سيناريوهات تأهل عرب آسيا إلى كأس العالم 2026.. والملحق العالمي    السيسي: سنتخذ كافة التدابير لحماية أمن مصر المائي أمام نهج إثيوبيا غير المسئول    الخطوة الأولى انتخابات البرلمان    من يراقب أموال الأحزاب؟    محمد معيط: مؤشرات الاقتصاد المصرى تسير فى اتجاه إيجابى رغم الصعوبات    السيسى يوجه الدعوة لترامب للمشاركة فى احتفالية اتفاق وقف الحرب فى غزة    95 منظمة دولية وإقليمية تشارك فى أسبوع القاهرة الثامن للمياه    الفراعنة يرفعون علم مصر فى مونديال 2026    آخر موعد لزيارة قاعات المتحف المصري الكبير قبل إغلاقه استعدادا للافتتاح    مصر تنتصر فى معركة اليونسكو    رحيل فارس الحديث النبوى أحمد عمر هاشم.. مسيرة عطاء فى خدمة السنة النبوية    الاحتلال الإسرائيلي ينصب حاجزا عسكريا عند مدخل النبي صالح شمال رام الله    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    تعرف علي أسعار البنزين والسولار صباح اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12-10- 2025 والقنوات الناقلة لها    الأرصاد الجوية : انخفاض بدرجات الحرارة اليوم وفرص أمطار ببعض المناطق والعظمى بالقاهرة 28 درجة    اليوم .. بدء التقديم لحج القرعة لعام 2026 أون لاين وعبر أقسام الشرطة    وزارة التعليم تحدد 3 امتحانات بالفصل الدراسى الواحد .. اعرف المواعيد    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    التضامن: غلق 7 دور رعاية وتحرير 8 محاضر ضبط قضائي    انفراجة كبيرة .. 400 شاحنة مساعدات من مصر تعيد الحياة إلى قطاع غزة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 12اكتوبر 2025 فى المنيا    وزير الصحة يشهد حفل توزيع جائزة «فيركو» للصحة العامة في ألمانيا    مستشفى قنا الجامعي ينقذ شاب بعد إصابته بطلق ناري نافذ بالصدر.. اعرف التفاصيل    أسعار الفراخ اليوم في العالي.. وتحذير من قفزات جديدة قادمة    أبرز لقطات العرض الخاص فيلم "أوسكار - عودة الماموث "    بتهمة نشر أخبار كاذبة والإنضمام لجماعة إرهابية.. محاكمة 56 متهمًا اليوم    انخفاض درجات الحرارة بشمال سيناء.. والعريش 28 درجة    مصرع 4 أشخاص وإصابة 12 آخرين إثر اصطدام أتوبيس بسيارة نقل على طريق الجلالة    وزير العمل يلتقي نظيره السوداني لتفعيل التعاون في الملفات المُشتركة    إعلام القاهرة تحصل على تجديد الأيزو في جودة الجهاز الإداري والصحة والسلامة المهنية وإدارة استمرارية الأعمال    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 12 أكتوبر    بعد تعيين توروب.. الأهلي ينهي اتفاقه مع صفقة جديدة (تفاصيل)    اشتباكات عنيفة على الحدود الأفغانية الباكستانية    تفاصيل ظهور «رونالدينيو» في كليب عالمي لمحمد رمضان    مسلسل «لينك» الحلقة 1.. سيد رجب يتعرض لسرقة أمواله عبر رابط مجهول    قيادي ب فتح يدعو حماس لإجراء مراجعة وإنهاء حكمهم في غزة.. ويطالب مصر باحتضان حوار فلسطيني-فلسطيني    الاعتراض وحده لا يكفي.. نبيل فهمي: على الدول العربية أن تبادر وتقدّم البدائل العملية لحماية أمنها القومي    عضو المكتب السياسي ل حماس: استقرار المنطقة لن يتحقق إلا بزوال الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة    محافظ الغربية يتفقد احتفالات مولد «السيد البدوي» بطنطا    «زي النهارده».. اغتيال الدكتور رفعت المحجوب 12 أكتوبر 1990    سفارة قطر بالقاهرة تعرب عن بالغ حزنها لوفاة ثلاثة من منتسبي الديوان الأميري في حادث    موعد عرض مسلسل المؤسس أورهان الحلقة الأولى على قناة atv التركية.. والقنوات العربية الناقلة وترددها    نتيجة اختلال عجلة القيادة.. حادث مؤسف لوفد دبلوماسي قطري قبل شرم الشيخ ووفاة 3 وإصابة 3    بهدف زيدان.. العراق يفوز على إندونيسيا ويخوض مواجهة نارية أمام السعودية    نهاية عصابة «مخدرات الوراق».. المشدد 6 سنوات لأربعة عاطلين    صحة دمياط: متابعة دورية للحوامل وخدمات متكاملة داخل الوحدات الصحية    18 معلومة عن مي فاروق: الرئيس السيسي كرمها و«تأخير» حرمها من المشاركة بمسلسل شهير وخضعت ل«عملية تكميم»    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    رسميًا.. مواعيد صرف مرتبات أكتوبر 2025 للمعلمين والأشهر المتبقية من العام وجدول الحد الأدني للأجور    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    خالد جلال: جون إدوارد ناجح مع الزمالك.. وتقييم فيريرا بعد الدور الأول    مثقل بمشاكل العائلة.. حظ برج الدلو اليوم 12 أكتوبر    4 خطوات ل تخزين الأنسولين بأمان بعد أزمة والدة مصطفى كامل: الصلاحية تختلف من منتج لآخر وتخلص منه حال ظهور «عكارة»    أوقاف الفيوم تكرم الأطفال المشاركين في البرنامج التثقيفي بمسجد المنشية الغربي    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخوة الإنسانية.. ثقافة السلام وصراع الحضارات
نشر في مصراوي يوم 19 - 02 - 2019


أحد المشاركين في مؤتمر الأخوة الإنسانية
"باسم الله الذي خَلَقَ البَشَرَ جميعًا مُتَساوين في الحُقوق والواجبات والكرامة، ودعاهم للعيش كإخوة فيما بينهم ليعمّروا الأرض، وينشروا فيها الخير والمَحَبَّةِ والسّلام. باسم النفس البشريّة الطاهرة التي حَرَّمَ الله إزهاقّها، وأخبر أنه مَن جنى على نَفْس واحدة فكأنَّه جَنَى على البَشَريَّةِ جَمْعاء، ومن أَحْيَا نَفْسًا واحدة فكَأَنَّما أَحْيَا الناس جميعًا. باسم الفقراء والبؤساء والمحرُومِينَ والمُهمَّشينَ الّذين أَمَرَ الله بالإحسان إليهم ومد يَدِ العَوْن للتّخفيف عنهم، فرضًا على كُل إنسانٍ لاسيَّما كُلَّ مُقتدر وميسور. باسم الأيتام والأرامل، والمُهَجَّرين والنازحين من ديارهم وأوطانهم، وكُلُّ ضحايا الحُرُوبِ والاضطهادِ والظلم، والمُستضعَفِينَ والخائفين والأسرى والمُعَذَبِينَ في الأرض،دون إقصاء أو تمييز. باسم الشّعوب التي فقدَتِ الأمن والسّلام والتعايش، وحل بها الدّمارُ والخرَابُ والتناحر. باسم «الأخوة الإنسانية» التي تجمع البشر جميعاً وتوحدهم وتساوي بينهم."
هكذا افتتحت وثيقة الأخوة الإنسانية التي قام بتوقيعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية؛ لمكافحة التطرف ونبذ العنف لتكون شاهدة على ميلاد عصر جديد من التسامح الديني وقبول الآخر والتي سيذكرها التاريخ في أسمى صفحاته.
في بداية كلماتي.. اسمح لي سيدي القارئ أن آخذك إلى التاريخ لأنه دائماً عين البدايات، فإنه ما من حلقة زمنية أو حقبة تاريخية مرت بها الإنسانية إلا وقيض الله فيها من حكماء وعقلاء هذه الحقبة من يستطيع أن يرسي -برسالته- قواعد السلام والمحبة بين البشر ممن نذروا حياتهم ليذكروا الناس بالقيم الأخلاقية والمشتركات البشرية التي ضلت وتاهت في وقت غاب فيه ضمير العالم الإنساني، وعانت فيه دول العالم -من الشرق والغرب- من التطرف، واكتوت فيه الشعوب بنار الإرهاب التي أمست بها بعض الحضارات رماداً من بعد جذوة!
وللمتلازمة التاريخية، فلم يكن هناك في واقعنا المعاصر من هو جدير بأن ينال هذه المكانة غير حكيمين وزعيمين دينيين هما شيخ الأزهر، وبابا الكنيسة الكاثوليكية، فكلا الرجلين بتأثيرهما الروحي والديني لدى ملايين المسلمين والمسيحيين فى العالم، يكتبان صفحة جديدة فى تاريخ العلاقات بين الإسلام والمسيحية، صفحة تتجاوز موروث الماضي وتتجه صوب المستقبل فضلاً عن مواجهة التحديات العالمية الراهنة.
وما أشبه الليلة بالبارحة، وما أشبه المناخ الذى صدرت فيه هذه الوثيقة، وثيقة الأخوة الإنسانية، بصراع الحضارات الذي استفحلت آثاره عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية والضمور الإنساني المفزع الذي أصاب الشعوب والدمار والخراب والقتل وجرائم الإبادة مما أدى إلى إصدار الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى عام 1948م، والذي عكف على كتابته وإعلانه وخروجه للنور جمع من الحقوقيين وذوي الضمير ممن أرادوا وضع ميثاق أخلاقي ملزم للدول والزعماء السياسين لتجنب حدوث تلك الفوضى الإنسانية الشنعاء مرة أخرى، وبما يواكب إصدار وثيقة الأخوة الإنسانية، فإن الإرهاب الفكري قد استفحل في مناحي الأرض من شرقها إلى غربها، وتفككت دول بأكملها وانتشرت ظاهرة اللجوء والنزوح، ولكن لرأفة الرب القدير بعباده فقد رزقهم بحكيمين أدركا ما يدار وما ينسج بعقول الشباب، فتكاتفا على إيضاح الحقيقة وإبراز القيم الإنسانية، واستصدرا وثيقة أتاحت للمعتدلين الاعتماد عليها من أجل نشر اعتدالهم و إنسانيتهم، حتى إن زعيم إحدى أكبر الطوائف الدينية بدولة الهند بعد الانتهاء من توقيع الوثيقة، وكنت أمشي بجواره وإذا به تترادف في حدقتيه الدموع فظننت أن أمراً ألمّ به فاقتربت منه فإذا به يتمتم (بالإنجليزية) ويقول "لقد كانت لحظة تاريخية"، وعندما رآني - وكنت معمماً- بش في وجهي وضحك وأقبل يسلم بحرارة، فظهرت على وجهي علامات الاندهاش - لعدم معرفتي بشخصه- فلاحظ ذلك وقال لي "أنا لم أتشرف بمعرفتك، ولكني أحببتك لأنك تلبس مثل هذا الرجل العظيم، وأشار إلى فضيلة الإمام!"
وقد أكرمني الله عز وجل بأن أكون جزءاً من هذا الحدث التاريخي الذي لم أشهده فقط كزائر؛ بل سافرت إلى مدينة الخير "أبو ظبي"؛ بدولة الإمارات العربية المتحدة كمنظم ومشارك في هذا الجهد العظيم بصفتي أحد أبناء الأزهر الشريف؛ وأحد شباب منتدى صناع السلام؛ والذي هو بالمناسبة رائعة إنسانية أخرى نُسجت لنفس الأهداف الإنسانية.
وبذكر دولة الإمارات، فإنها في الحقيقة لم تكن مجرد دولة مستضيفة للوثيقة الإنسانية الأكبر في عصرها، بل هي طرف منشئ ومؤسس لهذه الوثيقة من خلال الدور الذي اختارته لنفسها بتولي قادتها ريادة الدعوة إلى التسامح بين الأمم والشعوب ونشر قيم الإسلام والأخوة الإنسانية، وما ترتئيه لنفسها من مسؤولية حمل محتوى الوثيقة التاريخية والدعوة لها أخلاقياً وسياسياً تنفيذاً لوصايا المؤسس الأول سمو الشيخ زايد - رحمه الله - فكانت أول دولة في العالم تنشئ وزارة للتسامح وتصدر قانوناً لمكافحة التميز على أرضها، ولذلك عاش في رحابها أكثر من 8 مليون نسمة من 200 جنسية.
ولعلك تتساءل سيدي القارئ عن مدى التأثير العملي لهذه الوثيقة،ولذا فأنا أؤكد لك أن هذه الوثيقة هي دعوة عالمية من أكبر مرجعيتين دينيتين في العالم إلى جميع الدول وقاداتها السياسية؛ لنبذ الصراعات والعمل بالتعاليم التي أتت بها هذه الوثيقة وتجنيب العالم شرور الحروب وويلاتها وجسر الهوة بين الأغنياء والفقراء.
وأخيراً .. أختم كلامي بمقولة عظيمة كان ومازال فضيلة الإمام يذكرنا بها في كل جلسة خاصة أو محفل دولي، ولحسن حظي فلقد اكتشفت اليوم أنها اعتمدت كأحد مصادر التشريع للقانون الدولي -وقت أن تمت كتابته- بالأمم المتحدة، وهي قول الإمام علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- لمالك الأشتر -رضي الله عنه- حين ولّاه على مصر موصياً إياه: "الناس إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.