"بئر التخرج".. طلاب هندسة الإسكندرية يدخلون المياه لقرية في إفريقيا

أن تفكر في عمل خير أمر وارد، لكن أن تجمع معك أكثر من 800 شخصًا فهذا حدثًا لا يتكرر كثيرًا، غير أن عمر عادل خريج كلية الهندسة فعل، وأصبح باسم دفعة قسم "مدني" في جامعة الإسكندرية بئرًا للمياه في غانا، يستخدمه نحو ألفين فردًا، يشربون الماء النظيف الجاري لأول مرة في حياتهم.
قبل أكثر من خمسة أشهر، كان العام الأخير لدفعة هندسة مدني أوشك على الانتهاء، بشكل اعتيادي تداول الطلاب الحديث عن حفل ختام الدراسة أو ما يسمى "الفن داي"، وقع اختلاف حول جدوى فعل هذا وما يفعلون في ذلك اليوم، فإذا بعمر تأتيه فكرة ويعرضها على مجموعة مناقشة الدفعة على فيسبوك "نعمل حاجة تكون صدقة جارية لينا كلنا وبما أن الماء ثوابه كبير ما نعمل حاجة متعلقة بالماية".
لاقى اقتراح عمر قبول زملائه وبقي التنفيذ؛ الوقت لا يُسعف الطلاب "كان فاضل حوالي شهر على الامتحانات"، ولزم التحرك سريعًا، تواصل الطالب ورفاقه مع جمعيات عدة لإدخال المياه إلى مناطق محرومة في مصر لكن لم يفلحوا لتوقف البعض في الوقت الحالي عن فعل ذلك أو لاعتبار الزمن "الموضوع كان هيطول شوية وكنا حابين الناس تشوف حاجتهم قبل ما كل حد يروح في حتة بعد التخرج"، فتذكر الشاب تجارب سابقة أطلع عليها في محيطه عن التبرع بحفر آبار في إفريقيا، فكانت الوجهة البديلة الملائمة للطلاب.
قبل أسبوعين من شهر رمضان المنصرف، اكتمل مبلغ حفر البئر وأُرسل إلى جمعية تعمل على ذلك في إفريقيا، ودخل الطلاب في دائرة الامتحانات لكن ظل القلق مصاحبًا عمر "المسؤولية عن فلوس الناس والشيء اللي اجتمعنا عليه"، تقتسم نفسه بين القاهرة وغانا حيث مكان حفر البئر، يستقبل رسائل الجمعية بين الحين والآخر عن متابعة التنفيذ، يزداد التوتر مع التأخير لحدوث مشاكل في الحفر، مرة لتغير المكان، وأخرى بوفاة أحد سكان المنطقة، أخذ الطالب يتكتم الأخبار كي لا ينزعج الرفاق حتى جاء الخبر اليقين.
قبل نحو أسبوعين، استقبل عُمر صور اكتمال حفر البئر ومقطع مصور، من منطقة أشانتي –وسط غانا- عبرت فرحة سكان المنطقة الخالية من المياه النظيفة، إلى نفس عمر ومن بعده بقية الطلاب حينما رأوا ما فعلته أيديهم وقد وضع لافتة كتب عليها "بئر دفعة مدني 19- كلية الهندسة جامعة الإسكندرية"، حينها وفقط أطلق عمر زفرة راحة "اطمنت أن حاجة الناس تمت".
عبر طلاب الهندسة عن فرحتهم بنشر الصور على صفاحتهم في فيسبوك، وحزن البعض لعدم المشاركة، فيما لا يتوقف عمر عن استقبال الرسائل من طلاب في جامعات آخرى مقبلين على سنة التخرج، ويودون الاقتداء بفعل "هندسة الإسكندرية"، تكتفي نفس عمر بالرضا، بينما يأمل تحقيق هدف أكبر ينشده منذ اجتمع مع زملائه على حفر البئر "الدفعات اللي بعدنا في مدني وهندسة يكملوا في الفكرة ويحفروا ويدخلوا الماية لأماكن تانية وتفضل دايرة الحسنات وفعل الخيرة مستمرة".