تصوير-كريم أحمد: موائد مفروشة بالطعام، تحلق حولها ما يقرب من 1600 شخص، لتناول طعام الإفطار في الشارع، فيما لم يكن التجمع "مائدة رحمن" للفقراء، بل كانت "عزومة" أهل المطرية لأحبائهم. كانت عادة سنوية أن يختار الشحات حسين أحد أيام رمضان، لتناول الفطور مع أصدقائه الذي يسكنون معه نفس الشارع الموجود بحي المطرية في القاهرة. قبل 6 سنوات، كانت الجلسة تضم 10 أفراد، اتفق الأصدقاء على الإفطار في العام التالي في الشارع، وكانت هي البداية. فرش الشحات وأصدقائه في الشارع "بتاع 5 أو 6 ترابيزات"، أحضر كل شخص الطعام من منزله، وأكلوا سويًا. كانت الفكرة جديدة وغير معتادة في حينها، لكنها لاقت قبول أهل المطرية. توسع الأمر، وزاد العدد المشاركين في "عزومة الشارع"، أيضًا بات أكثر ترتيبًا "بقينا نجمع فلوس شهريًا على مدار السنة، وكل واحد حسب مقدرته.. ممكن تلاقي حد مقتدر يدفعله 5000 جنيه ويقولك: الفاكهة عندي". سنة وراء سنة، زاد عدد المشاركين في الإفطار "ثبتنا يوم 15 رمضان، وكل واحد مشارك يعزم أهله وأصدقائه". تعدى "المعزومين" في العام الحالي الألف شخص، 100 شاب هم مسؤولي الإفطار، و20 أسرة تتولى إعداده "الأكل كله بيتعمل في البيت، ما عدا الرز البسمتي بنجيب شيف عشان الكميات بتبقى ضخمة". تامر حسن، لا يزال يتناول إفطاره في الشارع، فيما يتحدث في ابتسامة عن "اللمة الحلوة، اللي بتقابل فيها أهلك وجيرانك، أهو اللي أتجوز ومشي من الشارع، بتكون فرصة حلوة أنه يرجع ونشوفه ونأكل معاه لقمة.. بيبقى يوم حلو". لكن صعوبتان واجهتا "العزومة" العام الحالي، كما يقول الشحات، الأولى ارتفاع أسعار الغذاء مقارنة بالأعوام السابقة، مما حمل القائمين على الإفطار تكاليف أكبر، والثانية هي زيادة عدد المدعوين، بعد أن ذاع صيت "عزومة الشارع"، لكن هذا لم يمنع أهل المطرية من الكرم "يعني عزمت واحد صاحبك، جاب معاه أخوه؛ هتقدر تقوله متاكلش؟ عيبة في حقك.. الكل بياكل ويتبسط". قبل دقائق من آذان المغرب، يكون الطعام كله مرصوص، الفراخ واللحمة والخضروات والمحشي، والفاكهة والحلويات، فيما يوزع أهالي الشارع البالونات من أهلي، يلتقطها الأطفال في بهجة، هي سمة اليوم عمومًا. بمجرد أن ينتهي الضيوف من طعامهم، يمر شباب الحي على الموائد، يلتقطون الأطباق "اللي متمدش فيها أيد"، يغلفوها بإحكام، وإلى بيوت "الناس اللي على قدهم في الشارع" يرسلوها، لا يفوتهم ذلك الأمر في كل عام "فرمضان شهر الخير والكرم".
