«تطوير الإعلام» تتلقى توصيات المؤتمر العام ال6 لنقابة الصحفيين تمهيدًا لعرضها على اللجان الفرعية    أوقاف الفيوم تنفذ قوافل دعوية للواعظات.. صور    الكنيسة المصلحة تحتفل بمرور 150 عامًا على تأسيسها في تايلاند    أوقاف الفيوم تعقد الاختبارات الأولية لمسابقة القراءة الصيفية.. صور    جامعة الجلالة تسلط الضوء على أحدث تطبيقات النانو تكنولوجي داخل وخارج مصر    هيئة الدواء تبحث آليات تنفيذ الروشتة الطبية الرقمية    36 ساعة بين إسطنبول وموسكو    السيسي يبحث سبل التعاون مع النرويج في ملف إعادة إعمار قطاع غزة    مانشستر يونايتد يكسر عقدة أنفيلد ويهزم ليفربول بثنائية تاريخية    سوبر بيراميدز!    مباشر مباراة ريال مدريد وخيتافي (0-0) بالدوري الإسباني..لحظة بلحظة    انتحل صفة موظف بنك.. ضبط شخص استولى على بيانات المواطنين بالمنيا    أن تكون سعيدًا فى كبرك    بعد إعلانه عن مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي 2».. 13 معلومة عن عمر رياض حفيد محمود يس    نائب رئيس المؤتمر: كلمة الرئيس السيسي تجسد ثوابت الدولة في الصمود والتحدي    أستون فيلا يقلب الطاولة على توتنهام في الدوري الإنجليزي    إصابة 5 أشخاص باشتباه تسمم إثر تناول وجبة رز وخضار بقرية دلجا بالمنيا    بنك saib يطلق حملة لفتح الحسابات مجاناً بمناسبة اليوم العالمي للادخار    محافظ الشرقية يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفل    أول تعليق للرئيس السيسي على الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود    الرئيس السيسي: تولى العنانى منصب مدير اليونسكو من إنجازات أكتوبر.. وسندعمه    هل يجب إخراج الزكاة عند بيع المحصول أم قبل الحصاد؟.. الدكتورة إيمان أبو قورة توضح    هل يمكن العودة للصلاة بعد انقطاع طويل؟ .. أمين الفتوى يجيب    مشروبات مهمة تحسن سكر الدم بالجسم    تقرير: رافينيا يغيب عن برشلونة في دوري الأبطال من أجل الكلاسيكو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    المشدد 3 سنوات لعامل شرع مع أخويه في قتل ابن عمه بسبب الميراث    مشروب طبيعي قبل النوم، يساعد على تهدئة الأعصاب وتحسين المزاج    البحوث الزراعية ينظم المنتدى الثقافي العلمي الثاني| الثلاثاء المقبل    الثلاثاء.. محمد الحلو وريهام عبدالحكيم على مسرح النافورة    6 أبراج تفضل أن تتعلم مدى الحياة    وفاة الإعلامية فيفيان الفقي بعد صراع مع المرض    «الزراعة» تختتم الدورة التنشيطية لفرق التقصي الوبائي للأطباء البيطريين    كشف ملابسات مشاجرة بالشرقية بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    رئيس البرلمان العربي يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ    إنجاز جديد.. مصر تتوج بلقب بطولة العالم للأساليب التقليدية برصيد 54 ميدالية    البورصة تغلق عند أعلى قمة اليوم.. وأسهم القطاع الطبي تتصدر الأكثر ارتفاعًا    جامعة المنوفية والتأمين الصحي يبحثان الإرتقاء بالمنظومة الصحية    حازم إمام يعلن استقالته من الجهاز الفني للزمالك    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    اللواء محيى نوح: الرفاعي استشهد على تبة الصواريخ بعد تدمير دبابات العدو    المتهمون بسرقة متحف اللوفر فتحوا علب مجوهرات نابليون باستخدام منشار كهربائى    سامح الصريطي: الفن يرتقي بالإنسان وليس مجرد تسلية    الاستخبارات التركية تساهم في وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    اندلاع حريق في مصفاة نفط روسية بعد هجوم بطائرات مسيرة    رغم اتفاق وقف اطلاق النار.. الاحتلال الصهيونى يتعمد تجويع أهالى قطاع غزة    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    أول ملتقى توظيفي لدعم شباب الأطباء وتأهيلهم لسوق العمل بطب الإسكندرية    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    الرعاية الصحية: إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية مقره مدينة شرم الشيخ    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    سعر الذهب اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025 بعد خسارة 10 جنيهات.. كم سجل عيار 21 الآن؟    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"بهية" تطبخ و"عاطف" يفتح مقهاه للجميع.. زوجان في حب ملتقى البرلس
نشر في مصراوي يوم 12 - 10 - 2017


تصوير-جلال المسري:
في مدينة برج البرلس يبدأ يوم بهية حسن باكرا. تستيقظ ذات الخمسين عاما فجرا، تطبخ أطعمة مختلفة، تذهب لعملها كممرضة، تعود قبل الثانية ظهرا لتستكمل رحلة الطهو حتى المغرب؛ تلك الرحلة الشاقة تخوضها السيدة طوعا لمدة 15 يوما كل عام، حين تستقبل بصحبة زوجها فناني ملتقى البرلس الدولي، إذ يقوم الرفيقان على تقديم المساعدة قدر المستطاع، لا لشيء إلا "إنهم ضيوف عندنا وبيعملوا لنا حاجة حلوة فلازم نكرمهم".
مقهى صغير مُطل على البحر المتوسط، حيطانه قديمة لكنها دافئة. لا تهدأ فيه الحركة على مدار أيام الملتقى البادئ مطلع أكتوبر وينتهي منتصف الشهر. رغم الإرهاق على وجه عاطف معتصم صاحب المكان وزوج السيدة بهية لكن "إحنا بنستنى الفرصة دي كل سنة عشان يجيلنا ناس من كذا دولة ويشوفوا البلد". تفاصيل عدة تربط بين الزوجين وآل لملتقى، يقدم كل منهما ما يستطيع للمساعدة الحضور، ويشاركهم مصطفى الشرنوبي العامل في المقهى نفس الاهتمام.
منذ عشرة أعوام عاد عاطف من اليونان "اشتغلت هناك لمدة 15 سن". استقر في مدينة البرلس حيث توجد زوجته وأبنائه. لم يمتلك معتصم فكرة لمشروع ينشئه، إلى أن وقعت عيناه على كومة من القمامة بجانب البحر "أهل البلد قالوا لي الأرض محدش بيستغلها فبنرمي فيها الزبالة".
فجأة قفزت فكرة لعقله؛ حصل على موافقة من الحي، أحضر اللوادر، رفع القمامة حتى لم يبق لها أثر، وبنى المقهى "كان الكورنيش محدش بيقرب له وقتها"، اهتم معتصم بتنظيف المنطقة المحيطة بالمحل الجديد، فأتت الحملة بثمارها، إذ توافد سكان المدينة عليه، وتوقفوا عن إلقاء القمامة حوله.
تلك الثورة الصغيرة التي صنعها عاطف هي البداية لما حدث عقب ذلك بست سنوات "لما جه دكتور عبد الوهاب عبد المحسن مدير الملتقى واتكلم معايا في فكرة الرسم في المدينة اتبسطت لأن كان نفسي حد يهتم بالبرلس". كان صاحب المقهى على معرفة سابقة بمدير الحدث "عشان كدة بقيت انا وقهوتي في خدمة الفنانين كل سنة ومراتي بتطبخ لهم".
في العام الأول للملتقى ظلت بهية تراقب الرسامين، ومع الوقت صارت صديقة لكثير منهم بعدما أحست بمدى صدقهم "وبعدين طلبوا مني في مرة أطبخ لهم وعجبهم الأكل وبقيت أعمل دة كل سنة".
لا تحصل بهية على مقابل لما تفعله "باخد حق الخضار أو السمك اللي بشتريه بس"، فيما لا ينزعج زوجها من الضغط عليها "بالعكس بيشجعني وبيقولي لازم نحسسهم إن هنا بيتهم". مع الوقت زاد العبء "بقت الناس اللي تيجي الملتقى تطلب أصناف مختلفة"؛ لم يعد الأمر يتوقف على الأسماك فقط "مرة عملت لهم بط ومحشي".. تضحك حين تتذكر انبهار الرسامين الأجانب بما تطهو.
خطوات قليلة تفصل المنزل عن المقهى. داخل الأول تُساعد ابنة بهية "بتقطع الخضار معايا وتغسل المواعين بعد ما الناس تاكل". بينما في المقهى، مستقر أهل الملتقى، يُلبي مصطفى الشرنوبي طلبات الوافدين، يرصد من مكانه تحركات الفنانين، وردود فعل أهل برج البرلس تجاه المهرجان السنوي.
يرى الشرنوبي ذو الخامسة والأربعين ربيعًا أن الرسامين "بيسيبوا لنا حاجة صعبة جدا" وسرعان ما يوضح السبب "الحياة هنا ناشفة.. نطلع الصبح نشتغل عشان 30 جنيه أخر النهار"، فيما يضع الوافدون رسومات فنية مغايرة لطابع معيشتهم تملأ طريقهم، لذا انقسم سكان المدينة المطلة على البحر حول رؤيتهم لزائريهم طيلة الأعوام السابقة.
في العام الأول للملتقى "في ناس فكرت إنهم جايين يرموا شوية فلوس على الأرض ما في حاجات أهم من البوية اللي هيضيعها حبة مطر" حسبما يحكي الشرنوبي، وأخرون ظنوا فيهم الرفاهية، أنهم يأتون للفسحة؛ فسخطوا عليهم.
لكن البعض الأخر حال الشرنوبي ومعتصم وبهية وجدوا فيما يفعله الفنانون "بصمة حلوة". إذ ظهرت حركة مختلفة لسكان البرلس بعد إحياء الجدران القديمة بالرسومات "الناس اللي مكنتش بتشتغل اتحركت"، بدأت حملة نظافة من الأهالي قبل قدوم الزائرين، والأحاديث تدور حول عدم الاكتفاء بالواجهة الخارجية للمدينة "بدأت الناس ترصف الشوارع اللي جوه".. تجددت الدماء في عروق برج البرلس التي لم تكن كذلك قبل أربعة أعوام.
لكن الأمر لا يتعلق بالرسم فقط، يتذكر صاحب المقهى وجوه بعض الفنانين بالتحديد "زي عم جميل شفيق الله يرحمه اللي كان معانا السنة اللي فاتت".. يحكي معتصم عن الرسام الراحل؛ كانت لوحته على حائط المقهى أول ما تم رسمه في البرلس "كان بيعرف يشوف الجمال وكانت كل قعدته هنا معايا في القهوة وبقينا صحاب".
تلك الحالة من الود انسحبت على أطفال المدينة كذلك، إذ يطوفون كل عام حول الفنانين، يطلقون وابل من الأسئلة عن أشياء كثيرة "أنتو قاعدين فين هنا؟.. كلكم قاعدين في مكان واحد؟.. بلدكم فيها إيه؟.. بتعرفوا عربي زينا؟ بتتكلموا إنجليزي؟".
لا تملك بهية أكثر من ساعات تقضيها للطهي وابتسامة تقابل بها الضيوف، فيما تصبح أيام الملتقى مُرهقة لمعتصم والشرنوبي بسبب الضغط على المقهى، لكن السيرة الطيبة تُلاحق الثلاثة، يظل بعض الفنانين على تواصل معهم طوال العام "إحنا لو بنديهم حاجة كويسة هيبقى عشان هما كمان بيسيبوا لنا حبة جمال كل سنة" حسبما تقول السيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.