادي الإرهابي، ذكرت ذكرت وسائل إعلام تسيطر عليها إيران، بعد وفاة عبدالله في 7 أغسطس 2020 في طهران، أن الحادث كان هجومًا على أستاذ التاريخ اللبناني حبيب داود وابنته ميريام، دون اعطاء المزيد من التفاصيل. فيما قال مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية أن حبيب داود كان اسمًا مُستعارًا أعطاه المسؤولون الإيرانيون لعبدالله كجزء من التستر على وجوده في أراضيها. ذكرت ناشيونال إنترست أن عبدالله عاش في إيران منذ عام 2003 تقريبًا بعد فراره من أفغانستان في أعقاب سقوط نظام طالبان المتحالف من القاعدة. ولم يكن بمفرده، إذ توجه كبار القياديين في التنظيم الإرهابي إلى إيران، بما في ذلك العديد من أفراد عائلة أسامة بن لادن. نفي الإيرانيون في البداية وجود إرهابيي القاعدة في أراضيهم، وزعموا لاحقًا أنهم مسجونون أو رهن الإقامة الجبرية، ما يجعلهم غير قادرين على شن الهجمات. غير أن طهران سهلت حركة ضيوفها لاسيما بين أفغانستان والعراق، ما سمح لهم بمهاجمة أعدائها شرط ألا يستهدفوا إيران. خلصت وكالات الاستخبارات الأمريكية، وفق واشنطن بوست، إلى أن تفجيرًا ارهابيًا في مايو 2003 في المملكة العربية السعودية خططه قادة القاعدة الموجودين في إيران. وأفاد تقرير "السي آي إيه" أن الهجوم الذي استهدف عبدالله يعد تصعيدًا جديدًا في الضغط على كل من القاعدة وإيران من قبل عمليات مكافحة الإرهاب الإسرائيلية الأمريكية. وحسب التقارير، فإن عملاء يعملون مع وحدة كيدون، وحدة سرية في وكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، قتلوا عبدالله بطريقة تشبه عمليات الاغتيال التي ينفذونها والتي تستهدف قتل الأهداف ذات القيمة العالية. وكلمة كيدون في العبرية تعني "حربة" أو "رأس الرمح". نُفذت عملية اغتيال القيادي في القاعدة مع النمط المتبع في اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين، والذي غالبًا ما تتهم إسرائيل في تنفيذه. أشارت ناشيونال إنترست إلى أن إسرائيل مُشتبه بها في تنفيذ سلسلة من التفجيرات والحوادث الغامضة في المنشآت النووية الإيرانية، وذلك لبعث برسالة مُفادها: "أنه لا يمكن السماح للديكتاتورية الإيرانية، والدولة الأولى في رعاية الإرهاب في العالم، بتطوير أكثر الأسلحة رعبًا".