تُوفي زعيم حزب الأمةالسوداني، الصادق المهدي، عن عمر ناهز 85 عاما، متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، بعد تدهور حالته الصحية ونقله إلى دولة الإمارات للعلاج. ترأس الصادق المهدي الحكومة السودانية في سن الواحد والثلاثون عاما من عمره، وهو من أصغر رؤساء الوزراء سناً بعد خمسة أعوام فقط من إمامة الأنصار وقيادة الجبهة القومية المتحدة، وهو في سن السادسة والعشرون فقط. ولد المهدي في ديسمبر من عام 1935 في مدينة أم درمان، كبرى مدن العاصمة السودانية الخرطوم، وحصل على الماجستير في الاقتصاد من جامعة أوكسفورد عام 1957. ومثّل الصادق المهدي، على مدى عقود، حالة جدلية في السودان وخارجه، على مستوى الفكر والسياسة، لكنه التزم نهجا تصالحيا قوميا حتى مع أكثر المتشددين في انتقاده مما أكسبه كاريزما سياسية فريدة من نوعها. وانتهت الفترة الأخيرة من وزارة الصادق المهدي بانقلاب عسكري، قاده الرئيس المخلوع عمر البشير في عام 1989، ما جعل بعض المراقبين يتهمونه بإجهاض الديمقراطية بعد ثورتي 1964، التي أنهت حكما عسكريا استمر 6 سنوات بقيادة إبراهيم عبود و1985، التي أطاحت بجعفر نميري، ولكن الصادق المهدي عرف بشخصيته الملتزمة جدا بالنهج الديمقراطي وكان طوال فترتي حكمه بعيدا عن أي شبهات تمكين أو فساد مما أكسبه مزيدا من الاحترام على الرغم من اختلاف وجهات النظر بشأن أرائه وأفكاره. - بين الديمقراطية والديكتاتورية أثناء فترة رئاسته الأولى للحكومة السودانية، قاد باجراءات فاعلة في محاصرة الفساد وتحقيق العديد من الإنجازات، ولكن تكون ضدها ائتلاف ثلاثي بين الجناح المنشق من حزب الأمة والحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي فأسقطها في مايو 1967م. خاض حزب الأمة انتخابات 1968م منشقا ثم التأم مرة أخرى في 1969م، ولكنه لم يستفد من قوته الجديدة بسبب انقلاب 25 مايو 1969م الذي قوض الشرعية الدستورية. قاد المعارضة للنظام من الداخل بعد نفيه عدة مرات إلى الخارج، وتناغم مع الغضبة الشعبية التي أثمرت ثورة رجب/إبريل 1985م. وحصل حزب الأمة في أول انتخابات عقب ثورة رجب على الأغلبية، وانتخب السيد الصادق رئيسا للوزراء وكان من أهم ما قام به في تلك الفترة السعي للتجميع الوطني لحل القضايا الأساسية قوميا، والسعي للتأصيل الإسلامي عبر الإجماع الشعبي وبالوسائل الدستورية، حتى جاء انقلاب 30 يونيو 1989. وتعرض للنفي بعد الانقلاب العسكري، وبدأ أكبر حملة دبلوماسية وسياسية شهدتها تلك المعارضة منذ تكوينها في الخارج، حتى عاد إلى السودان بصفقة في 23 نوفمبر 2000 في عملية أطلق عليها اسم "تفلحون"، وذلك للقيام بالتعبئة الشعبية والتنظيم الحزبي والتفاوض مع النظام والاستمرار في الاتصالات الدبلوماسية. وفي عام 2014 وجه انتقادات للسلطات السودانية وتعرض للاعتقال وكان قد سجن عدة مرات سابقا في الأعوام 1969 و1973 و1983 و1989.