لم يكن الإعلان عن تولى سيف العدل قيادة تنظيم القاعدة مؤقتا هو وحده الذى سلط الضوء على الصلة المحتملة لإيران بالقاعدة، ولكن أيضا الشهادة التى أدلى بها اثنان من المنشقين الإيرانيين والتى أكدت أن إيران كان لها علاقة بهجمات 11 سبتمبر، الأمر الذى قد يفتح باباً جديداً للصراع بينها وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية إذا ما ثبت صحته. وكان مسئولو استخبارات فى بلدان عدة قد قالوا إن اختيار سيف العدل لخلافة بن لادن فى قيادة القاعدة ولو بشكل مؤقت يلقى بضوء جديد على علاقة إيران بالتنظيم حيث إن سيف العدل كان من بين قادة القاعدة الذين هربوا إلى طهران بعد الغزو الأمريكى لأفغانستان وقد اعتقلوا فى عام 2003 ووضعوا تحت الإقامة الجبرية فى مجمع خارج طهران. وإذا تأكد أن إيران أطلقت سيف العدل أو أيًّا من قادة القاعدة الآخرين فإن ذلك سيشكل انتهاكا لقرار أصدره مجلس الأمن الدولى فى شأنهم، فضلا عن أن الولاياتالمتحدة أوضحت أن حدوث شىء من هذا القبيل أمر غير مقبول. ويأتى هذا فى الوقت الذى ذكرت فيه صحيفة «نيويورك تايمز» أن منشقين عن الاستخبارات الإيرانية أكدا أن مسئولين إيرانيين كانت لديهم «معرفة مسبقة بهجمات 11 سبتمبر»، بل زعم أحدهما أن إيران شاركت فى التخطيط للهجمات، وذلك وفقا لما جاء فى الملفات التى قدمت للمحكمة الفيدرالية فى دائرة مانهاتن بنيويورك فى إطار الدعوى القضائية التى كانت عائلات العشرات من ضحايا هجمات 11 سبتمبر قد رفعتها ضد إيران فى عام 2002 للحصول على تعويضات بسبب «دعم إيران المباشر ورعايتها للعمل الإرهابى الأكثردموية فى التاريخ الأمريكى»، حيث تقول الدعوى بأن إيران وحزب الله اللبنانى- الذى تعتبره الولاياتالمتحدة منظمة إرهابية وتتهم طهران بتزويده بالسلاح والمال- ساعدا تنظيم القاعدة فى التخطيط لهجمات 11 سبتمبر 2001 وفى تدريب وسفر مختطفى الطائرات، وأنه بعد الهجمات ساعدت إيران وحزب الله عناصر من القاعدة على الهرب، ووفرت لبعضهم ملاذا آمنا فى إيران. وتذكر الدعوى القضائية أسماء مسئولين إيرانيين كمتهمين، وطالب محامو العائلات بإصدار حكم غيابى ضدهم. وتضمنت ملفات المحامين المقدمة للمحكمة تقارير عشرة خبراء متخصصين فى الشأن الإيرانى والإرهاب بمن فيهم أعضاء سابقون بلجنة 11 سبتمبر وموظفون سابقون بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية توضح أن هجمات 11 سبتمبر اعتمدت على مساعدة إيرانية لتنظيم القاعدة فى الحصول على جوازات سفر نظيفة وتأشيرات لدخول الولاياتالمتحدة. وكانت لجنة 11 سبتمبر الوطنية قد أثارت قضية علاقة إيران بهجمات 11 سبتمبر حيث أشار تقريرها إلى أنه يوجد «دليل قوى على أن إيران سهلت نقل عناصر من تنظيم القاعدة من وإلى أفغانستان قبل 11 سبتمبر وأن بعضهم كانوا من بين الخاطفين الذين شاركوا فى الهجمات». وقال التقرير أيضا أن هناك أدلة غير مباشرة على أن عناصر بارزة بحزب الله كانوا يتتبعون عن كثب سفر بعض الخاطفين إلى إيران فى نوفمبر 2000. ولكن اللجنة قالت إنها «لم تجد أى دليل على معرفة إيران أو حزب الله بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر» وإن «الموضوع يتطلب المزيد من التحقيقات من قبل الحكومة الأمريكية». وبالرغم من أن تنظيم القاعدة، الملتزم بالمذهب السنى، ينفذ تفجيرات ضد أهداف شيعية فى العراق، فإن مسئولين استخباراتيين يعتقدون منذ وقت طويل أنه يوجد تعاون محدود وحذر بين القاعدة وإيران ضد الولاياتالمتحدة كعدو مشترك. وقد أفاد تقرير عرضه الكونجرس الأمريكى بعد مقتل بن لادن بوجود علاقة وثيقة بين فيلق «القدس» التابع للحرس الثورى الإيرانى وتنظيم القاعدة، وأن إيران أقامت علاقة عمل قوية مع أبرز قادة القاعدة بهدف التصدى للنفوذ الأمريكى فى الشرق الوسط وجنوب آسيا. وأكد التقرير أنه «إذا لم تتخذ أى إجراءات فإن علاقات إيران بالقاعدة قد تكلف الولاياتالمتحدة وحلفاءها ثمنا باهظا».