سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأسانسيرات فى الهيئات الحكومية.. "الموت بين السما والأرض".. المجالس الطبية تعمل بمصعد واحد.. ومرضى القلب يصعدون السلم فى مستشفى قصر العينى.. وفى أحياء شمال القاهرة تفتح لكبار العاملين
نقلا عن اليومى.. مدخل ضيق به عشرات الأشخاص الذين قاموا بالاصطفاف فى طابور طويل من داخل المبنى ويمتد إلى خارجه، بعضهم افترش الطرقات بعد أن أرهقه الانتظار وخاصة من كبار السن، والآخرون انشغلوا فى البحث عن مظلة تقيهم حرارة الشمس، إنه المشهد العام الذى يعانى منه المواطنون بسبب أسانسيرات الهيئات الحكومية وتعطلها الدائم وهو ما رصدته «اليوم السابع» فى هذا التحقيق. داخل مبنى مصلحة الخبراء المكون من 8 طوابق والذى يتردد عليه عشرات الأشخاص يوميا من المتقاضين والمحامين الذين تنظر قضاياهم أمام الخبراء بعد تحويلها من المحكمة المختصة لإبداء الرأى، لا يوجد سوى مصعدين فقط والتى تحولت إلى وسيلة تعذيب حقيقية بسبب صغر مساحتها وانعدام التهوية بداخلها. «أنا كان مستقبلى هايضيع بسبب انتظار المصعد»، هكذا بدأت «آية محمود» حديثها فقد كانت على وشك أن تخسر عملها داخل أحد مكاتب المحاماة بعد التأخر عن جلسة الخبير لأكثر من نصف ساعة بسبب تكدس العشرات أمام المصعد. وقالت «أعمل فى أحد مكاتب المحاماة منذ عامين بعد تخرجى مباشرة فى كلية الحقوق، وخلال فترة عملى تم تكليفى بمتابعة إحدى القضايا العمالية التى وكلنى فيها عدد من العمال بعد تعرضهم للفصل التعسفى من قبل إحدى الشركات الخاصة التى كانوا يعملون بها فى القضية التى أمرت المحكمة بإحالتها إلى مصلحة الخبراء». وأضافت: «وفى اليوم المحدد لهذه الجلسة توجهت إلى مصلحة الخبراء وفوجئت بعشرات الأشخاص مكدسين أمام المصعدين التابعين لمصلحة الخبراء، حيث انقسموا فى طابورين متوازيين يتألف كل منهما من عشرات الأشخاص ليمتد من داخل المصلحة إلى خارجها. وتابعت: «وبعد فترة انتظار قاربت النصف ساعة أمضيت أكثرها خارج المصلحة، فى ظل درجات الحرارة العالية استطعت استقلال المصعد إلى الدور الثامن، حيث مقر الجلسة التى بدأت بالاستماع إلى ممثل الشركة وكادت أن تنتهى دون الاستماع إلى أقوالى بعد تأخرى عن ميعاد الجلسة، لولا أن الخبير قام بتفهم الموقف وسمح لى بإبداء الدفوع وتقديم المستندات التى فى حوزتى». معاناة الوصول إلى المصعد التى تقتضى الانتظار فى طابور لمدة طويلة والخوف من التأخر عن الجلسات يدفع البعض إلى التغاضى عن استقلال المصعد واللجوء إلى الحل الأصعب وهو اللجوء إلى استخدام الأقدام فى الصعود إلى طوابق المصلحة الثمانية لحضور الجلسات. الحل السابق اعتاد عليه «س. م» المحامى فى شركة مصر للطيران الذى قال: «بحكم طبيعة عملى فى مهنة المحاماة التى قاربت مدتها 5 سنوات قمت بالتردد كثيرا على مصلحة الخبراء لم أفكر خلال تلك الفترة فى استقلال المصعد خاصة مع اعتيادى رؤية التكدس الهائل أمامها. «المصاعد هنا تعتبر مش موجودة ومحدش بيعتمد عليها واللى بيستناها بيكون راجل كبير مضطر أو واحد فاضى».. هذا ما أكده أحد العاملين بالمصلحة الذى رفض ذكر اسمه، وقال إن تكدس العشرات أمام المصاعد أمر اعتاد عليه الجميع سواء العاملين بالمصلحة أو المترددين عليها خاصة فى ظل وجود مصعدين فقط فى مقابل العشرات الذين يترددون على المصلحة يوميا. مصاعد خارج الخدمة ولا عزاء للمرضى ويكفى كتابة اسم مستشفى قصر العينى على موقع «جوجل» لتظهر العديد من الشكاوى التى تؤكد تدنى الخدمات الطبية للمرضى الذين افترش عدد كبير منهم الطرقات، منتظرا دوره فى الكشف أو هرباً من حرارة الغرف التى تخلو من المراوح. لم يكتف المستشفى بهذه السلبيات فقط وإنما امتدت إلى المصاعد التى رفعت شعار «خارج الخدمة» بعد أن أصاب أغلبها الأعطال دون أن تمتد يد إلى إصلاحها رحمة بالمرضى أو ذويهم الذين اضطروا إلى استخدام السلالم فى الصعود والهبوط على الرغم من خطورة حالتهم التى تتطلب الحرص الشديد فى الحركة وعدم بذل مجهود، وهو ما تمت مشاهدته فى المصاعد الخاصة برعاية القلب وجراحة العظام والرعاية المركزة، وهو الأمر الذى لم يقتصر على القسم المجانى فقط داخل المستشفى فقط وإنما امتد إلى القسم الاقتصادى به. «أخويا بيموت حرام عليكم» إنه ما قاله أحد أهالى المرضى معبرا عن حالة الغضب التى يشعر بها بسبب سوء حالة المصعد واضطرار شقيقه إلى الانتظار على «التروللى» لمدة ربع ساعة كاملة على الرغم من خطورة حالته التى كانت تحتاج إلى النقل بسرعة شديدة إلى غرفة العناية المركزة بسبب تكدس عدد كبير من الأهالى أمام المصعد المخصص لنقل مرضى الحالات الحرجة بسبب تعطل أغلب المصاعد. من جانبه قال أحد الأطباء العاملين فى المستشفى من الضرورى تغيير عن المصاعد التى باتت أقرب إلى «الزينة» فقط بحسب تعبيره». وأضاف أن ذلك الأمر لا يعانى منه المرضى فقط وإنما يمتد إلى الأطباء كذلك، وإن كانت معاناة المرضى من عدم توافر المصاعد أشد والتى يضطر معها أهالى المرضى إلى حملهم على أيديهم والتجول بهم داخل طرقات المستشفى فى بعض الأحيان خاصة مع وجود عجز حاد فى «الكراسى المتحركة» أو «التروللى». المصعد للمدير فقط بوابة حديدية يقف أمامها أحد أفراد الأمن الإدارى الذى دخل فى مناقشة حادة مع أهالى المرضى الذين رفض السماح لهم بالدخول إلى مستشفى شبرا العام بسبب حضورهم مبكراً قبل الموعد المحدد للزيارة، وهو الأمر الذى تغاضى عنه بالنسبة لنا بعد دفع عدة جنيهات. داخل المستشفى وقف «ع.ع» الذى تعالى صوته داخل المستشفى بعد رفض العاملين فى المستشفى تشغيل المصعد الخاص بمدير المستشفى لاصطحاب زوجته التى تعانى من آلام حادة بسبب اقتراب موعد ولادتها لإجراء بعض الفحوصات الطبية طالبين منه التوجه بها إلى المصعد الآخر أو الاحتياطى كما يطلق عليه عمال المستشفى، وهو المصعد المغلق طوال الوقت إما بسبب عدم وجود العامل أو الأعطال التى تصيبه بسبب الضغط المستمر عليه من قبل العاملين فى المستشفى أو المرضى وذويهم. الظاهرة السابقة يعبر عنها عامل المصعد بقوله: «الأسانسير ده حديد محتاج راحة مش ممكن أشغله لوحده طول اليوم»، وبسؤاله عن إمكانية تشغيل المصعد الآخر المخصص لمدير المستشفى لتخفيف الضغط عن المصعد الاحتياطى قال: «أنت عاوز العاملين فى المستشفى أو المرضى تستخدم مصعد المدير». مصعد واحد لمئات المرضى يأتون إليه من كل حدب وصوب حاملين أوجاعهم وآلامهم بهدف الحصول على خطاب موافقة الدولة على التكفل بعلاجهم وهى مرحلة المعاناة الحقيقية التى تفوق آلام المرض سواء بالتعامل مع الموظفين أو مع المستشفيات التى تماطل فى تنفيذ تلك القرارات فى أغلب الأحوال بالصعود عدة درجات واجتياز البوابة الرئيسية لمجمع المجالس الطبية لا يمكن تجاهل صوت إحدى الموظفات التى تنهر المرضى وترفض الرد على استفساراتهم وتهدد الجميع بالامتناع عن إنهاء الأوراق الخاصة بهم، وهو ما يعنى تأخير رحلة العلاج بسبب عدم الحصول على جواب العلاج عن نفقة الدولة دون أن تشفق على حالهم وذلك بتشجيع من زملائها، وهو ما دفع المرضى إلى الانتظار على عشرات من المقاعد الخشبية فى استسلام تام لتعليمات الموظفين التى تصلهم بصوت حاد. داخل المجمع لا تمثل صعوبة التعامل مع الموظفين المعاناة الوحيدة بالنسبة للمرضى، حيث هناك معاناة أخرى لا تقل عنها وهى المصاعد التى لا تعمل باستثناء مصعد وحيد يخدم المجمع كاملاً. «المصعد مش شغال خدوا السلم للمصعد الآخر أو وفروا على نفسكوا الانتظار وكملوا على على رجليكو».. هى النصيحة التى وجهها أحد العاملين بالمجالس الذى اتخذ مكانه أمام المصعد بجوار الشاب الذى بدا مشغولا للغاية فى حديث مع صديق له على صفحات التواصل الاجتماعى «فيس بوك»من خلال هاتفة المحمول. وكشف أن المصعد معطل منذ عدة سنوات بعد اصطدام أحد المرضى به من خلال كرسيه المتحرك، وهو الأمر الذى لم تهتم الإدارة بإصلاحه بسبب اعتمادها على مصعد آخر يتواجد بعد الصعود عدة درجات من السلم. اعتماد المجمع على مصعد وحيد لا يمكن قبوله خاصة مع الإقبال الشديد من جانب المرضى عليه، حيث تصدر يوميا قرارات علاج وتصدر قرارات علاج تتراوح من 7500 إلى 900 يومياً بميزانية تصل إلى 2.5 مليار جنيه، وذلك بحسب تصريحات د. حسن ناجى رئيس الإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة. مجمع التحرير.. المصاعد معطلة أو تالفة إذا اضطررت يوماً إلى الذهاب إلى مجمع التحرير لقضاء أمر ما خاص بك فعليك الانتباه إلى أنك قد تضطر للصعود إلى طوابقه المتعددة التى تبلغ 14 طابقا للهرب من طابور الانتظار أمام المصاعد أو بسبب تعطلها فى بعض الأوقات. «المصاعد لا تعمل وعليكم بالتوجه إلى المصاعد الجانبية»، هو الأمر الذى وجهه أحد العاملين داخل المجمع إلى العشرات من مرتادى المجمع الذين اتخذوا أماكنهم فى طوابير طويلة منتظمة فى انتظار استقلال المصاعد. العامل السابق الذى قام بتعريف نفسه بأنه رئيس إحدى الورديات المشرفة على المصاعد، والذى رفض ذكر اسمه، كشف عن أن مصاعد المجمع تعانى من التوقف الدائم إما بسبب وجود أعطال أو بسبب حرص العمال على إعطائها قسطاً من الراحة حتى لا تتعرض إلى التلف بسبب حاجتها إلى الاستبدال بسبب طول مدة عملها. موضحاً أن بعض الحوادث التى تصيب المصاعد سواء بالأعطال أو سقوطها فى بعض الأحيان بمن فيها يرجع إلى عدم وجود رقابة حقيقية. المصاعد لكبار العاملين داخل مجمع أحياء شمال القاهرة «المركز التكنولوجى لخدمة المواطنين» هى العبارة المكتوبة على جدران رخامية أمام البوابة الجانبية المخصصة للموظفين والمترددين على المجمع الذى يضم الأحياء الآتية «روض الفرج، شبرا، الساحل، الشرابية» أمام المجمع المكون من 14 طابقا لا يعمل فيه سوى مصعد وحيد بعد توقف الثلاثة الأخرى عن العمل وغياب العمال الذين لم يهتموا بأمر العشرات الذين تكدسوا أمام المصعد. «أنا خلصت شغلى روحوا دوروا على حد يشغلكم المصعد» هو ما قاله عامل المصعد للمترددين على المجمع قبل أن يضيف «ياجماعة أنا رايح أصلى واللى مستعجل يطلع على رجله بسبب عطل المصاعد». مستشفى الساحل.. الأسانسير فين السؤال الآتى يتوجه به أى زائر لمستشفى الساحل هو «الأسانسير فين» وهو ما يكشف عن معاناة المرضى داخل المستشفى مع المصعد الذى يبتعد عن البوابة بنحو عشرات الأمتار. «ابنى بيموت حرام عليكم ومش عارفه اطلع اكشف عليه».. هى الصرخات التى أطلقتها المرأة العشرينية التى وقفت أمام المصعد الوحيد المخصص للمرضى والأطباء معا والذى يجاوره مصعد آخر مخصص للحالات الطارئة». صرخات الأم لم تتوقف على مدار أكثر من ربع ساعة وهى المدة التى انتظرتها حتى تسطيع ركوب المصعد «مش المصاعد بس اللى محتاجة تتغير المستشفى كله محتاج إعادة تطوير»، هذا ما كشف عنه أحد العاملين، والذى رفض ذكر اسمه، والذى كشف أن الأعطال المستمرة فى المصاعد هو أمر اعتاد عليه العاملون فى المستشفى أو المرتددون عليه من المرضى أو المرافقين لهم، وهو ما يدفعهم إلى الصعود على سلالم المستشفى فى أغلب الأحوال.