"مصر الخير" تطلق جائزة ريادة العطاء 2025 لمحور المياه النظيفة    مصرع شاب صدمته سيارة والده بالخطأ في مدينة العاشر من رمضان بالشرقية    مصرع شخص وإصابة آخرين فى حادث تصادم بالحوامدية    23.1 مليون جنيه حصيلة مزاد علني لبضائع وسيارات جمارك بورسعيد    ترامب يبحث مع رئيس الاحتياطي الفيدرالي التطورات الاقتصادية دون التطرق لأسعار الفائدة    رئيس حماية المستهلك: تلقينا أكثر من 32 ألف شكوى متعلقة ب"التسوق الإلكتروني"    وزارة الاتصالات تشارك في ملتقى «فرصة حياة» لدعم التمكين الرقمي للشباب    أكثر من 19 مليون طفل في الاتحاد الأوروبي معرضون لخطر الفقر والإقصاء الاجتماعي    ترامب يكشف عن أمر يهمه أكثر من 5.1 تريليون دولار عاد بها من السعودية وقطر والامارات    مقتل عنصر أمن وإصابة آخر في كمين مسلح بريف دمشق    محكمة استئناف فدرالية تُعيد العمل برسوم ترامب بعد تعليقها من المحكمة التجارية الدولية    روسيا تتهم حليفتها صربيا بالخيانة لتوريدها الأسلحة إلى أوكرانيا    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. حماس: مقترح ويتكوف حول غزة لا يستجيب لمطالبنا.. 23 وفاة و1375 إصابة جديدة بالكوليرا فى السودان.. ولماذا غادر الملياردير إيلون ماسك إدارة دونالد ترامب    بوتين: القرم عادت إلى روسيا باختيار شعبها    نابولي يعلن استمرار أنطونيو كونتى فى قيادة الفريق بالموسم المقبل    بعد استهداف ترامب هارفارد.. ما حدود تدخل الإدارة الأمريكية في حرية الجامعات؟    شيكابالا يكشف تفاصيل أزمته مع حسن شحاتة    محمد سراج: بيراميدز لن يأخذ مكان الزمالك.. وفيفا يدرس تخفيض أسعار تذاكر مونديال الأندية    إمام عاشور: ميسي أفضل لاعب في العالم ولكن الأهلي فريق كبير    أحمد رضا: هدفي أمام بيراميدز كان حاسمًا.. وهذا طموحي في المونديال    جراديشار بعد التتويج بالدوري: الأهلي لا يستسلم وشكرا لدعم الجماهير فى كل خطوة    «مفاجأة» حول تجديد عقد إمام عاشور مع الأهلي    «الجبهة الوطنية» يطلق مؤتمرًا لريادة الأعمال ببورسعيد.. والمحافظ يشيد بدعم الشباب    اعتماد برنامجي علم الحيوان والبيوتكنولوجي والبيئة البحرية بكلية علوم جامعة قناة السويس    إنفوجراف| بعثة القرعة تقدم إرشادات صحية لحجاجها قبل يوم عرفات ومنى    المشدد 7 سنوات لعامل خردة لحيازته سلاح ناري وإصابته سيدة ووفاتها بشبرا الخيمة    وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية    متحدث الأوقاف: صكوك الأضاحى بدأ فى 2015 ووصلنا إلى 10 ملايين أسرة    أحمد غزي عن «المشروع X»: مفيش حد أحسن مننا    عضو الحزب الجمهوري الأمريكي: إيران على استعداد لتوقيع أي اتفاق نووي لرفع العقوبات    مصطفى كامل يطرح أحدث أغانيه "كتاب مفتوح" | فيديو    الصور الأولى من حفل خطوبة مصطفي منصور و هايدي رفعت    وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور    المنوفية تُطلق جيلًا رقميًا جديدًا في وحدات الرعاية.. وتُنهي 96 دورة تدريبية    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    «العقل لا يستوعب».. أول تعليق من أكرم توفيق بعد رحيله عن الأهلي    القبض على عامل خردة بتهمة قتل زوجته في الشرقية    «حماية المستهلك»: رقابة مشددة على الأسواق وزيارة 190 ألف منشأة وتحرير 44 ألف مخالفة    كلمات تهنئة للحجاج المغادرين لأداء فريضة الحج    "السادات أنقذهم ومساجين بنوا الملعب ".. 25 صورة ترصد 120 سنة من تاريخ النادي الأولمبي    مطار سفنكس يستعد لاستقبال الوفود الرسمية المشاركة في افتتاح المتحف المصري الكبير    والدة غادة عبد الرحيم: يجب على الجميع توفير الحب لأبنائهم    خالد الجندي: لا يصح انتهاء الحياة الزوجية بالفضائح والانهيار    المطارات المصرية.. نموذج عالمي يكتب بأيادٍ وطنية    الإفتاء: توضح شروط صحة الأضحية وحكمها    أجمل ما يقال للحاج عند عودته من مكة بعد أداء المناسك.. عبارات ملهمة    الوزير محمد عبد اللطيف يلتقي عددا من الطلاب المصريين بجامعة كامبريدج.. ويؤكد: نماذج مشرفة للدولة المصرية بالخارج    رواتب مجزية ومزايا.. 600 فرصة عمل بمحطة الضبعة النووية    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة- صور    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    "قالوله يا كافر".. تفاصيل الهجوم على أحمد سعد قبل إزالة التاتو    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    حملات تفتيشية على محلات اللحوم والأسواق بمركز أخميم فى سوهاج    محافظ المنوفية يشهد استلام 2 طن لحوم كدفعة جديدة من صكوك الإطعام    استشاري أمراض باطنة يقدم 4 نصائح هامة لمرضى متلازمة القولون العصبي (فيديو)    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بوحدة طوسون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



858 ساعة من عُمر يناير.. أرشيف ثوري "يرجعك لأيام الميدان"
نشر في مصراوي يوم 11 - 02 - 2018

في حركة عفوية تمامًا كما انهمرت الجموع يوم الخامس والعشرين من يناير، رفع البعض هواتفهم المحمولة لتصوير ما يحدث، لم يعلموا أن اللحظة التي يحملونها في قبضة يديهم كذكرى شخصية، سترسو بعد سبع سنوات في أرشيف مُصوّر يحمل 858 ساعة من عُمر الثورة، أطلقه موقع مُصرين في يناير الماضي.
قبل سبعة أعوام؛ قرر عدد من الشباب نصب خيمة بين المعتصمين، أسموها "مُصرين"، تعاونية إعلامية كما يصفها المتحدث باسم المشروع لمصراوي لتجميع فيديوهات المشاركين "بهدف إثبات جرائم الشرطة ضد المتظاهرين". من هُنا بدأت فكرة الأرشيف من رحم ميدان التحرير.
مئات المقاطع المصورة أقبلت عليهم، من فئات مختلفة صوروا عبر هواتفهم المحمولة أو كاميراتهم، ترددوا على الخيمة لتسجيل شهادتهم وكانت "النواة الأولى". وفي 16 يناير 2018 خرج الموقع إلكتروني باسم أرشيف "858" بالتزامن مع الذكرى السابعة للثورة، لكن ذلك لم يكن مقصودًا، فقط ظروف العمل دفعت لذلك "أخذ وقت ومجهود سواء للتفكير في أفضل طريقة نقدمه بها أو التنسيق بين الأفراد المشاركين في المشروع" يسترسل المتحدث باسم المشروع –الذي فضّل عدم ذكر اسمه.
انفضّ جمع الاعتصام في ميدان التحرير، لكن شمل أعضاء "مُصرين" ظل قائمًا "ابتدينا احنا نفسنا نصور ونجمع فيديوهات في القاهرة وأماكن تانية"، إلى جانب ذلك لم يتوقف دراستهم للمنصات التقنية المختلفة التي يمكن الاستفادة منها في تقديم الأرشيف.
منذ عام 2011 استمر العمل، غير أن إحباط أصاب القائمون، فضلاً عن ظروف دراسة بعضهم أو العمل، فتوقفوا إلى أن مسَهم الأمل من جديد قبل ثلاثة أعوام. وعكف 15 شخصًا من أعضاء التعاونية على إنجاز المشروع لإخراجه إلى النور.
جاء الموقع الإلكتروني مُنظمًا. 858 ساعة مقسمة بالموقع الجغرافي، التاريخ، الموضوع، والكلمات المفتاحية "يعني مثلًا كلمة غاز مسيل للدموع هتوصل المستخدم للقطات عنها في فيديوهات مختلفة".
مع كل ضغطة على تاريخ أو مكان تنبُض تفاصيل الثورة، تسير بلحم ودم أمام الشاشة. ربما تلمح بين السائرين صديق أو زميل تعرفه، أو تجد نفسك عابرًا صدفةً بين الهاتفين، وقد تتسمر عيناك لمرور شهيد سبق أن شاهدت صورته.
معظم المادة المصورة التي يضمها الأرشيف هي من تصوير أعضاء "مُصريِن" أما البقية تم تجمعيها من مصورين معروفين أو مجهولين وذلك عبر نشاطات التعاونية الإعلامية التي كانت تقام في سنوات الثورة كما يقول المتحدث.
البعض يهرول، آخرون يهتفون بحُرقة، شتائم ونقاشات في الخلفية، "كادرات" مُرتبكة، وأخرى تتحرك كما صاحبها، جودة رديئة، أخرى عالية.
في 25 يناير كانت الهتافات موصولة، من السويس تتعالى "بكرة الثورة لما تقوم مش هتسيب على الكتف نجوم"، يتبعها تساؤل من التحرير "قولي مين في الشعب اختارك.. يسقط يسقط حسني مبارك"، فيما دوّت "باطل باطل" في ميادين مختلفة.
في يناير كانت التجربة البِكر؛ أول مرة تتعرف أنف أحدهم على رائحة دخان القنابل المسيلة للدموع، ارتباك في التعامل مع الموقف، فيما وقف أحدهم في منتصف ميدان التحرير يعطي نصائحه "القنبلة صوتها عالي متخافش منها، امشى عكس اتجاه دُخانها، متدعكش عينك.. اغسلها بالمية من جوة لبرة"، وبكاميرا متواضعة رصد أحدهم الموقف قبل أن تقطعه أصوات مُريعة لسرينة عربات الشرطة، يتبعها جري الجموع ومعها الكادر الذي تشاهده على موقع مُصرين.
من بين 250 موقعًا مختلفًا داخل وخارج القاهرة، كان للعاصمة النصيب الأكبر من المواد التوثيقية للثورة، لكن إيمان الفريق بأن مدد الثورة تغلغل في البلد بأكملها دفعهم لاستكمال تجميع مواد أكثر من المحافظات خلال الفترة المقبلة "لاقتناعنا بأهمية عدم مركزية الجهد على القاهرة بس، لأن الثورة وصور المقاومة اللي تزامنت في السنين السابقة انتشرت في مصر كلها".
سجل الحضور في الأرشيف لا يستثني أحدًا، المشاهير والمغمورين، حتى في تسجيل شهاداتهم عن الثورة في ذكراها الأولى، إذ قام "مُصرين" بالتصوير صوت وصورة، فتجد الحقوقيين أمثال خالد علي، وممثلين مثل أحمد مالك وغيرهم.
وفي مقطع مصور على الأرشيف يسأل صوت أنثوي مجهول أحد الأشخاص عن سبب مشاركته في السادس من فبراير 2011. "بقالك أد إيه هنا؟" ليرد الرجل "خمس أو ست أيام".. طيب نزلت ليه؟ "شوفت العربيات بتاعة الأمن المركزي اللي فعصت الناس".. وجاي منين؟ من حلوان.. طيب وأسرتك تحب تقولهم إيه؟ إحنا بنعمل عمل وطني ويشرفنا قدام العالم الراجل ده بجد قضى على كل حقوق المواطن المصري".
لم يكن توثيق الأحداث مجرد مشروع، الثورة جزء من فِعل "مُصِرين"، شاركوا وانغمسوا في تفاصيلها، أما الكاميرا فكانت عيونهم التي تشهد على ما جرى "أداة بتساعدنا على لعب دور داعم للثورة"، لكن هناك لحظات لم تستطع العدسات توثيقها، ظلّت محفورة في ذاكرة الفريق "شايلينها معانا في أرشيفنا الداخلي، أرشيف مشاعرنا".
858 من عُمر الثورة شاهدها الفريق، ورغم انخراطهم في الحدث إلا أن هناك مشاهد أدهشتهم، يشاهدون بعفوية ما وثقته أدوات المشاركين الآخرين، تأرجحت مشاعرهم إزاء التفاصيل "اتفرجنا على حاجات عيشناها وتانية ناسيين تفاصيلها أو حاجات مكناش شوفناها، العودة للمادة والفرجة بتأني وسماع الناس وكلامهم شيء بيدعو للأمل".
مشاعر مختلفة انتابت القائمون على الأرشيف، بينما يواصلون مشاهدة كم هائل من مقاطع مصورة للثورة، تحمل تفاصيل بعضها يروه للمرة الأولى. ما بين فخر بحدث عظيم وحزن "على القمع اللي الثورة بتواجهه النهاردة" كما يقول المتحدث، كان ثمة أمل من قوة وقدرة المصريين "لما بيفيض بيهم الكيل".
توجهت دفة التفكير نحو أن مَن قام بهذا الحدث لازال موجودًا، فدب في النفوس طاقة للاستمرار، إذ لم تكن مشاهدة الفيديوهات "لمجرد التذكر والنوستالجيا" لكنها "أداة لمقاومة محاولة تزوير التاريخ".
25 يومًا مرت على إطلاق الموقع الإلكتروني "استقبال الجمهور عمومًا كان جيد جدًا"، في حين حرص "مُصرين" على عفوية المواد الأرشيفية دون أي تدخلات عليها، لذا جاءت الفيديوهات وكأنك مٌشاركًا مع المصور في الحدث، اهتزاز الكادر بينما هو يهرول هربًا من بطش قوات الأمن، سيدة تُرثي الحال الاقتصادي الذي قضى على أحلام أسرتها، والارتباك الأول في حفظ الهتافات وتريد الجموع لها سويًا.
ما كان إطلاق "أرشيف ثوري" –كما يصفون- أمرًا هينًا؛ مخاوف عدة لاحقتهم، بعضها يتعلق بالتوقيت المناسب لإخراج المشروع "في ظل الظروف السياسية المتغيرة للأسوأ"، والبعض الأخر بالمستقبل. يحمل أعضاء "مُصرين" صوب أعينهم غايتهم في أن يتوسع حتى يصبح "أرشيف مفتوح" لا يرتبط بالمجموعة.
يأمل أصحاب أرشيف "858" أن يتجاوزوا يومًا صعوبة تحقيق حلمهم الكبير، كما استطاعوا تذليل الصعوبات التقنية والتنسيقية بين مجموعات العمل خلال مسيرة المشروع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.