توفي زعيم الحزب الشيوعي السوداني محمد إبراهيم نقد، يوم الخميس، عن عمر ناهز 82 عاما، بعد تزعمه لواحدة من أكبر القوى السياسية نفوذاً في أفريقيا لأكثر من أربعين عاماً. ونعت الرئيس السوداني عمر البشير، نقد الذي توفي بالعاصمة البريطانية لندن بعد صراع مع المرض، ووصفته في بيان بأنه كان "زعيما وطنيا وقائدا سياسيا له إسهاماته المشهودة في المسيرة الوطنية والسياسية". كما نعى الحزب الشيوعي وكافة القوى السياسية السودانية الرجل الذي أجمعت على خصاله السمحة ووطنيته الحقة. وقال عنه زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي :"إذا كان الدين المعاملة فقد كانت معاملته للناس فاضلة وعادلة، كما إن حب الوطن والدفاع عن مصالحه ومصالح أهله من المحامد في نظر الدين والإنسانية وقد كان صادق الوطنية ونهجه بالدفاع عن المستضعفين في المجتمع أكثر من أي اعتبارات أخرى". ولد محمد إبراهيم نقد بمدينة القطينة في وسط السودان عام 1930 وتلقى تعليمه الأولي والوسطي بعدد من مدن السودان حيث ظل متنقلاً مع عمه، ودرس المرحلة الثانوية بمدرسة حنتوب (وسط)، وكان من زملائه الرئيس السوداني الأسبق جعفر محمد نميري، وزعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن عبد الله الترابي. بدأ نقد العمل السياسي باكرا، حيث شارك في مكافحة الاستعمار الإنجليزي في العام 1946، إبان مرحلة الحراك السياسي لمؤتمر الخريجين. انضم نقد لكلية الآداب بجامعة الخرطوم، لكنه ما لبث أن فصل منها بسبب عمله السياسي، ليتجه للدراسة خارج السودان في العام 1953م حيث أكمل دراسته الجامعية في براغ - تشيكوسلوفاكيا سابقا - وتخرج من كلية الاقتصاد. عاد للسودان وتفرغ للعمل السياسي في سكرتارية الحزب الشيوعي ثم اختفى لمباشرة مهام العمل السياسي السري بعد الإطاحة بالنظام الديمقراطي في 17 نوفمبر 1958. انتخب عضواً بالبرلمان عن دوائر الخريجين في 1965 مرشحاً عن الحزب الشيوعي الذي لم يكمل دورته نسبة لصدور قرار حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان. اختير نقد أمينا عاما للحزب الشيوعي السوداني في فترة عصيبة من تاريخ الحزب بعد فترة قصيرة من إعدام زعيم الحزب السابق عبد الخالق محجوب عام 1971 في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري في إطار حملة تصفية شملت قيادة الحزب إثر محاولة انقلاب فاشلة في ذات العام. وأثناء ما تبقى من حكم نميري (1969-1985) ظل نقد متواريا عن الأنظار، وبعد انتفاضة أبريل 1985 التي أطاحت بالنميري انتخب عضواً بالبرلمان عن الحزب الشيوعي في 1986 وظل يباشر مهام العمل النيابي والسياسي حتى يونيو 1989 تاريخ الانقلاب الذي قاده الرئيس الحالي عمر البشير. أطلق سراح نقد بعد سنتين من انقلاب 1989 لكنه وضع تحت الإقامة الجبرية، ليختفي اختيارا في 1993 حتى 2005 لممارسة العمل السري بعد التضييق الذي مارسته حكومة الإنقاذ على حزبه مما اضطر الزعيم الشيوعي للعودة إلى ذلك العمل السري. وبعد الانفراج السياسي في البلاد ظهر نقد مجددا وواصل قيادة الحزب والعمل السياسي العام في العلن، وفي يناير 2009 تم التجديد لقيادته عبر المؤتمر العام الخامس للحزب الذي انعقد بعد أربعين عاما من المؤتمر السابق.