كانت حركة العمل بمستشفى السويس العام هادئة، اليوم الأربعاء، لا حوادث طرق، والحالات الطارئة قليلة عن المعتاد، وقفت سيدة مسنّة أمام المصعد المواجه للمبنى الإداري، وعلى يمينها أسطوانتي أكسجين أمام باب المصعد المجاور، استمرت في الضغط على زر المصعد، قطع انتظارها فرد أمن أخبرها أن المصعد معطل، وأن عليها صعود السلم. " أنا طالعة للرابع عايز أطمن على حفيدي في الحضّانة".. هكذا وصفت وضعها السيدة الستينية، أم منصور، التي يعمل ابنها خارج مصر، في حين وضعت زوجته رضيعًا مبتسرًا نقله الأطباء إلى الحضّانة، إنها ترغب في الاطمئنان عليه، لكن فرد الأمن، الذي يجلس على باب سلّم الزيارة، رد قائلًا "الأسانسير واقف اطلعي على رجليك". تضم مستشفى السويس العام 12 مصعدًا، لكن يبدو أنها مجرد هياكل بلا قيمة، أو أنها خارج الخدمة في أحيان كثيرة. وبحسب المسؤولين بالمستشفى تعمل المصاعد كلها، لكنهم يوقفوا بعضها لتكون بديلًا في حالات الطوارئ، عند تعطّل تلك التي تعمل، لكن ذوي المرضى يرون غير ذلك. في المبنى المكوّن من أربعة طوابق شمال مبنى المستشفى الرئيسي، يتردد أغلب المواطنين خلال ساعات النهار لزيارة ذويهم المرضى المحجوزين، بالرعاية المركزة للأطفال، والحضّانات بالطابق الرابع، وحجز الرجال، وقسم النساء والولادة، وتسجيل بيانات المنضمين لبرامج الرعاية الصحية. دون المصاعد، فإن الأسر تصل إلى مرضاها عبر الدرج، الذي يشهد زحامًا في أغلب الأوقات، وبالرغم من أن المبنى الشمالي متصل بمبنى آخر، على شكل حرفT، ومزوّد بأربعة مصاعد، لكن 2 منها فقط تعمل وهي مخصصة لنقل الحالات الحرجة، والمرضى ومرافقيهم فقط. " أنا بطلع الناس العيّانة بس، وأغلبهم بيدخل على كرسي بعجل، أو ترولي، ده غير الدكاتره"، بهذه الكلمات حاول عامل المصعد، والمسؤول عن حركته بالمبنى الإداري، ومبنى أقسام الرعاية، إخلاء مسؤوليته. وأضاف العامل الذي رفض ذكر اسمه "الأسانسيرات بتعطل والشركة بتيجي تصلحها من وقت للتاني، وبنقل اللي مش محتاجينه عشان نحافظ عليها، وبنشغلها وقت الضغط لما يكون في حوادث كبيرة". قطع حديثه، سيدة تُعاني آلام المخاض، مقعدة على كرسي متحرك، تدفعها ممرضة، وترفقها والدتها، أعقبها وصول رجل مسنّ مستلقي على ترولي يرافقه ابنه، وممرض لنقله إلى حجز قسم الرجال. " عندنا في الأميري 12 أسانسير كلهم شغالين" هكذا قال المحاسب حسن غريب، المدير الإداري لمستشفى السويس العام، وأشار إلى أن المصاعد منها 4 مخصصة لمبنى العمليات، وغسيل الكلى، والعناية المركزة، و4 أخرى لمبنى الحجز والحضّانات والرعاية، وسكن الأطباء، والقسم الاقتصادي، ومصعدين لطوارئ الباطنة و2 آخرين لطوارئ الجراحة. وأضاف "غريب" "نضطر إلى فصل بعض المصاعد لتخفيف الضغط عليها"، وأوضح أن الإدارة تُفضل التركيز على مصاعد معينة، خاصة بنقل حالات المرضى، تمثل نسبة 60 % من طاقة المصاعد، بينما يجري تشغيل كل المصاعد في حالات الطوارئ والحوادث. وأكد المدير الإداري للمستشفى أن حالة المصاعد الفنية جيدة، لكن من آن إلى آخر يشوبها قصور بالأداء، كأن يصدر صوت لسير الرفع، أو اهتزاز، وفي تلك الحالات يُفصل المصعد، وتُخطر شركة المصاعد بإشارة رسمية. وأضاف أن كل مصعد مخصص له عامل مسؤول عن تشغيله، ويرافق المرضى، حرصًا عليهم، ولقدرته على التصرّف إذا ما حدث عطل فني، أو صدر صوت خلال الحركة، وهم مدربون على التعامل مع الأعطال البسيطة، لكنهم لا يملكون خبرة مهندس أو فني المصاعد التابع لشركة الصيانة. وقال "غريب"" احنا أول ناس بنخاف على الأسانيرات، علشان بنستخدمها في الطلوع والنزول، خاصة لما يصعد الأطباء ليلا لغرف المبيت"، وأشار إلى أن الأطباء حريصون على سلامة المصاعد، وأن إجراء فصل بعضها يكون من باب الحفاظ عليها، وتشغيلها إذا ما تعطلت تلك التي تعمل بصفة مستمرة. لكن إلى جانب ذلك، هناك بعض الحالات التي أوقعها حظها العاثر، وحضروا في يوم تعطل فيه أكثر من مصعد بالمستشفى، ويحكي هشام سمير "مدرس" أنه قبل 3 أعوام انتابت والدته غيبوبة الكبد فتوجه بها سريعًا إلى المستشفى العام، وبعد توقيع الكشف الطبي عليها، قرر طبيب الطوارئ نقلها إلى وحدة الكبد والمناظير بالمستشفى. وأضاف "سمير" أن أسانسير وحدة الكبد كان به عطل، فحملوا والدته على كرسي متحرك، وصعدوا بها الدرج إلى الدور الثاني، وتوفيت صباح اليوم التالي، نتيجة لتفاقم حالتها، واضطر أن يستعين مرة أخرى لنقل جثمان والدته إلى الدور الأرضي بالمستشفى بالأسانسير الذي ظل عطلانًا، فنزل بالجثمان على الدرج كما صعد.