بعد التصريحات الاخيرة للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ورفضه الإقرار بأن إيران التزمت بالاتفاق النووي الذي وقع عام 2015 تباينت ردود أفعال القوى العالمية بشأن رفض أو إستكمال هذا الإتفاق. وكان "ترامب" قد وصف إيران بأنها ذات "نظام متطرف" وشدد على أنه سيغلق "جميع الطريق على طهران للحصول على السلاح النووي". ومن جانبه رد الرئيس الإيراني "حسن روحاني" في خطاب تلفزيوني بالتأكيد على الاتفاق النووي مضيفا:"إن ترامب يريد من الكونجرس أن يضيف بنودا في الاتفاق، وهو لا يعرف أنه لا يسمح بإدخال أي تعديلات على الاتفاق".
"الموقف الاوروربي" صرّحت دول كبرى بما فيها حلفاء الولاياتالمتحدة بأنها ستتمسك بالاتفاق النووي حيث أعلنت المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا أن الاتفاق النووي "يخدم المصلحة الأمنية الوطنية المشتركة لهم". وأشار وزير الخارجية الفرنسي "جان ايف لي دريان" قائلا:" من الضروري الحفاظ على الاتفاق لتجنب الانتشار النووي خاصة أننا نعاني من مشاكل مع كوريا الشمالية". فيما صرّحت أجهزة الاستخبارات الألمانية إن جهود إيران النووية انخفضت بشكل ملحوظ بعد تنفيذ الاتفاق بالرغم أن المسؤولين لم يردوا على التساؤلات حول تفاصيل هذا الانخفاض، لكن مصادر استخباراتية تتحدث عن أن محاولات الحصول على الموارد التي يمكن استخدامها لمتابعة برنامجها النووي انخفضت من 141 عام 2015 إلى 32 في السنة التالية، وهذه تعد مؤشرا على أن الاتفاق الذي وقع عام 2015 يعمل بشكل جيد. كما علّق الاتحاد الأوروبي قائلا:"ليس لبلد بمفرده أن ينهي اتفاقا نافذا"، وهو الامر الذي تراه إيران حيث أن الاتفاق النووي اتفاقا متعدد الأطراف وتلتزم جميع الدول به مادامت مصالحها مصونة. أما الصين فقد دعت على لسان وزارة خارجيتها الولاياتالمتحدة الى الحفاظ على الاتفاق النووي الايراني قائلة:" نعتقد أن هذا الاتفاق مهم لضمان نظام عدم إنتشار الأسلحة النووية في العالم ونأمل أن تواصل كل الجهات للحفاظ عليه وتطبيقه".
موقف "إسرائيل" يبدو الموقف الاسرائيلي الظاهر منحاز رسميا للموقف الأميركي من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة ل ألمانيا، إلا أن هذا الرأي لايتفق مع رأي عدد كبير من قادة الجيش ومن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" ناهيك عن الوكالة الإسرائيلية للطاقة الذرية التي ترى أن هذا الاتفاق هو "أخف الضررين" في الوقت الحالي وأن إلغاءه لن يخدم المصالح الإسرائيلية بأي شكل من الأشكال. وتبقى نقطة الاتفاق الوحيدة بين المعسكرين هي إقرار المسؤولين الإسرائيليين بأن إيران لم تتورط منذ عامين ونصف العام في أي نشاط يمكن أن يعتبر انتهاكا لالتزاماتها النووية التي يفترض أن تمنعها حتى عام 2025 من الحصول على القنبلة النووية. وحذّر المدير السابق لمخابرات الجيش الإسرائيلي "آموس يادلين" أميركا وإسرائيل بأنهما ستجدان نفسيهما معزولتين أمام الأوروبيين وروسيا والصين في حالة إلغاء الاتفاق، في تصريح له لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية" ويؤيد آموس خطة بديلة تقوم على تأجيل التهديد بإلغاء الاتفاق إلى وقت أكثر إستراتيجية والتركيز في الوقت الحالي على هجوم دبلوماسي في أروقة الأممالمتحدة ضد برنامج صواريخ طهران البالستي ودعمها الإرهاب وهما موضوعان لا يشملهما الاتفاق النووي. كما شددت العديد من افتتاحيات الصحف الإسرائيلية على أن استهداف الاتفاق النووي مع إيران خطأ تكتيكي في الوقت الراهن ويرون أن الجهود ينبغي أن تنصب على محاولة وضع حد لمساعي الإيرانيين لاقتطاع منطقة نفوذ في سوريا يبنون بها قواعد عسكرية مجهزة بصواريخ على بعد بضعة كيلومترات من الحدود الإسرائيلية.
ويرى محللون أنه في حال إقدام "ترامب" على الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني فقد يضعه ذلك في عزلة قد تصل للمواجهة مع الاوروبيين.