خلال بضعة أشهر، نجحت مصر في تحريك الأزمة السورية لتشهد بداية انفراجه جديدة، وخلق دورًا عربياً يدعم الحل السياسي للحرب الأهلية الدائرة هناك منذ سنوات، وذلك من خلال ثلاثة اتفاقات منفصلة بوقف إطلاق النار، في محاولة لوقف شلال الدم النازف منذ 2011. الاتفاقات الثلاث الموقعة في قلب العاصمة المصرية، تنص على وقف القتال الدائر سواء بين فصائل المعارضة وبعضها، أو بين المعارضة وقوات الحكومة السورية، وذلك للسماح بدخول مساعدات إنسانية لسكان تلك المناطق الذين يتم تعرضهم للقتل أو التهجير. غوطة دمشق في صباح يوم 22 يوليو الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية التوصل إلى هدنة مع أطراف من المعارضة المسلحة في غوطة دمشقالشرقية، بعد محادثات جرت في القاهرة بين مسؤولي وزارة الدفاع الروسية والمعارضة السورية المعتدلة تحت رعاية الجانب المصري، وبوساطة من تيار الغد السوري المعارض. اتفاق غوطة دمشق –المكون من 11 بندًا- جاء بعد عدة أشهر من الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمعارضة المسلحة المسيطرة على تلك المنطقة، والتي كان أبرزها "جيش الإسلام" الذي شارك في الاتفاق. بموجب هذا الاتفاق يتم تحديد مناطق خفض التصعيد وكذلك مناطق الانتشار، وحجم قوات المراقبة، ويضمن الطرفان الدخول الحر لقوافل الإغاثة إلى منطقة تخفيف التصعيد، عبر معبر مخيم الوافدين، وأن تخضع هذه القوافل للتفتيش من قبل قوات المراقبة. وفقًا للاتفاق، أعلنت القيادة العامة للقوات السورية وقف الأعمال القتالية في عدد من مناطق الغوطة الشرقية بريف دمشق، وقالت في بيان نقلته وكالة سانا الرسمية: "يبدأ وقف للأعمال القتالية في عدد من مناطق الغوطة الشرقية". وتمسكت فصائل المعارضة الموقعة على الاتفاق بأن تكون مرجعية الحل الشامي مبنية على القرارات الدولية، خصوصًا بيان جنيف 1، وقراري مجلس الأمن 2118، والقرار 2254، والاتفاقية التي جرى التوصل إليها في أنقرة لوقف إطلاق النار والتي وقعت بتاريخ 30 ديسمبر 2016. ويدعو الاتفاق قوات المعارضة إلى إيقاف كافة أنواع العمليات القتالية ضد قوات الأسد، على أن يلتزم الأخير وحلفاؤه بالأمر ذاته، كما يدعو إلى الوقف الفوري لاستخدام الطيران، والصواريخ، والقذائف، وحتى الأسلحة الخفيفة. لكن الاتفاق في أحد بنوده نص على: "عدم تعرض المناطق التي تسيطر عليها المعارضة لأي ضربة جوية ما عدا المناطق التي لم تسيطر عليها المعارضة بشكل حقيقي". فصائل المعارضة التي وافقت على الاتفاق، أبدت استعدادها للالتزام بعدم وجود عناصر من "هيئة تحرير الشام" في المناطق التي تسيطر عليها بغوطة دمشق، وفي ذات الوقت أكدت على موقفها الرافض لتنظيم داعش ومحاربته. ريف حُمص تم اتفاق الهدنة في ريف محافظة حُمص السورية، بالقاهرة في 31 يوليو الماضي، بين فصائل معارضة وبوساطة من تيار الغد السوري، وأيضًا بضمانة روسية، وذلك بعد أشهر شهد فيها ريف المحافظة معارك كر وفر بين مسلحي المعارضة والجيش السوري. تضمن الاتفاق ريف حمص الشمالي الإفراج عن معتقلي جميع الأطراف بإشراف وتنفيذ روسي، ونشر قوات مراقبة يشكلها عناصر من جمهورية الشيشان التابعة لروسيا، بالإضافة إلى إدخال الأغذية والمحروقات والبضائع ومواد البناء. تم إبرام الاتفاق بين القوات الموالية للحكومة السورية والفصائل المعارضة في المنطقة لا تشمل مسلحي تنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين، وتعهدت المعارضة المعتدلة، بطرد جميع الفصائل المرتبطة بهذين التنظيمين من مناطق سيطرتها في محافظة حمص، وكذلك بإعادة فتح جزء من طريق حمص-حماة. القرار تضمن أيضًا إدخال المواد اللازمة لإعادة إعمار البنية التحتية المدمرة وفقًا لطلب المعارضة ويتم تحديد قائمة بالمواد بموجب محضر مفصل وعندئذ تقوم قوات مراقبة تخفيف التصعيد بتفتيش كافة قوافل الإغاثة الإنسانية قبل دخولها إلى منطقة تخفيف التصعيد في ريف حمص. جنوبدمشق ثلاثة فصائل من المعارضة السورية المسلحة، وقعت اتفاقا مبدئيا الخميس الماضي، لوقف إطلاق النار في جنوب العاصمة السورية دمشق في العاصمة المصرية القاهرة. تم التوصل إلى وقف إطلاق النار من جانب فصائل جيش الإسلام وجيش أبابيل وأكناف بيت المقدس، المسيطرة على هذه المنطقة. وجاء الاتفاق بين أحمد الجباوي ومحمد مصطفى علوش نيابة عن الفصائل السورية المسلحة، وعن الجانب الروسي ممثل وزارة الدفاع الروسية، وبرعاية من مصر. الأطراف السورية اتفقت مع الجانب الروسي، على فتح المعابر ورفض التهجير القسري لسكان المنطقة مع التأكيد على فتح المجال أمام أي فصيل للانضمام للاتفاق، الذي تم تفعيله في الثانية عشر ظهر الخميس. الفصائل المعارضة أبدت استعدادها للمشاركة في عملية التفاوض بشأن تسوية سياسية تهدف إلى إيجاد حل شامل للأزمة السورية بالوسائل السلمية وفقًا لاتفاقيات أستانة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأزمة السورية. كما عبرت الفصائل عن ارتياحها لدور روسيا كضامن لتنفيذ نظام وقف الأعمال القتالية في جنوبدمشق وتؤكد على جاهزيتها لتأمين قوات مراقبة لنظام وقف الأعمال القتالية في نطاق حدودها. ومن المقرر أن يتم إعداد الوثيقة الخاصة باتفاق جنوبدمشق خلال ثلاثة أسابيع، حيث أن الاتفاق الذي تم توقيعه هو اتفاق مبدئي وغير نهائي، لكن بحسب الاتفاق تصبح وزارة الدفاع الروسية هي المسؤولة عن تنفيذ وقف نظام الأعمال القتالية.