مساء أمس أنهى براء خميس، الامتحان في كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، انطلق صوب كوبري ستانلي، ليقابل أصدقائه. اتصل بمحمد شوقي، لكن هاتفه كان مُغلقا، لكن عندما اتصل بصديقهم أشرف زين العابدين جاء صوته مذعورا "الحقني يا براء"، هرع الطالب للكوبري ليكتشف ما حدث في ذهول. عقب الثامنة مساءً بقليل كانت ضحكات محمد حسن شوقي، أشرف زين العابدين، ومحمد الحوفي تتعالى. وقف أشرف يلتقط صورا لصديقيه، فيما يسندان ظهرهما لسور الكوبري. دقائق وانقلب كل شيء؛ سيارة جاءت بسرعة جنونية في اتجاههم، لم يستوعب أحد ما حدث، إلا عندما وجد أشرف نفسه مُلقى على الأرض، وشوقي والحوفي داخل المياه. مرت الدقائق التالية ثقيلة؛ ما أنقذ أشرف من موت مُحتم هو أنه لم يكن بجانب الصديقين، لكن جسده كان يرتعش من الصدمة. حشد هائل من المواطنين اجتمع، صاحب السيارة كان يهذي بكلام غير مفهوم، بينما جُنّ جنون أشرف "بقى الناس تبص على صحابنا ومش فاهمين حاجة".. حسبما يحكي براء. كان شوقي يرتدي معطفا أسود، وكذلك الحوفي "بس الحوفي فيه واحد من اللي شغالين في الكافتيريات تحت الكوبري جابه من الماية بسرعة".. خرج الشاب بكدمات ورضوض، ونُقل فيما بعد إلى المستشفى الميري في الإسكندرية، لتبدأ رحلة البحث عن شوقي. يدرس شوقي صاحب الثلاثة وعشرين عاما في كلية التجارة جامعة طنطا، يعيش في محافظة مرسى مطروح، لكن يتنقل بسبب الجامعة "امبارح كان خلص امتحانه وجاي يقابلنا وراجع على مطروح تاني بس نقول ايه الحمد لله". في تلك الأثناء كان محمد سعد، زوج شقيقة شوقي، في الطريق من مطروح إلى الإسكندرية، تأتيه الأخبار تباعا "كنت بحاول أتماسك عشان أخته وعائلته". الشاب المختفي هو الأخ الأوسط لثلاثة، طارت والدته ووالده على جناح السرعة إلى مكان الحادث لعلهم يسمعون ما يُشفي صدورهم "ولسة لحد دلوقتي هناك". بين القسم، الكوبري، موقع فيسبوك لا يتوقف سعد عن لملمة التفاصيل، يترك رقم هاتفه لكل من يعرفهم ليساعدوا. وصل بعد الواقعة بأربع ساعات لكن فرق الإنقاذ لم تنزل المياه قبل طلوع شمس اليوم، حسب روايته ورواية الصديق براء. "لما كلمنا بتوع الإنقاذ قالوا مش هننزل بليل".. يقول براء، ورغم بدء أعمال البحث من الخامسة صباحا، لكن لم يُعثر على الشاب حتى الآن، فيما حررت العائلة محضر برقم 56/2018 بقسم أول الرمل. وكان مصدر أمني كشف لمصراوي تفاصيل ما حدث، حيث تلقى مدير الأمن اللواء مصطفى النمر تلقى بلاغًا من إدارة شرطة النجدة بالحادث، وتبين من المعاينة اصطدام السيارة رقم (22364 ملاكي المنوفية)، قيادة "إيثاب واصف جرجس" 19 سنة، طالب بكلية التجارة جامعة الإسكندرية، بثلاثة أشخاص أعلى كوبري ستانلي، وتم عرض مرتكب الواقعة على النيابة للتحقيق. لم يعتمد سعد، على فرق الحماية المدنية فقط "تواصلت مع أكتر من تسع غطاسين عشان ينزلوا يدوروا عليه"، لكن تبقى الأزمة مُتعلقة بارتفاع الأمواج الشديد، ما يجعل البحث عسيرا. في المقابل، كانت صفحة شوقي على موقع فيسبوك، تمتلئ بالتمنيات الحارة للعودة سالما "محمد كان عنده طموحات كتير وبيعمل أنشطة كتير.. كان شاعر وكاتب وله أصحاب في كل حتة".. يقول براء. لا يعرف براء مصير صديقه "نفسنا يرجع بس .. لو حي نشوفه ولو توفى نكرمه وندفنه".. يغيم الحزن على صوت الشاب، يرفض تأكيد البعض على وفاة شوقي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يقول منفعلا "كفاية إشاعات.. والده ووالدته اكيد دة مُتعب لهم.. واحنا لسة منعرفش حاجة"، فيما ينتظر سعد القصاص "الموضوع عند ربنا والقضاء"، يخاف أن تُنسى حكاية قريبه "محتسبين محمد عند ربنا لكن مش عايزين اللي حصل له يعدي بالساهل".