أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    صحيفة أمريكية تتساءل: هل سيكون التهديد الكوري الشمالي أكبر في عهد بايدن أم ترامب؟    حريق ب4 وحدات سكنية فى السويس    لهذا السبب.. رئيس جامعة المنصورة يستقبل رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    حصول 6 مستشفيات جديدة على اعتماد جهار "GAHAR" بمحافظات من داخل وخارج المرحلة الأولى للتأمين الصحي الشامل    «الخطوط القطرية» تعتزم الاستثمار في شركة طيران بجنوب قارة أفريقيا    تقرير مغربي: تحديد موعد سفر نهضة بركان للقاهرة لخوض نهائي الكونفدرالية    زياد السيسي يكشف كواليس تتويجه بذهبية الجائزة الكبرى لسلاح السيف    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار يشيد بجهود جامعة المنصورة    وليد فواز يكشف رحلة كفاحه فى العمل الفنى ومغامراته مع الفنان أحمد زكي(فيديو)    طرح ديو "بنجيب القرش" لمصطفى حجاج وحاتم عمور (فيديو)    الطاهري: "القاهرة الإخبارية" كانت توجيهًا رئاسيًا في 2017 والآن تحصد جائزة التميز الإعلامي    ارتفاع أسعار الذهب بعد بيانات التضخم الأمريكية    خطوات استخدام التطبيق الخاص بحجز تاكسي العاصمة الكهربائي (فيديو)    جامعة قناة السويس ضمن أفضل 400 جامعة دولياً في تصنيف تايمز    إصابة 4 مواطنين في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    مدعومة من إحدى الدول.. الأردن يعلن إحباط محاولة تهريب أسلحة من ميليشيات للمملكة    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    وزير النقل: تشغيل مترو الخط الثالث بالكامل رسميا أمام الركاب    رئيس رابطة الجامعات الإسلامية في جولة تفقدية بمكتبة الإسكندرية.. صور    رجال أعمال الإسكندرية تتفق مع وزارة الهجرة على إقامة شراكة لمواجهة الهجرة غير الشرعية    اعرف قبل الحج.. حكم الاقتراض لتأدية فريضة الحج    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة بإحدى الجبهات الرئيسية بالقوات المسلحة    الصرف الصحي: الانتهاء من تنفيذ خط طرد محطة بيجام بتكلفة 180 مليون جنيه    رئيس جامعة المنصورة يتابع منظومة الحجز الإلكتروني للعيادات الخارجية    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    ملك قورة تعلن الانتهاء من تصوير فيلم جوازة توكسيك.. «فركش مبروك علينا»    الصورة الأولى لأمير المصري في دور نسيم حميد من فيلم Giant    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    وزير التعليم العالي ل النواب: السنة تمهيدية بعد الثانوية ستكون "اختيارية"    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    المشرف على الحجر الزراعي المصري يتفقد المعامل المركزية بالمطار    موعد بدء إجازة عيد الأضحى 2024    «الصحة» تقدم 5 نصائح لحماية صحتك خلال أداء مناسك الحج 2024    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    بلينكن: سنوصل دعمنا لأوكرانيا وسنبذل قصارى جهدنا لتوفير ما تحتاج إليه للدفاع عن شعبها    6 يوليو.. بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني بمركز التعلم المدمج ببني سويف    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الإفتاء توضح حكم الطواف على الكرسي المتحرك    الأمم المتحدة: أكثر من 7 ملايين شخص يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بجنوب السودان    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    "التعاون الإسلامي" تؤكد دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    الأهلي يتلقى ضربة موجعة قبل لقاء الترجي في نهائي أفريقيا    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    الداخلية: سحب 1539 رخصة لعدم وجود الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت على الفيس بوك
نشر في مصراوي يوم 17 - 03 - 2019

من علامات النضج النفسي والوجداني للإنسان أن يُدرك أن الحياة والموت وجهان لعملة واحدة؛ فكلاهما يؤدي إلى الآخر ويحيل إليه، سواء أكان هذا الموت بيولوجيا حقيقيًا؛ يحدث عن طريق مغادرة الروح للجسد والرحيل عن هذا العالم، أم موتًا معنويًا ومجازيًا بأن يُميت الإنسان في ذاته وحياته ما يستحق الموت من ذكريات وأحلام وحنين، ويدفنها في غياهب النسيان لكي يبدأ من جديد، ويحيا بسلام.
والحياة- في ظني- لا تبدأ بالميلاد، كما يعتقد البعض، بل تبدأ بوعي الموت؛ موت حبيب أو عزيز لم تكن تتصور الحياة بدونه، ثم استمرت من بعده رغم وجع البعاد، أو اقترابك أنت شخصيًا عبر مرض أو حادث عابر من معايشة تجربة الموت، لأن الإنسان يتعلم بعد تلك التجربة أن يعيش الحياة بشجاعة متحررًا من خوف الموت، كما يحاول العيش بعمق واستمتاع، وأن يُسرع بإنجاز مشروع حياته، لأنه حتمًا مفارق الحياة يومًا ما.
والشجاعة في مواجهة الموت، والتعامل معه بحكمة واتزان عقلي بوصفه نهاية حتمية هما سر الانتصار في معركة الحياة؛ ففي الحرب إن سمح الجندي لنفسه بالخوف من الموت سوف يُهزم، ويموت بالفعل، وكذلك الأمر في معركة الحياة، إذا سمح الإنسان لخوف الموت بالتسلل إلى روحه وقلبه، وعاش في رعب منه سوف يُهزم ويموت وهو حي، بعد أن يفقد الدافع للحياة، والرغبة في العمل.
وأظن أن الشجاعة في مواجهة الموت هي ميراث مصري أصيل؛ فالمصريون القدماء لم يمنعهم انشغالهم بفكرة الموت، والسعي لنيل الخلود والحياة الطيبة في العالم الآخر من التعامل معه بشجاعة والاستمتاع بالحياة الأرضية، وصنع حضارة عظيمة لا نزال لليوم نتباهى بمنجزاتها الأدبية والمادية.
وقد كان الموت الجدير بالرثاء والحزن عند أجدادنا هو "موت الإنسان بدون صوت"، وهم يقصدون موت الإنسان بدون أن يعمل بإتقان وإخلاص في حياته، ليترك أثرًا يخلفه من بعده، ويُعرف به، ويصنع لاسمه المجد.
أما الموت الذي يأتي عندهم بعد حياة من العمل والإنجاز، فهو "خروج للنهار" بالتعبير المصري القديم، ومعبر لحياة سعيدة وخالدة.
والخلاصة: إن الموت في حياتنا "متن" مهمٌّ نقرأ صفحاته ونستوعبها جيدًا، ونستخلص منها الدرس والعبرة، ولكن علينا أن نتعامل معه دائمًا لأسباب نفسية وفكرية بوصفه "هامشًا" يجب تجاوز حضوره باستمرار، لكي نستطيع مواصلة رحلة الحياة، والاستمتاع بها، والإنجاز فيها، ولكي لا تتماس البديات عندنا بالنهايات، فنفقد الدافع إلى العمل والحياة.
ولهذا أرى أن من أكثر عيوب موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) أنه أصبح وسيلة لإبراز وتكثيف حضور الكوارث وموت الآخرين الجاري بلا توقف حولنا؛ وهذا أمر مرهق للروح والعقل؛ فالموت وحزنه تجربة شخصية، يأخذ كل فرد منا نصيبه منه، معايشة ووجعاً لموت الأحباب، غير أن الاستغراق فيه على الدوام بفضل موقع فيس بوك، وسرادقات العزاء المفتوحة فيه دائمًا للقريب والبعيد هو أمر مثير للتأمل والحيرة والحزن الدائم.
في الماضي، قال الفيلسوف اليوناني أفلاطون: "إن الفلسفة هي تدريب على الموت"، وهو يقصد أننا نتعلم منها أن الموت ضرورة منطقية، ونهاية حتمية، كما نتعلم منها إماتة رغبات الجسد في الحياة من أجل تحقيق صفاء الروح، حتى يأتي الموت الفعلي، فيحرر النفس بالكامل من سجن الجسد.
أما الآن، فلقد أصبح "الفيس بوك" معايشة متواصلة للموت، فهو يكثف على مدار الساعة حضوره، وينقله لنا "مباشرًا" بكل الصور والأشكال، مصحوبًا بطوفان من المراثي والبكائيات، بشكل يُرهق الروح، ويبدد صفاءها وسلامها، ويجعلك تشعر بالشفقة على "الحالة الإنسانية المعاصرة" التي رغم صخب حضورها في الفضاء الافتراضي الذي استبدلت به خواء عالمها الواقعي، تشعر بالوحدة، وتفتقد للكثير من الفلسفة والحكمة في تعاملها مع الموت، ولهذا تنشد وتستجدي العزاء والدعم النفسي بمختلف أشكالهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.