قالت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، إنه في حال أفشل الرئيس دونالد ترامب الاتفاق النووي الإيراني، الذي وُقِّع عام 2015، فمن المتوقّع أن تبرز الحكومة القومية الإسرائيلية على المشهد باعتبارها اللاعب الرئيسي- وربما الوحيد- الذي يُثني على تلك الخطوة. بيد أن الصورة الحقيقية للمشهد أكثر تعقيدًا مما يُصوّره رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ فهناك شعور قوي لدى مؤسسته الأمنية بوجود القليل من البدائل الجيدة، وأن الاتفاق يصب في صالح إسرائيل، علاوة على أن تمزيق الاتفاق يمكنه أن يُهدد مصداقية الولاياتالمتحدة في مِنطقة الشرق الأوسط المُضطربة، الأمر الذي من شأنه الإضرار بإسرائيل نفسها. وبحسب الوكالة الأمريكية، فإن مخاوف الجانب الإسرائيلي من تمزيق الاتفاق النووي لا تعني أن قادة الأمن المُحترمين في تل أبيب راضون عن كافة بنود الصفقة الإيرانية. لكن بعد إعلان نتنياهو في الأممالمتحدة، الشهر الماضي، أن الوقت قد حان "لتعديله أو إلغائه"، بدا خيار "التعديل" الوسيلة الفُضلى بالنسبة لخبراء الأمن الإسرائيليين للتعاطي مع الاتفاق. وحول هذا الخيار، يقول عوزي عراد، مستشار الأمن القومي السابق لدى نتنياهو، "يبدو لي أن النهج الأقل خطورة هو تعديل الاتفاق الحالي لأسباب من بينها أن يضع قيودًا ملموسة على الإيرانيين"، مُضيفًا "أنه يفرض معايير وأنظمة صارمة مُحققة على إيران، فلِم نُضيّعها؟" وأضاف أن المعركة الحالية حول الاتفاق ليست فقط بين إيدولوجيتين معارضتين شرعيتين بشأن كيفية التعامل مع إيران، ولكن أيضا بين جماعتين ترفضان التراجع عن مواقفهما، بغض النظر عن صحتهما، بسبب العناد أو الضرورة السياسية. ولطالما أبدى ترامب معارضته للاتفاق النووي؛ ففي الأيام الأولى من حملته الانتخابية، وعد "بتمزيقه"، معتبرًا أنه "اسوأ اتفاق يتم التفاوض بشأنه ويهدد بحصول محرقة نووية". كما وصفه بأنه "مخجل" في خطابه أمام الجمعية العامة في الأممالمتحدة، ورأى أن العبارة الختامية في الاتفاق، التي تنص على رفع القيود عن برنامج إيران النووي لتخصيب اليورانيوم بعد 2025، "غير مقبولة". وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس، الجمعة، رفضه الإقرار بأن إيران التزمت بالاتفاق النووي الذي وُقّع عام 2015، واصفا إياها بأنها "نظام متطرف". وقال إنه سيحيل الأمر إلى الكونجرس، ويستشير حلفاء الولاياتالمتحدة في كيفية تعديل الاتفاق. واتهم إيران بدعم "الإرهاب"، مُشددًا على أنه سيغلق "جميع الطريق على طهران للحصول على السلاح النووي". وحذّر ترامب، في مؤتمر بالبيت الأبيض، من أن الولاياتالمتحدة تحتفظ لنفسها بحق الانسحاب من الاتفاق في أي وقت، متطرقًا إلى نشاطات إيران غير النووية، وما يقوم به الحرس الثوري الإيراني تحديدا، ووصفه بأنه "قوة الفساد والإرهاب في يد الزعيم الإيراني". وقال إن إدارته ستفرض عقوبات صارمة ضد الحرس الثوري الإيراني، وأخرى تستهدف برنامج طهران للصواريخ الباليستية. وتُشير الوكالة الأمريكية إلى أن معظم كبار مُساعدي الأمن القومي في إدارة ترامب لا يرغبون في "تمزيق" الاتفاق النووي، كما حثّ الحلفاء الأوروبيون للولايات المتحدة إدارة ترامب على عدم الانسحاب من الصفقة. وقال مكتب نتنياهو إنه بحث هذا الأمر مع ترامب، الشهر الماضى، دون تقديم مزيد من التفاصيل. فيما يُرجّح أن يُثني على أي تحرّك نحو إلغاء الاتفاق النووي. وفي خِضم ذلك، تعلو أصوات عدد من خبراء الأمن البارزين في إسرائيل، تدعو -علنًا وفي الأروقة الخاصة- إلى الإبقاء على الصفقة ومعالجة أوجه القصور فيها بشكل منفصل، استنادًا إلى وجهة نظر مفادها أنه "ينبغي على الولاياتالمتحدة، بالتشاور مع إسرائيل، أن تعمل مع حلفائها لإشراك إيران فيما ينتابهم من مخاوف؛ وأن الانسحاب من الاتفاق من شأنه تهديد مصداقية أمريكا ووضعها على المحك ليس فقط مع إيران، ولكن مع شركائها الذين ما يزالون ملتزمين بالصفقة". وفي هذا الصدد، يقول عراد "لا يمكن قلب الأمور رأسًا على عقب بسهولة هكذا وبدون مقابل"، مُشيرًا إلى أن هذا الإجراء ينطوي على عراقيل وصعوبات لذا من الأفضل "تعديل الاتفاق، تعزيزه، وإنفاذه، ومعالجة أوجه قصوره دون خسارته أو ضياعه". واتفق معه إفرايم هاليفي، المدير السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي، الذي قال "بالرغم ممما تتضمنه الصفقة الإيرانية من عيوب، فإن مزاياها تتجاوز ما يتخلّلها من نقاط ضعف حتى الآن". كما صرّح ياكوف اميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لدى نتنياهو، بأنه لا يعتقد أن إلغاء الاتفاق "ممكن"، بالنظر إلى دعم حلفاء أمريكا له. "ما ينبغي القيام به هو تعزيزه والمُضي قُدُمًا لجعله أفضل بكثير". وقال يويل حوزانسكى، الخبير الإيراني السابق فى مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إن ارسال الاتفاق إلى الكونجرس قرار "متسرع" يمكن ان يؤول إلى نتائج عكسية، معتبرًا أن أفضل طريقة لكبح جماح إيران تتمثّل في تضافُر المجتمع الدولي، بما في ذلك الجهود الدبلوماسية أو حتى التلويح بالتدخّل العسكري. أما دان شابيرو، الذى شغل منصب سفير الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لدى اسرائيل، فرأى أن "قلة البدائل وعدم اليقين من أن إلغاء الاتفاق خطوة سيكون لها صدى إيجابيًا، أبرز ما يدفع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية للقلق حيال المساس بالصفقة الإيرانية".